الإثنين، 23 جمادى الأولى 1446هـ| 2024/11/25م
الساعة الان: (ت.م.م)
Menu
القائمة الرئيسية
القائمة الرئيسية

بسم الله الرحمن الرحيم

 


الخلافة وحدها التي ستنقذ كراتشي من الإهمال في ظل النظام الفيدرالي الديمقراطي

 


مع تعاظم الخسائر في الممتلكات وانقطاع للتيار الكهربائي الذي تسبب بشلل المدينة، ظلت أجزاء كبيرة من مدينة كراتشي مغمورة بمياه الأمطار ومياه الصرف الصحي، بعد عدة أيام من هطول أمطار غزيرة خلال موسم الأمطار الموسمية. وفي غضون أيام فقط، انكشفت عقود من الإهمال في مركز الاقتصاد الباكستاني وفي أكبر مدنها، والتي يسكنها أكثر من عشرين مليون نسمة، حيث تحوّلت الأزمة الى أزمة "وطنية".


ولمواجهة الغضب الشعبي الضخم على فشل الحكومة التي لم يمر عليها عامان في التعامل مع أزمة كراتشي، أعلنت القيادة السياسية والعسكرية الباكستانية الفاشلة - على عجل - عن خطة إنقاذ كراتشي. ومع ذلك، فإنّه بعد يوم واحد فقط من الإعلان الكبير عن الخطة، اندلعت في 6 من أيلول/سبتمبر 2020م خلافات كبيرة بين المستويين الإقليمي والفيدرالي للحكومة بشأن تمويل الخطة، وكان فشل الخطة محتوماً لأنها فشلت في معالجة السبب الجذري المنبثق عن الانقسامات السياسية في كراتشي، والتي لطالما انكوت المدينة منها، ألا وهي الديمقراطية.


ومن خلال الفيدرالية، تقسّم الديمقراطية الحكم في كراتشي عمودياً إلى ثلاثة مستويات، على المستوى الفيدرالي وعلى مستوى المقاطعات وعلى مستوى المدينة، مع انتخابات منفصلة لكل طبقة. ويؤدّي تقسيم السلطة إلى هذه المستويات إلى إهمال رعاية شؤون الناس، حيث يتنكر المسؤولون الفيدراليون والمقاطعات والمدينة من مسؤوليتهم، متذرعين بقضايا الاختصاص القانوني. وبينما تحاول كراتشي التعافي، فإن الحركة الفيدرالية المتحدة في المدينة وحزب الشعب الباكستاني في المقاطعة وحزب إنصاف في الحكومة الفيدرالية مشغولون بإلقاء اللوم على بعضهم البعض.


ومن خلال فصل السلطات، تقسّم الديمقراطية الحكم أفقياً بين الوزارات، مثل الوزارات المنفصلة المتخصصة بالمياه والطاقة والأمن الغذائي، وبين مؤسسات الدولة، تقسّم إلى فروع تنفيذية وتشريعية وقضائية منفصلة. وبدلاً من تشكيل حكومة خاضعة للمحاسبة، فإنّ تقسيم السلطة هذا يؤدي إلى إهمال شؤون الناس، حيث تقوم الوزارات والمؤسسات مرة أخرى بإلقاء اللوم على بعضها بعضاً وتتنكر لمسؤولياتها.


ومن خلال تنوع التمثيل السياسي في سن القوانين، فقد قسّمت الديمقراطية مدينة كراتشي الضخمة والمتنوعة عرقياً بين عدة فصائل سياسية، كل فصيل منها يدّعي أنه يمثل إما السند أو المهاجرين أو الباثان أو البنجاب أو البلوش. وبسبب الديمقراطية، فإن السياسة وسن القوانين في كراتشي هي حلبات منافسة شرسة بين الفصائل السياسية المتنافسة، وتشبه أوقات الانتخابات ساحات المعارك، يتخللها العنف وخسائر في الأرواح والممتلكات.


أيها المسلمون في باكستان!


طوال سبعة عقود من عمر هذا النظام، فشل النظام الذي يحكم بالديمقراطية في كراتشي، لأن الديمقراطية نظام فاشل، وهو من صنع الإنسان، ولا يمكن أن يوحّد الناس في المجتمع والدولة، وقد فشلت الديمقراطية بكل أشكالها، بشكلها البرلماني المدني وبشكلها العسكري الرئاسي وبشكلها الهجين الحالي. وحتى في الولايات المتحدة، حاملة الديمقراطية العالمية، فهي منقسمة على نفسها بسبب الديمقراطية، مع وجود صراعات واضحة بين المجموعات العرقية المختلفة، وبين مستويات الحكومة والمؤسسات الموازية، ويظهر ذلك جليا في عام الانتخابات الرئاسية.


