الإثنين، 23 جمادى الأولى 1446هـ| 2024/11/25م
الساعة الان: (ت.م.م)
Menu
القائمة الرئيسية
القائمة الرئيسية

المكتب الإعــلامي
هولندا

التاريخ الهجري    19 من ربيع الاول 1436هـ رقم الإصدار: 1436/03
التاريخ الميلادي     السبت, 10 كانون الثاني/يناير 2015 م

بيان صحفي شارلي إيبدو: خديعة حرية التعبير

 

بعد ظهر يوم الأربعاء الماضي عادت بنا الذاكرة إلى سنة 2011، وذلك عندما قامت القنوات الإعلامية في النرويج بتوجيه أصابع الاتهام إلى المسلمين على إثر حادث إطلاق نار في مدينة أوتويا، دون تحقيق ودون وجود أي أدلة تدينهم، كما تبين ذلك لاحقا، أما اليوم فهناك هجوم في فرنسا على المقر الرئيسي لصحيفة شارلي إيبدو الأسبوعية والذي أدى إلى مقتل 12 شخصا.


وما بين 2011 و2015 يكاد المرء يرى أن لا تغير يذكر بالنسبة للتغطية الإعلامية؛ ففي هذه المرة أيضا، أي بخصوص الاعتداء على شارلي إيبدو في فرنسا، وبدون تحقيق وبدون أدلة، تم توجيه أصابع الاتهام مرة أخرى للمسلمين على أنهم هم وراء هذا الاعتداء، بل إن هذا الاتهام قد تم قبل أن تصدر تسجيلات تظهر الجناة وهم يصرخون بشعارات باللغة العربية، ونتيجة لذلك فقد تم استغلال مثل هذه الحادثة للنيل من الإسلام، وبالنسبة للكثيرين فقد كان هذا الحادث عبارة عن خير كبير لما فيه من تأكيد لما يخفونه في صدورهم، وذلك من أجل استغلال مثل هذه الاعتداءات واستعمالها في شحن السياسة المتواصلة المعادية للإسلام.


وبسرعة خاطفة فقد تم الإعلان عن أسماء الجناة وتم عرض صورهم، بعد أن تبين أن أحد الجناة وبمحض الصدفة قد نسي هويته الشخصية في السيارة التي كانوا يستقلونها، ومن خلال هوية أحد الجناة استطاعت قوى الأمن تحديد هويات المشتبه بهم جميعا!! إلا أنه بعد ذلك تبين أن أحد المشتبه بهم لم يتجاوز عمره الثمانية عشرة سنة، بل وكان في المدرسة وقت وقوع الحادث المذكور!! وسواء اقتنعنا بمثل هذه الروايات أم لا، وسواء أكان لدى المشتبه بهم دوافع إسلامية أم لا، فإنه لا يمكن التحقق من هذا، لأن جميع المشتبه بهم قد قتلتهم وحدة مكافحة الإرهاب الفرنسية.


إن أعمال العنف التي وقعت ستكون لها آثارٌ سلبية على غير المسلمين وعلى الجالية المسلمة في أوروبا على حد سواء، هذه هي الحقيقة التي يتوجب علينا أن نتعامل معها، والسؤال الذي ينبغي أن يثار ليس فيما إذا كان الجناة مسلمين أم لا، أو أن لهم دوافع إسلامية، ولكن السؤال هو لماذا يعتبر دين الفاعلين مهمّاً سواء أكانوا مسلمين أم غير مسلمين؟


دون التقليل من شأن الاعتداء على شارلي إيبدو، دعونا ننظر إلى الاعتداء الذي حصل في النرويج وردة فعل الإعلام والسياسيين والإجراءات التي اتخذت من أجل منع مثل هذه الأحداث ومكافحتها، هذا الاعتداء وقع في سنة 2011، وقد استهدف مقرا حكوميا في النرويج، قام به النرويجي آندريس بيهرينج برايفيك، وأدى إلى مقتل 8 أشخاص، وبعد ذلك أطلق الرصاص على 69 شابا بريئا في مخيم صيفي.


إن أي عاقل لا يستطيع أن ينكر أن حادثة إطلاق النار في النرويج لهي أسوأ بكثير وأكثر تطرفا من الاعتداء الذي حصل في فرنسا، فأعداد القتلى في حادثة النرويج تكاد تكون سبعة أضعاف عدد القتلى في حادثة باريس، ومعظم القتلى كانوا من صغار السن الأبرياء، بينما شارلي إيبدو فكان معروفا بأعماله الاستفزازية والسعي المتعمد للمواجهة. وهناك أمر آخر مهم هو أن الغرب يعرف جيدا نتائج العنصرية تجاه من يختلفون معه فكريا وعقائديا. وتاريخه الدموي مع مخالفيه في الفكر خير شاهد على ذلك.


