الإثنين، 23 جمادى الأولى 1446هـ| 2024/11/25م
الساعة الان: (ت.م.م)
Menu
القائمة الرئيسية
القائمة الرئيسية

بسم الله الرحمن الرحيم

 


الديمقراطية: لقد سئمنا!


(مترجم)


إننا على بعد حوالي شهرين من بدء الانتخابات العامة لعام 2017، حيث ستكون هذه الانتخابات للبرلمان الثاني عشر، وكما هو معتاد فقد تم تشكيل تحالفات قبلية تحت مظلة الأحزاب السياسية حيث يقوم مسؤولو هذه التحالفات بتوزيع الأموال لخداع الجماهير من خلال حثهم على المشاركة في الانتخابات. وحتى قبل الانتخابات، كانت تلاحظ قذارة الديمقراطية في الانتخابات التمهيدية للأحزاب التي هيمنت عليها حالات الشغب والفوضى والقتل! ومما لا شك فيه أن هذه هي سخافة الديمقراطية والتي في الواقع لم تفشل فقط في توحيد المجتمعات ولكن أيضا عملت على (تجسيد) سياسات الجشع والقبلية والفساد.


وبالنسبة للجالية المسلمة، تأتي هذه الانتخابات بعد سنوات من عمليات الشرطة ضد المسلمين واختفاء الشباب المسلم على يدي قوات الشرطة في المناطق ذات الأغلبية المسلمة مثل مناطق الساحل والشمال الشرقي. وفي مدينة نيروبي، فإن سكان إيستلي لديهم ذكريات مؤلمة حول كيفية طردهم ظلماً من منازلهم وقد أُخذوا إلى ملعب كاساراني خلال الطقس البارد في ما يسمى عملية "أوسالاما ووتش". ومع ذلك، هناك عدد من الاستراتيجيات الحكومية تحت ضغوط الدول الغربية الكبرى والتي تجري بشكل سريع في ما يسمى الحرب ضد "الإرهاب والتطرف العنيف".


لذلك، تأتي هذه الانتخابات في وقت يثير فيه المسلمون العديد من التساؤلات حول مستقبلهم. وعلى الرغم من وجود بعض الزعماء المسلمين الذين يشجعون الناس على التصويت، فإن دعوتهم تواجه في الواقع معارضة كبيرة من المسلمين الذين هم حاليا أول الضحايا في الحرب ضد "الإرهاب". وعلى الرغم من ذلك، فحتى الوعود من قبل أعضاء البرلمان المسلمين والأحزاب المنتسبة لهم قد فشلت في النضال حقا من أجل مصالح المسلمين، وبالتالي وجد المسلمون أنفسهم في أسوأ الأوضاع.


وعلى الرغم من أن الانتخابات ستبدأ بعد أشهر عدة، إلا إننا نشعر بحرارتها فعلاً. وعندما يحدث هذا، فإن كل شيء آخر يصبح بلا أهمية مقارنة مع الانتخابات وأولويتها. وفي الوقت الراهن، فإن القضايا الاقتصادية والتعليمية والصحية والأمنية، وحتى الكوارث مثل الجفاف والفيضانات وإضراب الأطباء، كل هذا يأخذ الأولوية الثانية بعد الانتخابات. وإعطاؤها الأضواء والاهتمام، يعتمد أساساً على السعي لتحقيق الشعبية من أجل الفوز بالأصوات.


وبالتالي، لماذا لا نتعلم مما يتكرر في كل موسم انتخابات؟ ولكن السؤال الذي يجب طرحه هو: لماذا يجب علينا أن نكافح مع هذا النظام السياسي الديمقراطي الذي يعيقنا، سواء قبل الانتخابات، أم أثناء الانتخابات، أم بعد الانتخابات؟ ألا نرى أنها تستغرق الكثير من الوقت؛ مع العلم أن الوضع لا يزال يزداد سوءا بالنسبة للشخص العادي رغم مشاركته على أمل إحداث التغيير؟


ففي كل فترة انتخابية نشارك بحجة الخوف من أن عدم مشاركتنا سوف تفاقم وضعنا، أو أن مشاركتنا قد تعطي أملاً كاذباً بأنها سوف تجلب التغيير! ﴿أَفَحُكْمَ الْجَاهِلِيَّةِ يَبْغُونَ وَمَنْ أَحْسَنُ مِنْ اللَّهِ حُكْمًا لِقَوْمٍ يُوقِنُونَ﴾.


