خبر وتعليق سوبر ماريو وأزمة الديموقراطية في أوروبا
- الموافق
- كٌن أول من يعلق!
بسم الله الرحمن الرحيم
في لعبة حاسوب شائعة للأطفال، هناك الإخوة ماريو الأبطال المنقذون . وقد تصدرت في الآونة الأخيرة أخبار رئيس الوزراء الايطالي الجديد، ماريو مونتي والرئيس الجديد للبنك المركزي الأوروبي (ECB) ماريو دراجي المشار إليه باسم "سوبر ماريو" عناوين الصحف على أمل أنهم مثل سوبر ماريو الخيالي الذي يمكنه إنقاذ ايطاليا ومنطقة اليورو من أزمتها المالية الحالية. ومع ذلك، فإن العديد اتهموا ماريو مونتي والتكنوقراط غير المنتخبين بالاستيلاء على السلطة الديموقراطية للشعب بعد التخلص من الساسة الذين تم انتخابهم .
في إيطاليا فإن ماريو مونتي - رئيس الوزراء الجديد غير المنتخب والمستشار السابق لبنك جولدمان ساكس - هو رئيس حكومة التكنوقراط غير المنتَخبة. وقد تم فرض مونتي بدلا من سيلفيو برلسكوني سيء السمعة وذلك إرضاء لسياسة السوق مثله في ذلك مثل الرئيس السابق للبنك المركزي في اليونان لوكاس بابديموس ، وهو تكنوقراطي تم جلبه بناء على طلب من حيتان السوق ، مما أدى إلى بعض القلق على الديموقراطية والساسة المنتخبين ديموقراطيا .
وعلى الرغم من أن المملكة المتحدة ليست حكومة تكنوقراط إلا أن هذا لم يمنع المعلقين من التحذير من مخاطر مثل هذه الترتيبات على الديموقراطية نفسها . فقد كتب بيتر بيمونت في صحيفة الأوبزرفر:" ليس فقط قادتنا في أزمة ، بل إن الديموقراطية نفسها فشلت. والحقيقة المثبطة هي أن الغرب ومع أنه أعطى صورة مشرقة للديموقراطية الغربية في البلدان الأخرى إلا أنها وصلت بلا شك إلى درجة متدنية من التطبيق في بلادها .حيث اهتمت بالخيارات الانتخابية حسب رؤية وسائل الإعلام وتحكم السوق في ذلك ،وقد شهد المنظرون السياسيون والمحتجون في الشوارع أكثر من أي وقت مضى تضاؤل وجود مفاهيم مثل العدالة الاجتماعية والمساواة. "
ونتيجة لأزمة الديموقراطية في أوروبا فإن الإقبال على الانتخابات فيها شهد انحسارا ، فقد شهدت تصاعدا لكتلة الساخطين الذين يشككون بشرعية السياسة الانتخابية والذين يرون أن الديموقراطية جوفاء سيئة بسبب أزمة اليورو .وحسب قولهم فإن الانتخابات هي تحت رعاية البنك المركزي الأوروبي.
ولهذا فإن هناك اهتماما حول تأثير الأزمة المالية على الديموقراطية ، وقد قدم مقرر اللجنة السياسية للمجلس الأوروبي تحذيرا مستقبليا في العام 2009 حذر فيه من المخاطر التي تواجهها الديموقراطية من حيث المركزية في صنع القرار ، وضعف التحكم في آليات التفاوض مع الرقابة البرلمانية العالمية، وانعدام الشفافية، وقلة فرص المواطنين في المشاركة فيها . وحذر التقرير أيضا من تناقص الاهتمام بإلإجراءات التأسيسية للديموقراطية ووجود أزمة فيمن يمثلها حيث كانت نسبة الإقبال عليها قليلة جدا في معظم الدول الأوروبية .
إذن لماذا يصارع الساسة الأوروبيون لإبقاء السكان معنيين سياسيا بالوضع ؟ الجواب ببساطة هو أن معظم الأحزاب السياسة عبيد للسوق ولأصحاب رؤوس الأموال من الاقتصاديين وبالتالي فإن الديموقراطية تتضاءل أمام الرأسماليين الذين يريدون تشريعات وقوانين تؤيد الصفقات والأعمال الكبيرة مما يزيد الهوة بين الأغنياء والفقراء المطالَبين بمزيد من التقشف .
فكيف إذن نضمن أن الحكومات ليست عبيدا لمصالح الشركات الكبرى على حساب الجماهير ?وكيف يمكننا التأكد من أن الشركات الكبرى لا تؤثر على تشريع القوانين ?
بوضع قوانين محددة وواضحة لقضايا مثل سياسة الضرائب على (الثروة وليس الدخل ) وتحديد مقدار بسيط من الضرائب ، فإن دولة الخلافة تزيل الدوافع والقدرة على ابتكار أنواع جديدة من الضرائب التي تكون وكأنها نوع من العقاب للناس، وهذا مجرد مثال لما يمكن أن يسنه الإسلام من تشريع وأنظمة لإدارة شؤون الناس .وكما رأينا في النظام الديموقراطي فإن أصحاب الثروة والنفوذ يسعون للحصول على القوانين التي تخدم مصالحهم . بينما في دولة الخلافة فإن الناس ينتخبون ممثليهم في مجلس الأمة والذين يكون دورهم استشاريا وكذلك يحاسبون الحاكم ولكن ليس لهم دور تشريعي. والخليفة المنتخب يطبق النظام الإسلامي وليس القوانين التشريعية الوضعية وبالتالي يتجنب أي خلل في النظام .
وبعد سنوات من عدم إتاحة المجال لاختيار الحاكم ،فإنه من البديهي أن يتلهف الناس في مصر وتونس وليبيا على انتخاب البرلمانات الجديدة ،مع أن هذا سحب للبساط من تحت أقدام قضايا أساسية أخرى مثل :من أين يستمد التشريع ؟ أي دستور سيتم تطبيقه ؟ومن أين سيستمدون مواده؟ وما هي هوية الدولة ، إسلامية ، علمانية ....؟ وما هو دور البرلمان المننتَخب ؟
وكما يواجه الأوروبيون تراجع مستويات المعيشة وفقدان الوظائف ومستقبلا اقتصاديا مجهولا ، فإن العديد سيوافقون في النهاية على حكومات تكنوقراط عندما يظنون أن هذه هي الطريقة الوحيدة لتجنب كارثة اقتصادية . وعندما تفشل هذه الحكومات التكنوقراطية فإن المسؤولية ستلقى على كاهل النظام الرأسمالي . وهذا سبب آخر لأهمية تطبيق نظام الخلافة لتجنب مثل هذه المشاكل الاقتصادية .
.
تاجي مصطفى
ممثل المكتب المركزي لحزب التحرير في بريطانيا