الإثنين، 23 جمادى الأولى 1446هـ| 2024/11/25م
الساعة الان: (ت.م.م)
Menu
القائمة الرئيسية
القائمة الرئيسية

بسم الله الرحمن الرحيم

Al Raya sahafa

 

2022-02-23

 

 

جريدة الراية: القيام على أمر الله

من فروض الإسلام

 

إن كل مسلم واع ومخلص يقوم على شرع الله عز وجل ليحرص أشد الحرص على التمسك بكل حكم تكليفي وتشريعي.

 

ومن هذا المنطلق جاء في صحيح البخاري عن حميد بن عبد الرحمن قال: سمعت معاوية خطيبا يقول: سمعت رسول الله ﷺ يقول: «مَنْ يُرِدْ اللَّهُ بِهِ خَيْراً يُفَقِّهْهُ فِي الدِّينِ وَإِنَّمَا أَنَا قَاسِمٌ وَاللَّهُ يُعْطِي، وَلَنْ تَزَالَ هَذِهِ الْأُمَّةُ قَائِمَةً عَلَى أَمْرِ اللَّهِ لَا يَضُرُّهُمْ مَنْ خَالَفَهُمْ حَتَّى يَأْتِيَ أَمْرُ اللَّهِ».

 

وحتى يكون أمر الله ظاهرا ونصرة الإسلام متحققة لا بد لكل مسلم أن يجتهد في نصرة الله تعالى ونصرة دينه مصداقا لقوله تعالى: ﴿الَّذِينَ أُخْرِجُوا مِنْ دِيَارِهِمْ بِغَيْرِ حَقٍّ إِلَّا أَنْ يَقُولُوا رَبُّنَا اللَّهُ وَلَوْلَا دَفْعُ اللَّهِ النَّاسَ بَعْضَهُمْ بِبَعْضٍ لَهُدِّمَتْ صَوَامِعُ وَبِيَعٌ وَصَلَوَاتٌ وَمَسَاجِدُ يُذْكَرُ فِيهَا اسْمُ اللَّهِ كَثِيراً وَلَيَنْصُرَنَّ اللَّهُ مَنْ يَنْصُرُهُ إِنَّ اللَّهَ لَقَوِيٌّ عَزِيزٌ * الَّذِينَ إِنْ مَكَّنَّاهُمْ فِي الْأَرْضِ أَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ وَأَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَوْا عَنِ الْمُنْكَرِ وَلِلَّهِ عَاقِبَةُ الْأُمُورِ﴾، فهذه الآيات بيان للأحكام التشريعية التكليفية حتى يقوم المسلمون على أمر الله عز وجل وبأمره، وهنا كان خطاب الوحي المنزل على المهاجرين والأنصار رضوان الله عليهم وهو مستمر إلى كل من تبعهم بإحسان إلى يوم الدين.

 

وقيل هم أهل الصلوات الخمس وقيل هم الخلفاء (ولاة العدل) وفي النص دليل تكليفي على وجوب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر قبل التمكين في الأرض وبعده وذلك حتى يكون أمر الله ظاهرا من خلال العلم أن المعروف الذي ندعو إليه هو (لا إله إلا الله محمد رسول الله) والمنكر الذي ننهى عنه هو الشرك والنفاق بكل صوره.

 

وبالعودة إلى حديث البخاري في بداية الموضوع نرى أمورا اشتمل عليها وهي:

 

1- بيان فضل التفقه في الدين والحرص على وجود المجتهدين في الأمة حتى يكون القيام على أمر الدين قويا، روي عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه أنه قال: "تفقهوا قبل أن تُسّوَدَّوا" وقال البخاري: "وبعد أن تسودوا فقد تعلم أصحاب رسول الله ﷺ في كبر سنهم"، وقال الإمام الشافعي رحمه الله: "تفقه قبل أن ترأس فإذا رأست فلا سبيل إلى الفقه" لكثرة المشاغل. وقال سعيد بن جبير: "لا يزال الرجل عالما ما تعلم فإذا ترك العلم وظن أنه قد استغنى فهو أجهل ما يكون"، وهذا تحذير من ترك التفقه في الدين لأن عدم معرفة أمور الدين توقع في المهالك.

