الإثنين، 23 جمادى الأولى 1446هـ| 2024/11/25م
الساعة الان: (ت.م.م)
Menu
القائمة الرئيسية
القائمة الرئيسية

بسم الله الرحمن الرحيم

 

 

جواب سؤال: استقالات قيادات في الجيش التركي

 

 

السؤال الأول:

 

في 29/7/2011 أعلن كل من رئيس الأركان التركي إيشق قوشينار وقائد القوات البرية أردال جيلان أغلو وقائد القوات البحرية أشرف أوغور يغيت وقائد القوات الجوية حسن أقصاي استقالاتهم من مناصبهم وطلبوا إحالتهم على التقاعد. وهؤلاء في أعلى سلم القيادة وبجانبهم قائد الجندرمة (الدرك) نجدت أوزيل الذي لم يعلن عن استقالته. ومن ثم أعلن عن تعيين الأخير قائدا للقوات البرية ورئيسا للأركان بالوكالة.

فما دوافع هذا الأمر؟ أهي دوافع محلية نتيجة صراع بين الجيش والحكومة على الصلاحيات، أم هي دوافع صراع دولي؟ وما المتوقع نتيجة هذه الاستقالات؟

 

 

الجواب:

 

بتدبر ما حدث ومتعلقاته يتبين أن الأمر هو نتيجة صراع دولي بأدوات محلية... ولبيان ذلك نذكر ما يلي:

1- لقد جاءت هذه الاستقالات بعد ظهور توتر شديد في الأيام الأخيرة بين قادة الجيش وبين الطرف السياسي للدولة متمثلا برئيس الجمهورية وبرئيس الوزراء وحكومته وأحد هذه الأسباب الرئيسة هو الاعتقالات الجارية لجنرالات في الجيش متهمين بمحاولة قلب الحكومة. وآخرها حصلت في هذا اليوم أي في 29/7/2011 بالتزامن مع استقالة أولئك الضباط عندما أصدر المدعي العام التابع للمحكمة الثالثة عشرة للعقوبات الثقيلة في اسطنبول وبعد أخذ موافقة أعضاء هذه المحكمة كاملة كما أعلن؛ أصدر أمرا باعتقال 22 شخصا من بينهم 7 جنرالات وعلى رأسهم قائد جيش إيجة الحالي حسين نصرت طاش دلان وقائد الجيش الأول السابق حسن إغزيز وذلك بحسب المادة 312 من قانون العقوبات التركية الذي ينص على أنه: "كل من يحاول استعمال القوة والجبر لإزالة حكومة الجمهورية التركية أو يعطل عملها كاملا أو جزئيا يعاقب بعقوبة السجن المؤبد". وأعلن أنه أصدر قراره باعتقال أولئك الأشخاص حتى تجمع كافة الأدلة بحقهم، وبسبب وجود احتمال إنزال هذه العقوبة بحقهم، فإنه يأمر باعتقالهم وإيداعهم السجن. وهؤلاء الجنرالات ما زالوا موظفين في الجيش. والجدير بالذكر أن الاعتقالات بين صفوف الجيش المتقاعدين بجانب سياسيين وصحفيين وكتّاب محسوبين على جبهة الكماليين قد بدأت منذ منتصف عام 2007 تحت مسمى حركة آرغناكون للإطاحة بالحكومة بالقوة، ولحقها الكشف في بداية عام 2010 عن مؤامرة أخرى ضد الحكومة لقلبها بالقوة العسكرية كانت ستحدث عام 2003 عرفت بعملية الباليوز (المطرقة) وما زالت تداعيات هذه القضية تتفاعل والاعتقالات مستمرة بين الضباط الكبار الذين ما زالوا في الخدمة أي ما زالوا موظفين في الجيش في أعلى المراتب بجانب الضباط المتقاعدين.

