الأربعاء، 06 شعبان 1446هـ| 2025/02/05م
الساعة الان: (ت.م.م)
Menu
القائمة الرئيسية
القائمة الرئيسية
بلوغ المرام من كتاب نظام الإسلام (ح213)  الأرض العشرية رقبتها ومنفعتها للأفراد، والخراجية رقبتها للدولة ومنفعتها للأفراد

بسم الله الرحمن الرحيم

 

 

بلوغ المرام من كتاب نظام الإسلام

 

  (ح 213)  

 

 الأرض العشرية رقبتها ومنفعتها للأفراد، والخراجية رقبتها للدولة ومنفعتها للأفراد

 

 

 

الحَمْدُ للهِ ذِي الطَّولِ وَالإِنْعَامْ، وَالفَضْلِ وَالإِكرَامْ، وَالرُّكْنِ الَّذِي لا يُضَامْ، وَالعِزَّةِ الَّتِي لا تُرَامْ، والصَّلاةُ وَالسَّلامُ عَلَى سَيِّدِنَا مُحَمَّدٍ خَيرِ الأنَامِ، خَاتَمِ الرُّسُلِ العِظَامْ، وَآلِهِ وَصَحْبِهِ وَأتبَاعِهِ الكِرَامْ، الَّذِينَ طَبَّقُوا نِظَامَ الإِسلامْ، وَالتَزَمُوا بِأحْكَامِهِ أيَّمَا التِزَامْ، فَاجْعَلْنَا اللَّهُمَّ مَعَهُمْ، وَاحشُرْنا فِي زُمرَتِهِمْ، وثَبِّتنَا إِلَى أنْ نَلقَاكَ يَومَ تَزِلُّ الأقدَامُ يَومَ الزِّحَامْ. 

 

أيها المؤمنون:

 

 

السَّلامُ عَلَيكُمْ وَرَحْمَةُ اللهِ وَبَرَكَاتُهُ وَبَعدُ: نُتَابِعُ مَعَكُمْ سِلْسِلَةَ حَلْقَاتِ كِتَابِنا: "بُلُوغُ المَرَامِ مِنْ كِتَابِ نِظَامِ الِإسْلَامِ" وَمَعَ الحَلْقَةِ الثَّالِثَةَ عَشْرَةَ بَعْدَ المِائَتَينِ، وَعُنوَانُهَا: "الأَرْضُ العُشْرِيَّةُ رَقَبَتُهَا وَمَنفَعَتُهَا لِلأَفْرَادِ، وَالخَرَاجِيَّةُ رَقَبَتُهَا لِلدَّولَةِ وَمَنْفَعَتُهَا لِلأَفْرَادِ". نَتَأمَّلُ فِيهَا مَا جَاءَ فِي الصَّفحَةِ الثَّالِثَةِ والعِشْرين بَعْدَ المِائَةِ مِنْ كِتَابِ "نِظَامُ الإِسلَامِ" لِلعَالِمِ والمُفَكِّرِ السِّيَاسِيِّ الشَّيخِ تَقِيِّ الدِّينِ النَّبهَانِيِّ. يَقُولُ رَحِمَهُ اللهُ:

 

المادة 133: الأَرْضُ العُشْرِيَّةُ هِيَ الَّتِي أَسْلَمَ أَهْلُهَا عَلَيهَا، وَأَرْضُ جَزِيرَةِ العَرَبِ، وَالأَرْضُ الخَرَاجيَّةُ هِيَ الَّتِي فُتِحَتْ حَرْباً أَوْ صُلْحاً مَا عَدَا جَزِيرَةِ العَرَبِ، وَالأَرْضُ العُشْرِيَّةُ يَمْلِكُ الأَفْرَادُ رَقَبَتَهَا وَمَنفَعَتَهَا، وَأَمَّا الأَرْضُ الخَرَاجيَّةُ فَرَقَبَتُهَا مِلْكٌ لِلدَّولَةِ، وَمَنفَعَتُهَا يَملِكُهَا الأَفرَادُ، وَيَحِقُّ لِكُلِّ فَردٍ تَبَادُلَ الأَرضِ العُشْرِيَّةِ وَمَنْفَعَةَ الأَرْضِ الخَراجيَّةِ بِالعُقُودِ الشَّرعِيَّةِ وَتُورَثُ عَنْهُمْ كَسَائِر الأَمْوَالِ.

