السبت، 28 جمادى الأولى 1446هـ| 2024/11/30م
الساعة الان: (ت.م.م)
Menu
القائمة الرئيسية
القائمة الرئيسية

بسم الله الرحمن الرحيم

 

 

الغرب مصدر المشكلات وحلولها لدى الحكومات التابعة له

مشكلة الإيدز نموذجاً

 

أكدت وزيرة الدولة بوزارة العدل (تهاني علي تور الدبة) لدى ترؤسها اجتماع لجنة دراسة تحليل البيئة القانونية للاستجابة القومية للمصابين بفيروس الإيدز؛ اهتمام ودعم رئاسة الجمهورية لقضايا المصابين والمتعايشين مع فيروس الإيدز، داعية جميع مؤسسات الدولة والقطاع الخاص والجهات الشعبية ومؤسسات المجتمع المدني، لدعم تلك الشريحة وتفهم احتياجاتهم ودمجهم في المجتمع؛ إضافة إلى استيعابهم ضمن منظومة مشاريع الأسر المنتجة، لحفظ حقوقهم في المجتمع. وأشارت إلى أن السودان يأتي في المرتبة الرابعة عالمياً في مجال تحليل البيئة القانونية للمصابين بفيروس الإيدز، كما أوضحت أن هناك أكثر من 42 مؤسسة رسمية وشعبية في البلاد تكثف جهودها من أجل مجابهة الفيروس. ووجهت (تور الدبة) بتكوين لجنة فنية مختصة لوضع خارطة طريق واضحة لإعداد دراسة لتحليل البيئة القانونية للمتعايشين مع الفيروس، إضافة إلى إعداد دراسة شاملة حول مطابقة السودان للاتفاقية العربية للوقاية من فيروس الإيدز، مبينة أن مصادقة السودان لهذه الاتفاقية يضمن للمتعايشين حقوقهم وفق الدستور. (وكالة السودان للأنباء 2018/9/15م)

 

هذه الجهود قد بذل أضخم منها في البلاد المتقدمة ماديا، ولكن المشكلة تراوح مكانها، ولا تعدو هذه الإجراءات إلا أن تكون مسكنات لآلام مصابي الإيدز، في الوقت الذي ينتج المجتمع مصابين جددا ولا تصب المعالجات في تجفيف منبع هذا الداء، قال عليه الصلاة والسلام: «لَمْ تَظْهَرِ الْفَاحِشَةُ فِي قَوْمٍ قَطُّ حَتَّى يُعْلِنُوا بِهَا إِلاَّ فَشَا فِيهِمُ الطَّاعُونُ وَالأَوْجَاعُ الَّتِي لَمْ تَكُنْ مَضَتْ فِي أَسْلاَفِهِمُ» فما هذا البلاء المسمى بالإيدز إلا ثمرة من ثمار هذه الحضارة الغربية التي نزعت منها كل الأخلاق الحميدة والقيم الرفيعة، والتي جند لها إبليس منذ عقود خلت كل الطاقات والإمكانيات لإحلال الرذيلة مكان الفضيلة، شراً وخبثاً من عند أنفسهم، ومصدر الغرابة في الأمر هو أن التبعية للغرب أصبحت تصيبنا بأمراضه المجتمعية، وما زال فاقدو البصر والبصيرة ينادون بتطبيق تشريعات الغرب المتمثلة في اتفاقية سيداو المبنية على حضارة الحريات، المنتج الأول لمشكلة الإيدز والأمراض المنقولة جنسيا... والأغرب من ذلك، أن المسؤولين لا حلول لهم لمشكلة الإيدز المستورد من الحضارة الغربية إلا بالحضاره الغربية نفسها، من قوانين وتشريعات يظنون أنها تحفظ حقوق المصابين ومن إدماج في المجتمع وهم يغضون البصر والسمع عن الحلول الحقيقية!!

 

لعله من المعلوم بداهة أن فيروس نقص المناعة الإيدز ينتقل في المقام الأول عن طريق الاتصال الجنسي، وعمليات نقل الدم الملوث، ومن خلال الأدوات التي تستعمل تحت الجلد، ومن الأم إلى طفلها أثناء الحمل والولادة أو من خلال الرضاعة الطبيعية.

 

ومنذ بداية الوباء في القرن الماضي أصيب نحو 78 مليون شخص بمرض الإيدز و39 مليوناً ماتوا بمرض مرتبط بالإيدز في جميع أنحاء العالم وذلك وفقًا لبرنامج الأمم المتحدة المتعلق بفيروس نقص المناعة الطبيعية الإيدز. كل ما قدمه الغرب الذي هو مبعث هذا الداء وسبب انشاره هو اقتراح أساليب مختلفة كعلاج لهذا المرض والوقاية منه مثل الترويج للواقي الذكري واستخدام إبر نظيفة لمدمني المخدرات وغيرها من أساليب غير مجدية ولا تحل المشكلة حلاً جذريا، بل لا نستبعد أن الغرب هو المستفيد الأول من انتشار هذا الطاعون، عندما تزداد أعداد حاملي فيروس الإيدز فإن مكافحة العدوى تؤدي إلى غنى من ينتجون أو يبيعون العقاقير لعلاج المصابين بالفيروس...

