السبت، 28 جمادى الأولى 1446هـ| 2024/11/30م
الساعة الان: (ت.م.م)
Menu
القائمة الرئيسية
القائمة الرئيسية

خبر وتعليق استفتاء اليونان تحقيق انتصار للديمقراطية أم استغفال لضحايا الرأسمالية

بسم الله الرحمن الرحيم

 

\n

الخبر:

\n


أعلن رئيس الوزراء اليوناني ألكسيس تسيبراس أن الاستفتاء الذي رفض الناخبون اليونانيون فيه بأغلبية أصواتهم شروط مقرضي أثينا، أظهر أنه \"لا يجوز ابتزاز الديمقراطية\". وأكد أن الحكومة اليونانية ستعود إلى طاولة المفاوضات مع المؤسسات الدائنة الاثنين 6 تموز/يوليو. هذا وأظهرت النتائج الأولية لاستفتاء اليونان أن 61% من المصوتين رفضوا شروط المقرضين الدوليين لقاء الاستمرار في تقديم مساعدات مالية لأثينا. (روسيا اليوم 2015/7/5).

\n

 

\n

التعليق:

\n


لقد وصل الحزب اليساري الراديكالي \"سيريزا\" لسدة الحكم بوعود بالتصدي لسياسة التقشف التي خرج اليونانيون لرفضها منذ البداية ولم تزد الشعب إلا فقرا وبطالة ولم تسفر الجولات المتتالية من المفاوضات المعقدة مع المقرضين عن تطويع الخط المتبع في إرغام الدول المتعثرة على اتباع برامج إصلاح اقتصادي قائم على التقشف خصوصاً في وقت أصبحت الدول المقرضة نفسها تتبع سياسات التقشف وترغم شعوبها على القبول بها. فالقبول بسياسات التقشف ليس حلا والخروج من المفاوضات ليس حلا أيضاً. وفي كل الأحوال تأزم الوضع وأصبحت الخيارات مصيرية وحرجة.

\n


تناول الإعلام العالمي صور اليونانيين وهم يرقبون اقتصاداً على وشك الانهيار ودولة عريقة على وشك الدمار الاقتصادي ومفاوضات متأزمة مع المقرضين. في خضم هذا المشهد خرج رئيس وزراء اليونان بمناورة لم تكن متوقعة حيث ترك الكرة في ملعب الشعب وعرض أمر القبول بشروط برنامج المساعدات الأخير على الشعب. بدت الخيارات قليلة فتركت الحكومة اليونانية الأمر لتصويت الجمهور (الاستفتاء العام) وزعمت أنها أحيت بذلك احتفالية ديمقراطية أصيلة ومكنت الملايين من ممارسة شكل من أشكال الديمقراطية المباشرة التي تجعلهم يشعرون أن الأمر بيدهم والقرار قرارهم. وما أن أعلنت النتائج الأولية حتى توالت تصريحات القادة الأوروبيين على ضرورة احترام قرار الشعب اليوناني.

\n


وصف وزير المالية اليوناني يانيس فاروفاكيس الاستفتاء بـ \"لحظة الأمل المقدسة\" التي ستعيد الثقة بأن العملة الموحدة والديمقراطية يمكنهما العيش معا\". إن لحظة الأمل المقدسة ليست في معالجة الاقتصاد اليوناني من الداء العضال بل في تأخير السقوط المدوي ونجاح الحكومة في توظيف أداة إرادة الشعب لفرض ضغوط على الترويكا (البنك المركزي اﻷوروبي وصندوق النقد الدولي واللجنة اﻷوروبية) واستئناف المفاوضات بشروط أفضل. وقد وعد فاروفاكيس اليونانيين عشية التصويت بأنه سيتعين على الدائنين الأوروبيين أن يمنحوا أثينا فورا شروطا أفضل تشمل تخفيفا كبيرا للدين وإجراءات أقل تقشفا إذا صوتوا بـ\"لا\"، وكان وزراء في الاتحاد الأوروبي ومسؤولون وصفوا هذا التعهد بأنه وهم كبير. لم يكن القادة اليونانيون موهومين بل أرادوا أن تواصل اليونان كاقتصاد أوروبي صغير ومتعثر يحظى بحماية الاقتصاد الأوروبي الموحد من أجل الحفاظ على وحدة أوروبا وقوة عملتها الموحدة.