 

وَنَقُولُ رَاجِينَ مِنَ اللهِ عَفْوَهُ وَمَغْفِرَتَهُ وَرِضْوَانَهُ وَجَنَّتَهُ: يَا أُمَّةَ الإِيمَانْ، يَا أُمَّةَ القُرآنْ، يَا أُمَّةَ الإِسلَامْ، يَا أُمَّةَ التَّوحِيدْ، يَا مَنْ آمَنتُمْ بِاللهِ رَبّاً، وَبِمُحَمَّدٍ صلى الله عليه وسلم نَبِيّاً وَرَسُولاً، وَبِالقُرآنِ الكَرِيمِ مِنهَاجاً وَدُستُوراً، وَبِالإسلَامِ عَقِيدَةً وَنِظَاماً لِلْحَياَة، أَيُّهَا المُسلِمُون فِي كُلِّ مَكَانْ، فَوقَ كُلِّ أَرضٍ، وَتَحتَ كُلِّ سَمَاءْ، يَا خَيرَ أُمَّةٍ أُخرِجَتْ لِلنَّاسِ، أَيُّهَا الـمُؤمِنُونَ الغَيُورُونَ عَلَى دِينِكُمْ وَأُمَّتِكُمْ. أعَدَّ الشَّيخُ تَقِيُّ الدِّينِ النَّبهَانِيُّ هُوَ وَإِخوَانُهُ العُلَمَاءُ فِي حِزْبِ التَّحرِيرِ دُستُورَ الدَوْلَةِ الإِسْلامِيَّةِ، وَهَا هُوَ يُوَاصِلُ عَرْضَهُ عَلَيكُمْ حَتَّى تدرُسُوهُ وَأنتمْ تَعْمَلُونَ مَعَنَا لإِقَامَتِهَا، وَهَذِهِ هِيَ المَادَّةُ الثَّالِثَةُ وَالثَّلَاثُونَ بَعْدَ الـمِائَةِ. وَإِلَيكُمْ بَيَانَ أَدِلَّةِ هَذِهِ المَادَّةِ مِنْ كِتَابِ مَقَدِّمَةِ الدُّستُورِ:

 

دَلِيلُهَا هُوَ أَنَّ الأَرْضَ بِمَنْزِلَةِ الـمَالِ، تُعتَبَرُ غَنِيمَةً لِلمُسْلِمِينَ إِذَا أُخِذَتْ فَتْحاً بِالحَربِ كَسَائِرِ الغَنَائِمِ. وَهَذِهِ هِيَ الأَرْضُ الخَراجيَّةُ، فَتَكُونُ رَقَبَتُهَا مِلْكًاً لِبَيتِ المَالِ، وَأَمَّا إِذَا أَسْلَمَ أَهْلُهَا عَلَيهَا فَإِنَّهَا تَكُونُ كَأَمْوَالِ المُسلِمِينَ مِلْكاً لَهُمْ، يَمْلِكُونَ رَقَبَتَهَا وَهَذِهِ هِيَ الأَرْضُ العُشْرِيَّةُ.

 

أَمَّا دَلِيلُ كَونِ الأَرْضِ غَنِيمَةً كَسَائِرِ الأَمْوَالِ فَقَدْ حَدَّثَ حَفْصُ بْنُ غِيَاثٍ عَنْ ابْنِ أَبِي ذِئْبٍ عَنِ الزُّهْرِيِّ قَالَ: «قَضَى رَسُولُ اللهِ r فِيمَنْ أَسْلَمَ مِنْ أَهْلِ الْبَحْرَيْنِ أَنَّهُ قَدْ أَحْرَزَ دَمَهُ وَمَالَهُ إِلَّا أَرْضَهُ، فَإِنَّهَا فَيْءٌ لِلْمُسْلِمِينَ، لأَنَّهُمْ لَمْ يُسْلِمُوا وَهُمْ مُمْتَنِعُونَ». (كِتَابُ الخَراجِ لِيَحْيَى بْنِ آدَم).

 

وَأَمَّا كَونُهَا لَمْ تُقَسَّمْ عَلَى المُحَارِبِينَ كَسَائِرِ الغَنَائِمِ، فَلِأَنَّ الخِلَافَ الَّذِي حَصَلَ عَلَى هَذَا الحُكْمِ بَينَ الزُّبَيرِ وَعُمَرَ فِي أَرْضِ مِصْرَ، وَبَينَ بِلَالٍ وَعُمَرَ فِي أَرْضِ العِرَاقِ، كَانَ دَلِيلُ عُمَر فِي الحَالَتَينِ هُوَ الأَقْوَى، وَأَيَّدَهُ عَشَرَةٌ مِنَ الأَنْصَارِ وَالمُهَاجرِينَ:

