الإثنين، 23 جمادى الأولى 1446هـ| 2024/11/25م
الساعة الان: (ت.م.م)
Menu
القائمة الرئيسية
القائمة الرئيسية

بسم الله الرحمن الرحيم

 

 

 

جواب سؤال

 

هل يجوز قبول هدية شخص كسب المال بالحرام؟

 


السؤال:

 


هل يجوز قبول هدية شخص كسب المال بالحرام (عن طريق القمار مثلاً أو الربا أو عقود التأمين أو بيع الخمور)؟ وهل يجوز لأهله أن يقبلوا نفقته عليهم من هذا المال الذي حصل عليه بالحرام؟


وشكراً جزيلاً لكم.

 


الجواب:

 


الحرام أنواع:


- حرام لعينه كالخمر... وهذا لا تجوز الهدية فيه، فهو حرام على صاحب الخمر وعلى المهداة إليه، قال رسول الله «حُرِّمَتِ الْخَمْرُ بِعَيْنِهَا» أخرجه النسائي.


- حرام لحق آدمي مسروق أو مغصوب... فهذا حرام على سارقه وغاصبه، ولا تجوز الهدية فيه، فهو حرام على كاسبه وعلى المهدى إليه، لأن هذا المال هو حق لصاحبه، وحيث وُجد فيجب أن يعود لصاحبه، ومن الأدلة على ذلك:


أخرج أحمد عَنْ سَمُرَةَ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «إِذَا سُرِقَ مِنَ الرَّجُلِ مَتَاعٌ، أَوْ ضَاعَ لَهُ مَتَاعٌ، فَوَجَدَهُ بِيَدِ رَجُلٍ بِعَيْنِهِ، فَهُوَ أَحَقُّ بِهِ، وَيَرْجِعُ الْمُشْتَرِي عَلَى الْبَائِعِ بِالثَّمَنِ»


فهو نص في أن المال المسروق يُرَدُّ لصاحبه.


والغصب كذلك مضمون للمغصوب منه فيجب على الغاصب ردّ العين المغصوبة إلى صاحبها لما روي عَنْ سَمُرَةَ، عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «عَلَى اليَدِ مَا أَخَذَتْ حَتَّى تُؤَدِّيَ»، أخرجه الترمذي وقال هَذَا حَدِيثٌ حَسَنٌ.


- حرام لمعاملات باطلة مثل مال الربا ومال القمار... فهذا حرام فقط على كاسبه، ولا يصل الحرام إلى من حصل عليه بطريق مشروع من صاحب الربا أو من صاحب القمار، كأن تبيع المرابي بضاعة وتأخذ ثمنها منه، أو تحصل المرأة من المرابي على نفقتها، أو يهدي المرابي أحد أقاربه هدية، أو نحو ذلك من معاملات مشروعة، فإن إثم هذا المال يقع على المرابي وليس على آخذ الثمن أو النفقة أو الهدية، وذلك لأن الحرام لا يتعلق بذمتين في هذه الحالة، ومن الأدلة على ذلك:


1- قال تعالى (( وَلَا تَكْسِبُ كُلُّ نَفْسٍ إِلَّا عَلَيْهَا وَلَا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى )).


2- أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يتعامل مع اليهود في المدينة، علماً بأن معظم أموالهم من الربا، فقد قال الله سبحانه: (( فَبِظُلْمٍ مِنَ الَّذِينَ هَادُوا حَرَّمْنَا عَلَيْهِمْ طَيِّبَاتٍ أُحِلَّتْ لَهُمْ وَبِصَدِّهِمْ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ كَثِيرًا* وَأَخْذِهِمُ الرِّبَا وَقَدْ نُهُوا عَنْهُ وَأَكْلِهِمْ أَمْوَالَ النَّاسِ بِالْبَاطِلِ ))، فقد كان يقبل الهدية منهم كما ورد عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ: أَنَّ امْرَأَةً مِنَ الْيَهُودِ أَهْدَتْ لِرَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ شَاةً مَسْمُومَةً، فَأَرْسَلَ إِلَيْهَا، فَقَالَ: «مَا حَمَلَكِ عَلَى مَا صَنَعْتِ؟» قَالَتْ: أَحْبَبْتُ - أَوْ أرَدْتُ - إِنْ كُنْتَ نَبِيًّا فَإِنَّ اللهَ سَيُطْلِعُكَ عَلَيْهِ، وَإِنْ لَمْ تَكُنْ نَبِيًّا أُرِيحُ النَّاسَ مِنْكَ.


3- صح عن بعض الصحابة والتابعين إجازتهم للهدية من صاحب الربا:


أ- جاء رجل إلى ابن مسعود فَقَالَ: إِنَّ لِي جَارًا يَأْكُلُ الرِّبَا، وَإِنَّهُ لَا يَزَالُ يَدْعُونِي، فَقَالَ: "مَهْنَؤُهُ لَكَ وَإِثْمُهُ عَلَيْهِ" أخرجه عبد الرزاق الصنعاني في مصنفه.


ب- وسُئِلَ الْحَسَنُ أَيُؤْكَلُ طَعَامُ الصَّيَارِفَةِ؟ فَقَالَ: "قَدْ أَخبرَكُمُ اللَّهُ عَنِ الْيَهُودِ وَالنَّصَارَى، إِنَّهُمْ يَأْكُلُونَ الرِّبَا، وَأَحَلَّ لَكُمْ طَعَامَهُمْ" أخرجه عبد الرزاق الصنعاني في مصنفه عن معمر.


ج- عَنْ مَنْصُورٍ قَالَ: قُلْتُ لِإِبْرَاهِيمَ: نَزَلْتُ بِعَامِلٍ، فَنَزَلَنِي وَأَجَازَنِي قَالَ: "اقْبَلْ" ، قُلْتُ: فَصَاحِبُ رِبًا قَالَ: "اقْبَلْ مَا لَمْ تَأْمُرْهُ أَوْ تُعِنْهُ" أخرجه عبد الرزاق الصنعاني في مصنفه عن معمر.


4- ومع ذلك فإن الأفضل أن لا يُتعامل مع أصحاب المال الحرام الناتج من الربا، فلا يباع لهم ولا تقبل هدية منهم من باب الورع حتى لا يأخذ البائع ثمناً ملوثاً بالربا لبضاعته، ولا يقبل هديتهم حتى لا تكون من أموال الربا، فيبتعد المسلم بعيداً عن كل ما ليس بصاف أو نقي، وقد كان أصحاب الرسول صلى الله عليه وسلم يبتعدون عن أبواب عدة من المباح خشية الاقتراب من الحرام، فقد صح عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال «لَا يَبْلُغُ العَبْدُ أَنْ يَكُونَ مِنَ المُتَّقِينَ حَتَّى يَدَعَ مَا لَا بَأْسَ بِهِ حَذَرًا لِمَا بِهِ البَأْسُ»، أخرجه الترمذي وقال هَذَا حَدِيثٌ حَسَنٌ.


والخلاصة يجوز أن تبيع للذي يتعامل بالربا مع البنوك أو غيرها، ويجوز أن تقبل هديته، ولكن الأفضل أن لا تبيع له ولا تقبل هديته.

تعليقات الزوَّار

تأكد من ادخال المعلومات في المناطق المشار إليها ب(*) . علامات HTML غير مسموحة

عد إلى الأعلى

البلاد الإسلامية

البلاد العربية

البلاد الغربية

روابط أخرى

من أقسام الموقع