- الموافق
- كٌن أول من يعلق!
بسم الله الرحمن الرحيم
ملاوي - نزاع بحيرة نياسا في تنزانيا يكشف عن متلازمة استعمارية
(مترجم)
الخبر:
اندلعت مؤخراً انتقادات واسعة النطاق في ملاوي بشأن الخرائط الجديدة التي نشرتها تنزانيا والتي تُظهر أنّ الحدود بين ملاوي وتنزانيا تقع في منتصف بحيرة ملاوي (نياسا).
التعليق:
نشأت هذه الملحمة في أعقاب توجيه وزارة التعليم والعلوم والتكنولوجيا في تنزانيا في الأسابيع القليلة الماضية لجميع المعلمين باستخدام الخرائط كمادة تعليمية تشير إلى الحدود بين تنزانيا وملاوي الواقعة في منتصف بحيرة ملاوي (نياسا)، بدلاً من الخريطة الأولية التي تُظهر البحيرة بأكملها على أنها تابعة لملاوي كما تدعي ملاوي.
ترك الإرث الاستعماري واقعاً قاسياً له آثار شديدة على الدول الأفريقية وأماكن أخرى ما جعلها تكافح العديد من النزاعات الحدودية وفي بعض الحالات أدّت إلى العنف والحرب التي تسببت في دمار كارثي.
في شرق أفريقيا، هناك العديد من حالات الصراع الحدودية بما في ذلك بين الصومال وإثيوبيا، المستمرة منذ عام 1960، وكينيا وجنوب السودان، المستمرة منذ عام 1963، وكينيا والصومال 1963-1981. ومن بين هذه الدول إثيوبيا والسودان من عام 1966 إلى عام 2002، وتنزانيا وملاوي منذ عام 1967، وأوغندا وتنزانيا من عام 1974 إلى عام 1979 وغيرها.
قبل الغزو الاستعماري الغربي وتقسيم القارة، لم يكن هناك أي صراع خطير بين الدولتين أو أي جزء من البحيرة حول الملكية. وكان السكان المحليون على جانبي البحيرة يتقاسمون موارد البحيرة بسلام، وكان كل جزء يتمتع باستغلاله مثل الصّيد والرّي والاستخدام المنزلي للمياه وما إلى ذلك. ومع وصول المستعمرين بحلول نهاية القرن التاسع عشر الميلادي، استولت بريطانيا على ملاوي بينما استولت ألمانيا على تنزانيا. ووقع المستعمران على معاهدة هيليغولاند-زنجبار عام 1890 والتي تمّ بموجبها تحديد الحدود بين مستعمرة نياسالاند البريطانية آنذاك (ملاوي) وشرق أفريقيا الألمانية (تنزانيا) على طول جانبي تنزانيا من شاطئ البحيرة. ووفقاً للمعاهدة، أصبحت البحيرة بأكملها جزءاً من ملاوي. وهكذا خلق الاستعمار المشكلة في البداية.
وبعد استقلال الدولتين المزعوم في ستينات القرن الماضي، أطال المستعمرون أمد الصراع من خلال اتفاقية الأمم المتحدة لقانون البحار لعام 1982 التي تعترف بمنتصف البحيرة كحدود بين مالاوي وتنزانيا. وقد تحدت مالاوي تلك الاتفاقية، وإعلان القاهرة، ورفضت الاعتراف بإلغاء معاهدة هيليغولاند-زنجبار لعام 1890 بين بريطانيا العظمى وألمانيا الإمبراطورية. وقد أدّى هذا لقرون عدة إلى تأجيج الصراع بين الجانبين. وفشلت جميع المبادرات الأفريقية المحتملة لإنهاء هذا الصراع؛ من الاتفاقيات الثنائية، ومبادرة مجموعة دول جنوب أفريقيا والاتحاد الأفريقي، ما يدلّ على أنّ أفريقيا لا تزال تحت الاستعمار الغربي الذي لا يمكن الأفارقة من التصرف بشؤونهم الخاصة، بل عليهم الاعتماد على المستعمرين الغربيين وانتظار قرارهم.
يبدو أنّ المصدر الرئيسي للخلاف حول نزاع بحيرة مالاوي هو الاستغلال الاستعماري. ففي عام 2012 منحت مالاوي تراخيص التنقيب عن النفط لشركة شورستريم بتروليوم البريطانية، ما دفع تنزانيا إلى الاحتجاج على هذه الخطوة.
وباعتبار بريطانيا هي السيد الاستعماري لكلتا الدولتين، فقد كان من المفترض أن تشير إلى الحدود، ولكن على العكس من ذلك، تركت الأمر معلقاً حتى يتمكن الأفارقة من قتل بعضهم بعضا بينما تستغل بريطانيا مواردهم بسلاسة. وهذا يوضّح بجلاء أن المستعمرين يهتمون فقط بمصالحهم الاستغلالية ولا يهتمون بأي حال من الأحوال بالأفارقة.
إن حلّ النزاعات الحدودية بشكل جذري يتطلب القضاء التام على المبدأ الرأسمالي الغربي الذي أوجد مثل هذه النزاعات لتسهيل أجندتهم الاستغلالية. وهذا ممكن فقط من خلال استبدال الإسلام بالرأسمالية، في ظلّ إقامة دولة الخلافة التي ستكون بمثابة تحرير تاريخي للبلاد الإسلامية والدول النامية الأخرى.
كتبه لإذاعة المكتب الإعلامي المركزي لحزب التحرير
سعيد بيتوموا
عضو المكتب الإعلامي لحزب التحرير في تنزانيا