الإثنين، 23 جمادى الأولى 1446هـ| 2024/11/25م
الساعة الان: (ت.م.م)
Menu
القائمة الرئيسية
القائمة الرئيسية
  •   الموافق  
  • كٌن أول من يعلق!

بسم الله الرحمن الرحيم

 

 

كلمة العالم الجليل عطاء بن خليل أبو الرشته أمير حزب التحرير

بمناسبة حلول شهر رمضان المبارك 1425هـ

 

 

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه ومن والاه وبعد،


يقول سبحانه: {يا أيها الذين آمنوا كتب عليكم الصيام كما كتب على الذين من قبلكم لعلكم تتقون} ويقول عز وجل: {شهر رمضان الذي أنزل فيه القرآن هدىً للناس وبيناتٍ من الهدى والفرقان فمن شهد منكم الشهر فليصمه}.

 

أيها الإخوة الكرام


أيها المسلمون


ها هو رمضان يظلنا بخيره وبركته، فهو شهر ميّزه الله عن باقي الشهور، وأفاض فيه الرحمة وأعظم فيه الأجور، أوله رحمة وأوسطه مغفرة وآخره عتق من النار حعله الله سبحانه له خاصة يجزي فيه من يشاء بغير حساب «كل عمل ابن آدم له إلا الصوم فإنه لي وأنا أجزي به» كما قال صلوات الله وسلامه عليه في حديثه القدسي.

 

إن شهر رمضان شهر مشهود له في تاريخ الإسلام، فيه أُنزل القرآن الكريم، وفيه كان النصر والفتح المبين. إنه شهر عمل وجد واجتهاد، وشهر عبادة وصبر وجهاد. فيه كان المسلمون يتنافسون بالخيرات حيث تُضاعف الأجور والحسنات. وكان خليفتهم وولاتهم يحفظون أمن البلاد والعباد، ويحملون الإسلام للعالم بالدعوة والجهاد. فكان الشهر الكريم شهر عز للمسلمين، وشهر ذل للكافرين.

 

هكذا كان يأتي رمضان بأيام مضيئة للإسلام والمسلمين. كان منارة خير، وعلم هدىً، وراية جهاد. خليفة المسلمين إمامهم، يحكمهم بشرع الله، ويجاهد بهم في سبيل الله، فتجوب جيوشهم فيافي القفار وتخوض مراكبهم عباب البحار لإعلاء كلمة الله ونشر العدل في ربوع العالم.

 

تخاطب جيوشهم مياه المحيط: لو كنا نعلم بلاداً خلفك لخضناك لرفع راية الإسلام، وينادي خليفتهم السحاب: أنزل ماءك حيث شئت فهو بإذن الله ساقٍ بلاد المسلمين. والمسلمون من خلف خليفتهم، يشدون على يديه إذا أحسن ويحاسبونه إن أساء، وهو وهُم أمام شرع الله سواء.

 

والأمة والدولة والمجتمع يحركها الإسلام وتتحرك به. تستقبل رمضان بوجوه مسفرة ضاحكة مستبشرة، وتودعه محزونة لفراقه، مشتاقة للقائه لتشهد معه وبه الخير، فتفوز في الدارين وذلك الفوز العظيم.

 

هكذا كان يأتي رمضان، فكيف يأتي اليوم؟


يأتي اليوم وقد قضي على الخـلافة منذ ثلاث وثمانين سنةً ولَم يُعدها المسلمون بعد، في الوقت الذي يأثم المسلمون فيه بعد ثلاثة أيام من خلو البلاد من خليفة، إلا من تلبس بالعمل لإقامتها بجد وإخلاص.

 

ويأتي اليوم وأبرز بلاد المسلمين محتل: فلسطين والعراق وأفغانستان والشيشان وكشمير وقبرص وجنوب السودان، والمسلمون كثر دون وزن أو حساب لعدم وجود خليفة يرعى شأنهم، ويحفظ بيضتهم، يُـتَّقى به ويُقاتل من ورائه.

