- الموافق
- كٌن أول من يعلق!
بسم الله الرحمن الرحيم
الشمس لا يمكن أن يغطى نورها بغربال
نشر موقع دنيا الوطن على صفحته بتاريخ 2018/12/13م مقالا بعنوان: "حزب التحرير الإسلامي: نشأة الحزب وتطوره".
بداية سامح الله الكاتب وغفر له وهداه إلى طريق الحق والصواب...
فمن يقرأ المقال منذ البداية يدرك أنه مقتبس من أدبيات وكتب الحزب، فلماذا لم يكن جميع مقاله على النهج نفسه؟!! وحتى عندما يضع بعض الأفكار من طريقة ومنهجية الحزب يدخل عليها ما يشوهها أو يحللها ويبررها بشكل مغالط أو مغرض، وكأنه يهدف إلى تثبيط الأمة وجعلها تنفر وتنفضّ من حول الحزب بعد أن بان وبشكل ملحوظ جدا مدى التفاف الأمة حول الحزب الصادق الحريص على مصالحها، كيف لا وقد أثبت الحزب وأدرك الناس أنه هو فعلا القائد الرائد الذي لا يكذب أهله.
فمما ورد في المقال:
أولا: (يرفض الحزب فكرة الثورات والأعمال المسلحة حتى ضد الاحتلال. ویتهمـه الإسـلامیون في الحركات الأخـرى بأنـه حـزب تنظیـري یكتفـي بـالكلام ویریـد أن یغیـر واقـع المسـلمین بـالتنظیر فقـط، لأنـه یعتبـر المجابهـة المسـلحة مـع الأنظمـة لیسـت طریـق رسـول الله؛ لـذا تتهمـه الحركـات الإسلامیة الأخرى بأنه یعطل الجهاد منتظراً قدوم الخلیفة ودولته)!
لم ولن يرفض الحزب قيام أي شعب بالثورة على نظام ظالم يحكمه، فثورات ما تسمى بالربيع العربي كان شباب الحزب يشاركون الناس وهم في الشوارع والمساجد ويصدحون بـ"الشعب يريد إسقاط النظام" رافعين راية لا إله إلا الله محمد رسول الله والتي كان الإعلام يحاول إخفاءها وإبراز أعلام سايكس بيكو، كما أن المدقق والمتابع لصفحات شباب الحزب على مواقع التواصل الإلكتروني وما تبثه المكاتب الإعلامية للحزب كيف أن الشباب يتابعون الثورات وما آلت إليه من حرف للمسار والتوجه، فيحاولون توجيه الفصائل والقيادات العسكرية إلى ما ينقذهم ويصحح لهم مسارهم علهم ينالون شرف استحقاق نصرة الله لهم.
وأما حمل السلاح فهو ليس كافيا في عملية التغيير، فليس المطلوب تغيير الحاكم فقط وإنما إيجاد الحكم بالإسلام، فهل يمكن للقيادة العسكرية أن تتولى القيام بأعباء الحكم حتى ولو كانت على درجة عالية من الإخلاص، فلكل عمل رجاله وأهله، والتغيير يحتاج أولا إلى رجال سياسة واعين على كل ألاعيب دول الغرب ومؤسساته الدولية، ويمتلكون الفهم الصحيح للأحكام الشرعية في كافة أنظمة الحياة، حتى يحكموا المسلمين ويرعوا شؤونهم بالإسلام ويستمروا على ذلك، ولا طريقة أدق وأضمن ومحققة للغاية إلا طريقة الرسول r، كيف لا وهو الذي لا ينطق عن الهوى إن هو إلا وحي يوحى.
ثم إن العمل المسلح كثيرا ما يؤدي بأصحابه إلى المنزلق، فيكون وبالا عليهم لا منقذا لهم، فاحتياجات أي جماعة للسلاح وإمكانية توفيره وتدريب شبابها، يجعلها تلجأ إلى الأعداء لتوفير اللازم، وبالتالي فهي تلف الحبل حول رقبتها وتخضع لابتزاز الداعمين، والأحداث التاريخية تحوي الأمثلة الكثيرة، وخاصة في سوريا في الوقت الحالي.
