- الموافق
- 1 تعليق
بسم الله الرحمن الرحيم
2016-06-01
جريدة الراية: زيارة الرئيس الأمريكي لفيتنام واليابان: المعطيات والأهداف
قام الرئيس الأمريكي أوباما بزيارة رسمية لفيتنام، يوم 2016/5/23، التقى خلالها نظيره الفيتنامي تران داي كوانغ، في القصر الرئاسي بـالعاصمة "هانوي". وأكد أوباما أن "الولايات المتحدة ليست طرفًا في النزاعات القائمة حول بحر الصين الجنوبي، بل هي تدعم شركاءها لحماية حقوقهم الملاحية بالمنطقة". بل إن هذا الكلام يؤكد أن أمريكا طرف في النزاعات، عندما تدعم شركاءها لحماية حقوقهم الملاحية هناك، ويؤكد ذلك قوله: "فيتنام ستحصل على كل ما تحتاجه لتوفير أمنها القومي، سواء أكان كبيرًا أم صغيرًا، فكل الدول لها حق السيادة ووحدة أراضيها". فهو يعلن دعمه لفيتنام لتوفير أمنها القومي، فأمريكا طرف بكل تأكيد. ولهذا أعلن رفع حظر توريد السلاح لفيتنام قائلا: "إن الولايات المتحدة ترفع الحظر الكامل على بيع المعدات العسكرية لفيتنام المطبق منذ 50 عاما... وإن هذا يدل على أن العلاقات بين بلدينا تم تطبيعها بالكامل"، وحاول أن يبرر ذلك بأنه ليس ضد الصين فادّعى أن "الدافع لقرار رفع الحظر ليس المسألة الصينية بل رغبتنا في إكمال عملية التطبيع الطويلة التي بدأناها مع فيتنام". ولكن هذه التصريحات والمعطيات والوضع في بحر الصين من تحركات أمريكية وتصريحاتها الرافضة للتوسعات التي تقوم بها الصين في الجزر المرجانية تؤكد أن الأهداف الأمريكية من تعزيز العلاقات مع فيتنام ومن ثم دعمها في كل كبيرة وصغيرة هي استخدام فيتنام ضد الصين. ولذلك أكد أوباما تعزيز العلاقات الاقتصادية مع فيتنام التي تضم 90 مليون نسمة قائلا إن "اتفاق التبادل التجاري الحر عبر المحيط الأطلسي الذي وقع بين 12 دولة سيعود بالفائدة على الولايات المتحدة وفيتنام على حد سواء". وأعلنت شركة الطيران الفيتنامية شراء 100 طائرة بوينغ 737 بقيمة 3,11 مليار دولار.
بجانب ذلك افتتح وزير خارجيتها كيري يوم 2016/5/26 أول جامعة أمريكية في فيتنام في خطوة وصفها بأنها "المرحلة التالية من العلاقات المتطورة بين الولايات المتحدة وفيتنام". وقال: "الأكيد أن الطلاب الذين سيدرسون في هذه الجامعة يهتمون بالاندماج في الاقتصاد العالمي أكثر من العيش في ذكريات الماضي وهذه الحقيقة ظهرت جليا في العلاقات المتطورة بين فيتنام والولايات المتحدة لدرجة أننا لمسنا مزيدا من التطور خلال أيام الزيارة". ومعنى ذلك أن أمريكا تريد أن تستحوذ على فيتنام من كل جانب سياسي وعسكري وأمني واقتصادي وتعليمي حتى تصبح فيتنام ككوريا الجنوبية تحت السيطرة الأمريكية، وتنمحي آثار الشيوعية فيها. وأشارت دراسة لمركز " بيو" أن 78% من الفيتناميين ينظرون بشكل إيجابي إلى الولايات المتحدة وهذه النسبة أعلى بين الشباب.
