الجمعة، 27 جمادى الأولى 1446هـ| 2024/11/29م
الساعة الان: (ت.م.م)
Menu
القائمة الرئيسية
القائمة الرئيسية
بلوغ المرام من كتاب نظام الإسلام (ح265) الدعوة للأخلاق في المجتمع قلب للمفاهيم الإِسلامِية عن الحياة

بسم الله الرحمن الرحيم

 

 

بلوغ المرام من كتاب نظام الإسلام

(ح265) الدعوة للأخلاق في المجتمع قلب للمفاهيم الإِسلامِية عن الحياة

 

 

 

الحَمْدُ للهِ ذِي الطَّولِ وَالإِنْعَامْ، وَالفَضْلِ وَالإِكرَامْ، وَالرُّكْنِ الَّذِي لا يُضَامْ، وَالعِزَّةِ الَّتِي لا تُرَامْ، والصَّلاةُ وَالسَّلامُ عَلَى سَيِّدِنَا مُحَمَّدٍ خَيرِ الأنَامِ، خَاتَمِ الرُّسُلِ العِظَامْ، وَآلِهِ وَصَحْبِهِ وَأتبَاعِهِ الكِرَامْ، الَّذِينَ طَبَّقُوا نِظَامَ الإِسلامْ، وَالتَزَمُوا بِأحْكَامِهِ أيَّمَا التِزَامْ، فَاجْعَلْنَا اللَّهُمَّ مَعَهُمْ، وَاحشُرْنا فِي زُمرَتِهِمْ، وثَبِّتنَا إِلَى أنْ نَلقَاكَ يَومَ تَزِلُّ الأقدَامُ يَومَ الزِّحَامْ. 

 

أيها المؤمنون:

 

 

السَّلامُ عَلَيكُمْ وَرَحْمَةُ اللهِ وَبَرَكَاتُهُ وَبَعدُ: نُتَابِعُ مَعَكُمْ سِلْسِلَةَ حَلْقَاتِ كِتَابِنا: "بُلُوغُ المَرَامِ مِنْ كِتَابِ نِظَامِ الِإسْلَامِ"وَمَعَ الحَلْقَةِ الخَامِسَةِ وَالسِّتِّينَ بَعدَ المِائَتَينِ، وَعُنوَانُهَا: "الدَّعوَةُ لِلأخلاقِ فِي المُجتَمَعِ قَلبٌ لِلمَفَاهِيمِ الإِسلامِيَّةِ عَنِ الحَيَاةِ". نَتَأمَّلُ فِيهَا مَا جَاءَ فِي الصَّفحَتَينِ: السَّادِسَةِ وَالثَّلاثِينَ، وَالسَّابِعَةِ وَالثَّلاثِينَ بَعدَ المِائَةِ مِنْ كِتَابِ "نظامُ الإسلام" لِلعَالِمِ والـمُفَكِّرِ السِّيَاسِيِّ الشَّيخِ تَقِيِّ الدِّينِ النَّبهَانِيِّ.

 

يَقُولُ رَحِمَهُ اللهُ:"وعَلَى ذَلِكَ فلا يَجُوزُ أَن تُحْمَلَ الدَعْوَةُ إِلَى الأَخْلاقِ في المجتمعِ، لأَنَّ الأَخْلاقَ نتائجُ لأَوَامِرِ اللهِ، فهيَ تأتي مِنَ الدَعْوَةِ إِلَى العَقِيدَةِ، وإلى تَطْبِيقِ الإِسْلامِ بصفةٍ عَامَّةٍ. ولأَنَّ في الدَعْوَةِ إِلَى الأَخْلاقِ قلبًا للمَفَاهِيمِ الإِسْلامِيَّةِ عَنِ الحَيَاةِ، وإبعادًا للناسِ عَنِ تَفهُّمِ حَقيقةِ المجتمعِ ومُقوِّماتِهِ، وتخديرًا لَهُمْ بالفضائِلِ الفرديةِ يُؤَدِّي إِلَى الغَفْلَةِ عَنِ الوسائِلِ الحَقيقِيةِ لرُقيِّ الحَيَاةِ.