 

فَالزُّبَيرُ رَأَى فِي أَرْضِ مِصْرَ لَمَّا افتُتِحَتْ أَنْ تَكُونَ كَالأَمْوَالِ المَنقُولَةِ تُقَسَّمُ عَلَى المُحَارِبِينَ، وَكَتَبَ عَمْرُو بْنُ العَاصِ وَالِي مِصْرَ لِعُمَرَ بِذَلِكَ، وَلَكِنَّ عُمَرَ أَبَى وَأَجَابَ عَمْرَو بْنَ العَاصِ «أَقِرَّهَا حَتَى يَغْزُوَ مِنْهَا حَبَلُ الحَبَلَةِ». أَيْ أَنْ تَكُونَ مِلْكاً لِلْمُسْلِمِينَ مَا تَنَاسَلُوا.

 

وَبِلَالٌ رَأَى فِي أَرْضِ العِرَاقِ كَذَلِكَ، أَيْ أَنْ تُقَسَّمَ عَلَى المُحَارِبِينَ، فَكَتَبَ سَعْدٌ بِذَلِكَ لِعُمَرَ، فَأَجَابَهُ عُمَرُ: «وَاترُكِ الأَرضِينَ وَالأَنْهَارَ لِعُمَّالِهَا لِيَكُونَ ذَلِكَ فِي أُعطِيَاتِ المُسْلِمِينَ، فَإِنَّا لَو قَسَمْنَاهَا بَينَ مَنْ حَضَرَ لَمْ يَكُنْ لِمَنْ بَعْدَهُمْ شَيءٌ». (رَوَاهُ أَبُو عُبَيدٍ فِي الأَمْوَالِ، وَأَبُو يُوسُفَ فِي الخَرَاجِ، وَيَحيَى بْنِ آدَمَ فِي الخَرَاجِ عَنْ يَزِيدَ بْنِ أَبِي حَبِيب).

 

وَقَدْ كَانَتْ حُجَّةُ عُمَرَ فِي ذَلِكَ أَنَّ قَولَهُ تَعَالَى: (وَمَا أَفَاءَ اللَّهُ عَلَىٰ رَسُولِهِ مِنْهُمْ فَمَا أَوْجَفْتُمْ عَلَيْهِ مِنْ خَيْلٍ وَلَا رِكَابٍ).  (الحشر 6) الآيَة فَإِنَّ اللهَ قَدْ قَالَ: (فَلِلَّهِ وَلِلرَّسُولِ وَلِذِي الْقُرْبَىٰ وَالْيَتَامَىٰ وَالْمَسَاكِينِ). (الحشر 7)، ثُـمَّ قَالَ: (لِلْفُقَرَاءِ الْمُهَاجِرِينَ). (الحشر 8)، ثُمَّ لَمْ يَرْضَ حَتَّى خَلَطَ بِهِمْ غَيرُهُمْ. فَقَالَ: (وَالَّذِينَ تَبَوَّءُوا الدَّارَ وَالْإِيمَانَ مِن قَبْلِهِمْ يُحِبُّونَ مَنْ هَاجَرَ إِلَيْهِمْ). (الحشر 9). فَهَذِهِ لِلأَنصَارِ خَاصَّةً، ثُمَّ لَمْ يَرْضَ حَتَّى خَلَطَ بِهِمْ غَيرَهُمْ فَقَالَ: (وَالَّذِينَ جَاءُوا مِن بَعْدِهِمْ). (الحشر 10) فَكَانَتْ هَذِهِ عَامَّةً لِمَنْ جَاءَ بَعْدَهُمْ، فَقَدْ صَارَ الفَيءُ بَينَ هَؤُلَاءِ جَمِيعاً.

 

فَهَذَا دَلِيلُ عُمَرَ عَلَى أَنَّ الأَرْضَ الَّتِي لَمْ يُسْلِمْ أَهْلُهَا عَلَيهَا، وَتُفتَحُ تَكُونُ مِلْكاً لِجَمِيعِ المُسْلِمِينَ إِلَى يَومِ القِيَامَةِ. وَالإِمَامُ يَمْلِكُ مَنفَعَتَهَا لِلنَّاسِ. وَقَدِ استَشَارَ المُسْلِمِينَ فَاختَلَفُوا، فَأَرْسَلَ إِلَى عَشَرَةٍ مِنَ الأَنصَارِ، خَمْسَةٍ مِنَ الأَوسِ وَخَمْسَةٍ مِنَ الخَزرَجِ، مِنْ كُبَرَائِهِمْ وَأَشرَافِهِمْ.