وقد بدأت أمريكا تخطو الخطوات نحو ذلك منذ إنهاء الحرب الفيتنامية وتوقيع اتفاق السلام عام 1975، وهذه الحرب كانت ضد الصين، حيث كانت فيتنام الشمالية تحت تأثيرها وتمدها بالسلاح وبأسباب البقاء وبعدما وصلت أمريكا إلى مبتغاها عندما قبلت الصين دخول مجلس الأمن عام 1971 لتقبل بالمنظومة الدولية الرأسمالية والاستعمارية ووقعت اتفاق تصالح مع أمريكا توج بزيارة رئيسها نيكسون عام 1972 حيث كانت العلاقات مقطوعة وحالة العداء مستمرة منذ الحرب الكورية فتخلت عن مبدئيتها، عندئذ تخلت أمريكا عن عملائها في فيتنام الجنوبية وجعلتهم يسلمون البلاد لفيتنام الشمالية لتتوحد فيتنام، وتصبح قوة مستقلة بعيدة عن الصين، بل تقف في وجه النفوذ الصيني. وقد أشعلت أمريكا الحرب هناك حتى تحد من النفوذ الصيني. وقد أصبحت فيتنام أقرب إلى أمريكا من الصين، ليقوم رئيسها أوباما بزيارتها ليتوج هذه العلاقات بحيث تصبح في معسكر أمريكا في مواجهة الصين. وهذه الزيارة الثالثة لرئيس أمريكي يقوم بها لفيتنام؛ حيث سبقتها زيارة كلينتون عام 2000 وجورج بوش الابن عام 2006. مما يدل على اهتمام أمريكا بفيتنام ووجود أهداف حيوية فيما يتعلق بها.
وقام أوباما بزيارة لليابان والتقى قادتها، وقام بأول زيارة لرئيس أمريكي أثناء مهامه إلى هيروشيما يوم 2016/5/27، المدينة التي قصفتها أمريكا بقنبلة ذرية عام 1945، وقد استبق أوباما زيارته إلى اليابان برفضه تقديم اعتذار عن ذلك باعتبار أن اليابان هي التي بدأت بالهجوم على أمريكا في ميناء بيرل هاربر بجزر هاوي عام 1941. وأعلن رئيس الوزراء الياباني أنه سيطلب مباشرة من أوباما تشديد التدابير التأديبية حيال الجنود الأمريكيين في أوكيناوا، وكانت اليابان قد طلبت سابقا من أمريكا ضبط قواتها بشكل أفضل إثر توقيف موظف في قاعدة عسكرية أمريكية يشتبه بضلوعه في جريمة قتل أثارت صدمة وغضبا في اليابان. وقام الآلاف من اليابانيين بالتظاهر يوم 2016/5/25 قبل ساعات من وصول أوباما إلى اليابان مطالبين بسحب قواته الأمريكية من جزيرة أوكيناوا. حيث هناك غضب شعبي على أمريكا ومطالبة شعبية بسحب قواتها من اليابان وتوجه ياباني نحو الاستقلالية، فجاء أوباما ليرمم العلاقات مع اليابان ويحل الإشكاليات الموجودة تجاه الأمريكيين. وقد أشاد أوباما يوم 2016/5/27 بـ "التحالف القوي" بين بلاده واليابان وذلك قبل ساعات على توجهه في زيارة تاريخية إلى هيروشيما. وزيارته لهيروشيما تهدف للمصالحة التاريخية وتجاوز ما حصل في الماضي وتعميق العلاقات بين الطرفين حيث إن مأساتها لن تمحى من ذاكرة اليابانيين، وذكر أن الهدف من زيارة أوباما لهيروشيما هو استعراض أفكاره بشأن نظام السلاح النووي والتي نال عنها جائزة نوبل للسلام عام 2009!
وقد جاءت ردود الفعل الصينية قوية تجاه ما تقوم به أمريكا مستخدمة اليابان ضد الصين والذي بينهما عداء تاريخي بسبب احتلال اليابان للصين قبل وأثناء الحرب العالمية الثانية وبسبب خلاف على جزر. فقالت المتحدثة باسم الخارجية الصينية هوا تشون يينغ 2016/5/27 "استغلت اليابان فرصة استضافتها لقمة السبع لإثارة الضجيج حول التوترات في بحر الصين الجنوبي وإشعال التوترات حوله وإن ذلك لا يساعد على الاستقرار ولا يتماشى مع موقف المجموعة كمنصة لإدارة الاقتصادات المتقدمة وإن الصين مستاءة بشدة مما قامت به اليابان ومجموعة السبع".