 

ولهذا كَانَ مِن الخطَرِ أَن تُجْعَلَ الدَعْوَةُ الإِسْلامِيَّةُ دَعْوَةً إِلَى الأَخْلاقِ، لأَنَّها توهِمُ أَنَّ الدَعْوَةَ الإِسْلامِيَّةَ دَعْوَةٌ خُلُقِيَّةٌ، وتَطْمِسُ الصُورَةَ الفِكْريَّةَ عَنِ الإِسْلامِ، وتَحُوُلُ دُونَ فَهْمِ الناسِ لَهُ، وتَصْرِفُهُمْ عَنِ الطَرِيقَةِ الوحيدةِ الَّتِي تؤدّي إِلَى تَطْبِيقِهِ وهيَ قِيَامُ الدَوْلَةِ الإِسْلامِيَّةِ. والشَرّيعةُ الإِسْلامِيَّةُ حِينَ عالَجتْ عَلاقَةَ الإِنْسَانِ بنفسِهِ بالأَحْكَامِ الشَرْعيّةِ المتَعَلِّقَةِ بالصِّفاتِ الخُلُقيةِ، لَمْ تَجْعَلْ ذَلِكَ نِظَامًا كَالعِبَادَاتِ وَالـمُعَامَلَاتِ، وإنَّما راعَتْ فِيها تَحقيقَ قِيَمٍ معينةٍ، أَمَرَ اللهُ بِهَا، كَالصِّدْقِ وَالأَمَانةِ وعَدَمِ الغِشِّ والحَسَدِ، فهي تَحْصُلُ مِنْ شَيٍء واحدٍ هُوَ الأَمْرُ مِنَ اللهِ تعالى بالقِيمةِ الخُلُقيةِ، كَالـمَكَارِمِ وَالفَضَائِلِ. فالأَمانةُ خُلُقٌ أَمرَ اللهُ بهِ، فيَجِبُ أَنْ تُراعَى قِيمتُها الخُلُقيةُ حِينَ القِيَامِ بِهَا، ولذَلِكَ تتحَقَّقُ بِهَا القِيَمَةُ الخُلُقيةُ وتُسُمَّى أَخْلاقًا. وأَمَّا حُصُولُ هَذِهِ الصِّفَاتِ مِن نَتائجِ الأَعْمَالِ كالعِفَّةِ الناتجةِ عَنِ الصَلاةِ، أَوْ حصُولُها مِن وجُوبِ مراعاتِها عِنْدَ القِيَامِ بالمعاملاتِ كالصِّدقِ في البيعِ، فلا تَحْصُلُ فِيهِ قِيمُةٌ خُلُقيةٌ، لأَنَّها لَمْ تكنْ مقصودةً مِن القِيَامِ بالعَمَلِ، بَلْ كَانَتْ هَذِهِ الصفاتُ الحاصِلَةُ مِن نتائِجِ الأَعْمَالِ، ومن وجوبِ المراعاةِ، صفاتٍ خُلُقِيَّةً للمؤمِنِ حِينَ يعبُدُ اللهَ، وحِينَ يَقُومُ بالمعاملاتِ. فإنَّ المؤمنَ حَقَّقَ بالقصدِ الأولِ القِيَمةَ الرُوحيَّةَ مِن الصَلاةِ وحَقّق بالقَصْدِ الثاني القِيمةَ المَادِّيَّةَ مِن التجارةِ، واتَّصَفَ في نفسِ الوقتِ بالصفاتِ الخلقيةِ".

 

maram265

 

وَنَقُولُ رَاجِينَ مِنَ اللهِ عَفْوَهُ وَمَغْفِرَتَهُ وَرِضْوَانَهُ وَجَنَّتَهُ: يَا أُمَّةَ الإِيمَانْ، يَا أُمَّةَ القُرآنْ، يَا أُمَّةَ الإِسلَامْ، يَا أُمَّةَ التَّوحِيدْ، يَا مَنْ آمَنتُمْ بِاللهِ رَبًّا، وَبِمُحَمَّدٍ صلى الله عليه وسلم نَبِيًّا وَرَسُولًا، وَبِالقُرآنِ الكَرِيمِ مِنهَاجًا وَدُستُورًا، وَبِالإسلَامِ عَقِيدَةً وَنِظَامًا لِلْحَياَة، أَيُّهَا الـمُسلِمُون فِي كُلِّ مَكَانْ، فَوقَ كُلِّ أَرضٍ، وَتَحتَ كُلِّ سَمَاءْ، يَا خَيرَ أُمَّةٍ أُخرِجَتْ لِلنَّاسِ، أَيُّهَا الـمُؤمِنُونَ الغَيُورُونَ عَلَى دِينِكُمْ وَأُمَّتِكُمْ:

 

