السبت، 28 جمادى الأولى 1446هـ| 2024/11/30م
الساعة الان: (ت.م.م)
Menu
القائمة الرئيسية
القائمة الرئيسية
  •   الموافق  
  • كٌن أول من يعلق!

بسم الله الرحمن الرحيم

 

 

 

سهام المجرمين حين تنطلق لن تعرف إن أصابت امرأة مسلمة أم قبطية!

 

بينما يضج الإعلام المصري في أيام شهر رمضان المبارك باحتجاجات الأقباط في مصر على أنه نوع آخر مما يزعمون أنه "إرهاب إسلامي" يُمارس لـ"أسلمة نساء الأقباط" من مختلف الفئات "القاصرات" كما أطلقوا عليهن والمتزوجات وطالبات الجامعات، والمفارقة المؤلمة بأن من جعل قضية "أسلمة الأقباط" تطفو على السطح يستنجد بحكومة السيسي العسكرية عميلة أمريكا الكافرة في المنطقة لإنقاذ النساء القبطيات من براثن "الإسلاميين"، وكأن هؤلاء النسوة قد أُجبرن على الهرب من الكنائس ومن القساوسة الضالين، في حين خرجت كثير من هؤلاء المسلمات الجديدات بتسجيلات مرئية على الإنترنت ليعلنّ اختيارهن بمحض إرادتهن اعتناق الإسلام - دين الحق - هرباً من ظلم الكنيسة وترويجها لما تُضلّ به الناس، كما أعلنَّ وقوفهن ضد النظام الظالم الذي يسمح للكنائس بإجبارهن على ترك الإسلام والرجوع للنصرانية وإلا تُرتكب في حق المسلمات الجديدات جرائم بشعة تصل لحد القتل على يد أهلهن النصارى وإختفائهن القسري، ولا زالت نساء الأقباط يدخلن في دين الله أفواجاً...

 

وليس دخول أهل مصر في الإسلام بجديد بل كانت هذه هي النتيجة الطبيعية منذ قرون مضت أثناء حكم الخلافة الإسلامية لمصر؛ بداية منذ أن فُتحت على يد سيدنا عمرو بن العاص الذي تعامل مع أقباط مصر بالعدل في خلافة سيدنا عمر بن الخطاب رضي الله عنهما، حيث أصبحوا أهل ذمة لهم حق الرعاية على الدولة، وكان صلحهم آنذاك: "بسم الله الرحمن الرحيم، هذا ما أعطى عمرو بن العاص أهل مصر من الأمان على أنفسهم، وملتهم وأموالهم، وكنائسهم وصلبهم، وبرهم وبحرهم؛ لا يدخل عليهم شيء من ذلك ولا ينتقص، ولا يساكنهم النوب، وعلى أهل مصر أن يعطوا الجزية إذا اجتمعوا على هذا الصلح، فإن أبى أحد منهم أن يجيب رفع عنهم من الجزاء بقدرهم، وذمتنا ممن أبى بريئة، وإن نقص نهرهم من غايته إذا انتهى رفع عنهم بقدر ذلك، ومن دخل في صلحهم من الروم، والنوب فله مثل ما لهم، وعليه مثل ما عليهم، ومن أبى واختار الذهاب فهو آمن يبلغ مأمنه، أو يخرج من سلطاننا، عليهم ما عليهم أثاثا في كل ثلث جباية ثلث ما عليهم، على ما في هذا الكتاب عهد الله وذمته، وذمة رسوله وذمة الخليفة أمير المؤمنين، وذمم المؤمنين، وعلى النوبة الذين استجابوا أن يعينوا بكذا وكذا رأسًا، وكذا فرسًا، على ألا يُغزوا ولا يمنعوا من تجارة صادرة، ولا واردة، شهد الزبير وعبد الله ومحمد، ابناه، وكتب وردان (مولى عمرو بن العاص) وحضر". (الطبري).