2- وقبل تسعة أيام من اجتماع مجلس الشورى العسكري العام الماضي في بداية شهر آب/اغسطس عام 2010 حيث تجري الترفيعات والإحالة على التقاعد كما هو معتاد سنويا أصدرت المحكمة العاشرة للعقوبات الثقيلة في إسطنبول قرارا باعتقال 102 ضابطا موظفا وغير موظف أي متقاعد، منهم 11 جنرالا موظفا كانوا ينتظرون الترقية. وقد جرى في ذاك التاريخ حل وسط حول بعض أصحاب الرتب العالية حتى لا يعتقلوا ولا يحالوا على التقاعد، فجرى تجميد ترفيعهم ومنهم قائد الجيش الأول الجنرال حسن إغزيز وهو من أهم المتهمين في هذه القضية. وكانت قيادة الجيش تصر على ترقية هذا الجنرال ليصبح قائداً للقوات البرية ولكن رئيس الجمهورية عبدالله غول ورئيس الوزراء إردوغان رفضا بكل إصرار ترقيته. ومن ثم يقوم اليوم (29/7/2011) المدعي العام ويصدر قرارا باعتقال هذا الجنرال حسن إغزيز مع جنرالات آخرين. وللعلم فإن رئيس الأركان السابق إلكر باش بوغ الذي تقاعد العام الماضي كان قد أوصى بأن يرّفع حسن إغزيز ليصبح قائدا للجيش الأول وبعد ذلك يصبح قائدا للقوات البرية حتى يصبح رئيسا للأركان فيما بعد حسب التسلسل الهرمي الصعودي في الجيش التركي. وسبب هذه التوصية كما نقلت بعض المصادر المطلعة على الشؤون العسكرية أن رئيس الأركان السابق إلكر باش بوغ ذكر أنه (يريد أن يضمن السير قدما في "خطة العمل في محاربة الرجعية" التي نشترك فيها ومعنا حسن إغزيز وهو من أعضاء مجموعتنا هذه فيجب العمل على ترقيته حتى يصبح رئيس الأركان القادم) حسب التسلسل الذي ذكرناه آنفا. ولكن تخطيط باشبوغ باء بالفشل العام الماضي حيث أفشله إردوغان عن طريق الاتهامات التي وجهها المدعي العام ضد الجنرال حسن إغزيز وضد آخرين. وقيام المدعي العام في هذا اليوم بإصدار قرار باعتقال هذا الجنرال بجانب اعتقال جنرالات آخرين تشكل ضربة قاصمة لظهر التيار الكمالي الموالي للإنجليز فهؤلاء الجنرالات يعلمون ويتعلمون أن الإنجليز هم أولياء نعمتهم فهم الذين أسسوا الجمهورية وحافظوا عليها وساعدوا كمال أتاتورك للوصول إلى الحكم وهدم الخلافة وإقامة الجمهورية، وأن أتاتورك كان مرتبطا بهم بل كان عاشقا لهم أي للإنجليز، وكذلك رفيقه عصمت إينونو الذي يعتبر الرجل الثاني المعظم لديهم وقد ارتبط بالإنجليز، وهم الذين نصبوه بعد هلاك أتاتورك ودعموه، كل ذلك يدرسونه في سيرة هذين الرجلين المعظمين بل المقدسين لديهما. وهكذا أصبح ولاء هؤلاء الجنرالات بشكل آلي مرتبطا بالإنجليز وهم يرون في حكومة إردوغان وولاءها لأمريكا منافساً شرساً لهم...

3- وقد حاول عملاء الإنجليز في قطاع الجيش وفي القطاعات الأخرى قلب حكومة إردوغان الموالية لأمريكا وكذلك ضرب حزبه وحظره سواء في عملية الباليوز أو عملية آرغناكون أو عن طريق محكمة الدستور التي وجهت إليه إنذارا بالحظر عام 2008 إذا ما خالف المبادئ العلمانية الكمالية مرة أخرى، وذلك على إثر قانون استصدره إردوغان وحزبه حزب العدالة والتنمية في البرلمان ينص على "عدم منع من يدرسون في الجامعات والمعاهد العليا من حق مواصلة تعليمهم بسبب ملبسهم أو مظهرهم العام". فارتباط إردوغان وحكومته وحزبه بأمريكا ظاهر لدى الجميع وهو ينفذ السياسات الأمريكية في الخارج بل يعمل على حماية المصالح الأمريكية في الداخل والخارج بجانب عمله على تركيز النفوذ الأمريكي في الداخل. وهو يعمل على إحداث تعديلات دستورية بإيجاد نظام رئاسي تكون فيه الصلاحيات الواسعة لرئيس الجمهورية وكذلك تعديلات تتعلق بصلاحيات الجيش للحد من تدخله في الشؤون السياسية والعمل على جعل الجهاز السياسي هو الذي يسير الجيش ويتحكم فيه وليس العكس كما هو جارٍ حتى اليوم ويسعى لجعل تركيا ذات نظام فدرالي حتى يحل المشكلة الكردية حسب الرؤية الأمريكية فيمنح المناطق التي أكثريتها من الأكراد حكما ذاتيا أو فدرالية كما أوجدت أمريكا ذلك في العراق عندما وضعت دستورا جديدا للعراق في عهد حاكمها المدني بريمر. وبريطانيا حتى تحافظ على نفوذها في تركيا تسعى على قلب حكومة إردوغان أو إسقاطها عن طريق عملائها الكماليين في قطاعي الجيش والقضاء وفي غير ذلك من القطاعات...

