الإثنين، 23 جمادى الأولى 1446هـ| 2024/11/25م
الساعة الان: (ت.م.م)
Menu
القائمة الرئيسية
القائمة الرئيسية

بسم الله الرحمن الرحيم

 

المشاركة في محادثات السلام تؤدي إلى التعاون مع أسوأ عدو للإسلام والمسلمين

 

(مترجمة)

 

بلغت الحرب المدمرة التي شنتها الولايات المتحدة لمدة 18 عاماً تحت ذريعة "الحرب على الإرهاب" ضد مسلمي أفغانستان طريقاً مسدوداً. من المستحيل أن تقوم الولايات المتحدة بالخروج المفاجئ والتراجع، لأن مثل هذا التراجع سيكون له العواقب نفسها كتلك الخاصة بالاتحاد السوفييتي السابق، أي الحرب الأهلية في التسعينات وكل عواقبها.

 

ونتيجة لذلك، بعد نصف قرن من العلاقات السياسية مع أفغانستان، والصراعات في المجالات السياسية والاقتصادية والاستخباراتية، وإنفاق تريليونات الدولارات والتضحية بآلاف الجنود لاحتلال أفغانستان على مدى السنوات الثماني عشرة الماضية، عادت أمريكا الآن إلى محادثات سلام مع طالبان خوفاً من هزيمة مذلة. من الواضح أن الهدف من محادثات السلام هذه هو إنهاء الحرب في أفغانستان وفي الوقت نفسه ضمان التأثير الاستعماري لأمريكا، لاستغلال الموقع الجغرافي-الاستراتيجي، والموارد الطبيعية وتوليد الأموال من المخدرات.

 

وقد يقال إنه لمن الفخر لجماعة إسلامية مسلحة أن القوة الكبرى في العالم قد أرغمت على الجلوس على طاولة المفاوضات من أجل السلام معها. يأتي هذا في وقت وُصفت فيه هذه المجموعة بأنها "إرهابية" من قبل مؤسسة السياسة الخارجية لهذه القوة العالمية العظمى، التي خاضت الحرب تحت هذه الذريعة الخادعة... ولكن هذا لو كانت المفاوضات تقود إلى اقتلاع النفوذ الأمريكي من أفغانستان عسكرياً وسياسياً واقتصادياً وهو مستبعد في السياسة الأمريكية إلا أن تُرغم عليه.

 

إن الانضمام إلى عملية السلام الأمريكية من قبل المجموعات السياسية والعسكرية الأفغانية سوف يؤدي في واقع الأمر إلى الخضوع التدريجي والاستسلام لأعداء البلد المحتلين، وإلى المزيد من تفكك طالبان وتجزئتهم وخداع مسلمي أفغانستان.

 

لا شك أن الرغبة والمطالبة الحقيقية للإسلام والمسلمين في أفغانستان هي الانسحاب الكامل لجميع قوات الاحتلال من البلاد، والقضاء على النظام الديمقراطي والتطبيق الكامل للشريعة. هذا المطلب ليس هدفاً لمسلمي أفغانستان وحدهم. بل فإن العالم الإسلامي بأجمعه يطالب بالقضاء الفوري على الأنظمة والحكومات العميلة القائمة، وتحرير الأراضي المحتلة، والقضاء على كل أثر لقوات الاحتلال من أراضيهم وتطبيق الشريعة من خلال إعادة إقامة الخلافة. إن الجماعات المسلحة في الأراضي المحتلة والربيع العربي هي من أكثر المظاهر الموحية بإرادة وحزم الأمة من أجل الحرية. لكن السؤال هو هل يمكن تحقيق هذا الهدف من خلال المفاوضات مع قوات الاحتلال؟

 