أعَدَّ الشَّيخُ تَقِيُّ الدِّينِ النَّبهَانِيُّ هُوَ وَإِخوَانُهُ العُلَمَاءُ فِي حِزْبِ التَّحرِيرِ كِتَابَ: «نِظَامِ الإِسْلَامِ» هَذَا الكِتَابُ الَّذِي عَرَضْنَاهُ عَلَيكُمْ عَرْضًا مُفَصَّلًا، وَقَدْ أَوْشَكْنَا عَلَى الانتِهَاءِ مِنْ عَرضِهِ، بَيَّنَ فِيهِ هَؤُلَاءِ العُلَمَاءُ الأَجِلَّاءُ لِلْمُسْلِمِينَ أَجْمَعِينَ فِي مَشَارِقِ الأَرْضِ وَمَغَارِبِهَا دِينَ الإِسلَامِ غَضًّا طَرِيًّا كَمَا أَنْزَلَهُ اللهُ رَبُّ العَالَـمِينَ، ذَلِكَ الدِّينُ القَيِّمُ الكَامِلُ، والشَّامِلُ لِجَمِيعِ شُؤُونِ الحَيَاةِ، بِصُورَتِهِ النَّاصِعَةِ الوَاضِحَةِ، وَحَقِيقَتِهِ النَّقِيَّةِ الصَّافِيَةِ الـمُبَلْوَرَةِ.

 

وَفي خِتَامِ كِتَابِ «نِظَامِ الإِسْلَامِ» وَحَتَّى لَا تَلْتَبِسَ سَبِيلِ النَّهْضَةِ عَلَى السَّائِرِينَ، بَحَثَ هَؤُلَاءِ العُلَمَاءُ مَوضُوعًا في غَايَةِ الأَهَمِّيَّةِ، أَلَا وَهُوَ «الأَخلَاق فِي الإِسلَامِ» وَلِكَيْ يَسْهُلَ تَنَاوُلَنَا لَهْ ارْتأَينَا تَجزِئَتَهُ لِعِدَّةِ أَجْزَاءَ، وَإِلَيكُمُ الجُزْءَ الثَّاني مِنهُ. وَيُمكِنُ بَيَانُ وَإِبرَازُ مَوضُوعِنَا مِنْ خِلَالِ النُّقَاطِ الآتِيَةِ:

 