 

وَكَانَ مِمَّا قَالَهُ لَهُمْ: «وَقَدْ رَأَيْتُ أَنْ أَحْبِسَ أَرضِينَ بِعُلُوجهَا، وَأَضَعَ فِيهَا الخَراجَ، وَفِي رِقَابِهِمُ الجِزيَة يُؤَدُّونَهَا، فَتَكُونَ فَيئاً لِلْمُسْلِمِينَ المُقَاتِلَةِ وَالذُّرِّيَّةِ مِنْ بَعدِهِمْ. أَرَأَيتُم هَذِه الثُّغُورَ؟ لَا بُدَّ لَهَا مِنْ رِجَالٍ يَلزَمُونَهَا، أَرَأَيتُمْ هَذِهِ المُدُنَ العِظَامَ كَالشَّامِ وَالجَزِيرَةِ وَالكُوفَةِ وَالبَصْرَةِ وَمِصْرَ؟ لَا بُدَّ لَهَا أَنْ تُشْحَنَ بِالجُيُوشِ وَإِدْرَارِ العَطَاءِ لَهُمْ. فَمِنْ أَينَ يُعْطَى هَؤُلَاءِ إِذَا قُسِّمَتِ الأَرْضُونَ وَالعُلُوجُ؟» (رَوَاهُ أَبُو يُوسُفَ فِي كِتَابِ الخرَاجِ)، فَقَالُوا جَمِيعاً: الرَّأْيُ رَأْيُكَ، فَنِعْمَ مَا قُلْتَ، وَمَا رَأَيْتَ. فَاستِشْهَادُ عُمَرَ بِالآيَةِ، وَبِعِلَّةِ إِبْقَاءِ الأَرْضِ بِأَنَّهَا غَلَّةٌ دَائِمَةٌ لِبَيتِ المَالِ، اسْتِشْهَادٌ بِدَلِيلٍ قَوِيٍّ، وَلِذَلِكَ كَانَتِ الأَرْضُ الَّتِي تُفْتَحُ فَتْحاً أَرْضاً خرَاجيَّةً، تَبقَى رَقَبَتُهَا مِلْكاً لِبَيتِ المَالِ، وَيَنتَفِعُ أَهْلُهَا بِهَا.

 Boloogh29 01 2025

 

وَهَذَا هُوَ حُكْمُ الأَرْضِ، سَوَاءٌ أَفُتِحَتْ عَنوَةً كَأَرضِ العِرَاقِ، أَمْ فُتِحَتْ صُلْحاً كَمَدِينَةِ بَيتِ الـمَقْدِسِ، إِلَّا أَنَّهُ فِي حَالَةِ الفَتْحِ صُلْحاً يُنظَر: فَإِنِ اشتَرَطُوا فِي عَقْدِ الصُّلْحِ شَرْطاً مَنصُوصاً عَلَيهِ فِي الأَرْضِ، أَي كَانَ الصُّلْحُ عَلَى خَرْجٍ مَعْلُومٍ، فَيَجبُ أَنْ يُعَامَلُوا عَلَى مَا صُولِحُوا عَلَيهِ، لِقَولِهِ r: «إِنَّكُمْ لَعَلَّكُمْ تُقَاتِلُونَ قَوْماً فَيَتَّقُونَكُمْ بِأَمْوَالِهِمْ دُونَ أَنْفُسِهِمْ وَأَبْنَائِهِمْ وَيُصَالِحُونَكُمْ عَلَى صُلْحٍ فَلاَ تَأْخُذُوا مِنْهُ فَوْقَ ذَلِكَ، فَإِنَّهُ لاَ يَحِلُّ لَكُمْ». (قَالَ أَبُو عُبَيدٍ فِي هَذَا الحَدِيثِ: إِنَّ السُّنَّةَ فِي أَرْضِ الصُّلْحِ أَنْ لَا يُزَادَ عَلَى وَظِيفَتِهَا الَّتِي صُولِحُوا عَلَيهَا، وَإِنْ قَوُوا عَلَى أَكْثَرَ مِنْ ذَلِكَ)، لِقَولِهِ r: «فَلاَ تَأْخُذُوا مِنْهُ فَوْقَ ذَلِكَ، فَإِنَّهُ لاَ يَحِلُّ لَكُمْ». (رَوَاهُ أَبُو عُبَيدٍ فِي الأَمْوَالِ)، وَهُوَ وَإِنْ كَانَ فِي إِسْنَادِهِ مَجْهُولٌ إِلَّا أَنَّ الصَّحَابَةَ رِضْوَانُ اللهِ عَلَيهِمْ قَدِ التَزَمُوا فِي أَرْضِ الصُّلْحِ بِمَا صُولِحُوا عَلَيهِ، كَمَا أَنَّ الحَدِيثَ «وَالْمُسْلِمُونَ عَلَى شُرُوطِهِمْ إِلَّا شَرْطاً حَرَّمَ حَلاَلاً أَوْ أَحَلَّ حَرَاماً». (الَّذِي أخرَجَهُ التِّرمِذِيُّ، وَقَالَ عَنهُ حَسَنٌ صَحِيحٌ، من طريق كَثِيرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرِو بْنِ عَوْفٍ الْمُزَنِيِّ عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ يَنطَبِقُ هُنَا كَذَلِكَ). وَأَمَّا إِنْ لَمْ يَشتَرِطُوا فِيهَا شَيئاً كَمَا حَصَلَ فِي بَيتِ المَقْدِسِ، فَإِنَّهَا تُعَامَلُ مُعَامَلَةَ الأَرْضِ المَفْتُوحَةِ عَنْوَةً، لِأَنَّهَا تَكُونُ فَيئاً لِلمُسْلِمِينَ.

