الإثنين، 23 جمادى الأولى 1446هـ| 2024/11/25م
الساعة الان: (ت.م.م)
Menu
القائمة الرئيسية
القائمة الرئيسية

بسم الله الرحمن الرحيم

 

 

جواب سؤال

الصراع السياسي في السودان

 

السؤال:

 

نشرت الجزيرة على موقعها في 2023/3/19: (قال مجلس السيادة الانتقالي في السودان السبت إن "الأطراف غير الموقعة على الاتفاق الإطاري أبدت رغبتها في التوصل لاتفاق سياسي ينهي الأزمة في البلاد"، وذلك في أعقاب اجتماع عقده نائب رئيس المجلس محمد حمدان حميدتي مع هذه الأطراف. يشار إلى أن مجلس السيادة السوداني ومكونات مدنية أبرزها قوى الحرية والتغيير - المجلس المركزي، وقعوا في 5 كانون الأول/ديسمبر 2022 "الاتفاق الإطاري" لتدشين مرحلة انتقالية جديدة في البلاد. غير أن قوى أخرى رفضت توقيع الاتفاق، بينها قوى إعلان الحرية والتغيير - الكتلة الديمقراطية...) وكانت العربي الجديد قد نشرت على موقعها الخميس 2023/3/16: (شاركت الأطراف الموقعة على الاتفاق الإطاري في أعمال مؤتمر "العدالة والعدالة الانتقالية" في الخرطوم، يوم الخميس، ضمن أعمال المرحلة النهائية للعملية السياسية...) فهل فعلاً أن المرحلة النهائية قد اقتربت؟ علماً بأن أنباء قد شاعت عن وجود خلافات بين قائد الجيش رئيس المجلس السيادي البرهان وبين نائبه في المجلس قائد الدعم السريع دقلو. فهل هذه الخلافات حقيقية بترتيب من أمريكا ليستقل حميدتي بدارفور وفصلها كما صنعت في جنوب السودان خاصة وأن حميدتي له ثقل في دارفور؟ أم هي خلافات مختلقة لتنفيذ الأدوار؟ ثم ما دلالة الزيارات المتبادلة بين الخرطوم والإمارات في هذا الوقت بالذات؟ وأخيراً هل محاولات البرهان التطبيع مع كيان يهود لها علاقة بهذه الصراعات؟ والمعذرة على تعدد هذه الأسئلة... وجزاك الله خيرا.

 

الجواب:

 

لقد كان الأفضل أن لا تجمع هذه التساؤلات المتعددة مرة واحدة. على كل لا بأس، ولإجابتها نستعرض الأمور التالية:

 

1- قرأ الناطق الرسمي باسم القوات المسلحة السودانية العميد نبيل عبد الله بيانا مصورا تناقلته وسائل الإعلام يوم 2023/3/11 يخاطب فيه الشعب قائلا: (تؤكد قواتكم المسلحة التزامها بمجريات العملية السياسية الجارية، والتنفيذ الصارم والتام بما تم التوافق عليه في الاتفاق الإطاري الذي يفضي إلى توحيد المنظومة العسكرية وقيام حكومة بقيادة مدنية فيما تبقى من المرحلة الانتقالية لحين قيام الانتخابات بنهايتها). وقد أظهرت قوى المعارضة ترحيبها بهذا الإعلان بعد الشكوك التي ساورتها بأن الجيش سوف لا يلتزم بالاتفاق وأنه يعمل على التنصل منه أو إسقاطه أو الالتفاف عليه ويضع شروطا لتنفيذه...

 

2- يأتي بيان القوات المسلحة كذلك بعد يوم من تردد أخبار تتحدث عن دخول شاحنات تحمل مجموعات مسلحة تابعة للدعم السريع قادمة إلى الخرطوم من إقليم دارفور فقام الجيش بنشر قوات عسكرية كبيرة في عدد من أنحاء العاصمة واعتبرتها بعض الدوائر استعدادات لمعركة وشيكة بين قوات الجيش بقيادة البرهان وقوات الدعم السريع بقيادة دقلو ناتجة عن تصاعد حدة الخلافات بين قائدي القوتين. فقال الناطق باسم الجيش نبيل عبد الله (إن الأوضاع في البلاد تحت السيطرة وإن ما يتردد في بعض وسائط التواصل الاجتماعي عن دخول مجموعات مسلحة إلى الخرطوم غير صحيح... صحيفة اليوم التالي 2023/3/10) ولكن مكتب الناطق باسم القوات المسلحة قال في بيان إنه (لم يصدر تصريحات تنفي دخول مجموعات مسلحة لولاية الخرطوم لأية جهة إعلامية. وإن قيادة القوات المسلحة والأجهزة الأمنية في البلاد تتابع الحالة الأمنية في البلاد بحكمة وصبر حرصا على أمن الوطن والمواطن... الشرق الأوسط 2023/3/11). فهذا التأكيد والنفي من مكتب الناطق باسم الجيش يدل على أنه أريد التلاعب بأعصاب الناس، وأن من أهدافه تخويف المعارضة، وتهيئة الجو للقاء البرهان مع دقلو للتصالح بزعم أن بينهما خلافات وملاسنات!

