خبر وتعليق لقد أثبت الناس في باكستان أنهم لن ينخدعوا
- الموافق
- كٌن أول من يعلق!
بسم الله الرحمن الرحيم
الخبر :
في التاسع من تشرين الأول/أكتوبر 2012، تمت مهاجمة فتاة من سوات، مالالا يوسفزاي، إلى جانب فتاتين أخريين عندما كانتا في طريقهما إلى منزليهما عائدتين من المدرسة في وادي سوات، وأعلنت حركة تحريك طالبان - باكستان على الفور مسؤوليتها عن هذا الهجوم، وبعد الحادث، كانت ردة فعل رئيس أركان الجيش، إشفاق برويز كياني على هذا الهجوم غير عادية، فقد توجه مباشرة بعد الهجوم إلى زيارة مالالا والجرحى وقال: "نحن نرفض الركوع أمام الإرهاب، وسوف نقاتل بغض النظر عن التكلفة" ودعا على عجل إلى اجتماع القيادة العسكرية لمناقشة هذا الحادث، وربطها بالحاجة إلى القيام بعمليات عسكرية ضد حركة طالبان- باكستان في وزيرستان الشمالية، ثم التقى كياني برئيس باكستان آصف علي زرداري، وذلك لحمله على هذا التوجه أيضا، وفي هذه الأثناء عرضت وسائل الإعلام الإلكترونية والمطبوعة هذه الحادثة في مقدمة عناوين أخبارها، وقدمت تغطية واسعة النطاق لها، إلى حد أنّه لم يحصل أي خبر آخر على مساحة كافية ليظهر في عناوين الأخبار، وأجهشت الحكومة والأحزاب المتحالفة معها بالبكاء والعويل ودعوا إلى عملية فورية في وزيرستان الشمالية، وملأت منظمات المجتمع المدني والمنظمات غير الحكومية الشوارع بمظاهرات في جميع أنحاء البلاد، للإشادة بمالالا، وإدانة المهاجمين.
التعليق :
في اليومين الأولين بعد الهجوم، كان الجو كما لو أنّ كل شخص في هذا البلد يريد عملية في وزيرستان الشمالية، ولكن لما تدخلت أمريكا، من خلال تصريحات الرئيس أوباما ووزيرة الخارجية كلينتون وأظهرا تضامنهما مع مالالا، وأثارا تساؤلات بشأن هذا الهجوم والطلب للقيام بعمليات وزيرستان الشمالية، تغيّر الرأي العام بشكل كبير وبسرعة، إلى درجة أنّ المؤسسة العسكرية بدأت تبعد نفسها عن المطالبة بالقيام بعمليات في وزيرستان الشمالية، حيث قال قائد الأركان للجيش الباكستاني أنّ الأمر متروك للقيادة السياسية لاتخاذ قرار في هذا الشأن، كما غيّرت الحكومة أيضا من موقفها، وقالت أنّه ليس لديها خطة للذهاب إلى وزيرستان الشمالية وأنهم لا يجدون الأسباب للقيام بعمليات في وزيرستان الشمالية، ولتبديد الانطباع بأنّ الحكام لا يعملون بناء على أوامر من أسيادهم الأمريكان، قال المبعوث الأمريكي الخاص لباكستان وأفغانستان، مارك غروسمان، يوم السبت الموافق للعشرين من أكتوبر/تشرين الأول 2012 خلال زيارة قام بها إلى باكستان أنّ " مسألة العمليات في شمال زيرستان أو أي مسألة أخرى يعود القرار فيها إلى حكومة باكستان وحدها ".
لقد ظهر شيئان رئيسان في هذه الحادثة :
أولا، فيما يتعلق بمكانة وتأثير وسائل الإعلام العادية، ووسائل الإعلام الاجتماعي، فإنّ تغيير الرأي العام بهذه السرعة يعود لوسائل الإعلام الاجتماعية، إلى حد أنّ مقدميْ برامج شهيرين اعترفا بهذه الحقيقة على الرغم من دعم وسائل الإعلام الرئيسة لحادث مالالا، إلا أنّ وسائل الإعلام الاجتماعي على الجانب الآخر كان لها التأثير الأكبر في تغيير الرأي العام، فقد كانت أكثر مصداقية عند الناس من وسائل الإعلام الرئيسة، وعلاوة على ذلك، فقد كان حجم تفاعل الناس قوياً في هذه المسألة، فقد كان كل شخص تقريبا يتقصد الاطلاع على رأي الآخرين في هذه المسألة، وقد كان يظهر على المشاركات غياب السذاجة، لذلك نستطيع أن نقول الآن أنّ وسائل الإعلام الرئيسة فقدت احتكار صنع أو تشكيل الرأي العام في باكستان، وهذا هو الثمن الذي دفعته لأنها اختارت أن تصبح أبواقاً للحكومة.