 4- وبجانب كل ذلك ففي الأيام الأخيرة تعرض جنود أتراك لهجمات من قبل عناصر حزب العمال الكردستاني منها حادثة سيلوان في ولاية ديار بكر في 14/7/2011 حيث قتل 13 جنديا وجرح 7 جنود وقد قامت وسائل الإعلام الموالية للحكومة بتأجيج الرأي العام ضد قيادة الجيش بطرح الأسئلة المشككة بتواطؤ هذه القيادة في هذه العملية لأغراض سياسية موجهة ضد الحكومة. وكان إردوغان قد اجتمع على إثرها مع رئيس الأركان بحضرة رئيس الجمهورية وقد خرج غاضبا من هذا الاجتماع معلنا أنه سيزيد من أعداد قوة البوليس المجهزة لما يسمى محاربة الإرهاب إلى 15 ألفا وأنه سيزيد من فعالياتها وقدراتها وسيجعلها تعمل مع قوات الجندرمة وكذلك سيعطي صلاحيات للولاة في الولايات التركية بأن يطلبوا مساعدة القوات البرية وكل ذلك تحت مظلة وزارة الداخلية حتى تحصل القدرة على ملاحقة المتمردين من عناصر حزب العمال الكردستاني، وبذلك أكد إردوغان هذه التشكيكات وألمح إلى عدم ثقته بقيادة الجيش وكذلك قام واستغل هذا الحدث ليعلن شكل تقوية جهاز الشرطة الخاص بمحارمة الإرهاب ليصبح جيشا خاصا تابعا له على غرار ما فعل تورغت أوزال الذي يسير إردوغان على نهجه كما أعلن. فحدث أن شكّل أوزال في عهده قوات انتشار سريع بوليسية ولكن بعد رحيله استطاع الجيش أن يضعفها وينهي فعاليتها. ويهدف إردوغان أيضا في محاولته هذه أن يجعل الجيش تحت إمرة الحكومة وذلك عندما يربط كل ذلك بوزارة الداخلية ويجعل القوات البرية تأتمر في الداخل بأمر الولاة. وهكذا وصل الصراع والتوتر بين الجيش وحكومة إردوغان إلى أشد حال.