\n


لم يكن هذا الاستفتاء الذي شغل العالم استفتاء على المنظومة الاقتصادية الرأسمالية أو سياسة النقد والأموال في البلاد أو حول برنامج معالجة جذرية قائم على أسس ومنهجيات معتبرة.. لم يتجاوز الاستفتاء سؤالاً معيناً وهو: \"هل تقبلون خطة الإنقاذ الجديدة التي تستلزم إجراءات تقشفية صارمة أم لا؟\". عجيب أن يعرض هذا السؤال على شعب يعيش أزمة اقتصادية حقيقية ويعاني من إجراءات تقشفية تعسفية يفرضها المقرضون! هل كان من المتوقع أن يُقبل الناس على التقشف ويحتفلوا بالضيق والضنك وإذلال المقرضين أليس رفض التقشف أمراً طبيعياً ومنسجماً مع غريزة البقاء؟

\n


أعلن تسيبراس أن \"الشعب اليوناني يخضع للإذلال\" فور فشل المفاوضات الأخيرة في بلجيكا ثم عرض الأمر للاستفتاء بـ\"لا\" بل لمح لكونه سيستقيل إذا ما صوتت الأغلبية بـ\"نعم\". لقد عمدت الحكومة على تعزيز الحس الوطني وإظهار الموقف اليوناني كموقف دولة عريقة مستهدفة من أقرانها الرأسماليين الأقوياء الجشعين ولكن لم تعزز روح العمل والإنتاج والتفكير في مخرج حقيقي من المحنة الحالية. رمى الكرة في ملعب الشعب وتنصل من الارتهان لمنظومة رأسمالية مستبدة حصرت الشعب في أكذوبة الاستقرار الاقتصادي المتستر خلف عمليات اقتراض متتابعة لا تنتهي وفوائد على القروض تبدأ صغيرة وإذا بها تتدحرج ككرة الثلج وتتراكم وتتضخم والحكومات المتعاقبة لاهية عن البحث عن مخرج.

\n


نعم لقد طُلب منهم أن يصوتوا بـ \"لا\" تصريحا وتلميحا وعبر بيانات لسياسيين وحملات إعلامية منظمة وموجهة.. حدث الاستفتاء واحتفل الناس بهذا الإرث الديمقراطي وانتصار إرادة الشعب!! أي إرادة للشعوب تفعل حقها السياسي في أجواء من الإيحاء والفوضى وتهديد المصير وتغييب للوعي؟ وأي قيادة سياسية هذه التي تخرج الناس ليقولوا \"لا\" دون بديل أو علاج!! لم تطرح البدائل ولم يكن الهدف هو الرفض بل هي مناورة للعودة للتفاوض. صوت الناس في ظروف استثنائية على سياسة نقدية بالغة التعقيد ولم يفهم السواد الأعظم من تفاصيل المباحثات أو سبب التعنت الأوروبي. إنها مسرحية من سلسلة المسرحيات الهزلية التي تستغل فيها إرادة الشعوب لتحقيق أهداف رأسمالية فاشلة. ولكن رب ضارة نافعة ولعل هذه المناورة المحسوبة ستبث الأمل في شعوب العالم المقهورة وتوقظ فيهم الأمل والرغبة في التغيير الجذري.

\n


إن الاستفتاء الممارس في الدول الديمقراطية ما هو إلا تحايل على إرادة الشعوب وإضفاء للشرعية على مواقف يود الحاكم أن يتنصل منها أو يخرج منها بأقل الخسائر. إن الشعب في هذه اللعبة الديمقراطية ليس أكثر من قطعة على طاولة شطرنج وكلا الطرفين ينظر اللحظة الحاسمة التي سيقول فيها \"كش ملك\".

\n


إن الأزمة الحقيقية في اليونان والعالم الغربي هي عدم رغبته بالاعتراف بفشل معالجات الرأسمالية للأزمات الاقتصادية والسياسية التي يشهدها العالم اليوم. بالإضافة لتغييب الشعوب عن المشاركة الفعلية في تشكيل واقع سياسي وحياتي جديد يقوم على فكر مبدئي.

\n


﴿وَلَوْ أَنَّ أَهْلَ الْقُرَى آمَنُواْ وَاتَّقَواْ لَفَتَحْنَا عَلَيْهِم بَرَكَاتٍ مِّنَ السَّمَاءِ وَالأَرْضِ﴾

\n

 

\n

 

\n


كتبته لإذاعة المكتب الإعلامي المركزي لحزب التحرير
هدى محمد - أم يحيى

آخر تعديل علىالأحد, 06 كانون الأول/ديسمبر 2015

وسائط

تعليقات الزوَّار

تأكد من ادخال المعلومات في المناطق المشار إليها ب(*) . علامات HTML غير مسموحة

عد إلى الأعلى

البلاد الإسلامية

البلاد العربية

البلاد الغربية

روابط أخرى

من أقسام الموقع