خبر وتعليق ما بين فرعون وهامان
- الموافق
- كٌن أول من يعلق!
بسم الله الرحمن الرحيم
الخبر:
قالت المتحدثة باسم الخارجية الأمريكية فيكتوريا نولاند إن مصر لاعب إقليمي قوي تعول عليه الولايات المتحدة كقوة للأمن والاستقرار الإقليميين، كما أعربت عن ترحيب واشنطن بمشاركة مصر على طول الطريق في الجامعة العربية حتى في خضم المرحلة الانتقالية التي كانت تمر بها.
وقالت نولاند "مصر تقليديا لاعب إقليمي قوي.. ونحن نعول على مصر في الجامعة العربية كقوة للأمن والاستقرار الإقليميين.. لقد رحبنا بما قدمته من جهود في الجامعة العربية على طول الطريق، حتى عندما كانت في خضم المرحلة الانتقالية.
التعليق:
لا شك أن النظرة الأمريكية للعمل السياسي الدولي تنبع من زاوية المصالح وكيفية تحصيلها بغض النظر عن الأدوات المستخدمة في سبيل ذلك، فالمهم بالنسبة لأمريكا هو نهب الثروات وحماية المصالح الحيوية لأمريكا ضاربة في عرض الحائط ما تتغنى به من حقوق الإنسان وحق تقرير المصير وحق الشعوب باختيار حكامهم وأنظمة حكمهم وغيرها من الأكاذيب التي تتنافى مع حقيقة المستعمر الأمريكي الشرسة وطريقته الاستعمارية الوحشية لتحقيق مآربه.
وفي هذا السياق ترى أمريكا ومنذ عام 1952 -عندما أوصلت الضباط الأحرار للحكم- أنها صاحبة الحق المقدس في استعمار مصر وبسط هيمنتها السياسية والاقتصادية والثقافية عليها، حيث إنها رأت في نفسها الوريث (غير الشرعي) لتركة بريطانيا في مصر، وأنها صاحبة اليد الطولى في رسم السياسات الخارجية الخاصة بمصر وتكبيلها بالقيود الاستعمارية الأمريكية لتبقى مصر ركنا من أركان الهيمنة الأمريكية الإقليمية في المنطقة، تمرر من خلال حكامها المصالح الاستعمارية الأمريكية وعلى رأسها حماية حدود كيان يهود الجنوبية وبسط الهيمنة الأمريكية على المؤسسات الإقليمية كالجامعة العربية بحجة الثقل السياسي للدولة المصرية وفي الوقت نفسه تدخل مصر بملفات إقليمية تخدم فيها مصالح البيت الأبيض كالملف السوداني والفلسطيني وغيره من الملفات السابقة والحديثة.
لذلك فإن حديث نولاند عن الأمن والاستقرار الإقليمي والدور المصري في تحقيق ذلك، يعني في حقيقته تأمين بقاء أمريكا ومصالحها مستمرة لا ينافسها عليها أحد في هذه المنطقة، وضمان استمرارية الهيمنة الأمريكية وربيبتها (إسرائيل) في خانة الاستقرار التام والأمان الدائم، وقد ظهر ذلك جليا في الحرب التي يقودها الجيش المصري الآن في سيناء حماية لحدود كيان يهود وتأمينا لخطوط إمداد الغاز الطبيعي بأزهد الأثمان لهذا الكيان السرطاني الخبيث.
ولا شك أن قيادة مصر للجامعة العربية، قد أثلجت صدر أمريكا على الدوام، مما جعل نولاند تعبر عن عظيم امتنانها لهذا الدور الخبيث، حيث برهنت هذه المؤسسة البغيضة أنها ليست سوى أداة استعمارية إقليمية تعمل على مدار الساعة لحفظ مصالح أمريكا في المنطقة وضمان بقاء الملفات الساخنة، وليس آخرها الملف السوري، مقيدا في أروقة الجامعة العربية ومجلس الأمن الذي يتربع على رأس سلم الأدوات الاستعمارية الأمريكية.
وقد اتضحت الصورة بجلاء حول استمرارية تقديم النظام المصري لخدماته الحثيثة للبيت الأبيض حتى خلال المرحلة الانتقالية كما عبرت عن ذلك نولاند في تصريحاتها، وهذا يظهر الدور الذي لعبه وما زال يلعبه المجلس العسكري في مصر بالرغم من تغيير بعض من قادته، ففي خضم الثورة المصرية وهي ما وصفته نولاند بالمرحلة الانتقالية كانت السياسة الخارجية المصرية تسير وفق ما أرادته أمريكا للتغيير المسموح به في مصر، وبالطبع فإن ما احتاجته أمريكا لإنجاح المعادلة هو وجه آخر للحكم تسترضي به ثوار مصر لا سيما إن كان (إسلاميا معتدلا) يقبل بشروط اللعبة الأمريكية ويسير ضمن الإناء السياسي الأمريكي للمنطقة.
وخلاصة القول إن أمريكا ترحب بما آلت إليه الأوضاع في مصر، وأن النظام المصري يسير في درب يثلج صدر أمريكا لما يقدمه من خدمات إقليمية مستمرة على نفس النهج السابق، حتى إن سفن القتل الإيرانية تمر من قناة السويس بردا وسلاما لدعم طاغية الشام.
فإن كان الطاغية مبارك قد سمي بفرعون مصر الذي حقق لأمريكا خدمات جليلة خلال ثلاثة عقود من حكمه البغيض، فماذا سنطلق على حاكم مصر اليوم وهو يسير على خطى مبارك في الحكم؟؟
كتبه: أبو باسل- بيت المقدس