الفيلم المسيء للرسول صلى الله عليه وسلم أثبت مدى حاجة الأمة لدولة الخلافة (3ج)
- الموافق
- كٌن أول من يعلق!
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله الواحد القهار, عدد أغصان الأشجار, وعدد ما خلق الله في البحار والأنهار والقفار, والصلاة والسلام على النبي المختار, وآله الأطهار, وصحبه الأبرار, وتابعيه الأخيار, ما تعاقب الليل والنهار, واجعلنا اللهم معهم, واحشرنا في زمرتهم برحمتك يا عزيز يا غفار.
أما بعد: قال الله تعالى في محكم كتابه وهو أصدق القائلين: (وَلَنْ تَرضَى عَنكَ اليَهُودُ وَلَا وَالنَّصَارَى حَتَّى تَتَّبعَ مِلَّتَهُمْ قُلْ إِنَّ هُدَى اللهِ هُوَ الُهدَى وَلَئِنِ اتَّبَعتَ أَهوَاءَهُمْ بَعدَ الذِي جَاءَكَ مِنَ العِلمِ مَا لَكَ مِنَ اللهِ مِنْ وَلِيٍّ وَلَا نَصِير).
أيها المؤمنون:
تعيش دول الغرب الكافر هاجس الخوف من عودة الإسلام بوصفه نظاما للحكم إلى الحياة مرة ثانية, وحضوره على المسرح الدولي بقوة, بالرغم من عدم وجود دولة تطبقه حتى الآن, لكنها تعود بذاكرتها قليلا إلى الوراء؛ لتعلم ما يمثله الدين الإسلامي من مفاهيم وقيم وتشريعات, ودولة كانت تطبقه دستورا ومنهاجا في واقع الحياة. هذه الدولة التي كانت تحتل على المسرح الدولي موقع الدولة الأولى في العالم ولقرون طويلة.
كذلك يأخذها الهلع عندما ترى أبناء هذا الدين قد حزموا أمرهم وساروا باتجاه عودتهم إلى دينهم لييسر لهم حياتهم كما كان من قبل, وهم أي المسلمون يحاولون كسر كل طوق طوقتهم به تلك الدول المستعمرة الكافرة, لذلك تبذل تلك الدول قصارى جهدها لتمنع ذلك؛ لأنها تعلم حقا يقينا أن حضارة الإسلام فيها من القوة المادية والفكرية والروحية والإنسانية والخلقية ما يمكنها من الإجهاز على حضارتها الغربية الفاسدة والتي ثبت إفلاسها حتى في عقر دارها, فضلا عن شرورها التي زرعتها في دول العالم أجمع.
لذلك نرى أن دول الغرب تعمل بقوة على إجهاض هذه العودة إلى الإسلام وتحكيم شرع الله, ومن أجل ذلك نرى أن أمريكا تتولى كبر الهجوم على الإسلام, فقد تبنت استراتيجية الهجوم على الإسلام بوصفه مشروعا حضاريا للعالم أجمع. وما يحدث الآن من صراع في المنطقة إنما يندرج ضمن هذا الصراع, وليست أحداثا معزولة بعضها عن بعض, وهذه الخطة تستهدف تفتيت المنطقة من جديد على أساس إثارة النعرات الطائفية والمذهبية والعرقية, الهدف منها منع وصول الإسلام إلى الحكم. وأما الهدف الثاني من هذه الحملة الشرسة فهو أن تضع الدول الكافرة يدها على المنطقة سياسيا واقتصاديا وعسكريا وإعلاميا عن طريق ما تسميه مشروع الشرق الأوسط الكبير.
وقد وضعت هذه الدول الكافرة نصب عينيها استهداف الإسلام بوصفه مشروعا حضاريا؛ لأنها تعلم أنه الأمر الذي إن نحجت فيه - لا قدر الله - استطاعت السيطرة على مقاليد الأمور في المنطقة, وإن فشلت فيه - وهذا ما نأمله ونرجوه من الله تعالى- فلن تستطيع وضع يدها على شيء منه, بل ستطرد منها مخذولة مدحورة, ومن ثم ستلاحق في عقر دارها, وما ذلك على الله بعزيز!
يشهد لذلك إقبال كثير من رعاياها ورعايا الدول الأوروبية على الدخول في الإسلام, فقد ذكرت صحيفة "الصندي تايمز" البريطانية أن أكثر من أربعة عشر ألفا من البريطانيين البيض يدخلون في الإسلام سنويا معظمهم من صفوة المجتمع ومن الطبقات المثقفة ثقافة عليا, وبعضهم من كبار ملاكي الأرض أو من المشاهير أو من الأثرياء! كذلك نشرت صحيفة "لوفيفارو" الفرنسية الصادرة في 9/10/2003م أن عددا كبيرا من الفرنسيين أيضا يدخلون في الإسلام يتراوح عددهم من ثلاثين إلى خمسين ألفا سنويا, وهكذا دواليك في بقية دول العالم الغربي والشرقي, مما دفع بعض الساسة في أمريكا وغيرها إلى التهديد بقصف مكة والمدينة بالنووي وبالسلاح المدمر!
