الإثنين، 23 جمادى الأولى 1446هـ| 2024/11/25م
الساعة الان: (ت.م.م)
Menu
القائمة الرئيسية
القائمة الرئيسية

بسم الله الرحمن الرحيم

الاقتتال جريمة ومنكر عظيم يخدم مصالح الكفار فقط

تحت شمس الصيف الحارقة يعاني مئات الآلاف من المسلمين الذين فروا من الحرب الدائرة في وادي سوات، وهم محرومون من أبسط الحاجات الأساسية، من الملبس والماء الصالح للشرب والكهرباء. بينما يمكث حكام باكستان في قصورهم العاجية متأملين نجاح الخطة الأمريكية في ضرب المسلمين بعضهم ببعض. وأما المسلمون الذين اختاروا البقاء في منازلهم التي بنوها بكد الأنفس على مدار عقود فهم يتعرضون للقصف بينما يطارد الجيش المسلحين هنا وهناك، وهم عاجزون حتى عن تبليغ ذويهم فيما إن كانوا أحياءً أم أمواتاً، فهم بعيدون كل البعد عن أعين العالم. حرب يُستخدم فيها الجنود الباكستانيون - الذين تربوا على قتال الكفار في سبيل الله - وقوداً للحرب الأمريكية ويضحون بحياتهم في ذلك السبيل. وبالنسبة للمسلحين -فكما أعلن عنهم- أنهم هربوا من ساحة العمليات العسكرية إلى أماكن أخرى، وإذا ما أرادت الحكومة ضرب منطقة ما بالنيابة عن أمريكا تعلن ظهور المقاتلين في تلك المنطقة! هذه هي الحرب الأمريكية البشعة، تلك الحرب التي أُعلن عنها من واشنطن بينما كان الرئيس الباكستاني هناك يأخذ الأوامر من أسياده الأمريكان.

 

إن المأساة أكبر من أن تصفها الكلمات، وفوق ذلك أمريكا تطلب توسيع مسرح العمليات العسكرية لتضم منطقة القبائل التي تتلقى منها قواتها المحتلة لأفغانستان ضرباتٍ موجعة. ففي 20 آيار 2009 أي بعد مرور أسبوعين على العمليات العسكرية في سوات قال السفير الأمريكي في إسلام أباد آن باترسن " إن أمريكا وبريطانيا ولنقل الصين أيضا سيتلقون ضربات من منطقة القبائل، لذلك فإنّ علينا القيام بكل ما هو ممكن لمنع تلك الضربات" وفي اليوم التالي من تصريحه بدأ الآلاف بالنزوح من منطقة القبائل بعد أن بدأت الحكومة بنشر قواتها هناك. وفي 22 آيار 2009 أعلن الرئيس الباكستاني عاصف علي زارداي بأنه على استعداد لتوسيع مناطق العمليات العسكرية بالقدر الذي يرضي أمريكا حيث قال" لقد قلت بأن الحكومة ستقضي على المسلحين حيثما هربوا".

 

إنّ الحقيقة هي أن العمليات في وادي سوات ليست لمصلحة المسلمين بل هي فقط لمصلحة الأمريكان، فقد أكد ذلك المبعوث الخاص للإدارة الأمريكية لأفغانستان وباكستان رتشرد هولبروك في جلسة الاستماع له في الكونغرس الأمريكي حيث قال" إن أمريكا غير قادرة على النجاح في أفغانستان من دون استئصال المجاهدين في باكستان".

 

ولكي تحصل أمريكا على مساندة في حربها الصليبية سعت إلى إيجاد رأي عام في باكستان لتأييد عملياتها العسكرية بأي ثمن، فلما فشلت في حملتها الإعلامية لانكشاف حقيقة العمليات في سوات للمسلمين في باكستان لجأت أمريكا لأساليبها القذرة التي استخدمتها في العراق من قبل، فقامت بعملياتها التفجيرية في بيشاور ولاهور وخرج عميلها وزير الداخلية رحمان ملك مباشرة ليتهم المسلحين في سوات بالوقوف وراء تلك العمليات الإجرامية.

