الإثنين، 23 جمادى الأولى 1446هـ| 2024/11/25م
الساعة الان: (ت.م.م)
Menu
القائمة الرئيسية
القائمة الرئيسية

بسم الله الرحمن الرحيم

 

 

 (المنهاج الوطني الموحد) يسمم عقول أطفالنا بوجهة النظرة الغربية العلمانية

ويضللنا ببعض المحتوى الإسلامي

 

أبدى حكام باكستان ابتهاجا كبيرا في أحد اعتبارات المنهج الوطني الموحد 2020 لتضمينه بعض تعاليم القرآن والسنة، وفي واقع هذا المشروع هو منهاج استعماري خطير للنيل من الإسلام. حيث ينال (المنهاج الوطني الموحد) من فهم الإسلام باعتباره أسلوب حياة كاملاً، مصدره القرآن والسنة، ويعتمد المنهاج في عموده الفقري بالكامل على "التوافق مع أهداف وغايات مشروع (أهداف التنمية المستدامة SDG-4)، كما هو مذكور في وثائق وزارة التعليم الفيدرالي والتدريب المهني الباكستانية. ويتمثل مشروع (أهداف التنمية المستدامة SDG-4) في تعليم أبنائنا وفقاً لرؤية إدارة الشؤون الاقتصادية والاجتماعية للتنمية المستدامة التابعة للأمم المتحدة. والهدف الأكثر خطورة هو تركيز المشروع على جانب التعلم الاجتماعي والعاطفي والذي يعمد إلى تشكيل التصرف النفسي عند أطفالنا، وتكوين نظرتهم عن الدين والمجتمع والحكومة والسياسة والشؤون العالمية، وفقاً للقيم الغربية.

 

وتهدف الخطة الاستعمارية إلى جعل الإسلام يقتصر على الشؤون الشخصية عند أبناء المسلمين، كما النصرانية في المجتمعات الغربية، ودون أي تأثير على الحياة العملية في المجتمع والدولة والدستور. وتأتي الخطة الاستعمارية في التعليم في وقت يدور فيه نقاش واسع حول الحكم بالإسلام وقيام الدولة الإسلامية والخلافة ووحدة الأمة. ويأتي هذا في وقت ترفض فيه الأمة النظام الاستعماري الدولي الذي أدى إلى احتلال أراضيها واعتدى على دينها ونهب ثرواتها. وإدراكاً منهم بحتمية النهضة الإسلامية، يبذل المستعمرون جهداً كبيرا حتى تتخلى الأمة الإسلامية عن معارضة الاستعمار، وينفق بسخاء على هذه القضية الشريرة. وعلى حد تعبير ورقة التعلم الاجتماعي والعاطفي في المواد التعليمية، يذكر المستعمرون أن "المانحين مستعدون للإنفاق على الأنشطة التي تقلل من الصراع في المستقبل".

 

إنّ السعي الأعمى إلى تحقيق أهداف (التعلم الاجتماعي والعاطفي) يقوض المفاهيم الإسلامية حول الحياة الاجتماعية للأمة، ويروج (المنهاج الوطني الموحد) للمفاهيم السياسية الغربية للأمة على أساس الأرض والعرق، بدلاً من المفهوم الشرعي للأمة الواحدة. ففي منهجها الخاص بـ"الدراسات الاجتماعية للصف الرابع والخامس"، ورد أن "المنهج يهدف إلى تعزيز حب الوطن". وينص أيضاً على أنه يجب أن يكون الطلاب قادرين على "شرح أسباب الفخر بكونهم باكستانيين ووطنيين".

 

إن القومية والوطنية والطائفية التي تقسم الأمة مرفوضة في الإسلام، وليست رباطاً صحيحاً بين أبنائه بل الرباط الحق هو رباط الإسلام الذي يوجد الأخوة في الإسلام. قال الله سبحانه وتعالى: ﴿وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّهِ جَمِيعاً وَلاَ تَفَرَّقُوا وَاذْكُرُوا نِعْمَةَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ كُنْتُمْ أَعْدَاءً فَأَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِكُمْ فَأَصْبَحْتُمْ بِنِعْمَتِهِ إِخْوَاناً وَكُنْتُمْ عَلَى شَفَا حُفْرَةٍ مِنْ النَّارِ فَأَنْقَذَكُمْ مِنْهَا﴾ كما أنه يحرم الدعوة إلى الترابط على أي أساس آخر غير الإسلام، قال رسول الله ﷺ: «مَنْ قُتِلَ تَحْتَ رَايَةٍ عُمِّيَّةٍ يَدْعُو عَصَبِيَّةً أَوْ يَنْصُرُ عَصَبِيَّةً فَقِتْلَةٌ جَاهِلِيَّةٌ» رواه مسلم.

