الإثنين، 23 جمادى الأولى 1446هـ| 2024/11/25م
الساعة الان: (ت.م.م)
Menu
القائمة الرئيسية
القائمة الرئيسية

بسم الله الرحمن الرحيم

 جواب سؤال

موضوع ارتفاع اليورو وتوضيح ذلك

 

موضوع ارتفاع اليورو وتوضيح ذلك، يمكن فهمه دون تطويل على النحو التالي:

كان النقد المحلي والدولي إلى قبل العالمية الأولى يسير على قاعدة الذهب أي كان للنقد قيمة ذاتية لأنه كان مادة محترمة ذات قيمة حيث كان النقد معدناً (الذهب وأحياناً الذهب والفضة).

 

بعد الحرب الأولى اضطرب الأمر، ووضعت قيود على القاعدة الذهبية ولكنها لَم تلغ بل استمر التعامل بالورق النائب عن الذهب، ولكن حتى يستبدل إلى ذهب يجب أن يبلغ وزن سبيكة كبيرة معينة مع الفرد، فحدّ هذا من قدرة الأفراد العاديين على استبدال ورقهم بالذهب وأصبح فقط في مقدور الشركات الكبرى أو الدول.

 

لكن عند أزمة 1929 في أمريكا عندما انهار سوق (وول ستريت) وفي الثلاثينيات وإلى الحرب الثانية كان الوضع النقدي غير مستقر من حيث القاعدة الذهبية.

 

بعد الحرب الثانية في 1944 عقدت اتفاقية بريتون وودز وألغيت القاعدة الذهبية رسمياً، أي ألغي التعامل بالذهب أو الورق النائب، وأصبح التعامل بعدها بقاعدة (الصرف بالذهب) أي اعتماد نقد ورقي تضمن دولته صرفه بالذهب عند اللزوم بسعر تحدده، فاعتُمد الدولار، وحددت أمريكا سعر الأونصة بـ 35 دولاراً وأصبح الورق (الدولار) كأنه ذهب في التعامل الدولي، وهو ليس له قيمة ذاتية فالورقة لا تساوي عشر معشار ما حددته أمريكا لها.

 

واستمر ذلك إلى 1971 عندما ألغى الرئيس الأمريكي تبديل الدولار بذهب.

 

فأصبح العالم يتعامل بالورق غير القابل للصرف إلى ذهب أو ما يسمى (الورق الإلزامي) وأصبح اقتصاد الدولة واحتياط الدولة من الذهب والعملات الصعبة هو الذي يعطي الثقة وثبات السعر لهذا الورق النقدي. فإذا كان الاحتياطي المعروف للجمهور قوياً زادت ثقة الجمهور بهذا النقد وأقبلوا عليه.

 

وإذا كانت صادراتها عاليةً أكثر من مستورداتها أي هناك طلب على نقدها فيعني ذلك ان قيمة هذا النقد محترمة وموثوق بها وقوتها الشرائية جيدة ولسعرها ثبات نسبي، ومُعَرَّض للارتفاع كلما زاد الطلب عليه.

 

فإذا أصبح السعر مرتفعاً وتجاوز العشرين في المئة، فإن هذا الارتفاع في سعر نقدها يؤثر على صادراتها فتقل نظراً لغلاء سعرها حيث إن السلعة في أمريكا مثلاً التي تساوي (1000) دولار وكان يدفع الأوروبي بدلها (1000) يورو، فعندما يرتفع سعر الدولار 25% هذا يعني أن تلك السلعة سيدفع فيها (1250) يورو بدل (1000) يورو، فيقل إقبال المستوردين عليها، فتقل الصادرات، وتغزو سلع الدول الأخرى السوق الأمريكي لانخفاض سعرها النسبي.

 

• ولذلك تحرص الدول على أن لا ينخفض سعر نقدها لتبقى الثقة به.

• وتحرص على زيادة صادراتها بأن لا يرتفع سعر نقدها كثيراً (فوق 20%).

• وتحرص على الحفاظ على ميزانها التجاري موجباً أي صادراتها لا تقل عن وارداتها.

• وحتى يكون ميزانها التجاري موجباً فهي تلجأ أولاً إلى تقليل الواردات بفرض ضرائب عليها، دون تخفيض نقدها لتبقى سمعتها والثقة بها قويةً (وبخاصة الدول الكبرى). كما صنعت أمريكا بفرض ضرائب على الصلب في أوروبا رغم اتفاق التجارة الدولية مما دفع أوروبا لإقامة دعوى عليها.

 

وهي تلجأ ثانياً إلى تخفيض نقدها كخط ثانٍ بعد فرض الضرائب أولاً. إذا كان ضعف اقتصادها قوياً وحاجة السوق للسلع الخارجية قويةً. وعندها يكون اللجوء للضرائب غير ذي نفع لأنها بحاجة للاستيراد. لذلك تلجأ إلى الخط الثاني أي تخفيض النقد لزيادة الصادرات كما فعلت أمريكا في أوائل السبعينات.

 

هذا بشكل عام.

أما حول سبب ارتفاع اليورو بالذات فهو:

1 - اقتصاد أوروبا القوي نتيجة الاتفاقيات الاقتصادية للاتحاد الأوروبي وفتح الأسواق معاً.

2 - ضعف اقتصاد أمريكا نسبياً مع الاقتصاد الأمريكي.

3 - ثقة الجمهور باليورو لاحتياطي الذهب الموجود.

 

يبقى عنصر تستعمله الدول بالمضاربات الاقتصادية التي تؤدي إلى عملية رفع مفتعل فوق الحد المسموح لنقد دولة ما، كأن تشتري نقد تلك الدولة من الأسواق لتزيد الطلب عليه فترفعه لضرب صادرات تلك الدولة، فتغزو بضاعتها أسواق تلك الدولة، وهذا يكون لفترة مؤقتة لعمل سياسي بغطاء اقتصادي، وهذا لا تستطيعه دولة باقتصاد ضعيف مثل أمريكا لأن رفع سعر نقد الدولة الأخرى يؤدي تلقائياً إلى تخفيض القوة الشرائية لنقدها، فإذا كان اقتصاد هذه الدول لا يستطيع استغلال التخفيض لزيادة صادراته فتكون جدوى مضاربته النقدية معدومةً بل معكوسةً عليه.

 

ولذلك فيستبعد أن يكون ارتفاع سعر اليورو بمضاربة اقتصادية من أمريكا وذلك لضعف اقتصادها.

 

وعلى كل هو عاد وانخفض عن حاجز العشرين في المئة الضار، وهو منذ أوائل العام إلى الآن لَم يجاوز ارتفاع سعره بالنسبة للدولار عن 20% إلا لفترة أقل من شهر ثم عاد وانخفض، ولَم تتأثر صادرات أوروبا كثيراً نتيجة الارتفاع، وبخاصة بعد أن كسبت القضية التي رفعتها على أمريكا بشأن الضرائب على صادرات أوروبا من الصلب لأمريكا.

 

وتقبل تحياتي.

 

14 من جمادى الأولى 1425هـ

في 02/07/2004م.

تعليقات الزوَّار

تأكد من ادخال المعلومات في المناطق المشار إليها ب(*) . علامات HTML غير مسموحة

عد إلى الأعلى

البلاد الإسلامية

البلاد العربية

البلاد الغربية

روابط أخرى

من أقسام الموقع