 

ويأتي اليوم والمسلمون، إلا من رحم ربي، قد غلبت عليهم عادات ما أنزل الله بها من سلطان فبدلاً من أن يكون رمضان عندهم شهر عبادة وجهاد يصبح شهر كسل وطول رقاد، وبدل أن يكون شهر جُرأة وإقدام يصبح شهر عجز وإحجام، وبدل أن يتنافس المسلمون فيه بالحسنات والخيرات يتنافسون بأصناف المأكولات.

 

وأما حكام المسلمين فقد باعوا البلاد والعباد، ومهدوا للكفار احتلال بلاد المسلمين، وساروا خانعين في ركاب الغرب وبخاصة أمريكا، وخانوا الله ورسوله والمؤمنين. أما رمضان فقد جعلوه وراء ظهورهم، نزعوا منه روحه وجعلوه طقوساً، يفتتحونه بأخلاط من لغو الكلام فيصفق لهم المنافقون ثم ينفض السامر والمتسامرون. وأمثل هؤلاء الحكام طريقةً مَنْ يعلن إغلاق الباب الرئيس لدور اللهو والمجون والمطاعم والحانات خلال ليالي رمضان، ثم يشير بسهم إلى باب خلفي لدخول تلك المغلقات!

 

وأما إذاعاتهم فرمضان عندها شهر للسهرات الرمضانية! والحفلات الغنائية، والأفلام الساقطة والمسلسلات الهابطة، ومع ذلك تصر تلك الإذاعات أنها تحيي ليالي رمضان!

 

أيها المسلمون


إن رمضان لا بد بإذن الله عائد يضيء ليل المسلمين، ويستظل براية خليفة المسلمين، فالخير في هذه الأمة مستمر لا ينقطع إلى يوم القيامة. ولقد أنجبت هذه الأمة على مر التاريخ رجالاً أولي قوة وتقوى، أعادوا للأمة عزتها وعلو منـزلتها، وأيام هزائم الصليبيين والتتار ثم طردهم شر طردة، شواهد شامخة على ذلك. والأمة اليوم تفخر بأن فيها فتيةً آمنوا بربهم وزادهم الله من فضله هدىً، عقدوا العزم أن يصلوا ليلهم بنهارهم في عمل دؤوب خالص لله سبحانه وصادق مع رسول الله صلى الله عليه وآله وصحبه وسلم لإعادة مجد الأمة لإقامة الخـلافة الراشدة، دون أن يخشوا في الله لومة لائم حتى يقيموا ما عقدوا العزم أو يهلكوا دونه.

 

إن حزب التحرير والمسلمين من ورائه يدركون أن عزة هذه الأمة لن تعود إلا بالخـلافة، وهم كذلك يدركون أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قد بشر بعودتها راشدةً كما بدأت راشدةً، وإنهم ليرون أَنْ قد اقتربت أيامها، وأنهم إن شاء الله فرسانها {وعد الله الذين آمنوا منكم وعملوا الصالحات ليستخلفنهم في الأرض كما استخلف الذين من قبلهم}.

 

أيها المسلمون


لئن كان الله سبحانه لَم يشأ أن يقترن هذا العام بإقامة الخـلافة الراشدة، وإعلان الخليفة بنفسه بدء الشهر المبارك فإننا نضرع إليه سبحانه أن يكون هذا هو آخر رمضان يمر على المسلمين دون خلافة وخليفة، ودون فتح ونصر، ودون قوة للمسلمين وعزة. وعندها يستظل رمضان بظل الخـلافة، ويعود له ضوؤه ومضاؤه، ويعود شهر عبادة وجهاد، وتعود إليه تكبيرتاه:

 

تكبيرة المؤذن معلنةً للصائم فطرَه، وتكبيرة المجاهد معلناً بها نصرَه


{إن الله بالغ أمره قد جعل الله لكل شيء قدراً}.

 

تقبل الله من المسلمين جميعاً الصيام والقيام وجعلهم ممن يستمعون القول فيتبعون أحسنه.

 

1 رمضان 1425هـ

14/10/2004م

 

أمير حزب التحرير
عطاء بن خليل أبو الرشته

تعليقات الزوَّار

تأكد من ادخال المعلومات في المناطق المشار إليها ب(*) . علامات HTML غير مسموحة

عد إلى الأعلى

البلاد الإسلامية

البلاد العربية

البلاد الغربية

روابط أخرى

من أقسام الموقع