- الموافق
- كٌن أول من يعلق!
بسم الله الرحمن الرحيم
سلسلة أجوبة العالم الجليل عطاء بن خليل أبو الرشتة أمير حزب التحرير
على أسئلة رواد صفحته على الفيسبوك "فكري"
جواب سؤال
أنواع القيم
إلى حامد شاهين
السؤال:
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته،
تحية طيبة وبعد،
أسأل الله أن تكون بخير وعافية أميرنا الفاضل،
سؤالي يتعلق بالقيم. والسؤال هو عن القيمة التي يحققها الحزب في استئنافه للحياة الإسلامية، فهل استئناف الحياة الإسلامية يحقق "قيمة إنسانية" كونه عملا ينقذ البشرية حال تحققه أم يحقق "قيمة روحية" كون استئناف الحياة الإسلامية قام على أساس تشريعي (لا غرائزي) يتعلق بالحكم بالإسلام ووجوب بيعة الخليفة... الخ؟ وبارك الله فيك.
وفي هذا أيضا هل القيمة الروحية متعلقة فقط بالعبادات لا غير؟
الجواب:
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته
أولاً: قبل الإجابة لا بد من توضيح أمرين يتعلقان بالقيمة:
* الأول أن القيمة هي القصد من العمل وليست النتيجة المتحققة من أداء الفعل، فقد تكون القيمة روحية ولكن النتيجة محسوسة أو غير محسوسة، فمثلاً أنت تجاهد وقصدك من ذلك القيمة الروحية ولكن النتيجة لهذا العمل هي نتيجة محسوسة كفتح بلد أو حصن... وأنت تدعو وقصدك تحقيق القيمة الروحية والنتيجة غير محسوسة إن كان الدعاء في تلك الحالة ليس من الطريقة، بل الطريقة الشرعية غير الدعاء، فتكون النتيجة تحصيل الثواب من الله سبحانه. جاء في المفاهيم: (...فمثلاً الدعاء عمل يحقق قيمة روحية، والجهاد عمل مادي يحقق قيمة روحية، لكن الدعاء وإن كان عملاً مادياً فإنه يحقق نتيجة غير محسوسة وهي الثواب، وإن كان قصد القائم بالدعاء تحقيق قيمة روحية، بخلاف الجهاد فإنه قتال الأعداء وهو عمل مادي يحقق نتيجة محسوسة وهي فتح الحصن أو المدينة أو قتل العدو وما شاكل ذلك، وإن كان قصد المجاهد هو تحقيق القيمة الروحية...).
أما الدعاء في حالة أخرى "لا يوجد لها طريقة شرعية" فيمكن أن يحقق نتيجة محسوسة. جاء في جواب سؤال في 2014/10/25: (......ولم يرد في "المفاهيم" عن الدعاء شيءٌ في حالات أخرى، بل تلك يشملها الحديث العام الذي أخرجه أحمد في مسنده: عَنْ أَبِي الْمُتَوَكِّلِ، عَنْ أَبِي سَعِيدٍ، أَنَّ النَّبِيَّ ﷺ قَالَ: «مَا مِنْ مُسْلِمٍ يَدْعُو بِدَعْوَةٍ لَيْسَ فِيهَا إِثْمٌ، وَلَا قَطِيعَةُ رَحِمٍ، إِلَّا أَعْطَاهُ اللَّهُ بِهَا إِحْدَى ثَلَاثٍ: إِمَّا أَنْ تُعَجَّلَ لَهُ دَعْوَتُهُ، وَإِمَّا أَنْ يَدَّخِرَهَا لَهُ فِي الْآخِرَةِ، وَإِمَّا أَنْ يَصْرِفَ عَنْهُ مِنَ السُّوءِ مِثْلَهَا» قَالُوا: إِذاً نُكْثِرُ، قَالَ: «اللَّهُ أَكْثَرُ»، أي يستجيب الله سبحانه للداعي بإحدى ثلاث، ومن بينها «إِمَّا أَنْ تُعَجَّلَ لَهُ دَعْوَتُهُ». وهي نتيجة محسوسة.)
* الثاني أن موضوع القيمة هو متعلق بقصد الفرد أي هو فردي:
1- ورد في المفاهيم ربط القيم بقصد الفرد (الإنسان بمعنى الشخص أو العامل)، فقد جاء في ص 30-34 ملف الوورد ما يلي:
[...أما بالنسبة للقصد من العمل فإنه لا بدّ أن يكون لكل عامل قصد قد قام بالعمل من أجله. وهذا القصد هو قيمة العمل. ولذلك كان حتماً أن تكون لكل عمل قيمة يراعي الإنسان تحقيقها حين القيام بالعمل، وإلا كان مجرد عبث...
ولذلك كان على المسلم أن يبذل وسعه لتحقيق القيمة المقصودة من كل عمل يقوم به حين أداء هذا العمل ومباشرته، حتى يساهم في رفاهية المجتمع ورفعته، ويضمن - في الوقت نفسه - رفاهية نفسه وطمأنينتها...
