بيان صحفي

معاناة أهالي قرقنة تمثل جريمة دولة

أطلق أهالي قرقنة نداء استغاثة إثر تلوّث مياه البحر ونفوق الكائنات البحرية التي تعتبر مورد رزق البحارة في تلك الجزيرة، وبالرغم من مرور أكثر من شهر على ذلك إلا أن دولة الاستقلال وسلطتها المحلية لم تحلّ المعضلة التي باتت تهدّد مورد رزق البحارة وتستنزف الثروة البحرية بالجزيرة وتلوّث مياه البحر.

لقد أعلنت وزارة الشؤون المحلية والبيئة أنّ النتائج الأولية للمعاينات حول ظاهرة احمرار مياه البحر بشاطئ سيدي منصور من ولاية صفاقس أثبتت أنّ تغيّر لون المياه ناتج عن نمو استثنائي للطحالب المجهرية، وأن ارتفاع درجات الحرارة نجم عنه تقلص هام في نسبة الأكسجين بالماء مما أدى إلى نفوق الأسماك وانبعاث الروائح الكريهة. أما أهالي الجهة فيحمّلون المسؤولية الرئيسية في هذه الكارثة البيئية وما نجم عنها من نفوق الأسماك إلى الشركات البترولية بقرقنة وإلى المجمع الكيمائي "سياب" بصفاقس وما يفرزه من انبعاثات غازية ومخلفات كيمائية مضرة.

وبصرف النظر عن الأسباب الحقيقية وراء هذه الكارثة البيئية، فإن الحكومات المتعاقبة على حكم تونس منذ عهد الاستقلال المزعوم قد تخلت عن أوكد واجباتها في رعاية شؤون منظوريها لحساب حفظ مصالح الغرب وشركاته الاستعمارية، وجزيرة قرقنة وما حولها مثال صارخ على ذلك، حيث استأثرت الشركات الأجنبية بخيراتها وارتدت ثرواتها وبالاً عليها، فلم تجن منها إلا التضييق في الرزق والإضرار بالبيئة والأمراض المستعصية، وهو ما ينطبق على الجهات الداخلية دون استثناء. فصدق قول الشاعر:

كالعيس في البيداء يقتلها الظمأ *** والماء فوق ظهورها محمول

أيها الأهل في جزيرة قرقنة وما حولها، أيها الأهل في تونس:

لقد رضيت هذه الحكومات بدور السمسار لدى الدوائر الغربية وقابلت استغاثاتكم باللامبالاة والتهميش، وليس لكم والله إلا العمل معنا، لإيجاد حكم راشد كحكم الخليفة عمر بن الخطاب رضي الله عنه، الذي وجد أثناء تفقده لأحوال الرعية امرأة ومن حولها أطفالها الجياع، وهي تشكوه إلى الله، فقال لها، وما ذنب عمر يا أمة الله؟ فقالت: أيلي أمرنا ويغفل عنا؟ فخرج من عندها إلى بيت المال وجهز دقيقا وسمنا وعسلا، ثم قال لابن عوف رضي الله عنه: احمل عليَّ، فقال: عنك أم عليك يا أمير المؤمنين؟! قال: بل احمل عليَّ، قال: عنك أم عليك يا أمير المؤمنين؟! قال: بل احمل عليَّ، ثكلتك أمك، أأنت تحمل عني ذنوبي يوم القيامة؟ ثم أتى المرأة وقد حمل مؤونتها على ظهره، ثم طبخ لها بيديه الكريمتين. فأقسمت له قائلة: والذي بعث محمداً بالحق إنك لأحق بالخلافة من عمر! وهي لا تعرفه، ولم ينم ليلتها حتى اطمأن إلى أن الأولاد الجياع قد شبعوا.

المكتب الإعلامي لحزب التحرير

في ولاية تونس