 

وعلاوة على ذلك، يروج (المنهاج الوطني الموحد) لنظام الحكم الغربي، الديمقراطية، الذي يضع القوانين على أساس أهواء الإنسان، على عكس نظام الحكم في الإسلام، الخلافة، التي تحكم بما أنزل الله. وفي منهج الدراسات الاجتماعية للصف الرابع والخامس ورد أنه "يجب على الطلاب تغطية تعريفات الدولة والحكومة؛ الديمقراطية". حيث يصر منهج الدراسات الاجتماعية على أنه يجب على الطلاب "وصف مفهوم الديمقراطية باعتباره النظام الأكثر شعبية في الحكومة ووصف سبب كونه الشكل المفضّل".

 

ومع ذلك، وبعيداً عن أن الديمقراطية الشكل المفضل للحكم، فإن الإسلام يرفض الديمقراطية بشكل مطلق، فالديمقراطية طاغوت، فهي سلطة لا تحكم بما أنزل الله وعلى سنة نبينا محمد ﷺ. إن الله سبحانه وتعالى لم ينه المسلمين عن الحكم بالطاغوت فحسب، بل أمر المسلمين بالكفر به أيضا، قال تعالى: ﴿أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ يَزْعُمُونَ أَنَّهُمْ آمَنُوا بِمَا أُنزِلَ إِلَيْكَ وَمَا أُنزِلَ مِن قَبْلِكَ يُرِيدُونَ أَن يَتَحَاكَمُوا إِلَى الطَّاغُوتِ وَقَدْ أُمِرُوا أَن يَكْفُرُوا بِهِ وَيُرِيدُ الشَّيْطَانُ أَن يُضِلَّهُمْ ضَلَالاً بَعِيداً﴾ وفي الديمقراطية، يتم وضع القوانين وفقاً لأهواء ورغبات الرجال والنساء المجتمعين في البرلمان، على الرغم من أن الله قال: ﴿وَأَنِ ٱحْكُم بَيْنَهُمْ بِمَآ أَنزَلَ ٱللَّهُ وَلاَ تَتَّبِعْ أهواءهم وَٱحْذرْهُمْ أَن يَفْتِنُوكَ عَن بَعْضِ مَآ أَنزَلَ ٱللَّهُ إِلَيْكَ﴾ وبالتالي، فإنه لا يمكن تطبيق أي قانون في دولة الخلافة إلا إذا كان مستنبطا من القرآن والسنة.

 

يزرع (المنهاج الوطني الموحد) الاحترام للباطل بدلاً من رفض الباطل، ولا يقتصر منهاج اللغة الإنجليزية للصف الرابع على تعليم اللغة الإنجليزية فقط، بل يمتد إلى خلط الحقيقة مع الباطل. حيث يحتوي منهج اللغة الإنجليزية على خمس غايات، وأخطرها الكفاءة الخامسة، حيث يفرض المنهج على الطلاب "تطوير سمات مثل التسامح والاحترام والمساواة". كما يصر منهج اللغة الإنجليزية على أن المواد التعليمية يجب أن تظهر "الحياد الثقافي، ويجب ألا تحتوي على أي مواد متحيزة" وهكذا يسعى منهج اللغة الإنجليزية إلى إثبات أن جميع الأديان والثقافات متساوية، وتستحق التقدير نفسه في نظر الطالب، بحيث يمكن للطالب التخلي عن ممارسة أحكام الإسلام، واعتماد أنماط حياة غير إسلامية دون الشعور بأي ذنب للقيام بذلك.