 

3- على إثر ذلك أعلن عن عقد اجتماع بين البرهان ودقلو وقوى موقعة على الاتفاق الإطاري بالسودان مساء يوم 2023/3/11، وصدر بيان عن مجلس السيادة السوداني ورد فيه أن البرهان ودقلو (بحثا سير العملية السياسية وضرورة المضي قدما في الترتيبات المتفق عليها، وأنهما أقرا المضي فيما وصف بالترتيبات المتفق عليها بشأن العملية السياسية). وفي ختام المشاورات التي بحثت الأوضاع السياسية والأمنية في البلاد قررا (تكوين لجنة أمنية مشتركة من القوات النظامية وأجهزة الدولة ذات الصلة وحركات الكفاح المسلح لمتابعة الأوضاع الأمنية في البلاد... سودان تربيون، الجزيرة 2023/3/11) وذلك لإظهار كأن هناك صراعا بين البرهان ودقلو وكأن الجيش كان على وشك أن يصطدم مع قوات الدعم السريع، وأن الأوضاع قد هدأت الآن مؤقتاً بعد هذه الاجتماعات.

 

4- وكان دقلو "حميدتي" قد أعلن قبل ذلك (أن مشاركته في انقلاب 25 تشرين الأول/أكتوبر 2021 كانت خطأ وأضاف انقلاب 25 أكتوبر أصبح بوابة لعودة النظام البائد... الجزيرة 2023/2/19). علما أنه كان المدافع القوي عما قام به مع قيادة الجيش ضد الحكومة السابقة، فلا يمكن أن يكون رأيه قد تغير وأنه يعلن الندم، وإنما كل ذلك ليخدع المعارضة لتسير وراءه أو تقترب منه. ولهذا صرح بعد إعلانه المذكور قائلا: (الاتفاق حزمة واحدة يجب أن تنفذ كلها دون تجزئة... عربي بوست 2023/2/21). ثم صعّد حميدتي حملته وظهر كأنه معارض لقيادة الجيش فقال: (لن نقبل بأي شخص يريد أن يصبح دكتاتورا لحكم البلاد. بطوعنا وإرادتنا اتفقنا على تسليم السلطة لحكومة مدنية كاملة الدسم... إن الخلاف الرئيسي في البلاد يتركز بين المكرّسين للسلطة وبين من يريدون تسليمها للمدنيين. إنه لا توجد مشكلة بين الدعم السريع والجيش وإن الخلاف مع من يتخذون الجيش شماعة. إن مبدأ تشكيل حكومة مدنية قد تم بالاتفاق بين الجيش والدعم السريع وإخواننا في مجلس السيادة... الشرق الأوسط 2023/3/8)، فيظهر أنه يريد أن يلعب دورا على أنه مع المكون المدني وحريص جدا على تنفيذ الاتفاق الإطاري بتمامه. في المقابل كان البرهان يلمح إلى أن الاتفاق الإطاري غير ملزم للجيش لأنه لا يضم كل القوى السياسية.. ثم رهن البرهان أيضا استمرار الجيش بتنفيذ الاتفاق الإطاري بدمج الدعم السريع والحركات المسلحة بالجيش، فقال: (إذا كان هناك حديث واضح عن دمج الدعم السريع والحركات المسلحة في القوات المسلحة سنمضي في الاتفاق الإطاري، أي كلام غير هذا لن يكون مقبولا... الشرق الأوسط 2023/3/8) وكل هذا ليبين كأن خلافاً بين البرهان وحميدتي بالنسبة لتنفيذ الاتفاق الإطاري مع أن كليهما مشارك في إقراره!

