الإثنين، 23 جمادى الأولى 1446هـ| 2024/11/25م
الساعة الان: (ت.م.م)
Menu
القائمة الرئيسية
القائمة الرئيسية

بسم الله الرحمن الرحيم

﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا إِنْ جَاءَكُمْ فَاسِقٌ بِنَبَإٍ فَتَبَيَّنُوا أَنْ تُصِيبُوا قَوْمًا بِجَهَالَةٍ فَتُصْبِحُوا عَلَى مَا فَعَلْتُمْ نَادِمِينَ﴾ غرفٌ سوداء وَجِهاتٌ مشبوهة توزع رسالة ملؤها الافتراء على حزب التحرير

إلى كل أخ مسلم حريص على تقواه غيور على دينه وأمته وإخوانه:

عمدت بعض الجهات المشبوهة التي تكيد بالإسلام وأهله، وتعمل على عرقلة المشروع السياسي الإسلامي، إلى نشر رسالة ملؤها الكذب والافتراء، ظاهرها التعريف بحزب التحرير، وغايتها الحقيقية تشويه صورته وتعميم صورة مزيفة عن الحزب. وما ذاك إلا لإدراكها مدى تأثير الحزب في نشر المشروع السياسي الإسلامي بالتزامن مع ثورة الأمة المباركة التي تبشر بعودة سيادة الشرع واستعادة الأمة سلطانها المغصوب. فمن يعرف حزب التحرير يعرف أنه لا يحمل إلا إسلامًا صافيًا وأنه يرفض كل فكر دخيل أتى من أي جهة، ولا سيما من الحضارة الغربية التي تأثرت بها كثير من الحركات السياسية، وأنه قدّم كل ما يملك من إمكانيات وطاقات من أجل استئناف الحياة الإسلامية عن طريق إقامة دولة الخلافة على منهاج النبوة. واليوم، ومع تلفّت قادة الثورة يمنة ويسرة باحثين عن مشروع سياسي إسلامي للدولة المنشودة في أرض الشام لا يجدون سوى ما أعده حزب التحرير من مشروع سياسي، تَمثَّلَ في مشروع دستورٍ لدولة الخلافة ومجموعة من الكتب فصّلت أنظمتها.

كذب الرسالة مفضوح، لدرجة أن من يعرف حزب التحرير أدنى معرفة أدرك كذبها وبهتانها. وإننا نشكر الإخوة الذين بادروا إلى الاتصال بنا مستنكرين ومستوضحين بشأنها. ولكن المؤسف أن بعض البسطاء من المسلمين تلقفوها وأعادوا نشرها، دون أن يلتفتوا إلى حرمة بهتان المسلم لأخيه المسلم. قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : «بِحَسْبِ امْرِئٍ مِنْ الشَّرِّ أَنْ يَحْقِرَ أَخَاهُ الْمُسْلِمَ كُلُّ الْمُسْلِمِ عَلَى الْمُسْلِمِ حَرَامٌ دَمُهُ وَمَالُهُ وَعِرْضُهُ». لذا ندعو كل من ساهم بنشرها عن جهل أو دون سوء قصد أن يمحو زلته بنشر ردّنا هذا حتى يُبرئ ذمته أمام الله تعالى أولاً، وأمام إخوانه المؤمنين ثانيًا.

الرسالة محشوّة بمجموعة افتراءات، تنسب للحزب أفكارًا وآراء لا أساس لها من الصحة، عارية من أي دليل يثبتها من منشورات الحزب، وهذا كافٍ لإسقاطها وبطلانها. وإننا نتحدى مَنْ كتب هذه الرسالة وأطلقها على وسائل الاتصال أن يكشف نفسه إن كان يحسب نفسه صادقًا في مزاعمه، ونتحداه أن يأتي بما يثبت مزاعمه من كتب الحزب ونشراته الممهورة بتوقيعه. وفوق هذا نرفق بياننا هذا برسالة نردّ فيها افتراءات رسالة السوء، بما أمكن من الاختصار، ونفنّدها ونوثّق ردَّنا بنصوص من كتب الحزب نفسه، فنُورد الفرية ثم الردَّ عليها.

أحمد القصص

 

رئيس المكتب الإعلامي لحزب التحرير/ ولاية لبنان


إثبات بهتان رسالة السوء المفترية على حزب التحرير


الفرية 1 تقول: يغفل الحزب الأمور الروحية وينظر إليها نظرة فكرية إذ يقول: "ولا توجد في الإنسان أشواق روحية ونزعات جسدية، بل الإنسان فيه حاجات وغرائز لا بد من إشباعها، فإذا أُشبعت هذه الحاجات العضوية والغرائز بنظام من عند الله كانت مسيَّرة بالروح، وإذا أُشبعت بدون نظام أو بنظام من عند غير الله كان إشباعاً مادياً يؤدي إلى شقاء الإنسان".