أيها المؤمنون:
والسؤال الذي يطرح نفسه الآن هو: من وراء, وما وراء هذه الحملة في الإساءة إلى الإسلام ولرسول الإسلام؟ أما من وراء هذه الحملة فهم حكام دول الغرب ومفكروهم الذين يعلمون علم اليقين أنه إذا عاد الإسلام ودولة الإسلام فلن يبقى لهم وجود في بلاد المسلمين؛ لأنهم يعلمون حقا ويقينا أن دولة الإسلام كانت ولقرون طويلة هي الدولة الأولى في العالم أجمع يهابها القريب والبعيد؛ لذلك فتحت أمريكا باب سب الإسلام, والتهجم على رسوله وعلى القرآن, وتصوير أن الإسلام دين العنف, والمسلمون هم فعلا أشرار! أما حكامهم الأبالسة - أي حكام دول الغرب الكافر- فإن دورهم هو حماية من يقوم بالإساءة إلى الإسلام ورسول الإسلام, وإظهار أنفسهم أنهم محايدون, وأن عذرهم هو حرية التعبير وحرية النشر, وأن لا قانون يحرم هذه الأعمال عندهم, وأن هذا هو الفارق بين حضارتهم المتسامحة والتي تقدس الحريات؛ وحضارة الإسلام التي لا تسامح فيها ولا حرية؛ لذلك فهم يشجعون كل من تطاول على الإسلام ورسول الإسلام, يريدون بذلك أن تشاركهم شعوبهم في عداوتها وكرهها للإسلام, وأن يصوروا لهم أن المسلمين أشرار وأصحاب عنف؛ لذلك فهم يريدون من وراء هذه الخطة إيقاف حركة الإقبال على الإسلام من قبل شعوبهم؛ لأنه ثبت لديهم عمليا أنهم كلما أساءوا للإسلام ورسول الإسلام, ازداد دخول شعوبهم في الإسلام! ففي الدنمارك تحديدا والتي صورت صحفها الرسول بصور مشينة كانت المعاهد الإسلامية فيها تشهد كل يوم حالة إسلام واحدة, فأصبحت بعد نشر هذه الصور تشهد حالات إسلام كثيرة يوميا!
أيها المؤمنون:
وخلاصة القول: أنه لو كان للمسلمين دولة واحدة لتولت هي عملية المواجهة, بل لنقل: ربما لن تحدث أي إساءة للإسلام ولا لرسول الإسلام ولا للقرآن الكريم؛ لأن هيبة الدولة وقوتها يشكلان أكبر مانع لحدوث هذا وأقل منه! ولكن حيث إن المسلمين لا دولة لهم تحميهم وتجمع أمرهم, وحيث إن من يسمون اليوم بالعلماء إنما هم أبواق حكام, لا يتوقع منهم نصرة دين الله, ولا نصرة رسوله, وحيث إن الشعوب تتصرف بمشاعرها, وقد تدفعها غيرتها الصادقة على دينها إلى التصرفات غير اللائقة وغير المناسبة؛ لذلك فإن الدولة هي الأساس في تولي الرد على مثل هذه الإساءات, فقد كانت الدولة الإسلامية تخوض الحروب لأقل من ذلك بكثير, فاليهود لعنهم الله وأصمهم وأعمى أبصارهم أجلاهم الرسول صلى الله عليه وسلم؛ لأنهم تواطؤوا على كشف عورة امرأة مسلمة واحدة! والمعتصم جرد جيشا جرارا بسبب استغاثة امرأة مسلمة واحدة, فكيف إذا أسيء إلى الإسلام ورسول الإسلام؟ وكيف إذا احتلت بلاد المسلمين أرض الإسراء والمعراج, وبغداد مهد الخلافة الإسلامية, وأفغانستان والصومال والباكستان والشيشان وغيرها؟ وكيف وقد اغتصبت النساء وقتل الأطفال بالسواطير وأعدم الرجال إعداما جماعيا؟ وكيف وقد قصفت المساجد, واعتقل العلماء وعذبوا وقتلوا؟ وكيف وقد أجبر السجناء على تناول لحم الخنزير وشرب الخمر في السجون والمعتقلات؟ وكيف وقد حقق مع السجناء وهم عراة في سجن أبي غريب وغيره؟
أيها المؤمنون:
كل هذا وأكثر من هذا حدث وحكام المسلمين وعلماؤهم ساكتون خائفون على عروشهم وعلى مناصبهم! وعندما ثارت الشعوب على حكامها تخلت عنهم أمريكا ودول الكفر عامة, وأظهروا أنهم مع الشعوب زورا وبهتانا! اللهم يا رب العالمين انتقم لعبادك المؤمنين من الكفرة المجرمين. اللهم وأعز الإسلام والمسلمين, واحم حوزة الدين, ودمر العصاة المجرمين, وأهلك أعداءك أعداء الدين, وأعد لرسولك ولكتابك ولعبادك المؤمنين نصرك وعزتك يا رب العالمين.
أيها المؤمنون:
بارك الله لي ولكم في القرآن العظيم ونفعني وإياكم بما فيه من الآيات والذكر الحكيم. أقول قولي هذا وأستغفر الله لي ولكم فاستغفروه إنه هو الغفور الرحيم.
أعده الأستاذ محمد أحمد النادي