 

5- لقد ذكرنا في جواب سؤال بتاريخ 2022/12/11 حول الاتفاق الإطاري الموقع يوم 2022/12/5 (فهذا الاتفاق ينقذ القيادة العسكرية برئاسة البرهان ونائبه ومن معهما من ورطتهم إذ بات الناس يرفضون حكمهم فلا يوجد لهم سند داخلي، ويؤمِّن للقيادة العسكرية حصانة وحماية لهم من الملاحقة القضائية على ما ارتكبوه من جرائم ويفلتون من العقاب، وقد عجزوا عن إدارة شؤون البلاد وفشلوا في حل مشاكلها وكل ما قاموا فيه أنهم حافظوا على النفوذ الأمريكي... علماً بأن الطرف الآخر مما يسمى بقوى الحرية والتغيير والأحزاب التي شكلت الحكومة، هم أيضا فشلوا في إدارة شؤون البلاد ومعالجة مشاكلها وتأمين أدنى مقومات الحياة للناس، وكل ما قاموا فيه هو المحافظة على النفوذ الإنجليزي في البلاد...)، وقلنا: (أما عن التساؤلات هل هذا الاتفاق سيدوم ويطبق؟ فهذا أمر مشكوك فيه. وهل سينقذ البلاد؟ فذلك مستبعد، لأنه مبني على باطل، فالتدخل الأجنبي ظاهر للجميع حيث كان الأجانب موجودين عند توقيعه في القصر الجمهوري، بل الذي صاغ الاتفاق هو أجنبي، وهو مبعوث الأمم المتحدة بإشراف مباشر من الأمريكان والإنجليز طرفي الصراع الدولي في السودان باسم الرباعية وباسم الترويكا). ولعرقلة تنفيذ الاتفاق تقوم القيادة العسكرية بطرفيها الجيش بقيادة البرهان والدعم السريع بقيادة دقلو باختلاق أو بافتعال الصراع بينهما، فتبقى الأنظار مسلطة على اتفاق الطرفين أو اختلافهما في أية لحظة، وأن الحل مركز على ذلك وليس بين المكون العسكري والمدني...

 

6- أما زيارة البرهان إلى الإمارات المركز المهم لبريطانيا في شباط الماضي، وزيارة الشيخ شخبوط وزير الدولة الإماراتي للسودان بعد زيارة البرهان وتسليمه رسالة سرية للبرهان، فإن هذه الزيارات لا تقدم ولا تؤخر فلم يجدّ أي تغير ملحوظ من البرهان في مواقفه وتصريحاته وتصرفاته، بل هي منسجمة مع ما تريده أمريكا حذو القذَّة بالقذة... ويبدو أن الدافع للزيارة هو "التجسس" على بعضهما، فيحاول كل طرف معرفة رد فعل الطرف الآخر على ما يتخذه كل منهما من خطوات... بحجة محاولة كل طرف تهدئة الأوضاع... وكأن المكون المدني قد خُدع بهذا التنازع بين البرهان وحميدتي وظنه تنازعاً حقيقياً، وهكذا فقد نجح المكون العسكري في دفع المكون المدني لمحاولة التدخل لحل النزاع بينهما بحجة تهدئة الأوضاع.. قال القيادي في الحرية والتغيير، محمد عصمت، لـلشرق الأوسط، (إن هنالك جهوداً متواصلة من قوى التغيير والانتقال المدني لتهدئة الأوضاع بين قوات الدعم السريع والقوات المسلحة، لتجنب أي صدام بينهما سيقود البلاد إلى مهاوي الضياع... صحيفة الشرق الأوسط، 06 آذار/مارس 2023). ثم تبع ذلك أن توجه مساء الأربعاء، 08 آذار/مارس 2023م وفد رفيع من قادة الائتلاف الحاكم السابق في السودان، قوى الحرية والتغيير، إلى دولة الإمارات العربية المتحدة... لدعم الوصول إلى الاتفاق النهائي لإنهاء الأزمة السياسية في البلاد. (ويضم الوفد رئيس لجنة الاتصال والعلاقات الخارجية، رئيس حزب المؤتمر السوداني، عمر الدقير، ورئيس المكتب التنفيذي لـلتجمع الاتحادي، بابكر فيصل، والأمين العام لـحزب الأمة القومي، الواثق البرير، وممثل تجمع المهنيين في قوى التغيير، طه عثمان. وقال التحالف في بيان إن الوفد سيلتقي القادة الإماراتيين لمناقشة استكمال الترتيبات النهائية للعملية السياسية المبنية على الاتفاق السياسي الإطاري... صحيفة الشرق الأوسط، 09 آذار/مارس 2023). وكل هذا يدل على أن المكون المدني قد وُضع في الزاوية، وأن المسألة أصبح يتحكم بها المكون السياسي وحده! أي أن أمريكا قد نقلت الصراعَ السياسي في السودان إلى ساحة جديدة، هي ساحة صراع خادعة بين عملائها تطغى على غيرها من الصراعات وتجبر القوى التابعة للأوروبيين على التقارب مع حميدتي، خاصةً وأنه يعلن مناصرته للحكم المدني!