  1. لا يَجُوزُ أَن تُحْمَلَ الدَعْوَةُ إِلَى الأَخْلاقِ في الـمُجْتَمَعِ، لأَنَّ الأَخْلاقَ نتائجُ لأَوَامِرِ اللهِ، فهيَ تأتي مِنَ الدَعْوَةِ إِلَى العَقِيدَةِ، وإلى تَطْبِيقِ الإِسْلامِ بصفةٍ عَامَّةٍ.
  2. في الدَعْوَةِ إِلَى الأَخْلاقِ قلبٌ للمَفَاهِيمِ الإِسْلامِيَّةِ عَنِ الحَيَاةِ، وإبعادٌ للناسِ عَنِ تَفهُّمِ حَقيقةِ الـمُجتَمَعِ ومُقوِّماتِهِ، وتخديرٌ لَهُمْ بالفَضَائِلِ الفَردِيَّةِ يُؤَدِّي إِلَى الغَفْلَةِ عَنِ الوَسَائِلِ الحَقيقِيةِ لرُقيِّ الحَيَاةِ.
  3. مِن الخطَرِ أَن تُجْعَلَ الدَعْوَةُ الإِسْلامِيَّةُ دَعْوَةً إِلَى الأَخْلاقِ، لأَنَّها توهِمُ أَنَّ الدَعْوَةَ الإِسْلامِيَّةَ دَعْوَةٌ خُلُقِيَّةٌ، وتَطْمِسُ الصُورَةَ الفِكْريَّةَ عَنِ الإِسْلامِ، وتَحُوُلُ دُونَ فَهْمِ الناسِ لَهُ، وتَصْرِفُهُمْ عَنِ الطَرِيقَةِ الوحيدةِ الَّتِي تؤدّي إِلَى تَطْبِيقِهِ وهيَ قِيَامُ الدَوْلَةِ الإِسْلامِيَّةِ.
  4. الشَرّيعةُ الإِسْلامِيَّةُ حِينَ عالَجتْ عَلاقَةَ الإِنْسَانِ بنفسِهِ بالأَحْكَامِ الشَرْعيّةِ المتَعَلِّقَةِ بالصِّفاتِ الخُلُقيةِ، لَمْ تَجْعَلْ ذَلِكَ نِظَامًا كَالعِبَادَاتِ وَالـمُعَامَلَاتِ، وإنَّما راعَتْ فِيها تَحقيقَ قِيَمٍ معينةٍ، أَمَرَ اللهُ بِهَا، كالصدقِ والأَمَانةِ وعَدَمِ الغِشِّ والحَسَدِ، فهي تَحْصُلُ مِنْ شَيٍء واحدٍ هُوَ الأَمْرُ مِنَ اللهِ تَعَالَى بِالقِيمَةِ الخُلُقِيَّةِ، كَالـمَكَارِمِ وَالفَضَائِلِ.
  5. فَمَثَلًا: الأَمانةُ خُلُقٌ أَمرَ اللهُ بهِ، فيَجِبُ أَنْ تُراعَى قِيمتُها الخُلُقيةُ حِينَ القِيَامِ بِهَا، ولذَلِكَ تتحَقَّقُ بِهَا القِيَمَةُ الخُلُقيةُ وتُسُمَّى أَخْلاقًا.
  6. حُصولُ الصِّفَاتِ مِن نَتائجِ الأَعْمَالِ كَالعِفَّةِ الناتجةِ عَنِ الصَلاةِ، أَوْ حصُولُـهَا مِن وجُوبِ مُرَاعَاتِها عِنْدَ القِيَامِ بالمعاملاتِ كالصِّدقِ في البيعِ، فلا تَحْصُلُ فِيهِ قِيمُةٌ خُلُقيةٌ، لأَنَّها لَمْ تكنْ مَقْصُودَةً مِنَ القِيَامِ بالعَمَلِ، بَلْ كَانَتْ هَذِهِ الصفاتُ الحاصِلَةُ مِن نتائِجِ الأَعْمَالِ، وَمِنْ وُجُوبِ الـمُرَاعَاةِ، صِفَاتٍ خُلُقِيَّةً لِلمُؤْمِنِ حِينَ يعبُدُ اللهَ، وحِينَ يَقُومُ بِالـمُعَامَلَاتِ.
  7. حَقَّقَ الـمُؤْمِنُ بِالقَصْدِ الأَوَّلِ القِيَمةَ الرُوحيَّةَ مِن الصَلاةِ، وحَقّقَ بِالقَصْدِ الثاني القِيمةَ الـمَـادِّيَّةَ مِن التِّجَارَةِ، واتَّصَفَ فِي الوَقْتِ نَفْسِهِ بِالصِّفَاتِ الخُلُقِيَّةِ.

 

أيها المؤمنون:

 

 

نَكتَفي بِهذا القَدْرِ في هَذِه الحَلْقة، وَلِلحَدِيثِ بَقِيَّةٌ، مَوعِدُنَا مَعَكُمْ في الحَلْقةِ القادِمَةِ إنْ شَاءَ اللهُ تَعَالَى، فَإِلَى ذَلِكَ الحِينِ وَإِلَى أَنْ نَلْقَاكُمْ وَدَائِماً، نَترُكُكُم في عنايةِ اللهِ وحفظِهِ وأمنِهِ، سَائِلِينَ الْمَولَى تَبَارَكَ وَتَعَالَى أَن يُعزَّنا بِالإسلام، وَأنْ يُعزَّ الإسلام بِنَا، وَأن يُكرِمَنا بِنَصرِه، وَأن يُقِرَّ أعيُننَا بِقيَامِ دَولَةِ الخِلافَةِ الرَّاشِدَةِ الثَّانِيَةِ عَلَىْ مِنْهَاْجِ النُّبُوَّةِ في القَريبِ العَاجِلِ، وَأَن يَجعَلَنا مِن جُنُودِهَا وَشُهُودِهَا وَشُهَدَائِها، إنهُ وَليُّ ذلكَ وَالقَادِرُ عَلَيهِ. نَشكُرُكُم، وَالسَّلامُ عَليكُم وَرَحمَةُ اللهِ وَبَركَاتُه.

آخر تعديل علىالأحد, 19 شباط/فبراير 2023

وسائط

تعليقات الزوَّار

تأكد من ادخال المعلومات في المناطق المشار إليها ب(*) . علامات HTML غير مسموحة

عد إلى الأعلى

البلاد الإسلامية

البلاد العربية

البلاد الغربية

روابط أخرى

من أقسام الموقع