- الموافق
- كٌن أول من يعلق!

بسم الله الرحمن الرحيم
سوريا علمانية وطنية سائرة ضمن الركب
الخبر:
نشر حساب سوريا بياناً في منصة إكس على لسان الرئيس أحمد الشرع قال فيه: "بكل التقدير والامتنان أتوجّه بالشكر لأخي سمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان على حفاوة الاستقبال وكرم الضيافة والمشاعر الأخوية الصادقة التي أحاطني بها خلال زيارتي اليوم.
أعبّر عن بالغ تقديري لما لمسته من حرص كبير على تعزيز علاقاتنا وتطويرها في مختلف المجالات. أدعو الله أن يديم على دولة الإمارات، قيادةً وشعباً، نعمة الأمن والأمان والتوفيق، وأن تواصل مسيرتها نحو مزيد من الازدهار والتقدم". (منصة إكس، 14 نيسان 2025)
التعليق:
مع الأسف الشديد، لم يتغير الشيء الكثير في سوريا كدولة وكنظام!
فما تزال الدولة، في جوهرها وأساسها وهدفها، دولة وطنية علمانية خاضعةً للنظام الدولي وجزءاً من النظام الإقليمي.
ظلمات بعضها فوق بعض، سُقيت بدماء مئات الآلاف وتهجير الملايين، وإنا لله وإنا إليه راجعون.
ظلامة مشهد قديم جديد، حيث لم تكد الأمة تشاهد عورة النموذج الأردوغاني كاملة، حتى طلّ علينا النموذج ذاته ولكن بحلّة عربية جديدة! ومعه تشتغل ماكينة التبرير من جديد، بأصواتها النشاز، لتحيك رداءً جديداً من خيوط الضرورة والإكراه المزعومين، لعلها تغطي دولة علمانية بغطاء إسلامي، وإنا لله وإنا إليه راجعون.
تذكّرت، أثناء إعداد مادة التعليق، كلاماً سطّره الشيخ تقي الدين النبهاني رحمه الله في مقدمة كتاب الدولة الإسلامية، رأيت من الضرورة نقله، قال فيه: "ماذا يريدون؟ أيريدون دولة على غير أساس الإسلام؟ أم يريدون دولاً متعددة في بلاد المسلمين؟ لقد أعطاهم الغرب - منذ صار الأمر إليه - دولاً كثيرة، ليتم خطته في إبعاد الإسلام عن الحكم، وفي تقسيم بلاد المسلمين، وفي تخديرهم بالتافه من السلطان، ولا يزال يعطيهم كل حين دولة ليمعن في تضليلهم وليزيد تقسيمهم، وهو على استعداد لأن يعطيهم أكثر ما داموا يحملون مبدأه ومفاهيمه لأنهم تابعون له.
إن الأمر ليس في قيام دول، وإنما هو في قيام دولة واحدة في العالم الإسلامي كله، وإن الأمر ليس في قيام دولة أية دولة، ولا في قيام دولة تسمى إسلامية وتحكم بغير ما أنزل الله، بل ولا قيام دولة تسمى إسلامية وتحكم بالقوانين الإسلامية المجردة دون أن تحمل الإسلام قيادة فكرية. إن الأمر ليس في قيام دولة كذلك، وإنما هو في قيام دولة تستأنف الحياة الإسلامية عن عقيدة وتطبق الإسلام في المجتمع، بعد أن يكون متغلغلاً في النفوس متمكناً من العقول وتحمل الدعوة الإسلامية إلى العالم".
ثم قال: "وليست الدولة الإسلامية رغبة تستأثر بالنفوس عن هوى، بل هي فرض أوجبه الله على المسلمين، وأمرهم أن يقوموا به، وحذرهم عذابه إن هم قصروا في أدائه. وكيف يرضون ربهم والعزة في بلادهم ليست لله ولا لرسوله ولا للمؤمنين؟ وكيف ينجون من عذابه وهم لا يقيمون دولة تجهز الجيوش وتحمي الثغور، وتنفذ حدود الله، وتحكم بما أنزل الله؟!
لذلك كان لزاماً على المسلمين أن يقيموا الدولة الإسلامية، لأنه لا وجود للإسلام وجوداً مؤثراً إلا بالدولة، ولأنّ بلادهم لا تعتبر دار إسلام إلا إذا حكمتها دولة الإسلام.
وليست الدولة الإسلامية - مع هذا - من السهولة بحيث يستوزر المستوزرون - أفراداً كانوا أو حزباً - فيصبحوا وزراء يتربعون في دَسْتِ الحكم. إن طريقها مفروشة بالأشواك، محفوفة بالمخاطر، وبالتفكير السطحي عقبة، وبالحكومات الخاضعة للغرب خطورة.
إن الذين يسلكون طريق الدعوة الإسلامية لإيجاد الدولة الإسلامية، إنما يعملون للوصول إلى الحكم ليجعلوه طريقة لاستئناف الحياة الإسلامية في البلاد الإسلامية، وحمل الدعوة الإسلامية إلى العالم، ولذلك تراهم لا يقبلون الحكم المجزأ مهما تنوعت وسائل الإغراء، ولا يقبلون الحكم الكامل إلا إذا تمكنوا به من تطبيق الإسلام تطبيقاً انقلابياً".
المعذرة إن أطلت في النقل، ولكنني أحببت مشاركة رهافة إحساس أبي إبراهيم رحمه الله وسعة أفقه، وقبل كل شيء صرامته المبدئية، لعل ذات الإحساس والأفق والمبدئية تسري في عروق إخوة لنا نحسبهم من أهل التقوى والإخلاص، فيحرصون على ذوق عامة المسلمين من أن يفسد بتبرير هنا أو تضليل هناك، وأن يأخذوا بأيدي المسلمين إلى تصور تلك الحياة الإسلامية والحضارة الإسلامية والدولة الإسلامية التي يجب أن تكون.
كتبه لإذاعة المكتب الإعلامي المركزي لحزب التحرير
م. أسامة الثويني