واضح أن النص الذي استشهد به صاحب الرسالة من ثقافة الحزب ينقض زعمه، فالنص يؤكد ضرورة أن يكون سلوك الإنسان مسيّرا بالروح، أي مبنيًّا على إدراك الصلة بالله تعالى. والحزب يفهم مصطلح "الروح" في هذا البحث أنه إدراك الصلة بالله، وهذا يتأتى عند المسلم من جانب إيمانه بالله تعالى حتمًا. وعليه نورد نصًّا من نصوص الحزب في هذا الشأن: (يجب أن يكون استناد حملة الدعوة إلى شيء واحد هو الإيمان بالله تعالى، وأن يكون عملهم متركزاً فقط على هذا الإيمان لا على غيره. وبالإيمان بالله لا بغيره يكون نجاح الدعوة. والإيمان بالله يوجب صحة التوكل عليه، واستمداد العون منه، لأنه وحده الذي يعلم السر وأخفى، وهو الذي يوفق حملة الدعوة ويهديهم سبيل الرشاد وطريق الهدى. ولذلك كان لا بد من قوة الإيمان، ولا بد من كمال التوكل على الله ودوام استمداد العون منه تعالى.) (مفاهيم حزب التحرير).


الفرية 2- المتعلقة بعذاب القبر وبظهور المسيح الدجال.


إن الحزب يرى أن أخبار عذاب القبر وأخبار المسيح الدجال التي وردت في السنة النبوية هي أخبار صحيحة، وأن التصديق بها واجب، وأن من ينكرها هو آثم دون شك. وشباب الحزب كسائر المسلمين يتعبدون الله تعالى بدعاء النبي عليه الصلاة والسلام: (اللهم إني أعوذ بك من عذاب القبر). إلا أن الحزب لا يكفّر منكرها، لأنها لا تصل إلى درجة القطع كالقرآن والسنة المتواترة. وهذا ليس رأيًا خاصًّا بحزب التحرير. وإن هذا الاتهام الذي يروَّج ضد الحزب مبني على افتراء لطالما افتري عليه، مفاده أنه لا يقبل أخبار الآحاد ولا يأخذ بمضمونها، وهذا محض افتراء. فحزب التحرير يقول في كتاب "الشخصية الإسلامية ج3": (وكان الرسول صلى الله عليه وسلم ينفذ آحاد الصحابة إلى البلدان، يدعون إلى الإسلام، ويعلّمون الأحكام، ويروون الأحاديث، كما أرسل معاذًا إلى اليمن. فلو لم يكن العمل بخبر الواحد واجبًا على المسلمين لما اكتفى الرسول صلى الله عليه وسلم بالآحاد من الصحابة يرسلهم، ولكان أرسل جماعات. وقد أجمع الصحابة على العمل بخبر الواحد). وقال في كتاب "الشخصية الإسلامية ج1": (لا يكفر منكره، ولكن لا يجوز أن يكذَّب، لأنه لو جاز تكذيبه لجاز تكذيب جميع الأحكام الشرعية المأخوذة من الأدلة الظنية، ولم يقل بذلك أحد من المسلمين).


الفرية 3- يرى زعماء الحزب عدم التعرض للأمر بالمعروف والنهي عن المنكر لأن ذلك لديهم من معوقات العمل المرحلي الآن، فضلاً عن أن الأمر والنهي إنما هما من مهمات الدولة الإسلامية عندما تقوم.


وهذا كذب بكل تأكيد. وننقل هنا مقاطع من نشرة أصدرها الحزب في 1989/7/1 وهي ممهورة بتوقيع الحزب، عنوانها: (إنكار المنكر فرض، واستعمال القوة المادية لإزالته منوط بالاستطاعة). وجاء في النشرة: (الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر واجب على المسلمين في كل الأحوال، سواء أكانت هناك دولة خلافة إسلامية أم لم تكن، وسواء أكان الحكم المطبق على المسلمين هو حكم الإسلام، أم حكم الكفر) وجاء فيها أيضا: (المنكر قد يحصل من أفراد أو جماعات أو من الدولة. والذي يعمل على إنكار المنكر وتغييره هو الدولة والأفراد والتكتلات).


الفرية 4- تركيزهم على النواحي الفكرية والسياسية وإهمال النواحي العقدية والتربوية، وإعطاء العقل أهمية زائدة في بناء الشخصية وفي الجوانب العقائدية.


