الإثنين، 23 جمادى الأولى 1446هـ| 2024/11/25م
الساعة الان: (ت.م.م)
Menu
القائمة الرئيسية
القائمة الرئيسية
جواب سؤال الصراع في لبنان يدخل مرحلة جديدة

بسم الله الرحمن الرحيم

جواب سؤال
الصراع في لبنان يدخل مرحلة جديدة

 

 

السؤال :


هل صحيح ما أعلن من أن الصراع في لبنان دخل مرحلة جديدة ؟ وإن كان ذلك صحيحاً فما الذي تغير من شروط (اللعبة) اللبنانية, حتى تبدأ مرحة جديدة؟

 

الجواب:


إن القول بدخول لبنان مرحلة جديدة له وجه قوي من الصحة. وحتى تتضح الصورة تماماً نستعرض المسألة من بدايتها :

 

1ـ إن أمريكا كانت هي صاحبة النفوذ في لبنان منذ اتفاق الطائف وحتى اغتيال الحريري, وفد حفظت سوريا نفوذ أمريكا في لبنان منذ دخول الجيش السوري في لبنان بإذن أمريكي .

 

2ـ بعد اغتيال الحريري وجدت فرنسا (شيراك) في ذلك فرصة ذهبية أَمِلَتْ منها إعادة نفوذها إلى لبنان , فَصعَّدَ شيراك الأحداث, وحرَّك أتباعه في لبنان ونحج في إثارة الرأي العام على أمريكا وسوريا وأتباعها, إلى أن وافقت أمريكا على إخراج الجيش السوري من لبنان ومن ثم نفذت سوريا ذلك.

 

واستمر الصراع السياسي ساخناً بين أمريكا وسوريا وأتباعها من جهة , وبين فرنسا وأتباعها من جهة أخرى , وكانت بريطانيا وأتباعها في لبنان تساند فرنسا من وراء ستار دون المجابهة العلنية لأمريكا وفق سياسة بريطانيا التي لا تناصب العداء علناً لأمريكا وإنما من وراء ستار.

 

3ـ استمر الحال هكذا حتى جاء سركوزي للحكم في فرنسا , وهو معروف بصداقته للإدارة الأمريكية كما اتضح ذلك أثناء حملته الانتخابية , ولذلك زال الصراع الساخن الذي كان بين أمريكا وفرنسا (شيراك), وحل محله التنافس بروح رياضية بين أمريكا وأتباعها, وبين فرنسا وأتباعها, وأمل سركوزي أن يحصل (تفاهم) مع أمريكا حول حل في لبنان يأخذ في الاعتبار مصالح فرنسا, ونشطت فرنسا سركوزي في الذهاب والإياب إلى لبنان والجد والاجتهاد في الحل.

 

4ـ لقد كان من المتوقع الوصول إلى هذا الحل , والذي كان يعيقه هو عدم رضى بريطانيا وأتباعها في لبنان , فهي لم تكن ترضى أن تتقاسم الحل أمريكا وفرنسا وحدهما, وتصبح هي في هامش الأحداث , ولأنها تمتاز بدهاء سياسي لذلك أصبح رجالها في لبنان كلما اقترب أي حل, فإنهم يثيرون زوبعة , ولكن لم يكن يؤثر هذا على الطرفين لا على فرنسا والحكومة , ولا على أمريكا وسوريا والمعارضة, لذلك بقي التنافس بروح رياضية , يثور هذا ويثور ذاك , ثم يهدأ هذا ويهدأ ذاك دون التصعيد إلى الصراع السياسي الساخن ناهيك عن وصوله إلى الصراع المادي الساخن.

 

5ـ استمر هذا الحال, أمريكا وفرنسا وأتباعهما في تنافس رياضي في لبنان و(مشاغبة) من بريطانيا ورجالها , ولكن دون توتير العلاقة بين فرنسا وأمريكا, ودون نجاح بريطانيا في تغيير (اللعبة) الرياضية بين الفريقين, استمر هذا إلى 27/3/2008م عند اجتماع الرئيس الفرنسي نيكولا سركوزي رئيس الوزراء البريطاني غوردن براون على أثر أزمة شركات الرهن العقاري الأمريكية, وما سببته من انعدام ديون ضخمة مستحقة للمصارف والشركات الأوروبية بفعل انهيار شركات الرهن العقاري الأمريكية.