 

7- وأما موضوع التطبيع فإن البرهان يسعى لحماية نفسه من السقوط ولتعزيز سلطته بالتنازل لأمريكا في كل ما تريد، ومنه التطبيع مع كيان يهود. وهذا التطبيع لا يفيد إلا كيان يهود وأمريكا وشخص البرهان فقط ومن معه، ولا يفيد السودان بشيء، بل يضره، وهو محرَّم شرعاً لأنه اعتراف بمغتصب لفلسطين إحدى أعز ديار المسلمين عليهم ويعتدي على أهلها ليل نهار ويهدم بيوتهم ويقتل أبناءهم ويصادر ممتلكاتهم. ومع ذلك فقد [أعلن المجلس السيادي السوداني أن رئيسه عبد الفتاح البرهان (التقى كوهين في الخرطوم وبحثا تعزيز آفاق التعاون المشترك لا سيما في المجالات الأمنية والعسكرية)، وذكرت الخارجية السودانية أن الطرفين (اتفقا على المضي قدما في سبيل تطبيع العلاقات بين الطرفين... وكالة الأنباء السودانية 2023/2/2)] وذكرت الإذاعة الرسمية لكيان يهود يوم 2023/2/8 أن وفدا خاصا من المجلس السيادي في السودان قام هذا اليوم بزيارة كيان يهود سراً... وهكذا فلم يعد النظام السوداني يستحيي من ارتكاب الخيانة بالتطبيع مع كيان يهود وذلك في سبيل البقاء في الحكم لتأمين دعم أمريكا له!

 

والخلاصة:

 

1- لا يوجد خلاف حقيقي بين البرهان وحميدتي بل كل منهما عميل لأمريكا، وقد أوصلت أمريكا البرهان إلى منصبه الحالي من خلال حميدتي. (وصلت العلاقة بين البرهان وحميدتي للتحالف الحالي، بعد الإطاحة بوزير الدفاع عوض بن عوف الذي تولى السلطة بعد عزل البشير، حيث أصبح البرهان رئيساً لمجلس السيادة وقائداً للجيش، رغم أنه لم يكن قائد صف أول في القوات المسلحة، ولذا يعتقد أن ذلك بدعم من حميدتي ودعم إقليمي، فيما أصبح حمدان نائب رئيس مجلس السيادة، وتحالف الرجلان ضد القوى المدنية... عربي بوست 2023/2/21) وهكذا فإن الخلاف مصطنع وليس حقيقيا، بل من باب تقسيم الأدوار.

 

2- أما لماذا لا يكون الخلاف حقيقياً لتمكين حميدتي من الاستقلال بدارفور وفصلها بترتيب من أمريكا كما صنعت في جنوب السودان، خاصة وحميدتي له ثقل عسكري ومالي في دارفور (وتسيطر قوات حميدتي على معظم ثروات الإقليم بما في ذلك مناجم الذهب التي يصدر منها لدولة الإمارات ما قيمته 16 مليار دولار... موقع مصر 360، 2022/5/12)، فليس هناك أية مؤشرات حول ذلك في الوقت الحاضر.. بل إن أمريكا الآن تركز على هيمنة عملائها على حكم السودان وعدم تمكين عملاء الإنجليز من أدوار فاعلة في الحكم بل إشغالهم في الإصلاح بين البرهان وحميدتي بدلاً من مصارعتهما! ولكنه لا يستبعد عن أمريكا تجزئة بلاد المسلمين إن استطاعت، فهذا شأن الدول الكافرة المستعمرة.

 