والمطلع على أدبيات الحزب يدرك كم هي مكانة الجهاد عند الحزب عظيمة، والحزب لا ينتقي ويختار من الشرع على هواه، إنما هو ينضبط بكافة تفاصيل الاقتداء بالنبي الكريم rفي سيرته، فهو لم يحمل السلاح ولم يأذن للصحابة بحمله إلى أن تحقق النصر وبلغوا الغاية فأذن الله لهم بحمله في الآية ﴿أُذِنَ لِلَّذِينَ يُقَاتَلُونَ بِأَنَّهُمْ ظُلِمُوا﴾، ولو أن حمل السلاح في عملية التغيير جائز لكان شباب الحزب هم الأوائل في حمله، فها هم يشاركون كأفراد في الجهاد لدفع الغزاة والأعداء عن بلاد المسلمين حتى في غياب الدولة الإسلامية كما في سوريا والعراق وأفغانستان وفي جنين حين اعتدى كيان يهود عليها، وهذا شيء غير العمل لإقامة الخلافة في بلاد المسلمين، فلكل منهما واقعه وأحكامه، وهل رجال اليوم أشد حرقة على المسلمين وبلادهم من الصحابة الأطهار الذين كانت الحاجة ماسة جدا إلى استخدام السلاح لدفع الأذى عنهم وعن نبيهم؟ وكأنهم استبطأوا طريقة الرسول rفي الصراع الفكري والكفاح السياسي في الوصول إلى النصر والتمكين وأرادوا أن يتحول rإلى العمل المادي فغضب منهم وأبدى إصراره على السير على النهج نفسه.
ثانيا: (ورغـم نظـرة التفـاؤل التـي یتمتـع بهـا الحـزب نحـو تحقیـق أهدافـه، إلا أنهـا تبقى في إطار أهداف وأماني یصعب تطبیقها في المنظور القریب أو حتى في المنظور البعیـد، إذا مــا أخــذنا فــي الاعتبــار الظــروف الإقلیمیــة والدولیــة والتــي یتجاهلهــا الحــزب، الــذي یتحــدث بعاطفة المتمني الذي یرى في بعض نشاطاته ومؤتمراته مختلفـة التوجهـات والعنـاوین، ونجاحاتـه فـي الاسـتقطاب البطـيء لأعـداد مـن النـاس، أنـه علـى وشـك الوصـول إلـى هدفـه الأسـمى، وهـو إقامـة الخلافـة وتحریـر فلسـطین دون عنـف أو جهـاد، فهـذا یتعـارض مـع منطـق الأشـیاء وواقـع الحـال فـي البلـدان العربیـة والإسـلامیة والأجنبیـة التـي لا زالـت منفكـة تحـارب الحـزب وتحـد مـن نشاطه).
نعم الحزب متفائل ليقينه بأن وعد الله لأمة محمد rبالنصر والتمكين آت لا محالة، فهو لا يعيش الأماني والخيال، ولا يتجاهل الظروف الإقليمية والدولية، بل هو الأوعى عليها والأقدر على تحليل وكشف خباياها وأسبابها والجهات المحركة لها وكيفية التعامل الشرعي معها.
وإن من يقيس عمل الحزب بأنه يتعارض مع منطـق الأشـیاء وواقـع الحـال فـي البلاد الإسـلامیة والأجنبیـة فهذا كلام مَن يجعل الواقع مصدر تفكيره ويقيس الأمور والوقائع والإمكانيات من خلال هذا الواقع ويتخذ طرق وأساليب الغرب في التغيير وفي تحرر الشعوب نموذجا يحتذى به عنده.
ولنا في سيرة الرسول rخير مثال فيما حققه من نتائج مبهرة لا يمكن قياسها بمقاييس المخلوقات محدودية النظر، لا تدرك ما وراء الجدار وكيف ومتى يتحقق الوعد، فالنتائج ولحظة النصر هي من الغيبيات وما على الأمة إلا الجد في العمل والإيمان بتحقق وعد الله يوم يأتي موعده.