5- وقد جاءت هذه الاستقالات الجماعية المفاجئة من قبل من هم في أعلى الهرم في قيادة الجيش بعد كل تلك التوترات والصراعات. وعلى ما يظهر أنهم أرادوا أن يحرجوا الحكومة ويوجدوا ضغطا عليها ويظهروا موقفا معارضا لسياسة الحكومة لكسب تعاطف الناس معهم. مع العلم أن قادة البرية والجوية والبحرية قد وصلوا إلى سن التقاعد وسيحالون على التقاعد في اجتماعات مجلس الشورى العسكري الأعلى التي ستبدأ بعد يومين أي في 1/8/2011. بالإضافة إلى ذلك فقد أوردت بعض المصادر المطلعة أن قيادة الجيش في الاجتماعات الأخيرة التي جرت بينها وبين غول وإردوغان كانت تطلب ترقية الجنرال سالدراي بيرك قائد الجيش الثالث ليصبح قائد القوات البرية وترقية الجنرال أصلان غونر النائب الثاني لرئيس الأركان إلى قيادة الجندرمة وقد رفض عبدالله غول وإردوغان ذلك بكل شدة، وأعلنا أنهما لن يوقعا على ترقيتهما بل إن إشارات الاتهام في التآمر على قلب الحكومة تحوم حولهما وليس من المستبعد أن يساقا إلى التقاعد. فيظهر أن هؤلاء القادة رأوا أنهم لن يستطيعوا أن يحققوا ما يريدوه في الاجتماعات القادمة لمجلس الشورى العسكري الأعلى فقاموا باستعمال آخر ورقة لهم للضغط على النظام السياسي وإثارة أصدقائهم في الجيش ضد هذا النظام فقدموا استقالاتهم. وقد تخلف عنهم قائد قوات الجندرمة الجنرال نجدت أوزيل الذي يعرف عنه أنه قريب من الحكومة الحالية ومن توجهاتها السياسية. وكما يظهر أنه أي نجدت أوزيل ليس من زمرتهم ولم يريدوه العام الماضي قائدا للجندرمة وكانوا يعملون على إقصائه عنها في هذا العام أي بعد يومين ولكن باؤوا بالفشل. وقد عمل عبدالله غول وإردوغان العام الماضي على ترفيعه وضرب الآخرين حتى يحل محلهم، فكان من المتوقع أن يصبح عند التعيينات القادمة قائدا للقوات البرية على أن يصبح بعد عامين رئيسا للأركان عندما يبلغ رئيس الأركان قوشينار سن التقاعد الذي يجبره على ترك رئاسة الأركان والجيش حسب قوانين الجيش فيما يتعلق بالترفيع والتقاعد. بالإضافة إلى ذلك فإنه يظهر أن قوشينار شعر بأنه سيبقى وحيدا عندما يتقاعد أفراد زمرته وعندما لا يرقى أحد من أفراد زمرته الآخرين الذين عمل على ترقيتهم فسيبقى مشلولا شبه فاقد للإرادة حيث سوف لا يستطيع أن يتخذ القرارات التي يرغب فيها وخاصة إذا كانت تسير بعكس تيار النظام السياسي الحالي لأنه سيكون محاطا بجنرالات من زمرة أخرى موالية للحكومة أو متفاهمة معها وعلى رأسهم نجدت أوزيل فقام وفضّل الاستقالة على البقاء شبه عاجز، وطلب إحالته على التقاعد قبل بلوغ سن التقاعد أي قبل سنتين من تقاعده القانوني.

6- أما نتيجة هذه الاستقالات فمن المتوقع أن يعلن عن تعيين نجدت أوزيل رئيسا لهيئة الأركان بعدما أعلن رئيسا لها بالوكالة وقائدا للقوات البرية من قبل رئيس الجمهورية بعد ساعات من تلك الاستقالات وبعد اجتماع طارئ جمع غول وإردوغان ونجدت أوزيل. وبذلك تكون حكومة إردوغان، بل النظام السياسي في تركيا المتمثل بالحكومة وبرئاسة الجمهورية وبالبرلمان الذي يسيطر عليه حزب العدالة والتنمية يكون هذا النظام قد ملك إمكانية السيطرة على الجيش بإجراء التعيينات التي يرغب بها عن طريق الإتيان بالأشخاص الذين يظهرون تقربا من توجهات النظام السياسي ولخطه السياسي الموالي لأمريكا أو يسيرون على ذلك، وسيعمل هذا النظام على إبعاد كل الأشخاص الذين يعارضون هذا التوجه وسيظهر هذا بعد يومين عند انعقاد مجلس الشورى العسكري الأعلى للبحث في ترفيعات أو ترقيات الضباط وتقاعدهم. وبالتالي نستطيع أن نقول أن أمريكا بدأت تحكم سيطرتها على الجيش وتضرب أهم معاقل الإنجليز في تركيا.

7- وكان أول تعليق لهيئة الإذاعة البريطانية قولها: "استقالات بالجملة للقادة العسكريين وأن ذلك نتيجة التوتر المستمر منذ سنوات بين الحكومة والجيش". وذكرت الغارديان البريطانية على موقعها قولا مشابها لذلك. وبذلك عبر الإنجليز وعملاؤهم عن انزعاجهم لما آلت إليه أوضاعهم في تركيا نتيجة هزيمتهم في إحدى معارك الصراع مع النظام السياسي في تركيا الموالي لأمريكا. وأما ردة فعل الأمريكيين فكانت طبيعية تدل على عدم انزعاجهم، بل تنمّ عن رضى عما يحدث في تركيا، فقد أعلن مارك تونر الناطق باسم الخارجية الأمريكية واصفا تلك الاستقالات بأنها "شأن تركي داخلي". وعبر عن ثقة الإدارة الأمريكية بالنظام السياسي التركي الحالي قائلا: "ثقتنا بالمؤسسات التركية كاملة". (موقع صوت أمريكا 29/7/2011)

وهكذا، فإنه يمكننا القول إن ما حدث هو نتيجة صراع دولي بأدوات محلية.

