المكتب الإعــلامي
ولاية السودان
التاريخ الهجري | 18 من رجب 1435هـ | رقم الإصدار: u062d/u062a/u0633/ 25/ 2014 |
التاريخ الميلادي | الأحد, 18 أيار/مايو 2014 م |
رؤية حزب التحرير / ولاية السودان حول الحوار الوطني
الحمد لله الذي أعزنا بالإسلام، وأكرمنا بالقرآن، وجعلنا من أمة خير الأنام، والصلاة والسلام على الهادي الإمام، وعلى آله وصحبه ومن اهتدى بهديه، وسلك طريقه إلى يوم الدين.
الحضور الكريم: السلام عليكم ورحمة الله وبركاته،،،
إن من يريد أن يتخذ موقفاً أو يبدي رؤية حول أي موضوع أو قضية، لا بد أن يكون ذلك مبنياً على قناعاته الفكرية المستندة إلى عقيدته التي يعتنقها في الحياة، وعلى هداها يسير. والأصل في المسلم أنه يؤمن أن لا معبود بحق إلا الله، وأن هذا الخالق أرسل محمداً صلى الله عليه وسلم برسالة تنظم حياة البشرية تنظيماً ينهض بالإنسان من درك الحيوانية، إلى مدارج الكمال الإنساني، ليصبح حراً لا سيد له إلا خالقه، فلا يأخذ من مخلوق مثله تشريعاً ولو في مسألة واحدة.
إلا أننا نعيش في زمان تحكّم الغرب الكافر في كل مفاصله، فصارت عقيدته (فصل الدين عن الحياة) هي بلا وعي من بعض المسلمين عقيدة لهم، وصارت أفكاره وأحكامه وقوانينه هي المنظِّمة لحياة المسلمين في شتى أنحاء الأرض، فحدث بذلك انفصام في شخصية المسلم، فالمسلم يصلي ويصوم ويحج بأحكام الإسلام، ولكنه يحكم ويتحاكم لغير الإسلام، ويقوم اقتصاد الأمة في جميع البلاد الإسلامية على الأساس الرأسمالي الجائر، وتدخل بعض أحكام النظام الاجتماعي المخالفة لأحكام الإسلام، فيأخذ بها وتصبح قوانين يلتزم بها الناس بوعي أو بغير وعي، مما جعل مجتمعات المسلمين بما فيها السودان، مجتمعات مائعة لا طعم لها ولا لون، تختلط أحكام الكفر بأحكام الله؛ شريعة وديمقراطية، حجاب وسفور وتبرج، صلاة وصيام وقيام وبنوك ربوية!!
في هذا البحر المتلاطم من الباطل، ظل حزب التحرير ثابتاً على مبدأ الإسلام، لا يحيد عنه قيد أنملة مهما كانت العقبات، ومهما كانت المغريات، فالحق أحق أن يتبع، ﴿فَمَاذَا بَعْدَ الْحَقِّ إِلا الضَّلالُ فَأَنَّى تُصْرَفُونَ﴾ يعمل في الأمة ومعها لتجعل الإسلام قضيتها المصيرية، فتستأنف حياة إسلامية بإقامة الخلافة، ثم حمل الإسلام قيادة فكرية إلى العالم، حتى يخرج البشرية من ظلم الإنسان لأخيه الإنسان، إلى عدل الملك المنان، ومن جور الرأسمالية والاشتراكية وغيرها من موضوعات الإنسان إلى رحاب أحكام الإسلام فتسعد البشرية جمعاء.