 

واستمر حالهم على ذلك، معززين مكرمين لهم على الدولة حق الحماية ودخل الأقباط في الإسلام أفواجا. إلا أن أحوال الناس في مصر قد تبدلت للأسوأ، ومنذ أن سقطت الخلافة العثمانية منذ حوالي مئة عام تعاقبت على مصر حكومات رأسمالية ظالمة أذاقت أهل مصر الويلات وصولاً لحكم العسكر الذي لا يتوانى عن إبادة النساء والأطفال والشيوخ بيد جيش مصر كما في سيناء، مسلمين كانوا أم غير مسلمين، أو قتلهم بالإعدام أو اعتقالهم وتعذيبهم، ولا يتوانى عن تجويع وإفقار الناس وإذلالهم مسلمين كانوا أم غير مسلمين، فالنظام يستغل الأقباط ويستغل الموقف لصالحه بإلهاء عامة الناس في الخلافات حتى لا ينتهبوا لنهبه ثروات مصر وحربه الشرسة ضد الإسلام لصالح الغرب الكافر، وضد العدل ورعاية شؤونهم، بتأجيج الفتن بين أهل مصر من المسلمين والأقباط الذين عاشوا جنباً إلى جنب لمئات السنين بدون مشاكل حتى جاء النظام ليفتعل المشاكل بينهم وليستغل إشعال الفتن بينهم للفت الانتباه بعيداً عن تقصيره في رعاية شؤون النساء والرجال وتحقيق أبسط مطالبهم أو ضمان حقهم في حياة كريمة، فالنظام الحاكم في مصر نظام ظالم، والمسلم وغير المسلم يعاني من الاضطهاد والفقر والمرض والجوع والجهل والضياع... والشباب، مسلمين أو غير مسلمين، وقعوا فريسة الانحلال والمخدرات والتبلد والعجز فالجميع يريد الهجرة والجميع عاطل والجميع لا يستطيع الزواج!

 

فالجميع يُعاني من تبعات الحياة المادية الجشعة لأن الحكومة تطبق النظام الرأسمالي الوضعي الذي أذل المسلمين وغير المسلمين في مصر، هذا النظام التابع للغرب والذي يروج لأسلوب حياة المرأة الغربية المنحط والذي يرفضه الأقباط المحترمون ولا يقبل به المسلمون الأتقياء الأنقياء، والمستفيد الوحيد من هذه الأوضاع الفاسدة هو النظام وأعوانه!

 

ولعله ليس ببعيد عنا قضايا أخواتنا المعتقلات السياسيات التي لفقها النظام المجرم ظلماً وألصق بهن تهماً تعسفية كتهمة "الخروج على الدولة" و"زعزعة الأمن"، فبينما يضج الإعلام بـ"أسلمة الأقباط" تبقى أخواتنا في جحيم سجون نظام فرعون مصر السيسي المجرم وزبانيته وسحرته في طي الكتمان، وبقيت قضاياهن في الظلام لا تجد منفذاً إلا من خلال مواقع التواصل الإلكتروني، وتناول النشطاء والحقوقيين للقضايا وبعض المواقع تذكرهن على فترات متفرقة ولا تبرز حلاً شرعياً للمشكلة...

 