الكاتب افترض أن النواحي الفكرية هي شيء آخر غير النواحي العقدية، ما يشير بوضوح إلى جهله بمعاني العبارات والمصطلحات. فالناحية الفكرية الأساسية التي يعتني بها الحزب هي العقيدة الإسلامية، من حيث هي أساس الإسلام كله وأساس شخصية المسلم. وكثيرة هي الآيات التي وردت فيها عبارة "يتفكرون"، قال تعالى: ﴿كَذَلِكَ نُفَصِّلُ الْآَيَاتِ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ﴾. وأما عن العقل فقال تعالى: ﴿إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآَيَاتٍ لِقَوْمٍ يَعْقِلُونَ﴾. وذمّ الله تعالى الذين لا يعقلون. ومما لا يختلف عليه عاقلان أن العقل هو مناط التكليف وأداة فهم النصوص.


وأما عن بناء الشخصية، فالحزب يرى أن من كانت عقليته إسلامية ونفسيته إسلامية كانت شخصيته إسلامية. ونقتطف فيما يلي عبارات من الصفحات الأولى من كتاب "الشخصية الإسلامية ج1": (وهكذا نجد الإسلام يكوّن الشخصية الإسلامية بالعقيدة الإسلامية، فبها تتكوّن عقليته وبها نفسها تتكوّن نفسيته)، (إن العقلية الإسلامية هي التي تفكّر على أساس الإسلام)، (أما النفسية الإسلامية فهي التي تجعل ميولها كلها على أساس الإسلام). وفي هذا البحث استشهد الحزب بقوله عليه الصلاة والسلام: «لا يؤمن أحدكم حتى يكون هواه تبعًا لما جئت به».


الفرية 5- اعتماد الحزب على عوامل خارجية في الوصول إلى الحكم عن طريق طلب النصرة والتي قد يكون فيها تورط غير متوقع.


إن طلب النصرة الذي يتبناه الحزب هو طلب النصرة من أهل القوة من المسلمين الذين يقتنعون بمشروعه لاستئناف الحياة الإسلامية عن طريق إقامة دولة الخلافة. كالضباط المسلمين الذين هم مظنة أن ينقلبوا على الحاكم وينتزعوا منه الحكم لصالح مشروع الخلافة، وكقادة الثورة المسلحة اليوم في سوريا. وهذه بالطبع ليست من "العوامل الخارجية" بحال من الأحوال، بل من صلب الأمة وأبناء المسلمين. والحزب أخذ مصطلح "النصرة" ومدلوله من القرآن والسنة، فبعد أن طلب الرسول صلى الله عليه وسلم النصرة من الأوس والخزرج ونصروا الإسلام ورسوله، سماهم الله تعالى "الأنصار".


الفرية 6- يتصور القارئ لفكر الحزب أن همه الأول هو الوصول إلى الحكم. والمحدودية في الغايات والاقتصار على بعض غايات الإسلام دون بعضها الآخر.


إن همّ الحزب الأول الذي قام لأجله هو استئناف الحياة الإسلامية. ولما كانت الحياة الإسلامية لا توجد إلا بتطبيق الإسلام، ولما كان تطبيق الإسلام كاملاً لا يتأتى إلا بوجود دولة إسلامية، كانت قضية إقامة دولة الخلافة تشغل حيزًا كبيرًا من عمل حزب التحرير، فهي الخطوة النوعية والكبرى نحو استئناف الحياة الإسلامية. وعليه فإن إقامة دولة الخلافة ليست من "المحدودية في الغايات والاقتصار على بعض غايات الإسلام دون بعضها الآخر" كما تزعم الرسالة، بل هي الطريقة الشرعية العملية والوحيدة لتطبيق الإسلام كاملًا دون نقصان. فكيف يُنظر إلى هذه القضية على أنها هدف جزئي؟!


الفرية 7- تصوُّر أن مرحلة التثقيف ستنقلهم إلى مرحلة التفاعل فمرحلة استلام الحكم، وهذا مخالف لسنة الله في امتحان الدعوات، ومخالف للواقع المحفوف بآلاف المعوقات.


هذا الكلام هو تحريف لكلام الحزب واجتزاء له. فالحزب استنبط من سيرة الرسول صلى الله عليه وسلم أن العمل لتغيير المجتمع يحتّم على الكتلة التي تعمل للتغيير أن تسير في المراحل الثلاث المذكورة. ولكن لكل مرحلة من هذه المراحل تكاليفها ومشاقّها ومعوقاتها التي تَوقَّعَها الحزب قبل أن ينطلق، وعانى منها ما عانى منذ انطلاقه، إلى يومنا هذا. ومن أراد الاطلاع على أدبيات الحزب في هذا الشأن فعليه قراءة الكتب والنشرات التي أصدرها فيه.


