الخبر والتعليق ثورة مصر حقيقية ولكن ينقص المخلصين والوعي التام والشجاعة السياسية الكاملة
- الموافق
- كٌن أول من يعلق!
بسم الله الرحمن الرحيم
الخبر :
في جمعة 18/11/2011 وفي الأيام التي تلت إلى أن وصلت إلى مليونية الثلاثاء في 22/11/2011 قام أهل مصر الثائرين على النظام الذي يقوده العسكر بمواصلة ثورتهم في ميدان التحرير وغيره من ميادين التحرير والتغيير في المدن الأخرى للاحتجاج على حكم العسكر ومطالبته بالرحيل حيث دعوا إلى إسقاط المشير قائد الجيش ومجلسه العسكري. فقام الجيش وقوات الأمن بقمعهم وقتل العشرات منهم وجرح المئات. حتى أن العنف الذي استخدمه حكم العسكر لقمع المحتجين شابه عنف لعهد حسني مبارك الساقط وعصابته مما يدل على أن الحكم العسكري هو امتداد للعهد الساقط. وقام المشير طنطاوي الذي طالبه الناس بالرحيل هو وحكمه ومجلسه العسكري بمحاولة تهدئة الناس بقوله أن الانتخابات ستجري في موعدها.
التعليق:
نريد أن نبرز الحقائق التالية الهامة في تعليقنا هذا:
1. الثورة التي تنبع من إحساس الشعب الصادق عما يعانيه وما يكابده بسبب الظلم المخيم عليه، وبرغبته الصادقة باستعادة كرامته وبالتغيير الحقيقي، فيقوم ويكسر حاجز الخوف ويقدم التضحيات، فثورته تعتبر ثورة طبيعية صادقة ولا تتوقف حتى تستقر على نظام يقبل به الشعب ويغير أوضاعه بصورة تامة أو جذرية. وليست كالثورات الاصطناعية التي توجدها دول كبرى كالثورات البرتقالية في أوكرانيا وجورجيا لإيصال شخصيات سياسية عميلة إلى الحكم تقوم بخداع الشعب وذلك بدغدغة مشاعره وتلبية بعض طلباته الآنية، وهي تكون تلك الشخصيات العميلة الانتهازية قد ركزت نفوذ تلك الدولة الكبرى الذي دعمتها على حساب الشعب. ومن ثـَم يلاحظ الشعب أنه قد خدع والأمر لا يتعدى سوى تغيير وجوه.
2. حاولت أمريكا أن تفعل مثل ذلك في مصر عندما اضطرت لإخراج عميلها الساقط حسني مبارك من الحكم وجعلت قادة المجلس العسكري وحكومتهم وهم عملاء لها وامتداد للحكم الساقط يعملون على خداع الشعب بأساليب شتى، وقد لاحظ الشعب ذلك وأدركه فقام بمواصلة ثورته ابتداء من هذه الجمعة وطالب بإسقاط حكم المجلس العسكري ورحيله عن المسرح السياسي وإسقاط الحكومة والإصرار على مطالبه، فيدل ذلك على أن الثورة نابعة من صميم الشعب وليست اصطناعية من قبل أمريكا أو غيرها من الدول الكبرى، فهي ثورة حقيقية مباركة نابعة من إحساس الشعب بضرورة التغيير.
3. دلت هذه الحركة من قبل أهلنا في مصر على مدى وعيهم؛ وأنهم يدركون أنه تجري عليهم مؤامرات لإجهاض الثورة والإتيان بنظام أسوأ من النظام البائد على شاكلة النظام في تركيا وفي الباكستان، حيث يلاحظون كيف تعمل أمريكا على صياغة مثل ذلك في مصر بحيث يتحكم العسكر في الحياة السياسية ويصبح المجلس العسكري الأعلى وصياً على الدستور وعلى الحكومة وعلى البرلمان ويضع مواد حاكمة على الدستور وعلى الحياة السياسية تضمن له التحكم في السياسيين وفي النظام، ومن ثـَم يقوم بالتحرك بانقلاب أبيض أو أحمر كما يحصل في تركيا والباكستان بأوامر الدول الاستعمارية الكبرى كلما ادّعى المجلس العسكري الأعلى أن هناك انتهاكاً للدستور أو تهديداً للجمهورية أو لمبادئها من علمانية وديمقراطية.