 

لقد أنزل الله سبحانه وتعالى ديناً كاملاً يؤسس عند المسلمين انحيازاً واضحاً للحق، فينظرون إلى كل الأمور من وجهة نظر الإسلام وحده، قال الله تعالى: ﴿وَلَا تَلْبِسُوا الْحَقَّ بِالْبَاطِلِ وَتَكْتُمُوا الْحَقَّ وَأَنتُمْ تَعْلَمُونَ﴾. ولا يرى الإسلام أن المؤمن مساو للكافر، قال الله سبحانه وتعالى: ﴿لَا يَسْتَوِي أَصْحَابُ النَّارِ وَأَصْحَابُ الْجَنَّةِ أَصْحَابُ الْجَنَّةِ هُمُ الْفَائِزُونَ﴾. ويستنكر الإسلام الباطل ويأمر بالمعروف، قال الله سبحانه وتعالى: ﴿بَلْ نَقْذِفُ بِالْحَقِّ عَلَى الْبَاطِلِ فَيَدْمَغُهُ فَإِذَا هُوَ زَاهِقٌ﴾. وهكذا، فإن الإسلام يؤسس إلى مقياس للحياة الفردية والجماعية في الأمة الإسلامية، وينكر جميع الأديان المحرفة وأنماط الحياة الأخرى.

 

وبصرف النظر عن الحذر والوقاية من الكفر وتقويضه، يسعى المنهج الوطني الموحد إلى تقويض الإسلام كمقياس للأعمال الحلال والحرام والأخلاق. أما فيما يتعلق بمنهج "المعارف العامة للصف الأول والثالث 2020" فهو يقوّض المفهوم الشرعي للحلال والحرام والمفهوم الفريد للأخلاق في الإسلام، من خلال الادعاء بأن الأخلاق مشتركة بين جميع الأديان. إن مفهوم القيم الأخلاقية هو مفهوم غربي، حيث يتم تحديد القيم بناء على المنطق البشري، فيم يتعلق بما هو صواب وما هو خطأ والمنفعة والمضرة المتصورة في الأذهان البشرية. ويؤدي المفهوم الغربي للأخلاق إلى التناقض والنفاق في السعي وراء الأخلاق، لأنه يربطها بالمصالح الشخصية بدلاً من السعي وراء رضا الله سبحانه وتعالى.

 

بينما الإسلام يعتبر الأخلاق أوامر ونواهي من الله سبحانه وتعالى، يتقرب بها إلى الله سبحانه وتعالى، سواء في العبادات أو في المعاملات، قال الله تعالى: ﴿إنَّ الصَّلَاةَ تَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنكَرِ﴾ وفرض الإسلام الصدق في التجارة، والصدق في الشهادة، والطاعة والاحترام في التعامل مع الوالدين، والرحمة في التعامل مع الأبناء، وحسن التحية، والكرم في مساعدة المحتاجين، والشجاعة عند مواجهة العدو في ساحة المعركة. وبما أن الأخلاق مرتبطة بالأحكام الشرعية، فإنها صفة ثابتة للمسلم ولا تدور حول المصلحة.

 

وكما لو أن كل هذا لم يكن كافياً، فإن المنهج الوطني الموحد يسعى إلى تغيير الطريقة التي يشعر بها أطفالنا بالضيق خارج الإسلام. حيث يقوض المنهج الوطني الموحد الميول الإسلامية، وما يجب أن يحب الطفل ويكره، والذي غرس في نفوس المسلمين على مدار قرون من ظل الحكم بالإسلام في شبه القارة الهندية. بينما تجد في منهج "رعاية الطفولة المبكرة والتعليم (ECCE) للصف الأول 2020"، تجد تدميرا للميول الصافية عند الصغار. لذلك، فإنه بينما يبني الإسلام حباً قوياً لطاعة الله سبحانه وتعالى وكراهية عصيانه سبحانه وتعالى، من أجل إيجاد الميول اللازمة لتحقيق عبادة الله سبحانه وتعالى، فإن منهج تربية الطفل المبكرة يصر على أنه يجب على الطالب أن "يحترم مشاعر وآراء الآخرين بغض النظر عن دينهم".

 

ويقوم المنهج بذلك رغم أن الإسلام لا يحترم الآراء والمشاعر التي تدعو إلى الإثم والكفر والعصيان. بل إن الإسلام يبني المحبة لمن أطاع الله والكراهية لمن يعصيه، قال رسول الله ﷺ: «إِنَّ اَللَّهَ يُبْغِضُ اَلْفَاحِشَ اَلْبَذِيءَ» الترمذي. وقد فرض الإسلام أن تكون ميول المسلم وما يحب وما يبغض، فرض أن تكون بما أنزل الله تعالى. قال رسول الله ﷺ: «لَا يُؤْمِنُ أَحَدُكُمْ حَتَّى يَكُونَ هَوَاهُ تَبَعاً لِمَا جِئْتُ بِهِ» النووي.

 

أيها المسلمون في باكستان وطلابهم ومعلموهم وأولياء أمورهم والمربون على وجه الخصوص!