على الإطلاق. فلو كان ذلك ممكناً، لكانت الحركة الإسلامية في طاجيكستان قد حققت هذا الهدف من خلال صنع السلام مع النظام الدموي والديكتاتوري في ذلك البلد. ولكانت قوى الثورة والتحرير في سوريا قد وصلت إلى هذا الهدف بالتفاوض مع القوات الروسية والإيرانية والتركية المحتلة. ولكان مسلمو الشيشان، أو حتى الحزب الإسلامي التابع لقلب الدين حكمتيار في أفغانستان كان سيحقق هذا الهدف. لقد اندمجت هذه الجماعات في عمليات ديمقراطية كافرة، وبعد ذلك استوعبتهم البرامج الاستعمارية وأهدافها. ونتيجة لذلك، كان إنجازهم الوحيد هو المزيد من خيبة الأمل وتعزيز أنظمة الكفر في الأمة الإسلامية. فهل تريد حركة طالبان أن تحذو حذو هذه الجماعات؟!

 

أيضاً، على مدار التاريخ، تشتهر أمريكا بخرقها لوعودها، ليس فقط مع الجماعات المسلحة والسياسية ولكن أيضاً مع الدول. إذا كان من الصعب القبول بهذه الحقيقة، فاسألوا قادة التحالف الشمالي السابق وزعيم "حزب الإسلام" في أفغانستان، واسألوا قادة إيران وكوريا الشمالية. واسألوا قادة المملكة المتحدة عن ما فعلته أمريكا في بريكست. إن السياسة الأمريكية البراغماتية ليس لها أصدقاء دائمون، ولا أعداء دائمون. بالنسبة للولايات المتحدة، فإن مصالحها الاستعمارية تبرر وسائلها القذرة. فمن أجل احتلال أفغانستان، أعلنتكم أمريكا أولاً بأنكم (إرهابيون) وأطاحت بحكومتكم. والآن وبعد سنوات عديدة من الحرب والدمار، وبسبب متطلبات تغير الظروف في السياسة الخارجية الأمريكية، أسقطت اسمكم من قائمة (الإرهابيين) التابعة للأمم المتحدة رقم 1267، ووصفتكم الآن بأنكم تمرد داخلي. على هذا النحو، فتحت الولايات المتحدة أبواب التفاوض معكم لضمان سلامة واستمرارية وجودها الاستعماري.

 

كان واقع الحرب في أفغانستان قبل عام 2014 على هذا النحو؛ بأن الناس في أفغانستان كانوا في مواجهة مباشرة مع القوات الأجنبية وحلفائهم. ومع ذلك، فبعد توقيع اتفاقية الأمن الثنائية المشينة، تحولت الحرب إلى سفك الدماء بين الناس في أفغانستان مما أدى إلى توطين الحرب الأمريكية. ومنذ ذلك الحين، ارتاح المحتلون بأمان في قواعدهم، وقادوا الحرب بين شعب أفغانستان كمستشارين ومدربين وداعمين، وعن طريق تجهيز وتمويل القوات الأفغانية. على هذا النحو، لعبوا دوراً قبيحاً مع الحفاظ على سلامتهم وأمنهم. كما ظهرت جماعات مسلحة غريبة ترتكب أعمالاً سيئة السمعة في الحرب. في بعض الأحيان تتحول هذه الحرب إلى فتنة كاملة (محاكمة وتعذيب) بين المسلمين في القواعد القبلية والإثنية، وأحيانا تتحول إلى حرب من أجل السيطرة على ممرات تجارة المخدرات، وفي أحيان أخرى، تتحول طبيعتها إلى حرب بالوكالة من أجل الدول التي لديها مصالح في أفغانستان وفي المنطقة.

 

في الواقع، يتحمل شعب أفغانستان التكلفة الحقيقية لهذه الحرب. هذه الحالة تلقي بظلال الشك على الطبيعة الحقيقية لنضال الأشخاص المخلصين، ويستفيد المستعمرون من ذلك بشكل كامل.

 

أيها الأعضاء المخلصون في النضال في أفغانستان!