ثانيا، وعي الناس، فإنّ وسائل الإعلام الاجتماعية والمناقشات الحية لم تكن فعالة لو كان الشعب ساذجا في تناول الأمور، فقد ارتفع مستوى الوعي عند الشعب، وهذه المرة، لم يصدق الناس قصة الحكومة ووسائل الإعلام الرسمية، كما فعلوا قبل ثلاث سنوات عندما تم عرض شريط فيديو ملفق على القنوات الإعلامية التي ظهر فيه جلد امرأة على أيدي طالبان في وادي سوات، حيث تمكن حينها الحكام العملاء من بناء الرأي العام بسرعة وبدأوا بالعمل العسكري في سوات، وحتى بعد الحملة التي قام بها الحزب ضد العمليات في وادي سوات فقد كان الناس عموما مقاومين لرأي الحزب الذي كان يؤكد على أنّ أمريكا والحكام الخونة هم من يرتبون لمثل هذه الأحداث لتبرير حرب أميركا على الإسلام والمسلمين، ومع ذلك، فإنّه مع استمرار فضح الحزب لدور المنظمات الأمريكية العسكرية الخاصة في تنظيم الهجمات المزيفة لوضع اللوم على المسلمين من خلال مطالبات غامضة، فقد تم بناء رأي عام على ضرورة إنهاء الحرب الأميركية، وإغلاق خطوط الإمداد للقوات الأمريكية، وإغلاق القواعد العسكرية والسفارات وطرد جميع موظفيها العسكريين والدبلوماسيين، واستمر الحزب في التواصل مع الناس من خلال المناقشات الحية والنشرات والبيانات الصحفية على مدى أشهر عدة، وهذه المرة فإنّه يمكن القول وللمرة الأولى في تاريخ الدعوة في باكستان، أنّ الناس قد تبنوا وجهة نظر الحزب بسرعة كبيرة والحمد لله، فسرعان ما أدرك الناس أنّ هذا هو التكتيك القديم نفسه الذي يستخدمه الحكام العملاء، وأنّ الحكام شديدو الصلة بالشر الأمريكي، وعلاوة على ذلك، فقد اتسع النقاش حول الوجود الأمريكي في باكستان بشكل ملحوظ أيضا، وقبل هذا الحادث، فقد كان الناس عموما يضعون اللوم على الحكومة السياسية حيث يضع اللوم عليها الجنرال كياني، الذي اختبأ وراء الرئيس زرداري، من أجل الحفاظ على مكانته داخل القوات المسلحة ليتمكن من تنفيذ الأجندة الأمريكية، فأسياده حريصون على أن لا يقع في الخطأ نفسه الذي وقع فيه مشرف الذي كان رئيسا للدولة وقائدا للجيش، وأصبح محط غضب القوات المسلحة قبل أن يُجبر على التنحي، ولكن رأي الناس الآن بما في ذلك القوات المسلحة، هو من رأي حزب التحرير وهو أنّ الحاكم الفعلي لباكستان هو كياني وأنّه هو الخائن الأكبر الحقيقي، فمثلا بعد قراءة النشرة الأخيرة التي أصدرها الحزب في باكستان، فقد أعرب الكثير من الناس عن غضبهم من خيانات كياني المستمرة، لذلك فقد ارتفع وعي الأمة ولن ينخدعوا بمؤامرات الخونة، ولا يبدو أنّ الوقت بعيد حتى يتم الإطاحة بالخونة في القيادة العسكرية والسياسية ولن يجد الناس إلا حزب التحرير قائدا مخلصا لهم.
شاهزاد شيخ
نائب الناطق الرسمي لحزب التحرير في باكستان