 

2- أن نكون على يقين بأن الله هو المعطي والمنعم، أنعم علينا بالإسلام واختارنا لحمل الرسالة، وأن نكون حملة الأمانة أتباع النبي محمد ﷺ الذي قسم بيننا الهدى وأوضح السبيل فمن أخذه واعتصم به نجى ومن زاغ عنه أو انحرف هلك. قال تعالى: ﴿لَا إِكْرَاهَ فِي الدِّينِ قَد تَّبَيَّنَ الرُّشْدُ مِنَ الْغَيِّ فَمَن يَكْفُرْ بِالطَّاغُوتِ وَيُؤْمِن بِاللَّهِ فَقَدِ اسْتَمْسَكَ بِالْعُرْوَةِ الْوُثْقَى لَا انفِصَامَ لَهَا وَاللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ﴾. فالعروة الوثقى هي الإسلام أي لا إله إلا الله محمد رسول الله، وقال سبحانه: ﴿وَمَن يُسْلِمْ وَجْهَهُ إِلَى اللَّهِ وَهُوَ مُحْسِنٌ فَقَدِ اسْتَمْسَكَ بِالْعُرْوَةِ الْوُثْقَى وَإِلَى اللَّهِ عَاقِبَةُ الْأُمُورِ﴾.

 

فيجب إسلام الوجه لله تعالى بإخلاص العقيدة والعبادة بأن يقبل على الدين بكليته مع الحرص على كل عمل صالح، وكل من نظر في غير الشريعة والوحي فلم يسلم وجهه إلى الله تعالى فانحرف وضل وتاه، وهذا تحذير من رسول الله ﷺ حيث قال: «لَا تَقُومُ السَّاعَةُ حَتَّى تَأْخُذَ أُمَّتِي بِأَخْذِ الْقُرُونِ قَبْلَهَا شِبْراً بِشِبْرٍ وَذِرَاعاً بِذِرَاعٍ، فَقِيلَ يَا رَسُولَ اللَّهِ كَفَارِسَ وَالرُّومِ؟ فَقَالَ: وَمَنِ النَّاسُ إِلَّا أُولَئِكَ» رواه البخاري.

 

3- بين لنا الحديث الشريف حكما شرعيا وهو وجوب وجود العاملين لإنهاض الأمة القائمين على أمر الله عز وجل والقائمين بأمر الله سبحانه وتعالى. والقائم على الأمر هو المؤتمن على الدين المؤتمن على العقيدة التي ينبثق عنها نظام حياة الأمة الإسلامية في كل مكان، الذين لم يغيروا ولم يبدلوا دين الله. والقائم بأمر الله سبحانه هو المنفذ للأحكام المتبع للطريقة الشرعية في إقامة الإسلام على الوجه الذي فعله رسول الله ﷺ.

 

لذلك أخذ أمر القيام على أمر الله هذا المدح من رسول الله ﷺ وكان الثناء موصولا لكل من يحرص على الأخذ به كما هو ويتمسك به مهما واجهه من صعاب فقال ﷺ: «وَلَنْ تَزَالَ هَذِهِ الْأُمَّةُ قَائِمَةً عَلَى أَمْرِ اللَّهِ لَا يَضُرُّهُمْ مَنْ خَالَفَهُمْ حَتَّى يَأْتِيَ أَمْرُ اللَّهِ».

 

فكان حمل الدعوة إلى الإسلام والعمل على إيجاده في واقع الحياة ميراث النبي محمد ﷺ الذي يجب المحافظة عليه إن أردنا أن نحافظ على الإسلام فينا. لأنه لا يتصور وجود مؤثر للإسلام من غير دعوة توجده، ولا يتصور نقاء الإسلام في نفوس المسلمين من غير دعوة تنقيه من غبش الأفكار المنحرفة، فلولا الدعوة الإسلامية لما قوي الدين ولما انتشر ولما حوفظ عليه ولما أقيمت حجة الله على خلقه. بالدعوة إلى الإسلام النقي تظهر حجة المسلم وتقطع حجة الكافر ولا عذر لهم بترك الإسلام وبقائهم على الضلال، قال تعالى: ﴿رُسُلاً مُبَشِّرِينَ وَمُنْذِرِينَ لِئَلَّا يَكُونَ لِلنَّاسِ عَلَى اللَّهِ حُجَّةٌ بَعْدَ الرُّسُلِ وَكَانَ اللَّهُ عَزِيزاً حَكِيماً﴾.