 

وهل كانت زيارة المبعوث الأمريكي لباكستان سرية؟ زيارته التي لم تكن للسياحة والاستجمام بل لإدارة العمليات العسكرية عن كثب، فكل زيارة يقوم بها يعقبها مزيد من الفوضى والدمار للمسلمين في باكستان وأفغانستان.

 

ولقد بذل حكام باكستان قصارى جهدهم لتضليل المسلمين عن حقيقة الوجود السياسي والعسكري الأمريكي في المنطقة وعن حقيقة الدور الخبيث الذي تقوم به المؤسسات الاستخباراتية الأمريكية في البلاد، بالرغم من أن هذا الوجود هو سبب الفوضى والقلاقل والعمليات التفجيرية. لذلك فقد تم تضخيم حجم الوجود الهندي في الإقليم الشمالي الغربي إلى درجة حدت بهم إلى الادعاء بأن القتلى من المسلحين غير مطهرين، والادعاء بأن المسلحين يتلقون المساعدات من الهند. ولم يتجرأ أحد من هؤلاء الحكام أن يتحدث عن جذور الفتنة التي تعود إلى الوجود الأمريكي، إذ إن أمريكا هي التي فتحت أبواب أفغانستان للهند كي تساعدها في إشعال نار الفتنة في باكستان. ولو فرضنا جدلاً أن الهند هي وراء القلاقل في الإقليم فلماذا لم يتخذ هؤلاء الحكام إجراءاً صارماً ضد الهند؟ ولماذا لم يقطعوا العلاقات الدبلوماسية معها؟ ولماذا لا يطالبون حكومة كرازاي بإغلاق السفارة الهندية في كابول؟

 

إن هؤلاء الحكام لن يقوموا بأي شيء من ذلك لأن أسيادهم الأمريكان لم يطلبوا منهم ذلك، إذ إن التدخل الهندي هو لمصلحة أمريكا كما ورد على لسان اوباما، لذلك قبل حكام باكستان بتدخل الدولة الهندوسية انصياعا لرغبة أوليائهم الأمريكان.

 

إن حكام باكستان يبذلون قصارى جهودهم للحيلولة دون فشل أمريكا، فهم لم يقتصروا على السماح  لأمريكا باستخدام أراضيها لمد قواتها وقوات النيتو في أفغانستان بالدعم اللوجستي والوقود والطعام والسلاح، بل وضعوا الجيش الباكستاني المسلم- أكبر جيش في العالم الإسلامي وسابع أكبر جيش في العالم - تحت تصرف أمريكا. فقد تم نشر الآلاف من الجيش الباكستاني على طول الحدود بين أفغانستان وباكستان كي يحموا ظهر القوات الأمريكية وقوات النيتو الجبانة من هجمات المجاهدين، وفي باكستان يقوم الجيش الباكستاني بعمليات عسكرية في مناطق عديدة مثل منطقة سوات ضد المقاتلين، وهكذا استخدم حكام باكستان الجيش الذي يرفع شعار "الجهاد في سبيل الله" للقتال في منطقة القبائل، وهو ما فشلت فيه أمريكا خلال السنين الثماني الماضية.

 

إن هؤلاء الحكام يضربون المسلمين بعضهم ببعض بالرغم من أن الله سبحانه وتعالى أعد لمن يقتل أخاه أربع عقوبات مهلكات: جهنم خالداً فيها، وغضب الله عليه، ولعنه، وأعدّ له عذاباً أليماً، حيث قال رب العزة: {وَمَن يَقْتُلْ مُؤْمِناً مُّتَعَمِّداً فَجَزَآؤُهُ جَهَنَّمُ خَالِداً فِيهَا وَغَضِبَ اللّهُ عَلَيْهِ وَلَعَنَهُ وَأَعَدَّ لَهُ عَذَاباً عَظِيماً }النساء93 ، وقد وصف صلى الله عليه وآله وسلم الذين يقتتلون من المسلمين وكأنهم ارتدوا عن الإسلام ورجعوا للكفر دلالة على عظم حرمة الاقتتال، حيث قال (لا ترجعوا بعدي كفاراً يضرب بعضكم رقاب بعض).

