أعمال شغب في المملكة المتحدة هل السياسيون والمفكرون معتوهون مترجم
- الموافق
- كٌن أول من يعلق!
بسم الله الرحمن الرحيم
إن السياسيين والمفكرين البريطانيين ليسوا بمخبولين ، ولكن ما يجعلك تظن ذلك هي المعالجات التي يطرحونها لمواجهة الشغب والتي صدمت البلاد في بداية هذا الشهر , وهناك قول انجليزي مشهور يقول من الجنون تكرار عمل شيء وتوقع نتائج مختلفة له.
أثناء التجوال في المناطق التي تأثرت بالسلب والنهب كالمحلات الكبرى التي تبيع السلع الألكترونية والملابس الرياضية والأحذية يجدها قد بدأت تعود إلى طبيعتها . مما يثير عجب الزائر من سرعة إعادة التخزين والتنظيف ويجعله يتساءل هل كل شيء على ما يرام ؟!
إن المفكرين والساسة يصارعون من أجل تحديد الأسباب والحلول لظاهرة السلب والنهب المتواجدة على نطاق واسع لأنها تدرك أن ذلك سيتكرر إن لم تعالج الأسباب المؤدية له فأجوبة اليوم كلها متوقعة , فاليساريون يقولون أن السبب يكمن في الحرمان ، بينما اليمينيون يرونه في قلة الانضباط مما يؤدي إلى الجريمة . ونتيجة لهذا
فقد كانت بريطانيا تضخ الأموال في المناطق التي تعاني من الحرمان من عقود وبنفس الوقت هناك نقص في أماكن للسجناء مما يوحي أن عمل الشرطة لم يكن به تراخ منذ البداية مع أنه من الجنون بمكان تقديم نفس معالجات ثبت فشلها مسبقا.
وقد تنادى اليمينيون واليساريون لتخمين أسباب هذا الشغب ، فقد نشر في الاوبزيفر في الرابع عشر من آب 2011 :
ليس مهما إن كان السبب هو الامبريالية المتهالكة أو الحرمان الاقتصادي فالحقيقة الواقعة هي أن المجتمع ينتج طلابا ومتدربين وعمالا وآباء وأمهات وأطفالاً لا يتجاوزون الحادية عشر من العمر ينضمون إلى عصابات منظمة لأعمال السلب والنهب وحرق أحيائهم المجاورة. فلم يعد أمامنا سوى خيار من اثنين / إما إمعان التفكير في مجتمعنا عاليه وسافله , أو اقتصار الأمر على أنه فقط ظاهرة إجرامية . وإن تصرفات الناس لا مبرر لها على الإطلاق فإن من يقومون بالسلب والنهب ويثيرون الرعب على الطرقات يعلمون جيدا أنهم مخطئون في تصرفاتهم .
إن تقييما للأسباب سوف يظهر لماذا هناك هذا العدد الكبير من العصابات ولماذا يوجد هذا العدد من الأسر بدون عوائلهم ، ولماذا اختاروا السلب والنهب ولماذا اللصوص هم من صغار السن ، ولماذا أتى اللصوص من قطاعات عرقية واجتماعية وعنصرية مختلفة ، فهؤلاء هم من يمثلون بحق" المملكة المتحدة " .
ولو بحثنا بشكل أوسع في المجتمع لوجدنا ان هذه النماذج ليست مقتصرة على الشغب، فمعدل الجريمة مرتفع . ومع أن الناس الذين يعيشون في المدن لا يخرجون أيام الجمعة أو السبت ليلا لانتشار الجريمة والعنف إلا إنهم يحاولون تقليل خطورة الأمر . وإن زيارة إلى قسم الطوارئ في المستشفيات في ليالي الجمعة والسبت لهي دليل واضح على مثل هذه السلوكيات والتي يرتكبها شباب صغار وبشكل عنيف يزداد أكثر وأكثر .
والسؤال الذي يطرح نفسه هنا لماذا هناك نزوع إلى الأمراض الاجتماعية التي تتقاطع مع البناء الاجتماعي والطبقي العنصري ؟ وربما يكون الحرمان والعنصرية التي تمارسها الشرطة ضد بعض الجماعات العرقية من العوامل لكنها ليست الأسباب الجذرية لذلك . بل حتى الانهيار الأسري لا يصل إلى جذر هذه المشاكل لأن معظمها في الأصل علاقات مؤقتة بسبب النزعة إلى الفردية . وفي الوقت نفسه فإن النظرة المادية التي تسود الأغنياء والفقراء تضمن التعريف بالفرد فقط على أساس ما يملك .
وإن تقييما صادقا سيظهر أن القيم الخاضعة للنظرة المادية والنزعة الفردية هي الأسباب الجذرية . وهذه هي بعض القيم السائدة في المجتمعات العلمانية الغربية . وفي الوقت الذي ينادي به المفكرون والساسة بالعودة الى القيم القديمة فإن هناك ما لم يستطيعوا سبر غوره لأنه يؤدي إلى مسائلة عن قيمة الفردية والمادية والعلمانية والحريات التي تقوم عليها المجتمعات الغربية.
وإنهم يعتقدون أن القيم التي يعتنقونها هي بطبيعتها جيدة ومتطورة وبالتالي فهم ليسوا معتوهين . لكنهم لا يستطيعون توسيع مداركهم ليدركوا الأسباب الجذرية لعمليات السلب والنهب وارتفاع معدل السلوك المعادي للمجتمع . وهذا مخيف لأنه ومع أن المحلات التي تعرضت للسلب والنهب يمكن إعادة بنائها وتخزينها مجددا فإن القيم التي أدت بالبعض إلى السلب والنهب والقتل لا تزال موجودة ومرحب بها في الثقافة الشعبية والموسيقى والترفيه حيث لا يوجد بديل لها في تلك المجتمعات .
وإن هؤلاء الذين ينادون باعتماد القيم والأنظمة الغربية في البلاد الإسلامية لم يدركوا أن مجتمعاتنا في هذه الحالة سينتهي بها الأمر إلى نفس مصير المملكة المتحدة وبدلاً من ذلك فإننا بحاجة للعودة إلى النظام والقيم الإسلامية مثل التقوى والمحاسبة والطاعة لله الخالق كوسيلة لايجاد مجتمع يحقق الأمن الذاتي لمواطنيه .
تاجي مصطفى
ممثل حزب التحرير في بريطانيا