وعلى أساس مبدأ الإسلام العظيم ينظر حزب التحرير إلى كل القضايا والمواضيع، وبناء على ما يمليه المبدأ وتقضيه العقيدة الإسلامية يكون رأيه ورؤيته، وعلى هذا كانت رؤية حزب التحرير حول الحوار الوطني في السودان والتي نلخصها في الآتي:
أولاً: إن الحوار الجاري بين الحكومة والمعارضة لا يقوم على أساس الإسلام، رغم أن الجميع مسلمون، وإنما يقوم على الأساس الغربي في الحوار. ففي الإسلام يجب أن يفضي الحوار إلى الحكم الشرعي فيلتزم به الجميع، ﴿فَلا وَرَبِّكَ لا يُؤْمِنُونَ حَتَّى يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لا يَجِدُوا فِي أَنْفُسِهِمْ حَرَجًا مِمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُوا تَسْلِيمًا﴾، أما الحوار على الأساس الغربي، فهو يؤدي إلى حلول ترضية يتوافق عليها الجميع وهي غير مأخوذة من أحكام الإسلام.
ثانيا: إن الذي يرعى هذا الحوار ويدفع إليه هو أمريكا، فخارطة الطريق الأمريكية لبرنامج الإصلاح في السودان الذي أعده مركز كارتر في 2013/8/13م، جاء فيها ما يلي: (يحتاج السودان بصورة ملحة للشروع في إجراء حوار وطني، وعملية إصلاح يديرها الشعب السوداني بنفسه ويدعمها المجتمع الدولي)، وذكر فيها كذلك (ينبغي أن تكون العملية واسعة لأقصى حد، وأن تشمل عناصر النظام الحالي، والإسلاميين، وجماعات المعارضة المسلحة وغير المسلحة). وهو ما تبنته الحكومة وأطلقته عبر ما يسمى بالوثبة في 2014/01/27م.
ثالثاً: هذا الحوار يراد له أن يفضي إلى دستور توافقي يحقق:
1- نظاماً علمانيّاً يبقي الإسلام بعيدا عن الحياة السياسية ويعلي صوت العلمانيين المستترين والظاهرين.
2- تفتيت السودان بتضمين الدستور التوافقي اتفاقية الدوحة التي نصّت على فكرة الحكم الذاتي بالإضافة للنظام الفدرالي الذي يراد تطبيقه على وجهه الذي جاء به الغرب.
والأصل أن يبعد كل ما ليس له صلة بالإسلام، لا أن يتم إبعاد الإسلام، فالحكم بما أنزل الله فرض على الأمة، يقول الله عز وجل: ﴿وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ فَأُولَئِكَ هُمُ الْكَافِرُونَ﴾.
أما وحدة البلاد تحت سلطان الإسلام فهي فرض على الأمة ولا يجوز أن يسمح بتمزيق البلاد تحت أي مسمى، يقول الرسول صلى الله عليه وسلم: «مَنْ أَتَاكُمْ وَأَمْرُكُمْ جَمِيعٌ عَلَى رَجُلٍ وَاحِدٍ يُرِيدُ أَنْ يَشُقَّ عَصَاكُمْ أَوْ يُفَرِّقَ جَمَاعَتَكُمْ فَاقْتُلُوهُ». رَوَاهُ مُسْلِمٌ فِي الصَّحِيحِ عَنْ عُثْمَانَ بْنِ أَبِى شَيْبَةَ.
رابعاً: إن المتحاورين ينظرون إلى الحكم والسلطان باعتباره مغنماً و(كيكة) يتصارعون حولها. والحكم والسلطان في الإسلام رعاية شؤون وإحسان تطبيق الإسلام على الرعية وأمانة يسأل عنها الحاكم يوم القيامة، يقول النبي صلى الله عليه وسلم: «وَإِنَّهَا أَمَانَةُ وَإِنَّهَا يَوْمَ الْقِيَامَةِ خِزْيٌ وَنَدَامَةٌ إِلا مَنْ أَخَذَهَا بِحَقِّهَا وَأَدَّى الَّذِي عَلَيْهِ فِيهَا».
خامساً: إن أجندة الحوار التي طرحها رئيس الجمهورية في خطابه الذي سماه (الوثبة)؛ وهي الحرية السياسية والفقر والهوية السودانية والحريات لا مكان لها في ظل حكم الإسلام؛ حيث إن كل هذه القضايا وغيرها، قد عالجها الإسلام بأحكام شرعية ملزمة للأمة.