 

وَهَذَا كُلُّهُ فِي غَيرِ جَزِيرَةِ العَرَبِ، أَمَّا جَزِيرَةُ العَرَبِ، فَإِنَّ جَمِيعَ أَرَاضِيهَا أَرَاضٍ عُشْرِيَّة، لِأَنَّ النَّبِيَّ r فَتَحَ مَكَّةَ عَنْوَةً، وَتَرَكَ أَرْضَهَا لِأَهْلِهَا، وَلَمْ يُوَظِّفْ عَلَيهَا الخَرَاجَ؛ وَلِأَنَّ الخَراجَ عَلَى الأَرْضِ بِمَنْزِلَةِ الجِزْيَةِ علَى الرُّؤُوسِ، فَلَا يَثْبُتْ فِي أَرْضِ العَرَبِ، كَمَا لَمْ تَثْبُتِ الجِزْيَةُ فِي رِقَابِهِمْ؛ لِأَنَّ مُشرِكِي العَرَبِ لَا يُقْبَلُ مِنْهُمْ إِلَّا الإِسْلَامُ أَوِ السَّيفُ: (تُقَاتِلُونَهُمْ أَوْ يُسْلِمُونَ). (الفَتْح 16) ؛ وَلِذَلِكَ كَانَتْ أَرْضُهُمْ عُشْرِيَّةً، وَلَيْسَتْ خرَاجيَّةً، كَأَيِّ أَرْضٍ أَسْلَمَ أَهْلُهَا عَلَيهَا.

 

أيها المؤمنون:

 

 

نَكتَفي بِهذا القَدْرِ في هَذِه الحَلْقة، وَلِلحَدِيثِ بَقِيَّةٌ، مَوعِدُنَا مَعَكُمْ في الحَلْقةِ القادِمَةِ إنْ شَاءَ اللهُ تَعَالَى، فَإِلَى ذَلِكَ الحِينِ وَإِلَى أَنْ نَلْقَاكُمْ وَدَائِماً، نَترُكُكُم في عنايةِ اللهِ وحفظِهِ وأمنِهِ، سَائِلِينَ الْمَولَى تَبَارَكَ وَتَعَالَى أَن يُعزَّنا بِالإسلام، وَأنْ يُعزَّ الإسلام بِنَا، وَأن يُكرِمَنا بِنَصرِه، وَأن يُقِرَّ أعيُننَا بِقيَامِ دَولَةِ الخِلافَةِ الرَّاشِدَةِ الثَّانِيَةِ عَلَىْ مِنْهَاْجِ النُّبُوَّةِ في القَريبِ العَاجِلِ، وَأَن يَجعَلَنا مِن جُنُودِهَا وَشُهُودِهَا وَشُهَدَائِها، إنهُ وَليُّ ذلكَ وَالقَادِرُ عَلَيهِ. نَشكُرُكُم، وَالسَّلامُ عَليكُم وَرَحمَةُ اللهِ وَبَركَاتُه.

وسائط

تعليقات الزوَّار

تأكد من ادخال المعلومات في المناطق المشار إليها ب(*) . علامات HTML غير مسموحة

عد إلى الأعلى

البلاد الإسلامية

البلاد العربية

البلاد الغربية

روابط أخرى

من أقسام الموقع