ولهذا كان من الخطأ أن يترك للإنسان تقدير هذه القيم، بل يجب أن تقدر القيم من قبل خالق الإنسان وهو الله. ولذلك كان لا بد أن يكون الشرع هو الذي يحدد للإنسان هذه القيم ويحدد وقت القيام بها، وبحسبها يأخذها الإنسان...
وبذلك تتحقق في المجتمع القيم بالقدر الذي يلزمه كمجتمع معين. ويقاس هذا المجتمع بمقاييسها. وعلى هذا الأساس يجب أن يعمل لتحقيق القيم، ليوجد المجتمع الإسلامي حسب وجهة نظر الإسلام في الحياة.] انتهى
2- وهذا يعني أن قيمة العمل هي القصد الذي قام العامل بالعمل لأجله، فالقيمة هي القصد من العمل، والذي يكون له قصد من العمل هو الإنسان، أي الفرد المُشخّص كمحمد وزينب وفاطمة وخالد، فهو عندما يقوم بعمل من الأعمال يقصد تحقيق قيمة معينة من عمله، فإذا قام محمد بعمل التجارة فإنه يقصد تحقيق ربح مادي وهو قيمة مادية، وإذا قامت زينب بالصلاة فإنها تقصد إلى تحقيق قيمة معنوية وهي القيمة الروحية، وإذا صدقت فاطمة فإنها تقصد تحقيق قيمة هي القيمة الخلقية، وإذا أغاث خالد الملهوف فإنه يقصد تحقيق قيمة هي القيمة الإنسانية... وهكذا فالقيمة هي قصد الفرد المُشخّص من قيامه بالعمل، أي أن الذي يقوم بالعمل بقصد تحقيق قيمة هو الإنسان "الفرد".
3- وهنا تبرز مهمة الحزب في أن يضبط هذه القيم عند شبابه، سواء أكانت هذه القيم روحية أم خلقية أم إنسانية أم مادية، بأن تكون هذه القيم وفق أحكام الشرع، ويستعمل الحزب الأساليب اللازمة في ضبطها من توجيه أو بيان وفق أحكام الشرع، وإذا لم يُجدِ التوجيه والبيان ضبط القيم عند الشباب ولزمت العقوبة الإدارية فعل، وذلك لضمان تطبيق الشباب لهذه القيم وفق أوامر الله سبحانه ونواهيه...
وكذلك تبرز مهمة الدولة بأن تضبط هذه القيم وفق أحكام الشرع وما على الإنسان المسلم بوصفه الفردي (كشخص أو عامل) إلاّ أن يعمل لتحقيق هذه القيم وَفق أوامر الله ونواهيه... في جميع أنواع القيم الروحية والخلقية والإنسانية والمادية.
هذه مهمة الدولة ودورها في ضبط قيام الأفراد بتحقيق القيم وفق أحكام الشرع، سواء أكانت القيمة روحية أم خلقية أم إنسانية أم مادية... وتستعمل الأساليب اللازمة في ضبطها من توجيه أو بيان وفق أحكام الشرع، وإذا لم يُجدِ التوجيه والبيان لتصحيح المخالفة الشرعية في تنفيذ الأفراد لهذه القيم ولزمت العقوبة فعلت، وذلك لضمان تطبيق الأفراد لهذه القيم وفق أوامر الله سبحانه ونواهيه...
ثانياً: والآن أجيبك عن سؤالك:
1- إن حامل الدعوة الذي يعمل لاستئناف الحياة الإسلامية بإقامة الخلافة الراشدة فهو يقصد في عمله هذا تحقيق القيمة الروحية إرضاء لله سبحانه ولرسوله ﷺ، وتكون نتيجة عمله نتيجة محسوسة كالعز والنصر والتمكين والفتح ونشر الخير حيث حلت الخلافة ﴿وَأُخْرَى تُحِبُّونَهَا نَصْرٌ مِنَ اللَّهِ وَفَتْحٌ قَرِيبٌ وَبَشِّرِ الْمُؤْمِنِينَ﴾.
2- قصد تحقيق القيمة هو أمر فردي أي متعلق بالأفراد، ففلان يقصد تحقيق قيمة روحية أو قيمة خلقية أو إنسانية أو مادية... فهو قصد فردي، أما الحزب فمن عمله أن يضبط شبابه أن لا تكون أعمالهم عبثاً بل يعملوا لتحقيق هذه القيم وفق الأحكام الشرعية. وكذلك فمن عمل الدولة أن تضبط تحقيق هذه القيم من الأفراد في المجتمع وفق الأحكام الشرعية.
آمل أن يكون في هذا الجواب الكفاية، والله أعلم وأحكم.
أخوكم عطاء بن خليل أبو الرشتة
06 ربيع الآخر 1444هـ
الموافق 2022/10/31م
رابط الجواب من صفحة الأمير (حفظه الله) على الفيسبوك
رابط الجواب من صفحة الأمير(حفظه الله) ويب