- الموافق
- 1 تعليق
بسم الله الرحمن الرحيم
2016-01-06
جريدة الراية: عمل المرأة السياسي بين الواقع الفاسد وأحكام الشرع
دأبت حكومة السودان على تسخير النساء لإنجاح كل ما تفتقت به عقول سياسييهم الخبيثة، من مخططات تستهدف المرأة بوصفها رأس الرمح في صياغة وحشد الرأي العام، فقد تكونت عدة جمعيات نسوية، ولجان لإنجاح أعمال سياسية ضخمة، مثل اللجنة النسائية القومية لدعم ترشيح البشير، وقد استهل الرئيس البشير حديثه عن المرأة السودانية في أول خطاب له بالهيئة التشريعية القومية بعد تنصيبه لدورة رئاسية جديدة في الثاني من حزيران/يونيو من العام الماضي، وأكد لهن بأن الانتخاباتِ سِباقٌ تَحسِمُهُ النساء وقدم لهن تهنئة خالصة.
وها هي المرأة تستخدم مرة أخرى لتمرير مخطط سياسي خبيث، حيث يحمل فشله في أحشائه، وهو ما يسمى بالحوار الوطني، فقد أكدت الأستاذة زينب أحمد، أمينة أمانة شئون المرأة بحزب المؤتمر الوطني أهمية الحوار الوطني باعتباره خياراً استراتيجياً لأهل السودان، وقالت خلال مخاطبتها ملتقى القيادات السياسية النسائية لدعم الحوار الوطني بمركز ماما بالخرطوم، إن الغرض من الملتقى هو تكوين آلية نسائية تشكل من كل ألوان الطيف النسائي تشمل قوى حزبية سياسية والمرأة بمنظمات المجتمع المدني والأكاديميات ورموز المجتمع من النساء من أجل الدفع برؤية واحدة لإسناد ودعم الحوار الوطني بعد أن أصبح خياراً استراتيجياً للبلاد، مشيرة إلى أنها ستنظم حملة كبرى الهدف منها إبراز دور المرأة في كل القضايا وأهمية الحوار.
من جانبها طالبت عدد من المتحدثات في الملتقى بأهمية إشراك المرأة في لجان الحوار الست وأهمية تكوين لجنة من خلال الهيئة النسائية لمخاطبة المرأة بالأحزاب الممانعة بأهمية الحوار الوطني.
من يسمع الحديث عن الحوار باعتباره خياراً استراتيجياً يجب أن لا ينسى أن الاستراتيجيات في السودان لحظية آنية لتمرير خطط وبرامج لا علاقة لها بمصالح البلاد والعباد، وبعد ذلك تُنسى كل الوعود، مثل إخراج البلاد من أزماتها وتحقيق الأمن والاستقرار السياسي والاقتصادي والاجتماعي في البلاد، وتصبح كلها وعوداً قادمة لبرامج أخرى، أما المطالبة بأن يكون الحوار جاداً ومثمرا وضرورة تقديم تنازلات للوصول إلى حل القضايا الكبرى، فكلها توابل لإضفاء نكهة على طبخة الحوار الوطني التي أنضجت على نار هادئة، لإشراك شذاذ الآفاق من مرتزقة السياسة في مسخ مستنسخ مما وراء البحار.
إن تكوين لجنة نسائية لإنجاح هذا الحوار والمطالبة بإشراك المرأة في لجانه المنحوسة التي ما فتئت تنعقد وتنفضّ إلى غير اتفاق سوى إعادة إنتاج الفشل عبر تبني العلمانية وتهديد وحدة البلاد، والمحاصصات التي تضع البلاد على كفّ عفريت، كل هذا يدل على أن دور المرأة في ظل الأنظمة القائمة هو لتمرير السياسات التي تبقي الناس في المربع الأول بل قبل الأول من الفقر والمرض والحروب.
إن المرأة في السودان تتطلع للعيش في ظل حياة إسلامية، السيادة فيها للشرع، حياة تحقق لها العبودية لله سبحانه وتعالى، لذلك فإنها ترفض هذا الحوار الذي لا يقوم على أساس عقيدة الإسلام العظيم، ولن يؤسس لحياة إسلامية، بل يكرس لنفس النظام العلماني الذي أشقى المرأة.
إن دور المرأة السياسي في الإسلام أعظم وأنبل من أن تُستحمر لتحمل أثقال تمرير مخططات الدمار، وإسناد الأنظمة المتهاوية فقد كان للمرأة في فجر الإسلام النصيب الوافر في ذلك، فقد حملت النساء الدعوة إلى الإسلام في مكة ضمن كتلة الرسول ﷺ وصحابتِه، بل إنهنّ تحمَّلن في سبيل حمل الدعوة أشد أنواع العذاب والتنكيل من كفار مكة، ومواقف أم المؤمنين خديجة رضي الله عنها المؤازِرة للرسول ﷺ من أول بعثته، وسمية أول شهيدة في الإسلام، وغيرهن من الصحابيات الجليلات، هي مواقف مضيئة في تاريخ الإسلام. وهكذا ضربت الصحابيات مثلاً سامياً في التضحية والصبر على الأذى، ثم كانت الهجرة إلى الحبشة ثم الهجرة إلى المدينة، وما تعرضت له المرأة المسلمة من ترك الأوطان والغربة والحياة القاسية والمعاناة الشديدة، ودورها في بناء الدولة الإسلامية في المدينة، والسيرة مليئةٌ بنماذجَ مضيئةٍ للمهاجرات مثل أسماء بنت أبي بكر وأم سلمة وأم أيمن وغيرهنّ رضي الله عنهن. أما محاسبة الحاكم فقد أنكرت سمراء بنت نَهِيكٍ الأسدية على عمر نهيه أن يزيد الناس في المهور على أربعمائة درهم، فقالت له: "ليس هذا لك يا عمر: أما سمعت قولَ اللهِ سبحانه ﴿وآتَيْتُمْ إحْداهُنَّ قِنْطَاراً فلا تَأخُذوا مِنْهُ شَيْئا﴾ فقال: "أصابَتْ امرَأةٌ وأخطأ عُمَر".
كما أن للمرأة في الإسلام أن تترشح لمجلس الأمة باعتبارِه وكيلاً عن الأمة في المحاسبة والشورى، لأن الشورى حقٌ للمرأة والرجل على السواء، والمحاسبة واجبة على كليهما، وللمرأة شرعاً أن تكون وكيلاً لغيرها أو توكلَ غيرها في الرأي. وقد تجلى دورُ المرأة المسلمة في الشورى بعد عقد صلحِ الحديبية فكانت أم سلمة خير مستشارة للنبي ﷺ.
هذه بعض الأحكام المتعلقة بالمرأة ودورها السياسي في ظل الخلافة، فيجب على المرأة المسلمة اليوم التأسي بسيرة هؤلاء النساء العظيمات، ويعملن كما عملن لاستئناف الحياة الإسلامية والنهوض بالمسلمين، حتى يظهر الله أمره ويعز دينه، فيفزن بما فازت به أسلافهن وينعمن وكل نساء العالمين، بقيام الخلافة الثانية على منهاج النبوة، وبعد ذلك لن يتوقف العمل السياسي للمرأة، العمل السياسي الذي فرضه عليها الله سبحانه وتعالى ولم تعطها له منظمات تستخدمها لغايات رخيصة.
بقلم: غادة عبد الجبار - السودان
المصدر: جريدة الراية