 

إن الاقتراب إنشاً واحداً من الكفار المحتلين يؤدي إلى الابتعاد عن الحق. فإذا فتحتم أبواب المفاوضات مع قوات الاحتلال وواصلتم هذا النهج، فسوف يؤدي ذلك إلى انحرافكم التدريجي. هذا النهج سوف يدمجكم في نهاية المطاف في العملية الأمريكية. سيأتي هذا في وقت لا تدركون فيه انحرافكم هذا بل ولا ترغبون في قبوله. ونتيجة لذلك، حتى لو أنهى الكفار احتلالهم المباشر، فسوف يستمرون في سياساتهم الاستعمارية من خلال المؤسسات الدولية والسفارات والدبلوماسيين والجواسيس والمؤسسات المدنية الخ. في هذه الحالة، فإن تحذير الله سبحانه وتعالى لأهل الكهف يتناسب مع موقفنا هنا. ﴿إِنَّهُمْ إِن يَظْهَرُوا عَلَيْكُمْ يَرْجُمُوكُمْ أَوْ يُعِيدُوكُمْ فِي مِلَّتِهِمْ وَلَن تُفْلِحُوا إِذاً أَبَداً.

 

لا شك بأنه إذا توقف الكفاح المسلح المباشر ضد المحتلين في أفغانستان، فإن الكفار سيهينوننا أكثر فأكثر وسيجبروننا على قبول قوانينهم الأكثر فساداً وكفراً. وكنتيجة لذلك، نكون قد اشترينا الخسارة في الدنيا والآخرة بالتخلي عن كفاحكم ضد الاحتلال، وإهمال النضال الفكري والسياسي ضدهم وترك العمل من أجل تطبيق الإسلام من خلال إقامة الخلافة.

 

يا أهل أفغانستان!

 

لن تجلب لكم عملية السلام مع العدو أي درجة من الأمن والتقدم. وبدلاً من ذلك، فإن هذه العملية ستجعل حالة الحرب والسياسة في أفغانستان أكثر تعقيداً من أي وقت مضى، وسوف تعزز قوات الاحتلال بشكل متزايد جذورها العسكرية والسياسية والاقتصادية والثقافية. فبعد التخلي عن النضال ضد المحتلين، لن يتمكن مسلمو أفغانستان من إرشاد ونصح زوجاتهم وأطفالهم وسيقع الذل والعار على كل المسلمين في البلاد. ففي أفغانستان -مثل بعض البلدان الإسلامية الأخرى -لن يكون من الممكن للناس أن يُنشئوا أطفالهم على الإسلام، أو أن يؤسسوا عائلاتهم من خلال الأحكام الشرعية للزواج، أو أن يؤدوا صلواتهم، أو أن يعطوا الخطب السياسية في المساجد أو أن يقوموا بالكفاح السياسي الإسلامي في المجتمع.

 

أيها المسلمون، يا أبناء الأمة المخلصين!

 

تريد أمريكا أن تعلن نهاية أطول حرب لها في التاريخ حتى يمكن للحزب الأمريكي الحاكم أن يستخدم ذلك للفوز بالانتخابات البرلمانية. من ناحية أخرى، تريد خداع دول المنطقة بالتظاهر بإنهاء الحرب في أفغانستان. في الواقع، تريد أمريكا منع هزيمتها المخزية الواضحة في هذا القبر المظلم. من المثير للدهشة، في عملية السلام هذه، أن السلام ليس على جدول الأعمال مع المجموعات (الإرهابية) العشرين الأخرى التي يذكرها السياسيون الأمريكيون باستمرار والقادة العملاء في كابول. لذلك، من المتوقع أن تظل أفغانستان مشروع الحرب الأمريكي في المنطقة. بعد تجسيد هذه العملية القبيحة والخادعة، ستتغير فقط جغرافية الحرب. وستواصل أمريكا استغلال الموقع الجغرافي الاستراتيجي لأفغانستان، والموارد الطبيعية وتجارة المخدرات.