إنّ الخلافة وحدها التي ستنهي الانقسام الهدام من خلال تطبيق الإسلام. فإنّه في ظل الإسلام وحده، يستمد الحكام القوانين والأحكام من النصوص المنزّلة من عند الله U، على عكس الديمقراطية، حيث تسن الفصائل السياسية القوانين وفقاً لمصالحها. ويلتزم الحكام في الإسلام بالإسلام كله دون الحيد عنه قيد أنملة، قال الله سبحانه وتعالى: ﴿فَإِن تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّهِ وَالرَّسُولِ إِن كُنتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ﴾. ويمكن لمحكمة المظالم عزل أي حاكم إذا ظلم ولم يحكم بالإسلام، بما في ذلك الخليفة نفسه. وإذا رفض الحاكم قرار عزله فإن أهل القوة يقومون بعزله بالقوة. كما أنّ الأحزاب السياسية في مجلس الأمة وفي مجالس الولايات تقدّم النصح للحكام. وهكذا فإنّ القوات المسلحة والقضاء والمجالس والحكام متحدون لتحقيق غرض واحد وهو عبادة الله وحده.


وفي نظام الإسلام، الخليفة نفسه هو السلطة الحاكمة المسؤولة المباشرة عن تصرفات جميع الحكام في الدولة، سواء الولاة في الولايات أم العمال في المناطق والمدن. والخليفة وحده هو صاحب الصلاحية في إعفاء الولاة غير الأكفاء أو العمال وتعيين أصحاب الكفاءات. وعلى الرغم من أن الله سبحانه وتعالى قد جعل السيادة للشرع وحده، فقد جعل السلطان للأمة الإسلامية. ومن خلال البيعة ينتقل السلطان من الأمة إلى الخليفة برضاها واختيارها، ويكون الخليفة مسئولا مسئولية كاملة أمام الله U في الآخرة وأمام الأمة في الدنيا.


وفيما يتعلق بالمواطنة، فإنّ الأمة الإسلامية أمة واحدة غير قابلة للتجزئة، تربطها عقيدة الإسلام وحدها. فالأمة ليست منقسمة على أسس عرقية أو لغوية أو جهوية، ولا يجوز تشكيل أي حزب سياسي على هذه الأسس. قال رسول الله ﷺ: «مَنْ قُتِلَ تَحْتَ رَايَةٍ عُمِّيَّةٍ يَدْعُو عَصَبِيَّةً أَوْ يَنْصُرُ عَصَبِيَّةً فَقِتْلَةٌ جَاهِلِيَّةٌ» رواه مسلم.


أما في الإدارة فيحرص الخليفة على أن لا تكون الخدمات مركزية لضمان سرعة التنفيذ، مع توفير الأموال والموارد حسب حاجة كل ولاية ومدينة وليس بحسب عدد سكانها أو تمثيلها في المجالس. وبالتالي، فإن الاستجابة لأي حالة طوارئ سريعة وفعالة، كما ورد في زمن المجاعة في المدينة المنورة، في عهد الخليفة الراشد، عمر الفاروق t .


أيها المسلمون في باكستان!


ألا تذكرنا مدينة كراتشي المنقسمة والمضطربة بمدينة يثرب قبل أن يحوّلها الإسلام إلى المدينة المنورة؟ إنّ حال الأمة الإسلامية لن يستقيم ويصبح حالها كحال المدينة المنورة حتى نعود إلى ما صلحت به أوله، الحكم بالإسلام. وقد أنشأت الخلافة مدناً رائعة كانت من أعاجيب العالم خلال ثلاثة عشر قرناً من وجودها، بما في ذلك المدينة المنورة ودمشق وبغداد والقاهرة وإسطنبول، وستقوم بذلك مرة أخرى عند عودتها إن شاء الله. فدعونا جميعاً نقوم بواجبنا كما أمرنا الله سبحانه وتعالى، ونسعى إلى إعادة قيام الخلافة على منهاج النبوة، لا نخاف إلا الله، متوكلين عليه وحده، قال الله تعالى: ﴿إِنَّا لَنصُرُ رُسُلَنَا وَالَّذِينَ آمَنُوا فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَيَوْمَ يَقُومُ الأَشْهَادُ﴾.

التاريخ الهجري :21 من محرم 1442هـ
التاريخ الميلادي : الأربعاء, 09 أيلول/سبتمبر 2020م

حزب التحرير
ولاية باكستان

تعليقات الزوَّار

تأكد من ادخال المعلومات في المناطق المشار إليها ب(*) . علامات HTML غير مسموحة

البلاد الإسلامية

البلاد العربية

البلاد الغربية

روابط أخرى

من أقسام الموقع