الفرية 8- مسألة الصور العارية.


ورد في كتاب "نظام العقوبات": (كل من طبع أو باع أو أحرز بقصد البيع أو التوزيع، أو عرض أية مادة مزينة مطبوعة أو مخطوطة، أو أية صورة، أو رسم نموذجي، أو أي شيء آخر يؤدي إلى فساد الأخلاق يعاقب بالحبس حتى ستة أشهر). وجاء في كتاب نظام الإسلام ما نصه: (فمثلاً الصورة شكل مدني، والحضارة الغربية تعتبر صورة امرأة عارية تبرز فيها جميع مفاتنها شكلاً مدنياً يتفق مع مفاهيمها في الحياة عن المرأة. ولذلك يعتبرها الغربي قطعة فنية يعتز بها كشكل مدني، وقطعة فنية إذا استكملت شروط الفن. ولكن هذا الشكل يتناقض مع حضارة الإسلام، ويخالف مفاهيمه عن المرأة التي هي عرض يجب أن يصان، ولذلك يمنع هذا التصوير لأنه يسبب إثارة غريزة النوع، ويؤدي إلى فوضوية الأخلاق).


الفرية 9- إباحة تقبيل المرأة الأجنبية بشهوة وبغير شهوة.


ورد في كتاب "النظام الاجتماعي في الإسلام"، وهو من كتب الحزب: (فقبلة الرجل لامرأة أجنبية يريدها، وقبلة المرأة لرجل أجنبي تريده هي قبلة محرمة... ولو كانت من غير شهوة... فهذه القبلة تكون محرمة، حتى لو كانت للسلام على قادم من سفر، لأن من شأن مثل هذه القبلة بين الشباب والشابات أن تكون من مقدمات الزنى).


الفرية 10- قوله بجواز أن تلبس المرأة الباروكة والبنطلون.


ورد في كتاب "النظام الاجتماعي في الإسلام" أيضًا في معرض الكلام على تكاليف الإسلام للمرأة في الحياة العامة: (منع المرأة من التبرج... ولذلك كان التبرج حرامًا. وعليه فكل زينة غير عادية تلفت نظر الرجال، وتظهر محاسن المرأة تكون من التبرج إذا ظهرت بها المرأة في الحياة العامة، أو ظهرت بها في الحياة الخاصة أمام الرجال الأجانب. كالتعطر، ووضع الأصباغ على الوجه، ولبس الباروكة على الرأس دون خمار، ولبس البنطال دون جلباب عندما تخرج للحياة العامة).


الفرية 11- قوله بجواز أن يكون القائد في الدولة المسلمة كافراً.


إن هذه الكذبة على حزب قضيته إقامة دولة الخلافة أسخف من أن يصدقها عاقل. ومع ذلك ننقل ما ورد في المادة 31 من مشروع دستور دولة الخلافة الذي أعده الحزب: (يشترط في الخليفة حتى تنعقد له الخلافة سبعة شروط، وهي أن يكون رجلاً مسلمًا حرًا بالغًا عاقلاً عدلاً قادرًا من أهل الكفاية". وهذه الشروط ليست واجبة للخليفة وحده، بل لكل من يتولى أي منصب من مناصب الحكم. فعند الكلام على معاون الخليفة يقول في شرح المادة 43: (يجب أن يكون مسلمًا لقوله تعالى: ﴿وَلَنْ يَجْعَلَ اللَّهُ لِلْكَافِرِينَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ سَبِيلًا﴾، فيحرم أن يكون الكافر حاكمًا على المسلمين، إذ الحكم أعظم سبيل على المسلمين). ولطالما خاطب الحزب في نشراته ورسائله مسلمي لبنان بحرمة أن يكون حاكمهم نصرانيًا.


الفرية 12- قوله بجواز القتال تحت راية شخص عميل تنفيذاً لخطة دولة كافرة ما دام القتال قتالاً للكفار.


هذا كلام مبتور اجتزئ من نص للحزب يوجب فيه قتال الكفار إن غزوا بلاد المسلمين، حتى ولو كانت البلاد تحت حكم حاكم عميل كما هو واقع معظم البلاد الإسلامية اليوم، إذ لا يجوز ترك جيش اليهود أو الأميركيين مثلًا يجتاح مزيدًا من الأراضي الإسلامية بذريعة أن حاكم هذه الأراضي عميل وأنه يحكم بغير ما أنزل الله.