 

إن الجدير بالذكر أن التعاونات والتسهيلات المقدمة من باكستان والسعودية والإمارات وقطر في هذه العملية لا تعني أنهم يتعاطفون مع حركة طالبان أو أنهم مخلصون للمجموعة. بدلاً من ذلك، فإن هذه الدول هي وسائل أمريكية رخيصة للتأثير على طالبان. كما أن تعاون الصين وروسيا والهند وإيران مع الأطراف المتنازعة (طالبان وأمريكا) يزيد من تعقيد الوضع، ويتوافق مع واقع الأبعاد الإقليمية للحرب وحقيقة أن هناك أيضاً حرب وكلاء في المنطقة، وأن أمريكا تريد نقل عبء الحرب إلى أكتاف الدول الأخرى. في عام 2001، عقدت باكستان صفقة مع أمريكا بشأن انهيار حكومة طالبان واحتلال أفغانستان. والآن مرة أخرى، تعد باكستان الأسس لتكرار تلك المؤامرة وتلك الصفقة. وبالتالي، فإن أمريكا تستخدم جميع أدواتها الاستراتيجية للضغط على طالبان والتأثير عليها في الخضوع لعملية السلام الأمريكية.

 

يا أهل الأمة المخلصين داخل حركة طالبان والجماعات الإسلامية الأخرى!

 

لم تكن أهداف النضالات والتضحيات التي قدمها أسلافكم ضد بريطانيا، ولم تكن أهدافكم وتضحياتكم ضد الاتحاد السوفييتي السابق وضد أمريكا، لتقوية جذور النظام الديمقراطي والقوانين البشرية. بل لقد كانت هذه التضحيات من أجل إقامة الدولة الإسلامية وتطبيق الشريعة. لذلك، دعونا جميعاً نقول بصوت واحد "لا" لعملية السلام الأمريكية ولجميع البرامج الأخرى القادمة من الكفار وعملائهم - دعونا نقولها بالكلمات، وننفذها في العمل. دعونا نثني على القوات المسلحة والكفاح المسلح ضد الكفار بأفكار سياسية شاملة من حزب التحرير - الحزب الذي يرشدكم خطوة بخطوة لمؤامرات واستراتيجيات أعدائنا. دعونا نعمل من أجل تحقيق الهدف من تضحيات إخواننا في المنطقة من خلال إعادة إقامة الخلافة الراشدة. عندئذ فقط يمكننا الاحتفال والاستمتاع في أفغانستان وفي جميع الأراضي الإسلامية بالطعم الحقيقي للازدهار والأمن الذي يأتي من ثقة الإيمان في ظل الثقافة السياسية للدولة الإسلامية. عندئذ فقط يمكننا العمل من خلال إنشاء السياسة الخارجية للدولة الإسلامية لنشر الإسلام للعالم. عندها فقط تستطيع الأمة الإسلامية أن تبتعد عن الكفار وأن تقود البشرية بعيداً عن ظلم وظلام النظام الرأسمالي إلى عدل ونور الإسلام والنظام الإسلامي. ﴿لِمِثْلِ هَٰذَا فَلْيَعْمَلِ الْعَامِلُونَ﴾، ﴿وَمَا ذَٰلِكَ عَلَى اللَّهِ بِعَزِيزٍ﴾.

 

 

التاريخ الهجري :1 من جمادى الثانية 1440هـ
التاريخ الميلادي : الأربعاء, 06 شباط/فبراير 2019م

حزب التحرير
أفغانستان

تعليقات الزوَّار

تأكد من ادخال المعلومات في المناطق المشار إليها ب(*) . علامات HTML غير مسموحة

البلاد الإسلامية

البلاد العربية

البلاد الغربية

روابط أخرى

من أقسام الموقع