 

وهذا يبين بوضوح كيف أصبح هذا التهديد أحد أكبر المشاكل في العالم التي يستعصي علاجها. وقد تم ضخ استثمارات كثيرة للتعامل مع هذا الخطر ولكن ذلك لم يعالج المشكلة بشكل مؤثر. فعلى سبيل المثال، في عام 2013 تم رصد حوالي 19.1 مليار دولار للتعامل مع مرض الإيدز، وأصبحت الحاجة السنوية تقدر بنحو 22 – 24 مليار دولار. إنهم يحاولون علاج الإيدز بهذه الاستثمارات وهم يغضون الطرف عمدا عن الحرية الرأسمالية التي أدت إلى انتشار مصيبتين فتحتا الطريق إلى ظهور الإيدز وانتشاره: المخدرات والعلاقات الجنسية المحرمة، ومن ضمنها الشذوذ الجنسي. تحت شعار (السعادة هي الأخذ بأكبر قدر من المتع الجسدية)، وفرت الرأسمالية للأشخاص حرية تامة بالتصرف في أنفسهم، حيث بينت أن النفعية هي أساس التصرف. وهذا بطبيعة الحال أدى إلى أن هنالك من يحسب أن هنالك منفعة من بيع المخدرات ومتاجرة الشخص بجسمه، وهنالك من يفضل الاستمتاع حتى النهاية بهذه الأمور. والحرية الشخصية التي تنبثق عن العقيدة الرأسمالية الفاسدة تصور الحياة بأنها متعة لا بد من الحصول عليها بأي ثمن. ولذلك، فإن القيام بالأفعال القبيحة مثل ارتكاب الفاحشة وغيرها من الرذائل شائعة في أي مجتمع تتحكم فيه حكومات سلمت أمرها للغرب فأصبح مصدر إلهامها بفضل توقيعها على القوانين التي تسمى دولية... ومع كل أسف حتى في بلادنا التي تدعي حكومتها أنها إسلامية مما يجعل الناس عرضة للإصابة بفيروس نقص المناعة.

 

ومن أجل حل مشكلة الإيدز بشكل جذري ونهائي، لا بد من مبدأ يقوم على عقيدة مخالفة لعقيدة الغرب ومبدئه المسؤول الوحيد عن انتشار هذا الطاعون العصري، وبالتأكيد فإن هذا البديل هو الإسلام الذي يملك نظامًا اجتماعيًا كاملًا وشاملًا فيه حلول جذرية لكل الآفات الاجتماعية التي تسببت في شقاء البشرية... النظام الوحيد الذي يضمن هناء الحياة، وينظم صلات المرأة بالرجل تنظيماً طبيعياً تكون الناحية الروحية أساسه، والأحكام الشرعية مقياسه، بما في ذلك الأحكام التي تحقق القيمة الخلقية، هذا النظام هو النظام الاجتماعي في الإسلام. فهو ينظر إلى الإنسان رجلاً كان أو امرأة بأنه إنسان، فيه الغرائز، والمشاعر، والميول، وفيه العقل. ويبيح لهذا الإنسان التمتع بالطيبات في الحياة، ولا ينكر عليه الأخذ منها بالنصيب الأكبر، ولكن على وجه يحفظ الجماعة والمجتمع، ويؤدي إلى تمكين الإنسان من السير قدماً لتحقيق هناء الإنسان وفق تنظيم رب العالمين. هذا النظام الاجتماعي لا تطبقه إلا دولة إسلامية تقوم على أساس عقيدة التوحيد ونبذ قيم الديمقراطية المهلكة للحرث والنسل، وتركيز تصور واضح لمعنى السعادة بأنه يتمثل في نوال رضوان الله تعالى وقطع كل الصلات بالغرب الرأسمالي وحضارته بنبذ ما يسمى بالقوانين الدولية لحقوق الإنسان وما بني عليها لأنها أصل الداء وأس البلاء.

 

 

كتبته لإذاعة المكتب الإعلامى المركزي لحزب التحرير

غادة عبد الجبار (أم أواب)

 

 

وسائط

تعليقات الزوَّار

تأكد من ادخال المعلومات في المناطق المشار إليها ب(*) . علامات HTML غير مسموحة

عد إلى الأعلى

البلاد الإسلامية

البلاد العربية

البلاد الغربية

روابط أخرى

من أقسام الموقع