وتستمر الاعتقالات التعسفية وإطلاق الأحكام المجحفة التي كان آخرها قضية أختنا سماح فتحي إبراهيم زوجة الشهيد أيمن الزهيري، أمين عام حزب الحرية والعدالة بجنوب سيناء، شهيد مجزرة المنصة، فقد قضت محكمة جنايات أمن الدولة طوارئ اليوم السبت 9 حزيران/يونيو 2018، دائرة الزقازيق، حضوريا بالحبس لمدة عام بحق السيدة/ سماح فتحي إبراهيم، زوجة الشهيد أيمن الزهيري، أمين عام حزب الحرية والعدالة بجنوب سيناء، شهيد مجزرة المنصة، وقد جاء في تقرير لموقع عربي 21 بعنوان "المعتقلات بسجون السيسي.. حقائق وأرقام" بتاريخ 28 شباط/فبراير 2018 أن "من بين 2500 معتقلة سياسية خلال الفترة من 14 آب/أغسطس 2013 وحتى نهاية كانون الأول/ديسمبر 2017، ما زالت 49 منهن بين جدران المعتقلات، طبقا لتقرير التنسيقية المصرية للحقوق والحريات عن حالة حقوق الإنسان لعام 2017، وتقارير أخرى أعدها باحثون قانونيون مستقلون، وطبقا للناشطة الحقوقية المعنية بملف الفتيات والسيدات المعتقلات، فاطمة عبد الله، فإنهم توصلوا من خلال التقارير التي أعدوها إلى أن من بين هذا العدد 154 تعرضن للاختفاء القسري ثم ظهرن، و13 حالة تعرضن للإهمال الطبي، منهن ثلاث في حالة حرجة، كما قضت المحاكم المختلفة على 5 منهن بالإعدام حضوريا وغيابيا، وتضيف عبد الله لـ"عربي21" أنه طبقا للتقارير ذاتها، فإن 133 قتلن بالرصاص الحي والخرطوش خلال المظاهرات، إضافة لمقتل 176 حالة، إما نتيجة الإهمال الطبي في السجون، أو في حوادث سير أمام السجون خلال زيارة ذويهن، و356 حالة تعرضن لانتهاكات خلال الاحتجاز التعسفي أثناء زيارة ذويهن بالسجون، وتقول الناشطة الحقوقية إن عدد اللاتي تم تحويلهن للمحاكمات العسكرية حضوريا وغيابيا بلغ 23 حالة، إضافة لفصل 526 طالبة من جامعاتهن، كما صدر بحق 304 حالات أحكام حضورية وغيابية، بمجموع سنوات أحكام وصلت إلى 1274 سنة و3 أشهر، كما بلغ مجموع الكفالات والغرامات التي تم دفعها للمعتقلات ما يقرب من ثلاثة ملايين جنيه مصري (175 ألف دولار)، وبلغ عدد اللاتي أدرجن بقوائم (الإرهاب) 93 حالة، وتم مصادرة أموالهن. أما اللاتي منعن من السفر، فبلغن 106 فتيات وسيدات...". فالظلم هو ظلم الحكومة للنساء وليس ظلم المسلمين لغير المسلمين، وعلى الأقباط قبول حقيقة أن كثيراً من النساء القبطيات يعتنقن الإسلام إن كانوا فعلاً يريدون "حرية المعتقد"!

 

هذه الفواجع التي تعيشها المرأة في مصر، مسلمة وغير مسلمة، في عصر الحكومة العسكرية العلمانية ما هي إلا نتيجة مباشرة لنظام حكم يفصل الدين عن الحياة فلا يجمع بل يفرق، ولا يرعى بل يذل، ويقتل ولا يحيي! فالعمل لإيجاد النظام الرباني الإسلامي العادل هو الحل الوحيد للبشرية، والمرأة في مصر لن تنعم بحياة سعيدة ومطمئنة كما كانت الأوضاع من قبل إلا بعودة الخلافة الراشدة التي ترعى شؤون العباد جميعاً، وإسقاط النظام الحاكم الفاسد، ولمثل ذلك يجب أن يعمل المسلمون وغير المسلمين في مصر وحول العالم.

 

قال الله تعالى: ﴿قُلْ يَا أَهْلَ الْكِتَابِ تَعَالَوْا إِلَى كَلِمَةٍ سَوَاءٍ بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمْ أَلَّا نَعْبُدَ إِلَّا اللَّهَ وَلَا نُشْرِكَ بِهِ شَيْئًا وَلَا يَتَّخِذَ بَعْضُنَا بَعْضًا أَرْبَابًا مِّن دُونِ اللَّهِ فَإِن تَوَلَّوْا فَقُولُوا اشْهَدُوا بِأَنَّا مُسْلِمُونَ[آل عمران: 64].

 

 

كتبته للمكتب الإعلامي المركزي لحزب التحرير

 

غادة محمد حمدي – ولاية السودان

 

 

تعليقات الزوَّار

تأكد من ادخال المعلومات في المناطق المشار إليها ب(*) . علامات HTML غير مسموحة

عد إلى الأعلى

البلاد الإسلامية

البلاد العربية

البلاد الغربية

روابط أخرى

من أقسام الموقع