خبر وتعليق محاكمة "معالم" وخلق صيغة "مقبولة" للإسلام "مترجم"
- الموافق
- كٌن أول من يعلق!
بسم الله الرحمن الرحيم
هل ستكون هناك الآن محاكمة لكثير من المسلمين في بريطانيا لحوزتهم كتاب سيد قطب "معالم" (معالم في الطريق) على أرفف كتبهم؟ لا أعتقد ذلك. لماذا أطرح هذا السؤال؟ لأن المحاكمة الأخيرة والتي احتوت الأفكار الواردة بها "معالم" وكتب أخرى كانت قيد المحاكمة وقد حكم عليها بأنها غير مقبولة من قبل قاضٍ وهيئة محلفين بريطانيين.
ما أُطلق عليه محاكمة "معالم" لم يُحدث ضجة في عناوين الأخبار في المجتمع ككل، إلا أنه شكل سابقة خطيرة للغاية في خطوة أخرى، حيث حاكمت الدولة البريطانية مسلماً بسبب الأفكار التي يحملها أو ينشرها وليس لتخطيطه لأعمال عنف أو القيام بها. كانت تلك أحدث محاولة لترهيب المسلمين لقبول ما تقرر الدولة أنه مقبول أو ما تسميه الإسلام "المعتدل".
بتاريخ 13 كانون أول 2011، حكم على فاراز أحمد الذي يبيع الكتب في برمنجهام بالسجن لثلاث سنوات لنشره وتوزيعه عدداً من الكتب واسطوانات DVD وصفت بأنها مادة إرهابية. استخدمت المحكمة آراء شاهد مسلم "خبير" بدا واضحا أن فهمه للإسلام كان مختلفا عن فهم المؤلفين مثار التساؤل، وبذا كان رأيه مختلفا من حيث الفكر وليس الخبرة. وفي حالات حدثت مؤخرا، حكمت المحاكم البريطانية على كتب وأشرطة فيديو معينة بأنها مواد إرهابية، وقامت بحظرها، وتصنيف الأفكار الواردة فيها بأنها ليست من الإسلام الحقيقي في شيء. جاء اعتماد الشاهد "الخبير" بناء على حفظه لجزئين من القرآن!
شملت الكتب التي حكم عليها والتي بيعت من قبل فاراز أحمد كتاب "معالم" لسيد قطب وكتابات للشيخ عبدالله عزام وحسن البنا وغيرهم. كُتبت هذه المؤلفات في حقبة مختلفة وفي أوضاع صراع مختلفة، إلا أن الحكم عليها جاء في بريطانيا في عام 2011 بشأن ما إذا كانت تفسيراتهم للقرآن والسنة تؤسس للإسلام المشروع على النحو الذي حددته نيابة الدولة و"الخبير". وبعد أن قررت أن الأفكار في هذا الكتاب حول الجهاد وأموراً أخرى تتعارض وشهادة "الخبير" الذي عينته الدولة كان من المحتم أن تتم إدانة فاراز أحمد لكونه الناشر لتلك الكتب!
وصفت تلك الأفكار بأنها خطيرة وبمثابة نذير للذين يرتكبون أعمالاً "إرهابية"، وهنا تمت المحاكمة مستخدمين قوانين مكافحة الإرهاب. وبينما تسعى الشعوب في الأراضي العربية والمسلمة للإطاحة بالأنظمة التي تصنف الأفكار حول الحكم الإسلامي والجهاد والشريعة والخلافة على أنها خطرة وتبعا لذلك الكتب المحظورة، والمفكرين الذين يقبعون بالسجون والنشطاء الإسلاميين، تتبع الدولة البريطانية العلمانية اليوم مسارا مماثلا لتلك الأنظمة ولكنها تتستر عليه من خلال وصفه بأنه حرب على الإرهاب وليس على الإسلام وأفكاره. لذا تم الحكم على فاراز أحمد بموجب قوانين مكافحة الإرهاب التي لا تستهدف الأشخاص الذين يرتكبون أعمال عنف فحسب، بل الناس الذين يروجون لأفكار إسلامية عن الحكم والجهاد والمقاومة مما يعتبر تحديا للهيمنة الغربية والتدخل في بلاد المسلمين.
الرسالة من هذه المحاكمة لا تعني أنه سيتم حاليا محاكمة كل مسلم لحوزته نسخة من "معالم"؛ لأن المحاكم غير قادرة على التعامل مع الأرقام. بل تعني أن أفكاراً إسلامية معينة مثل الجهاد والمقاومة والخلافة ليست مقبولة، وأنه إذا أراد المسلمون هنا أن يُتركوا وشأنهم، فإن عليهم التخلي عن تلك الجوانب للإسلام وإلا فإنهم سيتعرضون للمتاعب.
وبالمثل، فإن الرسالة إلى المسلمين في أنحاء العالم، خصوصا الموجودين في الدول العربية التي تخوض الانتفاضات حاليا، هي أنكم إذا أنشأتم نظاماً يتعارض مع المعايير الغربية فعليكم إذن أن تتوقعوا أن تتم معاملتكم كدول منبوذة من جانب الغرب.
إن التحدي بالنسبة للمجتمع المسلم في المملكة المتحدة هو ما إذا كنا نرى ذلك بوضوح كمحاولة أخرى لإعادة تعريف وفرض "الإسلام البريطاني"، سواء كنا نتكلم ضد هذا الظلم أم كنا نواصل دعم وتشجيع الأفكار الإسلامية التي تسعى الحكومة البريطانية لحظرها.
تاجي مصطفى
الممثل الإعلامي لحزب التحرير في بريطانيا