الفرية 13- قوله بجواز دفع الجزية من قبل الدولة المسلمة للدولة الكافرة.


هذه مسألة وردت في كتب الفقه الإسلامية المعتبرة في جميع المذاهب، والتي بحثت المعاهدات الاضطرارية، وهي مبنية على ما فعله رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يوم غزوة الأحزاب، إذ عرض على قبيلة غطفان أن يتركوا الأحزاب ويَرجعوا مقابل إعطائهم ثلث ثمار المدينة، وكاد يمضي الاتفاق لولا معارضة سعد بن معاذ وسعد بن عبادة رضي الله عنهما. قال ابن قدامة المقدسي في المغني: "وأما إن صالَحَهم على مال نبذله لهم فقد أطلق أحمد القول بالمنع منه، وهو مذهب الشافعي لأن فيه صغارًا للمسلمين. وهذا محمول على غير حال الضرورة، فأما إذا دعت إليه ضرورة وهو أن يخاف على المسلمين الهلاك أو الأسر فيجوز، لأنه يجوز للأسير فداء نفسه بالمال فكذا هنا، ولأن بذله المال إن كان فيه صغار فإنه يجوز تحمّله لدفع صغار أعظم منه وهو القتل والأسر وسبي الذرية الذين يفضي سبيُهم إلى كفرهم".


الفرية 14- قوله بأن الممرات المائية بما فيها قناة السويس ممرات عامة لا يجوز منع أية قافلة من المرور فيها.


هذه المسألة أوردها بعض الكتّاب عن الحزب محرّفة بحيث توحي بأن قناة السويس هي ممر دولي وليست ملكًا لمصر، وأنه لا يجوز لمصر أن تمنع مرور القوافل الدولية فيها. والواقع أن الحزب يتحدث في هذه المسألة على الملكية العامة لأفراد الرعية، وليس على تدويل الممرات المائية. فمما قاله الحزب في كتاب "الأموال في دولة الخلافة": (وعليه فإن البحار والأنهر والبحيرات والخلجان والمضائق والقنوات العامة، كقناة السويس والساحات العامة والمساجد، تكون ملكية عامة لجميع أفراد الرعية).


الفرية 15- قوله بالسجن عشر سنوات لمن تزوج بإحدى محارمه حرمة مؤبدة.


إن الرأي بسقوط الحد عمّن تزوج بإحدى محارمه حرمة مؤبدة، وإن كان موجودًا لدى فريق من الفقهاء فإن الحزب لا يقول به. وما هو موجود لدى الحزب متعلق بالمحارم غير المؤبدة، وهذه مسألة أخرى، وقد وردت في كتابه "نظام العقوبات" بالنص التالي: (كل من تزوج بمحرم عليه حرمة مؤقتة كأخت زوجته وعمتها وخالتها وهو يعلم يعاقب بالجلد وبالسجن حتى ثلاث سنوات). وسقوط الحد في هذه الحالة معروف لدى الفقهاء، وليس رأيًا لحزب التحرير.

وأما ما تبقى من مسائل وردت في هذه الرسالة فهي أسخف كثيرا من أن يُردّ عليها. ففيما يتعلق بالعبادات مثلاً، فإن الحزب لا يتبنى اجتهادًا معينًا، وبالتالي لا يُلزم أعضاءه باجتهاد خاص فيها. وعليه فالكلام عن فتوى الحزب بسقوط الصلاة عن رجل الفضاء المسلم وبسقوط الصلاة والصوم عن سكان القطبين، كلام لا معنى له، وهل للحزب أعضاء في الفضاء والقطبين أصلا حتى يلزمهم هذه الفتوى؟!


نسأل الله تعالى أن يجعل كيد الكائدين في تباب، وأن يردّهم خائبين، وأن يجمع بيننا وبين إخواننا بالحق، وأن يؤلّف بين قلوب المؤمنين، وأن يخزي من يمكر بهم من الحاقدين، ﴿وَلَا يَحِيقُ الْمَكْرُ السَّيِّئُ إِلَّا بِأَهْلِهِ﴾.

التاريخ الهجري :2 من ربيع الاول 1435هـ
التاريخ الميلادي : السبت, 04 كانون الثاني/يناير 2014م

حزب التحرير
ولاية لبنان

تعليقات الزوَّار

تأكد من ادخال المعلومات في المناطق المشار إليها ب(*) . علامات HTML غير مسموحة

البلاد الإسلامية

البلاد العربية

البلاد الغربية

روابط أخرى

من أقسام الموقع