 

إنّ الالتزام بهدف (الأمم المتحدة للتنمية المستدامة) من خلال تطبيق المنهج الوطني الموحد هو هجوم استعماري على أجيال المستقبل. وهو يدعو إلى فصل الدين عن شؤون الحياة، بينما يجب أن يكون الإسلام الأساس الصحيح والوحيد لكل شئون الفرد والمجتمع. ويضع المنهج الوطني الموحد الإسلام على درجة المساواة مع جميع الأديان، في حين يؤكد الله سبحانه وتعالى أن الدين الحق هو الإسلام. ويدعو المنهج إلى تقسيم الأمة الإسلامية على أسس العرق والأرض واللغة، بينما قوة الأمة الإسلامية في وحدتها بالإسلام، ويدعو المنهج إلى الحكم بقوانين الديمقراطية الوضعية، رغم أن نظام الحكم في الإسلام هو الخلافة.

 

إن المنهج الوطني الموحد يذكر المتابعين بما حدث في الحقبة الاستعمارية، التي فرضت قانون التعليم الإنجليزي لعام 1835، عندما أصدر المستعمر (توماس بابينجتون ماكولاي) مذكرته الشهيرة حول التعليم، والتي قال فيها إن هناك حاجة لتخريج "فئة من الأشخاص، هندي في الدم واللون، ولكن اللغة الإنجليزية هي في ذوقه وفي آرائه، وفي الأخلاق والفكر". ولا يستغرب المؤمن أن الشغل الشاغل للمستعمرين هو تمسكنا بالإسلام، فقد قال تعالى: ﴿إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا يُنفِقُونَ أَمْوَالَهُمْ لِيَصُدُّوا عَن سَبِيلِ اللَّهِ﴾، ويسعى الكفار المستعمرون اليوم إلى إخضاع أجيالنا القادمة لمعتقداتهم وقيمهم ومشاريعهم الفاسدة. وقد حذر الله سبحانه وتعالى بقوله ﴿وَلَن تَرْضَى عَنْكَ الْيَهُودُ وَلا النَّصَارَى حَتَّى تَتَّبِعَ مِلَّتَهُمْ قُلْ إِنَّ هُدَى اللَّهِ هُوَ الْهُدَى﴾.

 

أما عن حكام باكستان، فضلا عن كونهم لا يحكمون بما أنزل الله، فهم يعملون لضمان نجاح الخطة الاستعمارية في المناهج التعليمية. وبينما هم يدعون الإيمان بديننا، فهم يعملون على نشر المعاصي والكفر، قال الله تعالى: ﴿إِن تَكْفُرُوا فَإِنَّ اللَّهَ غَنِيٌّ عَنْكُمْ وَلا يَرْضَى لِعِبَادِهِ الْكُفْرَ﴾، وفي الواقع، يسعى الحكام في باكستان إلى إقصاء ديننا عن حياتنا، لضمان نجاح كل خطة استعمارية ضدنا، سواء أكان ذلك اعتداء على أراضينا أم مواردنا أو حتى ديننا.

 

وعلينا جميعا أن ننكر على الحكام ضلالهم وعصيانهم، وعلينا جميعاً أن نتمسك بديننا ونعمل من أجل الدولة الوحيدة التي ستحكم بديننا على منهاج النبوة. حيث ستضع سياسة تعليمية تشجع الابتكار والإبداع في كل مجالات الحياة، من الفقه إلى الطب وعلوم الغذاء والهندسة بفروعها. وفي الوقت الذي يُسحق فيه العالم في ظل الرأسمالية الغربية، ستعيد الخلافة الرقي المدني الذي أحدثته الخلافة في العالم بأسره لقرون مضت، مما ألهم الأوروبيين وأجبرهم على الخروج من عصورهم المظلمة. قال الله سبحانه وتعالى: ﴿وَكَذَلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً وَسَطاً لِتَكُونُوا شُهَدَاءَ عَلَى النَّاسِ﴾.

 

 

التاريخ الهجري :13 من محرم 1442هـ
التاريخ الميلادي : الثلاثاء, 01 أيلول/سبتمبر 2020م

حزب التحرير
ولاية باكستان

تعليقات الزوَّار

تأكد من ادخال المعلومات في المناطق المشار إليها ب(*) . علامات HTML غير مسموحة

البلاد الإسلامية

البلاد العربية

البلاد الغربية

روابط أخرى

من أقسام الموقع