والجماعات الإسلامية التي لم تعِ ذلك وقزّمت عملها في قضايا محلية فإنها تكون قد أخطأت الرؤية والمنهج والعمل. ولم تتقدم باتجاه التغيير المنشود، بل ركزت حكم الطواغيت في بلاد المسلمين، وقبلت بشرعيتهم فانحرفت عن العمل الإسلامي الصحيح.
أما الاستقطاب البطيء، حسب زعمه، فهو إما أنه غير مطلع على كبر حجم الحزب واتساع أمكنة انتشاره، وإما لأنه يقيسه بما يحصل لدى بعض الجماعات من تضخم حزبي بسبب ضمه للأتباع دون الاهتمام بالتوعية على أفكار الجماعة وتغذيتهم لها بشكل دقيق، أما حزب التحرير فهو يدرك أن المطلوب في التغيير هو إعادة تشكيل المفاهيم والقناعات والمقاييس التي ضعفت عندهم وكانت سببا في سقوط دولتهم، مبتدئا بشبابه حتى إذا تجسدت لديهم انطلقوا ليوجدوها في المجتمع، وهذا طريقُهُ العمل السياسي ويضمنه اتباع طريقة الرسول rالسياسية في التغيير.
ثالثا: (لا ینصب اهتمام الحزب بالقضایا الفلسطینیة الداخلیة ومحاربـة الاحـتلال أو العمـل علـى تحریر فلسطین، بل یركز اهتماماته على الأحداث العالمیة، والدولیة فیرصدها ویضمنها بیاناته، متجـاهلاً أحـداثاً هامـة تجـري فـي السـاحة الفلسـطینیة. وقـد یكـون سـبب الاهتمـام العـالمي للحـزب نتیجـة عالمیـة تنظیمـه، ومركزیـة العمـل فیـه، مـع وجـود قیـادة محلیـة لهـا وزن تشـارك فـي صـنع قرارات الحزب المركزیة).
لا يجرؤ صادق واعٍ عما يدور حوله من أحداث وخاصة في الأرض المباركة أن يتهم الحزب بعدم اهتمامه بقضية فلسطين، وما يحدث من اعتداءات على أهلها ومقدساتها وما يُكاد لهم من سلطةٍ ما وجدت إلا لحماية وتثبيت كيان يهود المحتل، وأكبر دليل على ذلك اعتقالها لشباب الحزب ومحاولة الضغط عليهم لإسكاتهم وثنيهم عن أعمالهم البطولية والجريئة، وإن أهل فلسطين في أحداث عدة في الفترة الأخيرة قد ألبست شباب الحزب عباءةً كدليل على رضاهم السيرَ تحت قيادة الحزب في الدفاع عن مصالحهم، وما قضية إرث تميم الداري والضمان الاجتماعي الظالم إلا دليل على ذلك.
وأما عالمية الحزب فتعني أن تكون دعوته مستهدِفة كل العالم، تسعى لتحرير كل إنسان وكل أرض من حكم الطاغوت ليحكموا بما أنزل الله عز وجل حتى ولو كان العمل في بقعة صغيرة من الأرض، فالرسول rكانت نظرته عالمية واستهدافه لم يكن لمكة فقط، وإنما لكل العالم.
وأخيرا: إن من وضع نصب عينيه مخافة الله والصدق والإخلاص في العمل، وغايته إرضاء الله تعالى بإعادة تحكيم شرع الله الذي هو وعده وبشرى رسوله r، لا يلتفت إلى مثل هذه الكتابات ولا يقصد برده عليها الدفاع عن نفسه فليس في أدبياته ومسيرة حياته ما يشين، إلا أنه يبغي من التعليق عليها توضيح ما ليس واضحا ولا مفهوما عند من لم يميز الغث من السمين في المقال وخصوصا كما قلت سابقا أنه بدأ بداية سليمة.
كتبته للمكتب الإعلامي المركزي لحزب التحرير
راضية عبد الله