 

ومن كل ما سبق تبرز لنا الصلة الوثيقة بين الإسلام وبين الدعوة إليه ويظهر معنى قيام الأمة على أمر الله، فتكون الدعوة إلى الإسلام ركنا ركينا وأمرا حيويا في الإسلام لازمة له لزوم انتشاره، حتى أخذت الدعوة إلى الإسلام والعمل لإيجاده في واقع الحياة أهميتها في حياة كل مسلم مخلص واع غير ملوث بالغرب فكان شعار فرض حمل الدعوة قوله تعالى ﴿وَلْتَكُن مِّنكُمْ أُمَّةٌ يَدْعُونَ إِلَى الْخَيْرِ وَيَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنكَرِ وَأُولَٰئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ﴾.

 

وقال ﷺ: «وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ لَتَأْمُرُنَّ بِالْمَعْرُوفِ وَلَتَنْهَوُنَّ عَنْ الْمُنْكَرِ أَوْ لَيُوشِكَنَّ اللَّهُ أَنْ يَبْعَثَ عَلَيْكُمْ عِقَاباً مِنْهُ ثُمَّ تَدْعُونَهُ فَلَا يُسْتَجَابُ لَكُمْ» رواه الترمذي. فهل يُسكت على الظالمين أو على الكفر أو يسكت على من يوالونهم؟ ألم يصلكم حديث رسول الله ﷺ «أَنْتُمْ شُهُودُ اللهِ فِي الأَرْضِ» ابن ماجه. وهنا يجب على كل مسلم أن يدرك معنى قيامه على أمر الله وقيامه بأمره؛ وذلك بتركيزه العمل على المعالجات التي تنهض الأمة كل الأمة في جميع بقاع الأرض والخروج عن النظرة الوطنية أو الإقليمية وذلك لا يكون إلا باتباع طريقة الرسول ﷺ، وأن لا يخطر بباله الحلول الترقيعية التي ارتكست بالمسلمين وجعلتهم في ذيل الأمم، وعليه أن يدرك أن القيام على أمر الله يقتضي القيام بفرض بل قل تاج الفروض وهو إقامة الحكم بما أنزل الله تعالى وهذا يقتضي تغيير الأنظمة القائمة في بلادنا لأنها تعادي دين الله وتحارب شريعته.

 

المؤتمنون على أمر الله تعالى القائمون عليه يفردون الله عز وجل في التشريع ويفردون رسول الله ﷺ بالاتباع عند ذلك يشتاقون إلى الجنة ويخافون من النار، فأمة الإسلام واحدة من دون الناس فلا يباعد بينها جنس أو عرق أو نظام، وإن المسلمين إخوة، وإن البعد عن شرع الله تعالى هو الذي أورث المسلمين الذل والهوان، فإذا تقيد المسلمون بشرع الله أي بالدليل الشرعي قاموا جميعهم على أمر واحد ألا وهو الدين قال ﷺ: «إِنَّهُ سَتَكُونُ هَنَاتٌ وَهَنَاتٌ، فَمَنْ أَرَادَ أَنْ يُفَرِّقَ أَمْرَ هَذِهِ الْأُمَّةِ وَهِيَ جَمِيعٌ فَاضْرِبُوهُ بِالسَّيْفِ كَائِناً مَنْ كَانَ» رواه مسلم.

 

 

بقلم: الأستاذ سعيد الكرمي

 

المصدر: جريدة الراية

 

 

 

 

تعليقات الزوَّار

تأكد من ادخال المعلومات في المناطق المشار إليها ب(*) . علامات HTML غير مسموحة

عد إلى الأعلى

البلاد الإسلامية

البلاد العربية

البلاد الغربية

روابط أخرى

من أقسام الموقع