 

إن هؤلاء الحكام يظنون بأن اقتتال المسلمين فيما بينهم قدر لا راد له، ولو أنّ هؤلاء الحكام ردوا كيد أمريكا ولم يهتموا لمصالحها وسحبوا تأييدهم لحربها في أفغانستان، لوجدوا الأمة الإسلامية كافة تقف معهم، علاوة على وقوف المسلمين في منطقة القبائل معهم، إلا أن هؤلاء الحكام اختاروا خيار الجبن والعبودية بدل خيار العزة والشجاعة، ولن يوصلهم هذا الخيار إلا إلى الذل والصغار. ففي الوقت الذي يلعن المسلمون في باكستان هؤلاء الحكام لم يرض عنهم الكافر بل يأمرهم بتقديم المزيد، هذا إضافة لغضب الله عليهم يوم القيامة.

 

وبالنسبة لتدفق الأموال منذ إقدام الحكام على قتل المسلمين في سوات إرضاء لأسيادهم، فإن مثل هذه الدولارات تدفقت زمن مشرف حين أسلم المسلمين الأفغان للأمريكان، إلا أن هذه الدولارات لم تجلب نفعا لباكستان من قبل ولن تجلب له أي نفع الآن. وبالرغم من تلك الدولارات إلا أن البلاد تغطُّ في العتمة بسبب دوام انقطاع التيار الكهربائي، والاقتصاد الباكستاني منهار والمسلمون أوشكوا على الموت جوعا. نعم إن المسلمين لن يجنوا النفع والرخاء بمعصية الله ورسوله إرضاء للكافر. إن فلاح المسلمين يأتي من نصرة دين الله، ولا يأتي من تقوية الكافرين على المسلمين.

 

إن إفلاس هؤلاء الحكام الفكري وصل إلى أبعد مدى، فقد وضعوا أصابعهم في آذانهم كي لا يسمعوا قول الحق بالرغم من دوام حديثهم عن الديمقراطية وحرية التعبير ليل نهار. وقد شنوا حملة عشواء على حزب التحرير بسبب نشاطات الحزب الهادفة لوقف الحرب الأمريكية وهو ما فضح كذب الحكومة. فالناس أصبحت تدرك بأن نشر الحكومة للشريط غير الموثق لجلد فتاة وقتل آخرين القصد منه الدعاية الإعلامية لتبرير العمليات الهمجية ضد الناس في سوات. كما أن الناس مدركة بأن طريقة التعامل مع المسلحين لا تمر عبر تدمير بيوت الناس وتجويعهم، كما أنها لا تمر عبر منع الناس من الهروب من مناطق القتال أو توفير وسائل نقل لنقلهم إلى أماكن آمنة! كما أصبح الناس يدركون بأن أمريكا تتبع في باكستان الأساليب نفسها التي استخدمتها في العراق لإنقاذ نفسها. إن الحكام لم يقفوا عند تضليل الرأي العام إرضاءاً لأسيادهم الكفار بل لجأوا لمضايقة وتهديد وتعذيب شباب حزب التحرير، حيث اعتقلوا أكثر من 100 بعد المسيرة التي نظمها حزب التحرير في 31 آيار 2009. وقد وصلت بهم التبعية للكافر إلى حد أن داهمت أجهزتهم الأمنية بيوت شباب حزب التحرير في مدينة لاهور واعتقال آباء الشباب الكهول، منتهكين حرمات البيوت وعورات النساء. كل ذلك حصل تحت سمع وبصر حكومة الإقليم، حكومة حزب الرابطة بزعامة نواز شريف، ولكن مما لا شك فيه أن وجه زمرة شريف قبيح قبح قادة حزب الشعب، وها قد بدأوا بخلع ستار الإسلام الذي كانوا يتسترون به وخذلوا المسلمين. إلا أنه لا عجب أن تصدر مثل هذه الأفعال المشينة ممن يجالسون الأمريكان والبريطانيين ويتلقون الأوامر منهم.