إن حزب التحرير في كينيا لطالما بيّن بوضوح الحكم الشرعي الإسلامي في المشاركة في الانتخابات الديمقراطية. ولكوننا نهتم بكل مسلم، فلن نكف عن تكرار بيان هذا الحكم الشرعي، وإن كان البعض يتظاهرون بالصم والعمى تجاه الحقيقة. إن حكم الله في تحريم مسألة المشاركة في الانتخابات الديمقراطية واضح جدا في أوامر الله سبحانه وتعالى. ومع ذلك دعونا أولاً نوضح حرمة المشاركة في الانتخابات الديمقراطية، من خلال الإشارة إلى أن التصويت حرام في نظام ديمقراطي بسبب الهدف الذي يدفع الناس للمشاركة في الانتخابات، ألا وهو، انتخاب حاكم سيحكم بالكفر أو انتخاب أناس ليشرعوا ويسنّوا القوانين. فبالنسبة لنا نحن المسلمين، من المعروف أن التشريع هو لله سبحانه وتعالى، وبالتالي فمن المفترض أن يسير البشر حياتهم ويوجهونها على أساس شريعة الله سبحانه وتعالى. ﴿إِنِ الْحُكْمُ إِلَّا لِلَّهِ﴾.


إن الانتخاب أو التصويت في الإسلام مباح، ولكن عندما يتم على أساس يتنافى مع عقيدة الإسلام وأحكامه، تصبح المشاركة محرمة. فالديمقراطية هي النظام السياسي للأيديولوجية الرأسمالية التي نشأت عن عقيدة العلمانية - فصل الدين عن الحياة - وبما أن الخالق وتشريعاته قد تم فصلهما عن حياة الإنسان، فإن دور التشريع الذي يقوم به الإنسان في حياته الدنيوية سيكون محدوداً وناقصاً. وبناء على هذا التحديد، فهو الذي يختار ما يعتبره جيدا وما هو سيئ. ونتيجة لذلك، يتغير هذا مع تغيّر المكان والبيئة والوقت والظروف والوضع... ويمكن اعتبار الأمر جيداً ثم يتغير ليصبح سيئاً وبالعكس من خلال تأثير المكان والزمان... مع الأخذ بعين الاعتبار أن المنفعة هي المقياس الوحيد في هذه الأيديولوجية. أما بالنسبة للإسلام فإن الخير والشر يتفقان مع الشريعة ويعتمدان عليها، فلا يتغيران ولا يتأثران، بل يحلان كل مشاكل الإنسان أينما كان وفي كل الأوقات. وبالتالي فإن سلطة الإنسان في التشريع تتأثر بفكرة فصل الدين عن الحياة التي تتناقض بشكل مباشر مع مفهوم توحيد الله سبحانه وتعالى. وبالإضافة إلى ذلك، فإن منح هذه العقيدة العلمانية السيادة للإنسان بدلا من الله سبحانه وتعالى،اي يقوم البشر بالتحليل بدلا من لاب البشر، هذه العقيدة العلمانية كفر،. كيف يمكن للمسلم أن يشارك في تلك الانتخابات التي تقود الناس إلى الحكم بغير أحكام الله وإلى تشريعات وقوانين تناقض شريعة الله؟ فالمشاركة على أساس أي ذريعة هي اعتراف بسيادة الإنسان بدلا من سيادة الله سبحانه وتعالى، وهذا حرام مطلقا.


أيها المسلمون: ألا ترضون بما أُنزل على أشرف خلق الله؛ رسوله محمد e والذي نقله إلينا بكامل خيراته ألا وهو الإسلام؟! لماذا إذاً تسعون وراء الضلال الذي هو من صنع عقل الإنسان المحدود والذي أوجده بعض من المنحلين أخلاقيا؟ إنه من الواجب علينا كمسلمين أن نؤمن بالإسلام ونحمله كطريقة متكاملة في الحياة حيث يحمل كل أجوبة الحياة كما يدعو غير المسلمين لتحرير العالم كافة من هذه المآسي! إنه لأمر واجب أن ندعو للإسلام في شكله الحقيقي كطريق مستقيم وإظهار الأخطاء في الفكر الرأسمالي ونظامها الديمقراطي الذي يحكم العالم اليوم، حيث إن الناس قد سئموا من فساد النظام الرأسمالي المطبق عليهم. ولا مكان يعكس هذا بشكل أوضح من القارة الإفريقية وخصوصا هنا في كينيا، حيث قامت الرأسمالية بإفقارها على الرغم من امتلاكها لثروات ضخمة، كما عانت من الدمار نتيجة الانقسامات القبلية والحروب التي لا تنتهي، إضافة إلى استمرار الإمبريالية للحفاظ على المصالح الأمريكية والأوروبية. فالمجتمعات فعلا سئمت من هذا الوضع الذي يعيشونه لدرجة أنهم لا يجدون أي بديل بسبب تسميم الفكر الإسلامي السليم. ولهذا كان من واجبنا أن ندعوهم للمنطق السليم من خلال توفير الأدلة لهم. فأنّى للمسلمين أن يهجروا هذا الخير ويغرقوا في مستنقع الديمقراطية؟ فسواء من خلال المنافسة أو الدعم أو المشاركة في هذه الانتخابات فإن هذا كله يقوي الديمقراطية ضد الإسلام، أفلا نرى أننا سنُسأل عن هذا أمام الله سبحانه وتعالى في يوم لا يغني عن الإنسان ماله ولا بنوه؟