فالحكم والسياسة في الإسلام أحكام شرعية، فالسيادة للشرع والسلطان للأمة تبايع رجلاً حائزاً على شروط الخلافة ليحكمها بكتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم، ويسوسها بأحكام الإسلام، وعلى الأمة مراقبته ومحاسبته إن جار أو أساء تطبيق الإسلام، وطاعته في المعروف إن هو أحسن. وقد فصّل حزب التحرير في ذلك تفصيلاً يجعل الجميع يطمئن على أحكام الدولة، وذلك في كتبه ونشراته، كما وضع مشروعاً لدستور الدولة الإسلامية، مستنبطاً من كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم، وما أرشدا إليه من إجماع الصحابة والقياس الشرعي باجتهاد صحيح بناء على قوة الدليل.
أما الفقر فإن النظام الاقتصادي في الإسلام كفيل بمعالجته إن وضعت أحكام الإسلام المتعلقة به موضع التطبيق والتنفيذ، فالثروات الموجودة في السودان إن وزعت توزيعاً عادلاً بأحكام الإسلام، وتم استغلالها الاستغلال الأمثل لمصلحة الناس تجعل من أهل السودان جميعاً أغنياء، يمدون أيديهم بالخير لإخوانهم المسلمين في البلاد الفقيرة.
أما موضوع الهوية، فإننا مسلمون، وهويتنا الإسلام، لأن القبيلة والجغرافيا لا علاقة لهما بمعالجة المشاكل وحل الأزمات، فالإنسان في كل مكان هو إنسان له حاجات عضوية وغرائز تحتاج إلى إشباع، وهذا يحتاج إلى مبدأ يعالج، والإسلام هو المبدأ الصحيح الذي يعالج هذه الغرائز والحاجات دون فوضوية أو كبت لأنها من عند الخالق: ﴿أَلا يَعْلَمُ مَنْ خَلَقَ وَهُوَ اللَّطِيفُ الْخَبِيرُ﴾.
وأما الحريات بالمفهوم الغربي فلا مكان لها في دولة الإسلام والمجتمع الإسلامي، فالجميع عبيد لله، خاضعون لأمره، والغرب احتاج هذه الحريات عندما جعل بعض الناس من أنفسهم آلهة يشرعون لغيرهم، بل في الإسلام الجميع مقيد بأوامر الله ونواهيه. ولم تجد هذه الحريات مكانها في بلاد المسلمين إلا في ظل حكام الجور الطغاة المتجبرين، الذين ساموا الأمة سوء العذاب، وأوردوها موارد الهلكة، ولكن عندما يطبق الإسلام بأحكامه العادلة سيحس عندها الناس بسخافة هذه الحريات ووضاعتها.
وفي الختام، وعبر هذا المنبر، نوجه خطابنا لجميع القوى السياسية، وللمخلصين من أبناء هذا البلد، أن عودوا إلى بارئكم، واجعلوا العقيدة الإسلامية وحدها الأساس الذي تنطلقون منه للوصول إلى الحق، وإخراج هذا البلد من أزماته. وذلك لا يكون إلا بخلافة راشدة على منهاج النبوة، تحكم فينا بالعدل والقسطاس، وتعيد فينا سيرة الخلفاء الراشدين؛ أبي بكر وعمر وعثمان وعلي رضي الله عنهم أجمعين.
والسلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته،،،
إبراهيم عثمان (أبو خليل)
الناطق الرسمي لحزب التحرير في ولاية السودان
المكتب الإعلامي لحزب التحرير ولاية السودان |
عنوان المراسلة و عنوان الزيارة الخرطوم شرق- عمارة الوقف الطابق الأرضي -شارع 21 اكتوبر- غرب شارع المك نمر تلفون: 0912240143- 0912377707 www.domainnomeaning.com |
E-Mail: spokman_sd@dbzmail.com |