3- إن البرهان يريد توسيع المشاركة في الاتفاق، ويلمّح إلى تعنّت القوى الموقعة عليه، وذلك من باب المماطلة في تنفيذه، وقد سعى لعقد لقاءات مع الأطراف غير الموقعة كما ذكر في بداية السؤال ما يوجد تنازعاً بين الموقِّعين وغير الموقِّعين وخاصة بين الحرية والتغيير "المجلس المركزي" الموقِّعة، وبين الحرية والتغيير "الكتلة الديمقراطية" غير الموقِّعة، وهذا يطيل وقت الموافقة النهائية... وعبّر عن موقف البرهان بوضوح أكبر، عضو مجلس السيادة شمس الدين كباشي الذي صرح مطلع الشهر الجاري (بأن الجيش لن يمضيَ في الاتفاق الإطاري من دون توافق سياسي، وأن القوى الموقعة ليست كافية لحل الأزمة السياسية بالبلاد، وأن الجيش لن يحمي دستوراً غير موافق عليه... الجزيرة مباشر 2023/2/20) فالجيش يحاول أن يتملص من الاتفاق الإطاري أو أن يتحايل عليه بطريقة أو أخرى، تارة بتوسيع المشاركة فيه، وتارة باشتراط دمج الدعم السريع والحركات المسلحة بالقوات المسلحة أي بالجيش، وهذه يتحكم بها البرهان مع حميدتي في طولها أو قصرها وفق رغبة أمريكا!

 

4- لقد نجحت أمريكا في نقل الصراع السياسي في السودان إلى ساحة جديدة، هي ساحة صراع مزعوم بين عملائها تطغى على غيرها من الصراعات وتجبر القوى التابعة للأوروبيين على تأجيل التركيز على تنفيذ الاتفاق الإطاري، وتنشغل بدلاً من ذلك بالإصلاح بين البرهان وحميدتي ظناً منها أن الخلاف بينهما حقيقي! ومن ثم يتحكم المكون العسكري (البرهان وحميدتي) في تأجيل التنفيذ بحجة عدم اتفاقهما على الدمج، وذلك إلى أن تصبح الشروط والأجواء مناسبة لتعديل الاتفاق وتنقيته من أي تأثير فعلي فيه للمكون المدني، وهذا معنى (قريبا) الواردة في قول البرهان (إن البلاد تسير في طريق تأسيس الحكم المدني، مرجحاً تشكيل الحكومة المدنية قريباً... الاتحاد 2023/03/19م)، فينفذ الاتفاق الإطاري وفق متطلبات المكون العسكري ومن ثم يكون (قريباً) سواء أقرب موعد التنفيذ أم بعد! وإن لم يتأت لهم ذلك، فلا يستبعد محاولة إلغاء الاتفاق الإطاري باصطناع صعوبة دمج الدعم السريع مع الجيش لعدم توافق البرهان وحميدتي أي إعادة سيناريو إلغاء الوثيقة الدستورية مع أسلوب جديد للإخراج... فقد وقعت هذه الوثيقة بين المكون العسكري والمكون المدني في 21 آب/أغسطس 2019، وقد كان مقررا أن يترأس العسكريون المجلس الرئاسي في البداية... ثم يبدأ المدنيون في تشرين الثاني/نوفمبر 2021 برئاسة المجلس، ولمنعهم من ذلك فقد أعلن وزير الدفاع السوداني، الفريق الركن ياسين إبراهيم 2021/9/21، أي قبل شهرين من موعد تولي المدنيين، أعلن عن إحباط محاولة انقلاب.. ثم علت المطالبات بحل الحكومة، وقد حلت فعلاً وانتهت الوثيقة الدستورية، وقد وضحنا ذلك في حينه بجواب سؤال في 2021/10/25 ... ولا يستبعد الآن أن يكرر السيناريو نفسه ولكن بافتعال الصراع مع عنصر بارز من رجال أمريكا "حميدتي"!

 

4- وفي الختام فإننا نؤكد مرة أخرى أن السودان لن يرى بصيص أمل ما دام هناك عملاء يعملون لحساب هذا المستعمر أو لذلك المستعمر وهما متصارعان على بلد إسلامي لا يهمهما نهضة البلد وحل مشاكله وإطعام شعبه وتأمين احتياجاتهم. ولا سبيل للناس إلا التخلص من العملاء وعدم السير وراءهم أو اتباع سبيلهم الضال، وإنما عليهم اتباع سبيل من أناب ودعا إلى الله وعمل على تطبيق حكمه وعلى توحيد المسلمين والنهضة بهم. ﴿وَمَنْ أَحۡسَنُ قَوْلاً مِّمَّنْ دَعَا إِلَى اللهِ وَعَمِلَ صَالِحاً وَّقَالَ إِنَّنِي مِنَ الْمُسْلِمِينَ‏﴾.

 

في السابع والعشرين من شعبان 1444هـ

2023/3/19م

تعليقات الزوَّار

تأكد من ادخال المعلومات في المناطق المشار إليها ب(*) . علامات HTML غير مسموحة

عد إلى الأعلى

البلاد الإسلامية

البلاد العربية

البلاد الغربية

روابط أخرى

من أقسام الموقع