  

 


 

السؤال الثاني:

 

يوم الجمعة 22/7/2011 حدثت تفجيرات في أوسلو وفي جزيرة أوتوبا نتج عنها قتل نحو تسعين شخصاً وعدد كبير من الجرحى... وقد اعترف مواطن نرويجي نصراني وُصف باليميني المتطرف بأنه من قام بالهجومين... وقد وصف رئيس الوزراء النرويجي الهجوم بأنه المأساة الوطنية الأكبر منذ الحرب العالمية الثانية....

فما دوافع هذا الأمر؟ وما دلالة توجيه الاتهام مباشرة للمسلمين قبل أن يتبين أنه نصراني متطرف يميني؟ ثم هل ظهور حقيقة من قام بالتفجير بأنه ليس مسلماً قد خفف الحقد تجاه المسلمين، أو هو حقد دفين جذوره عميقة في الغرب بشكل عام؟

 

 

 

الجواب:

 

إن ما حدث ذو دلالة كبيرة على الحقد والكراهية الذي يختزنه الغرب تجاه الإسلام والمسلمين فهم كما قال سبحانه: ﴿قَدْ بَدَتِ الْبَغْضَاءُ مِنْ أَفْوَاهِهِمْ وَمَا تُخْفِي صُدُورُهُمْ أَكْبَرُ﴾، ويتبين ذلك من استعراض الأمور التالية:

1- أسرعت وسائل الإعلام باتهام المسلمين... إنّ ذم الإسلام بسبب جريمة بريفيك ليس حدثا معزولا عما تود أن تصوره وسائل الإعلام الغربية، وعلى العكس من ذلك، فغوغائية بريفيك وآراؤه تنم عن كراهية الإسلام وهي نتاج للحضارة الغربية التي تلقى صدى لدى الكثيرين في الغرب، ويمكن رؤية ذلك بوضوح في طريقة تغطية وسائل الإعلام الغربية للحدث، فقد سارع الإعلام و"خبراؤه" إلى اتهام الإسلام والمسلمين بالمسئولية عن الهجوم، وقد أدى ذلك إلى إحداث هيجان ضد الإسلام والمسلمين مما أدى إلى عدة اعتداءات جسدية على المسلمين في النرويج، وكما نقلت هيئة الإذاعة البريطانية عن الأمين العام للمجلس الإسلامي النرويجي، مهتاب افسار القول "سمعنا بالفعل أنّ بعض المسلمين قد تعرضوا للضرب في أوسلو، وقد اتصلت بي بعض النساء كن خائفات وطلبن المساعدة"، فالهجمات ضد المسلمين ظهرت مباشرة بعد بث الكراهية بسبب جريمة الأصولي المسيحي، أنديرس بهرنغ بريفيك والتي اتُّهم فيها المسلمون.

2- بعد أن تبين أن الذي قام بالعمل هو من أبناء قومهم، فإن ساسة الغرب وحتى مفكريهم استمروا في تبرير أعمال "بريفيك"... وفوق ذلك فقد عبر بعض الساسة الأوروبيين علنا ​​عن دعم آراء بريفيك المعادية للمسلمين، فقد قال جاك كوتيلا، عضو في حزب الجبهة الوطنية الفرنسي اليميني "إنّ السبب وراء الهجمات الإرهابية في النرويج هو محاربة الغزو الإسلامي، وهذا ما لا يريد الناس لك أن تعرفه". كما وصف كوتيلا بريفيك بأنه "المدافع الرئيس عن الغرب"، وفي إيطاليا قال فرانشيسكو سبيريني، وهو عضو بارز في دوري إيطاليا الشمالية وحليف/ الشريك في ائتلاف برلسكوني المحافظ "أفكار بريفيك هي الدفاع عن الحضارة الغربية"، كما قال البرلماني ماريو بورجازي الأوروبي "إنّ بعض الأفكار التي عبر عنها بريفيك جيدة، وما عدا العنف فإنّ بعضها عظيم"، وهذه ليست المرة الأولى التي يؤيّد فيها السياسيون الإيطاليون الانتقادات الموجهة ضد الإسلام، فقبل بضع سنوات، أشاد وزير الدفاع الإيطالي انطونيو مارتينو فالاتشي الذي كتب كتابا بعنوان "الغضب والكبرياء" وصف المسلمين بأنهم "مخلوقات خسيسة تبول في صحن الكنيسة"، وقال "بأنّهم مثل الجرذان".