وأمريكا لا تخفي تحركاتها وأهدافها في المنطقة؛ فقال الأميرال هاري هاريس قائد القوات الأمريكية في البحر الهادئ يوم 2016/2/26 "إن الصين قد تسيطر بحكم الأمر الواقع على منطقة بحر الصين الجنوبي الاستراتيجية إذا استمرت في تسليح كل الجزر الاصطناعية التي أقامتها. وإنه يمكن أن تملك في النهاية المراقبة على الممرات البحرية والجوية في هذه المنطقة للتجارة العالمية. وإن هذا البحر يشهد سنويا عبور 5300 مليار دولار من السلع، ألف مليار منها موجه إلى الولايات المتحدة كما يضم العديد من كابلات الاتصالات في أعماقه. وإن الولايات المتحدة ستكثف مرور قطعها العسكرية في المنطقة بهدف تأكيد حرية الملاحة في بحر الصين الجنوبي". بينما تعمل الصين على السيطرة على البحر بتوسيع الشعاب المرجانية وتحويلها إلى موانئ ومطارات وبنى تحتية واكتشفت أمريكا أن الصين أقامت بطاريات صواريخ في أرخبيل بارسيلز وراداراً متطوراً في أرخبيل سبراتيليز.
ردد أوباما عبارة يرددها اليابانيون تجسد أسلوبه في التعامل مع دول المنطقة: "واحد مع الآخر، وواحد من أجل الآخر" بمعنى أنه يريد أن تكون فيتنام واليابان وغيرهما معه ومن أجل أمريكا. على شكل تعزيز العلاقات الثنائية حيث يعتبر ذلك إحدى الركائز الأساسية لسياسة الإدارة الأمريكية في المنطقة حتى تستخدم هذه العلاقات في تحالفات ضد الآخر الصيني متذرعة بالتهديد الكوري الشمالي ومحذرة من السيطرة الصينية على المنطقة. فهي تعمل على حشد دول المنطقة ضد حشد الصين لمنع سيطرة الأخيرة على بحر الصين الجنوبي كما تعمل على التضييق عليها في بحر الصين الشرقي فهي تسلح تايوان وتعرقل وحدتها مع الصين. كما يوجد لديها 47 ألف جندي في اليابان، وقد نصبت درعا صاروخيا فيها.
وعملت الصين على زيادة ميزانيتها العسكرية بنسبة كانت على الدوام 10% وهي تعمل على توسيع الجزر ومنها المتنازع عليها مع فيتنام كذلك الجزر المتنازع عليها مع اليابان في بحر الصين الشرقي تعرف باسم سينكاكو باليابانية ودياويو بالصينية.
وهكذا تعمل أمريكا على تطويق الصين والحد من نفوذها وتفردها في المنطقة مستغلة خلافات دول المنطقة مع الصين، ومن ثم تعمل على تعزيز نفوذها في المنطقة وتعزيز التبادل التجاري معها حيث تعمل على تقوية العلاقات الثنائية مع دول المنطقة ومنها فيتنام واليابان. وفي المنطقة بلاد إسلامية كإندونيسيا وماليزيا وبروناي وأعداد المسلمين فيها بمئات الملايين. فبمقدور المسلمين إذا تحولت بلادهم إلى دولة الخلافة الراشدة أو أصبحوا جزءا منها أن يكونوا هم أصحاب التأثير في المنطقة فيبعدوا النفوذ الأمريكي عنها ويحدوا من النفوذ الصيني فيها وينشروا الإسلام في أركانها، لأن تلك المنطقة في أمس الحاجة إلى الإسلام ونظامه، فهو البديل الوحيد عن الشيوعية والرأسمالية اللتين أذاقتا تلك الشعوب الويلات من الحروب والقتل والدمار.
بقلم: أسعد منصور
المصدر: جريدة الراية
1 تعليق
-
بوركت كتاباتكم المستنيرة الراقية، و أيد الله حزب التحرير وأميره العالم عطاء أبو الرشتة بنصر مؤزر وفتح قريب إن شاء الله