والسؤال الآن هو: لماذا لا يعتبر الغربيون الاعتداء على أطفال أبرياء على يد شخص يؤمن بمبدأ الكراهية والعنصرية، مع أنه يشكل تهديدا للحياة في أوروبا، لا يعتبرونه تهديداً حقيقياً للمجتمع ولم تتخذ إزاء ذلك أية إجراءات إضافية؟! بينما يرتفع صراخ الغربيين وعويلهم إذا كان الفاعل مسلما؟ هل يعتقدون أن المبدأ الذي تحمله أقلية ما يشكل خطرا على المجتمع أكبر مما يشكله وحوش الحرب العالمية الثانية؟ ما الذي يخيف الغربيين من المسلمين في أوروبا؟ أو ربما ليست الأقلية المسلمة في فرنسا هي التي تسبب القلق للكثير من الغربيين، بل الأغلبية الساحقة في البلاد الإسلامية والتي خضعت للاستعمار الفرنسي لعقود طويلة وما زالت حتى هذه اللحظة تذوق الأمرّين من هذا الاستعمار البغيض؟ أو ربما هم خائفون لأنهم قدموا يد العون للطواغيت في بلاد المسلمين ومكّنوهم من رقاب المسلمين وقهرهم كما في الجزائر وليبيا وغيرها؟ أو ربما هم خائفون لأنهم هم من سرق ثروة المسلمين لسنين طويلة كما في مالي ووسط إفريقيا؟ أو ربما مشاركتهم عسكريا في التحالف الغربي في بلاد المسلمين هي التي تخيفهم؟ فهل فرنسا خائفة من الجرائم التي ارتكبتها وتخشى أن عواقبها سترتد عليها؟


أعتقد أن البحث عن الأسباب الحقيقية وراء ما يجري يجب أن يكون في هذا الاتجاه، لأن خطاب السياسيين وصناع الرأي والإعلام الفارغ والذي يعتبر أن ما جرى ليس اعتداء على رسام كاريكاتيري فحسب، وإنما هو اعتداء على القيم المهمة التي يعمل الغرب ومواطنوه على الحفاظ عليها، وخاصة حرية التعبير، مع أن هذه الحرية لا قيمة لها ولا معنى لأسباب ثلاثة:


إن المؤيدين لحرية التعبير يعتبرونها حقا لمقاومة الظلم والجرائم التي تقع في المجتمع وفي السياسة، وللنقد من خلال النقاش بهدف فهم الناس بشكل أفضل وإقامة علاقات بين الناس من أجل الارتقاء بالمجتمع، إلا أنه في حالة الرسوم المسيئة فإنه لا يوجد هناك نقاشٌ أو مناظرة تقدم من أجل المساهمة في التعايش بين أطياف المجتمع، بل إنها تعمل على تعميق الهوة والكراهية بين أطياف المجتمع، ونتيجة لذلك فإنها لا تحقق أيا من أهداف ما يسمى بحرية التعبير.


حرية التعبير تستعمل بانتقائية، فالنساء المسلمات لا يستطعن ارتداء الجلباب في الحياة العامة، وحقهن في التعليم قد سلب، أما غطاء الوجه فهو ممنوع قانونا ويعاقب عليه القانون بدفع غرامة مالية. وحتى عندما كانت أغلب البلاد في العالم الإسلامي تحتج وتطالب شارلي إيبدو بإزالة الرسوم المسيئة، لم يتنازلوا عن شيء من هذا، إلا أنه عندما قام موريس سينت وهو أحد رسامي الكاريكاتير في فرنسا بنشر بعض الأخبار عن أخت زوجة ساركوزي اليهودية، فقد تم طرده من العمل بعد أن رفض تقديم اعتذار.


من التناقض أن حرية التعبير والتي تعتبر حقا دستوريا، إلا أنه يتم فرضها ضد المعارضة التي تفكر خارج نطاق المبدأ الديمقراطي الليبرالي لإسكاتها من خلال سياسات قمعية ووقائية. وإذا دعت الحاجة فإنه يتم إسكاتها بالقوة.


وهذا يرينا أن مؤيدي حرية التعبير ليسوا على قناعة بهذه الفكرة وأنها تستعمل فقط لخدمة مصالح الغرب وأجندته لإسكات المسلمين.


وأخيرا، فإننا نحن المسلمين أمة النبي محمد صلى الله عليه وسلم، نؤمن به ونحبه، ونتبعه وسندافع عن شرفه ما حيينا، وأما ما يسمى بحرية التعبير فإنها عاجزة عن أن تقنعنا بخلاف ذلك ولو للحظة.

 

 

أوكاي بالا
الممثل الإعلامي لحزب التحرير في هولندا

 

 

المكتب الإعلامي لحزب التحرير
هولندا
عنوان المراسلة و عنوان الزيارة
تلفون: 0031 (0) 611860521
www.hizb-ut-tahrir.nl
E-Mail: okay.pala@hizb-ut-tahrir.nl

تعليقات الزوَّار

تأكد من ادخال المعلومات في المناطق المشار إليها ب(*) . علامات HTML غير مسموحة

البلاد الإسلامية

البلاد العربية

البلاد الغربية

روابط أخرى

من أقسام الموقع