لا شك أنّ وجهات النظر هذه هي التي تدفع نحو التطرف، الأمر الذي يؤدي في نهاية المطاف إلى تشكيل السياسات الداخلية للحكومات الغربية على نحو معاد للمسلمين، كحظر الحجاب وفرض قيود على بناء المساجد والتجسس الصارخ على الجاليات المسلمة والسجن للمسلمين دون محاكمات، وغيرها من الإجراءات الصارمة التي اتخذتها الحكومات الغربية ضد المسلمين.

3- يدّعي الغرب أنّ الأفراد أحرار في عبادة "الإله" الذي يختارونه وفي ممارسة طقوس عبادتهم مهما كانت، ولكن الحقيقة هي أن المستفيد الحقيقي من حرية التدين هم أفراد أو جماعات ممن تتقاطع معتقداتهم مع مصالح الحكومات، أو أولئك الذين يمتلكون القدرة على التأثير على الحكومات، هذا هو أحد الأسباب التي تقف خلف السماح لمؤسسات كثيرة في الغرب بمهاجمة الإسلام بسبب خطابهم الناري والسياسات العنصرية، فهي تتواءم بشكل كامل مع حرب الغرب على الإسلام التي لم تنته بعد، ومع ذلك، فلو اعتدى الإعلام الغربي أو مؤسساته العديدة على اليهود أو دولتهم فإن الحكومات الغربية تتخذ إجراءات صارمة وسريعة للحد من إهانتهم.

وبالمثل، فإنّ الحكومات الغربية تتعامل مع الحرية الدينية كجزء من جدول أعمال سياستها الخارجية، لفتح المجتمعات المغلقة أمام القيم الغربية، وتتجاهل الحرية الدينية عندما لا تتفق مع مصالحهم، ففي حالة الانتفاضات العربية وذبح المسلمين على أيدي عملاء الغرب، فقد اختار الغرب تمييع رده، ما دام المتظاهرون من أنصار الإسلام وليس الديمقراطية، وهذا النفاق لا يؤدي إلا إلى التأكيد للمسلمين بأنّ أمريكا وأوروبا لا تسعيان إلا لتدمير القيم والشعائر الإسلامية.

4- هذه هي حضارة الغرب الفاسدة المفسدة، فأين هي من حضارة الإسلام وأحكامه؟

إنّ الإسلام ينص على أنّ الحياة والعرض والدم والملكية والمعتقدات والأعراق محمية من قبل الدولة الإسلامية.

فجميع حقوق الرعية في دولة الخلافة مكفولة لهم، بغض النظر عما إذا كانوا من المسلمين أو من غير المسلمين، كما يحمي الإسلام حقوق غير المسلمين الذين يعيشون في الدولة الاسلامية، في العبادة دون أي خوف من العقاب أو المضايقة، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم «مَنْ كَانَ عَلَى يَهُودِيَّتِهِ أَوْ نَصْرَانِيَّتِهِ فَإِنَّهُ لاَ يُفْتَنُ عَنْهَا...» ولذلك يحظر على أي مسلم إهانة غير المسلمين أو الإضرار بأماكن عبادتهم، والتاريخ الإسلامي شاهد على قدرة الإسلام على ضمان الحقوق الدينية لغير المسلمين تحت ظل الخلافة، ويكفي أن نتأمل مثال إسبانيا وفلسطين لنجد أنّ اليهود والمسيحيين عاشوا بسلام مع المسلمين في ظل الحكم الإسلامي.

وبالنسبة للمسلمين الذين يعيشون في الغرب أو المقيمين في العالم الإسلامي، فإنّ عليهم أن يضاعفوا جهودهم لنصرة إخوانهم العاملين في البلاد الإسلامية لإقامة الدولة الإسلامية، فالدولة الإسلامية وحدها القادرة على حماية حقوق المسلمين، سواء أكانوا ممن يختارون العيش داخل حدود الدولة أم خارجها.

تعليقات الزوَّار

تأكد من ادخال المعلومات في المناطق المشار إليها ب(*) . علامات HTML غير مسموحة

عد إلى الأعلى

البلاد الإسلامية

البلاد العربية

البلاد الغربية

روابط أخرى

من أقسام الموقع