 

ويبدو أن بريطانيا قد نجحت بدهائها السياسي وسذاجة سركوزي السياسية أن (توغر) صدر سركوزي تجاه أمريكا في موضوع الخسارة الضخمة التي حلت بالمصارف والشركات الأوروبية نتيجة أزمة شركات الرهن العقاري الأمريكية, وانعكس ذلك على العلاقة في لبنان, وبخاصة وأن فرنسا لاحظت أن أمريكا تماطل في الحلول لكي تهيئ الظروف لاستعادة أمريكا نفوذها الكامل في لبنان دون السماح بأية قطعة ولو صغيرة من (الكعكة) اللبنانية لفرنسا.


منذ ذلك التاريخ لوحظ أن العلاقة الفرنسية الأمريكية في لبنان أصبحت تتجاوز التنافس الرياضي, وأصبحت أعمال بريطانيا ليست فقط (مشاغبات) لا يعبأ بها رجال فرنسا في الحكومة. وبعد أن كانت الحكومة تأخذ مشاغبات جنبلاط... على قدرها دون التأثير في سياسة الحكومة وقراراتها, انقلبت الصورة وأصبحت تأخذها بجدية.

 

6ـ خلال شهر نيسان 2008م أخذت قضية شبكة الاتصالات وكمرات المطار مساراً تمهيدياً لاختيار وقت التسخين حتى الغليان... إلى أن كان المؤتمر الصحفي لجنبلاط وإثارته شبكة الاتصالات وكمرات المطار ومدير أمن المطار...

 

7ـ وبدل أن تتعامل الحكومة مع (إثارة) جنبلاط كما كانت تتعامل من قبل أي مجرد (مشاغبات) لا تؤثر في القرارات , تجاوبت هذه المرة بسبب تقارب بريطانيا وفرنسا, واجتمعت الحكومة واتخذت قرار الشبكة والكمرات وقرار مدير أمن المطار.

 

8ـ والخلاصة أن بريطانيا بعد تفجير موضوع شبكة الاتصالات ومدير أمن المطار, استدرجت فرنسا لتأييدها في ذلك, على اعتبار أن ردود الفعل من أمريكا وسوريا والمعارضة لن تكون ردوداً ماديةً ساخنة, وبخاصة وأمريكا مشغولة في ذروة الحملات الانتخابية... ومن ثم تؤدي المشكلة إلى وضع الجيش أمام المعارضة... ثم يكون الحل تسوية يكون لفرنسا وبريطانيا والموالاة نصيب ملحوظ فيها.

 

9ـ إن فرنسا وبريطانيا قد أخطأتا الحساب, فإن أمريكا وسوريا والمعارضة تمسك بخطوط قوية, عدداً وعدة , والسياسي الحكيم يدرك أن ردود الفعل لن تقف لا عند التنافس الرياضي ولا عند الصراع الساخن بل تتجاوزه إلى الصراع المادي الساخن. وليس من المستبعد على بريطانيا أن تكون مدركة لذلك, ولكن الراجح أنها فجرت الأمر لخلط الأوراق بين فرنسا وأمريكا وأتباعهما !

 

10ـ والمتوقع الآن أن هذه الأحداث ستنتهي بتسوية, ولكنها على الأرجح ستكون في صالح أمريكا وسوريا والمعارضة في لبنان, وستكون هذه الكفة هي الراجحة, وستكون كفة أوروبا والموالاة في لبنان كفة مرجوحة هابطة, وليس بعيداً أن تتمخض الحلول عن طائف جديد سواء أكان ذلك بتغييره اسماً ومسمى... شكلاً وموضوعاً, أم بتغييره في موضوعه حتى لو بقي اسمه ذا صلة بالاسم الأول كأن يسمى (طائف2)!

 

11ـ ولذلك فإن القول بالمرحلة الجديدة له وجه من الصحة .

 

5 جمادى الأولى 1429هـ
9/5/2008م

تعليقات الزوَّار

تأكد من ادخال المعلومات في المناطق المشار إليها ب(*) . علامات HTML غير مسموحة

عد إلى الأعلى

البلاد الإسلامية

البلاد العربية

البلاد الغربية

روابط أخرى

من أقسام الموقع