إن الفكر الرأسمالي ونظامه الديمقراطي الحاكم لم يأت علينا بأي خير منذ وصوله القارة الإفريقية وخصوصا في كينيا حيث أُجبرت على إقامتها على يد الإمبريالية البريطانية بهدف احتلالها واستنزاف ثرواتها. إن الحال لم يتغير أبدا بعد مغادرة المحتلين من خلال ضمان الاستقلال الزائف في الوقت نفسه الذي يحافظون فيه على الوضع حيث إن صناع السياسة الباقين يديرون البلاد حسب مصالحهم الخاصة. وقد نجحوا في تضليل الناس من خلال إظهار أن سياسة البلاد في يد حكام من سكانها حيث يحق للرعايا انتخابهم بعد بضع سنين. وقد نجح الخداع فعلا في إعطاء الشعب أملا كاذبا لدرجة أنهم أصبحوا عميانا عن حقيقة أن الاحتلال لا يزال قائما ولكن بشكل آخر وأن التغيير الذي يشاركون به لن يحصل أبدا في هذه العقلية سوى أنه وهم.


أيها المسلمون: إن الفكر الرأسمالي الإمبريالي خيب ظن العالم بأسره، حتى في ما يسمى بالعالم المتقدم مع وجود أقلية فقط ممن يستفيدون منه. أما ما يبقيه فهو نظامه الديمقراطي الذي أعطى الناس الأمل بالتغيير والبدايات الجديدة بينما الحقيقة أنه غير صالح حتى لحكم الحيوانات، فما بالك بالبشر؟! ونحن المسلمين لدينا البديل وهو الفكر الإسلامي ونظام الحكم فيه؛ الخلافة التي تقوم على الوحي من الله سبحانه وتعالى. إنه نظام عادل يؤمّن العدالة من خلال تنظيم علاقات البشر فيما بينهم حسب الوحي الذي انزله الله على رسوله e حيث فيه العلاج الشافي  لنقاط ضعفنا وما نحتاجه. إنه يقع على عاتقنا أن نصور الإسلام كمنهج في الحياة يمتلك الحل الكامل للبشرية، والذي سيوفر الأمن ويقضي على الفساد المنتشر نتيجة الرأسمالية المتخلفة. ومن واجبنا أيضا أن نبيّنه لغير المسلمين وأن نمسح شوائب تشهير الإمبريالية التي تخشى عودة الإسلام. فالرأسمالية هي ميتة لكنها تحتاج الإسلام ليعلن موتها رسميا حتى يستيقظ الناس من سباتهم العميق. فلم يعد لدينا أي عذر للبقاء صامتين آملين أن تتغير الأمور بنفسها، بل علينا أن نقوم نحن بهذا التغيير على منهج الرسول e الذي بيّنه لنا بدلا من البقاء رازحين تحت وطأة المعاناة والألم وفوق هذا معاناة العذاب يوم القيامة.


إن حزب التحرير في كينيا يذكر المسلمين للسير في سبيل إحداث التغيير الحقيقي الذي سيحرر البشرية من مآسي الاستعمار الذي يسيطر على العالم. كما ندعو كل إنسان عاقل ليدرس الإسلام كفكر بديل سيوفر للبشر الحل الأكيد وسيوفر الاستقامة بدل الرهان على كل فترة انتخابية مع العلم أنها لن تحدِث التغيير الحقيقي. فالله سبحانه وتعالى قال: ﴿وَمَنْ أَعْرَضَ عَنْ ذِكْرِي فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنكًا وَنَحْشُرُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَعْمَى﴾ [طه: 124]

 

 

 

التاريخ الهجري :1 من شوال 1438هـ
التاريخ الميلادي : الأحد, 25 حزيران/يونيو 2017م

حزب التحرير
كينيا

4 تعليقات

  • نسائم الخﻻفة
    نسائم الخﻻفة السبت، 01 تموز/يوليو 2017م 23:58 تعليق

    بارك الله فيكم

  • سفينة النجاة
    سفينة النجاة السبت، 01 تموز/يوليو 2017م 22:40 تعليق

    بارك الله فيكم

  •  Mouna belhaj
    Mouna belhaj السبت، 01 تموز/يوليو 2017م 20:07 تعليق

    بارك الله فيكم و نفع بكم

  • omraya
    omraya السبت، 01 تموز/يوليو 2017م 15:54 تعليق

    جزاكم الله خيرا

تعليقات الزوَّار

تأكد من ادخال المعلومات في المناطق المشار إليها ب(*) . علامات HTML غير مسموحة

البلاد الإسلامية

البلاد العربية

البلاد الغربية

روابط أخرى

من أقسام الموقع