 

ولكننا نقول لهؤلاء الحكام "موتوا بغيظكم"فإن ممارساتكم القمعية لن تزيد شباب حزب التحرير إلا ثباتا بإذن الله، وسيستمرون في نشاطاتهم حتى يتحقق وعد الله سبحانه وتعالى بإقامة دولة الخلافة الثانية. وعندها سيعلم هؤلاء الحكام أي منقلب ينقلبون.

 

أيها المسلمون في باكستان!

 

منذ جاءت أمريكا إلى المنطقة والمسلمون يكتوون بنار الفوضى والقلاقل والعمليات التفجيرية. إلا أن الحكام مصرون على اتهامكم في سوء الأوضاع بدل اتهام أمريكا. ولو كان الحكام جادين في القضاء على الفوضى والقلاقل لعمدوا إلى أصل الداء بكنس الوجود الأمريكي من المنطقة، ولأقلعوا عن مساندتهم لما يسمى بالحرب على الإرهاب، ولقطعوا طرق الإمدادات التي تزود القوات الأمريكية وقوات النيتو في أفغانستان، ولطردوا أجهزة الاستخبارات الأمريكية من البلاد، إلا أنهم لن يقوموا بذلك لأنهم يعشقون أجواء الفوضى لضمان بقائهم في عروشهم. وهم يساعدون أمريكا في نشر الفوضى كي يبرروا وجود أمريكا في المنطقة. إن مما لا شك فيه بأن هؤلاء الحكام اختاروا العبودية لأمريكا ويأملون أن تنضموا لهم في عبوديتهم وان تطرحوا عبوديتكم لله جانبا. إن خيانة وظلم الحكام لن تدوم إلى الأبد فقد قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم " إِنَّ اللَّهَ لَيُمْلِي لِلظَّالِمِ حَتَّى إِذَا أَخَذَهُ لَمْ يُفْلِتْهُ" .

 

أيها القوات المسلحة الباكستانية!

 

لقد كفى وكفى! أطيحوا بحكومة زارداي اللعينة، ولا تطيعوا قادتكم الذين يأمرونكم بقتل إخوانكم، وانبذوا من بين ظهرانيكم كل مجرم داعٍ للفتنة وللحرب الأهلية. انبذوا هذه الحرب الأهلية وانجوا بأنفسكم من استخدامكم وقودا في مؤامرة أمريكا وأوروبا وعملائهما على أفغانستان وباكستان، يقول رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم (( فإن دماءكم وأموالكم وأعراضكم عليكم حرام كحرمة يومكم  هذا في بلدكم هذا في شهركم هذا - أعادها صلى الله عليه وآله وسلم مراراً)).

 

واعلموا أنه لا يوجد حل وسط ولا قاسم مشترك بين طاعة الله ومعصيته، ولا بين الحكم الشرعي وحكم الطاغوت، ولا بين الإخلاص لدين الله والسير في مخططات الكفار وأذنابهم من حكام المسلمين العملاء.

 

أليس منكم رجل رشيد يقف وقفة حق فيعيد الأمور إلى نصابها؟ أليس من بينكم رجل يعطي النصرة لإقامة دولة الخلافة فتعلن الحرب على أمريكا؟ من منكم يقوم بهذا العمل الجاد الذي سينقذ الأمة بأكملها ويضمن الأجر العميم الذي لا يمنحه إلا الله سبحانه وتعالى؟

 

www.hizb-pakistan.org

التاريخ الهجري :10 من جمادى الثانية 1430هـ
التاريخ الميلادي : الأربعاء, 03 حزيران/يونيو 2009م

حزب التحرير
ولاية باكستان

تعليقات الزوَّار

تأكد من ادخال المعلومات في المناطق المشار إليها ب(*) . علامات HTML غير مسموحة

البلاد الإسلامية

البلاد العربية

البلاد الغربية

روابط أخرى

من أقسام الموقع