4. هناك في مصر بعض الذين يعرفون بأنهم إسلاميون ولديهم قاعدة شعبية لا بأس بها بمحاولة الاتفاق مع العسكر ومع الأمريكيين بعملية انتهازية خاطئة ظانيين بأنهم يحسنون صنعا ولكنهم لا يدرون أنهم يقدمون على عملية سياسية انتحارية. فلو كان لديهم الوعي السياسي التام والشجاعة السياسية الكاملة لما فعلوا ذلك ولأدركوا أن هذه فرصتهم لاستلام الحكم عن طريق الشعب وإقامة حكم الإسلام عندما يقودوا الشعب نحو ذلك ويجبروا العسكر على التنحي جانبا والعودة إلى ثكناته والعمل على جعله محكوما للقيادة السياسية لا أن يحكم القيادة السياسية.
5. إنه بمقدور المخلصين الذين لديهم قاعدة شعبية عريضة الذهاب إلى ميدان التحرير وغيره من الميادين في المدن الأخرى والقيام بالإعلان عن تشكيل حكومة لهم مخلصة تقود الشعب، ويبدأوا بتسيير أمور الشعب من هناك حتى يزحفوا إلى مؤسسات الدولة فيحرروها من براثن النظام الساقط ويبدأوا بعملهم الفعلي من هناك ويرغموا الجيش على الخروج من المدن والذهاب إلى الثغور مع يهود والاستعداد لتحرير أرض الإسلام من براثنهم، فيخضعوه لإرادتهم ويسيروه حسب أوامرهم. فإن الشعب بأغلبيته الساحقة سيؤيدهم لأن ذلك هو مطلبه، لا أن ينخدعوا بوعود العسكر وبوعود أمريكا بالانتخابات وأنهم سيحصلون على أغلبية في الانتخابات ومن ثم يقوموا بالتغيير بواسطة ذلك كما يتوهمون. بل إن ثورة الشعب المباركة هي فرصتهم الذهبية للتغيير الجذري حتى إذا ما أمسكوا بزمام الأمور واستلموا السلطة من الشعب وهو صاحبها الأصلي وأخضعوا الجيش لهذه السلطة وسلموها للمخلصين الواعيين أصحاب الإرادة الصادقة من أبنائه حتى يبدأوا بتطبيق الدستور الإسلامي فورا بإعلان خليفتهم ومبايعته على تطبيق القرآن والسنة وتطبيق الدستور الذي استمدت كافة مواده من هذين المصدرين الشريفين لا من تشريع بشري يشقي الانسان المصري المسلم الأبي زيادة على شقاوته بسبب تطبيق التشريعات البشرية المستوردة من الغرب منذ سيطرة الفرنسيين ومن بعدهم الانكليز وفيما بعد الأمريكيين منذ عهد عبد الناصر حتى اليوم على البلاد وإبعاد الحكم الإسلامي. وقد صاغ حزب التحرير دستورا إسلاميا حيث استنبط كافة مواده من القرآن والسنة وصاغه صياغة دستورية دقيقة وبين الأسباب الموجبة لكل مادة ورسم آليات التطبيق لها حتى أصبح جاهزا للتطبيق بكل أريحية ويسر ومن دون تعقيد ولا تناقض، وهو يعرضه على الناس في كل مكان. وإذا ما أقدم المخلصون على إقامة النظام الإسلامي فيكون الدستور حاضرا وجاهزا للتطبيق بوعي تام من دون تخبط.