الجمعة، 27 جمادى الأولى 1446هـ| 2024/11/29م
الساعة الان: (ت.م.م)
Menu
القائمة الرئيسية
القائمة الرئيسية

خبر وتعليق فشل أمريكا في أفغانستان يعني نهاية هيمنة الغرب في أوراسيا "مترجم"

بسم الله الرحمن الرحيم

 

"لقد فشل الغرب بالفعل في أفغانستان، تماما كما فشل السوفيت في عام 1980م، وكما فشل البريطانيون في القرن التاسع عشر" جون همفريز

 

بعد أن خاضت أمريكا حربا ضروسا لأكثر من عقد من الزمن في أفغانستان، لم تتمكن أمريكا من إحراز مكاسب كبيرة من وراء احتلالها الوحشي، ومع ذلك، فإنّ هناك بعض الخبراء الاستراتيجيين الأمريكيين مختلفون في تقييم ذلك، ويزعمون أنّ أمريكا قد حققت هدفها الرئيس، والذي كان لإقامة قواعد عسكرية في أفغانستان لمواجهة روسيا والصين ودولة الخلافة في المستقبل، من أجل التفوق في نهاية المطاف في أوراسيا، ولكن حتى هذا التقييم "المتفائل" إذا تم إنزاله على أرض الواقع فإنّه يبدو بعيدا جدا، حيث لا يمكن تصنيفه على إنّه إنجاز مفيد، وعلى العكس من ذلك، فإنّ عدم استقرار الأوضاع في أفغانستان، لا يضع هذه الأهداف الإستراتيجية في خطر فحسب، بل والأهم من ذلك هو أنّه يثير تساؤلات حول طول الوقت الذي يمكن فيه لأمريكا أن تتحمل البقاء وهي عالقة في المستنقع الأفغاني، ومواصلة تحمل الفشل تلو الفشل.

 

وقد تم تقديم أدلة حول هذا الإخفاق في قمة منظمة حلف شمال الأطلسي التي عُقدت في شيكاغو في مايو أيار الماضي 2012. ففي حديث أوباما عن عدو أمريكا في كل مكان "حركة طالبان" اعترف بصراحة أنهم كانوا خصما صلبا، ويمكن خسارة إنجازات منظمة حلف شمال الأطلسي بكل سهولة، وقال إنّ "حركة طالبان لا تزال عدوا قويا، والمكاسب لا تزال هشة، ولكن فكروا في الأمر، فنحن هناك منذ 10 أعوام، عشر سنوات في هذا البلد المختلف جدا، وهذا هو موضع الضغط، ليس فقط على أهلنا ولكن أيضا على البلد نفسه، وفي لحظة ما سيكون الأمر حساسا للغاية عندما يتعلق بسيادتها"، فكم من الوقت تحتاجه قوة عالمية عظمى مع كل الأسلحة المتطورة لهزيمة جيش مبعثر لا يزيد عن 25,000 أو نحو ذلك؟ فقد جمعت أمريكا تحت قيادتها أكثر من 400,000 جندي، وعشرات الآلاف من المقاتلين من القطاع الخاص على جانبي الحدود بين أفغانستان وباكستان، وبعد سنوات عدة من الحرب فهي لا تزال غير قادرة على هزيمتهم، فتفوق طالبان يثبت قطعا أنهم أكثر من مجرد عدو قوي.

 

لقد استغرق الولايات المتحدة سنوات عدة لقبول حقيقة أنّ منظمة حلف شمال الأطلسي لا تحارب حركة طالبان فقط ، بل هي تحارب الشعب الأفغاني كله، ففي الإشارة إلى "حساسية سيادتها" اعترافٌ من قبل الرئيس أوباما بأنّ حلف الناتو يواجه مقاومة شعبية، عبر ارتباطات عرقية وولاءات قبلية تقليدية.

 

وفشلٌ ذريعٌ آخرُ للحرب الأمريكية في أفغانستان هو تكلفتها الباهظة، والتي خلّفت خسائر فادحة في ميزانية الدفاع، وتفاقمت هذه المشكلة بسبب الأزمة الاقتصادية لعام 2008، حيث أنفقت الولايات المتحدة حوالي 550 مليار دولار على الحرب في أفغانستان منذ عام 2001، وقد أنفقت دول أخرى من منظمة حلف شمال الأطلسي مثل بريطانيا 20 مليار دولار، ولغاية الآن فإنّه على الرغم من إهدار المليارات من الدولارات من أموال دافعي الضرائب، فإنّ منظمة حلف شمال الأطلسي لا تملك إلا القليل من الإنجازات، فحكومة كرزاي فاسدة حتى النخاع، ويكرهها الأفغان العاديون، ولا يسيطر كرزاي إلا على أجزاء من كابول، ولا وجود لحكومته في مكان آخر، فهي تعتمد كليا على القوات الأجنبية، ووفقا لبعض التقديرات فإنّ حركة طالبان تسيطر على حوالي 80٪ من أفغانستان، وهذا ربما يفسر لماذا يكون من الصعب جدا بالنسبة لحلف الناتو التمسك بمكاسب إقليمية، وقد فشلت جميع المحاولات الرامية إلى الحد من نشاط حركة طالبان في التوصل إلى حل سياسي معها، جاء في صحيفة فاينانشال تايمز تلخيص لإفلاس دول الغرب في أفغانستان "قبل خمس سنوات كان الأمريكيون يرفضون التحدث إلى طالبان، أما الآن فإنّ حركة طالبان هي التي ترفض التحدث إلى الأمريكيين، وهذا مقياس لمدى توازن القوى وتحوله في أفغانستان، لقد فشل التدخل الغربي هناك". ويضاف إلى ذلك الخسائر البشرية في قوات حلف شمال الأطلسي، والتي لا يمكن مقارنتها بالقيمة النقدية، لذلك لم يكن مفاجئا أن نجد البيان المشترك الذي صدر في ختام قمة شيكاغو الذي أعرب عن الرغبة الجماعية لجميع بلدان منظمة حلف شمال الأطلسي لإسدال الستار على مغامرة الأفغان. فقد جاء في البيان ما يلي: "بعد عشرة أعوام من الحرب ومع ترنح الاقتصاد العالمي، فإنّ دول الغرب لم تعد تريد أن تدفع، سواء في المال أو في الأرواح، فجهودها وإنفاقها في هذا المكان قد تبدد ولم يمر عليها مثل هذا الظرف منذ قرون"، يقول الحق سبحانه وتعالى (إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا يُنْفِقُونَ أَمْوَالَهُمْ لِيَصُدُّوا عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ فَسَيُنْفِقُونَهَا ثُمَّ تَكُونُ عَلَيْهِمْ حَسْرَةً ثُمَّ يُغْلَبُونَ وَالَّذِينَ كَفَرُوا إِلَى جَهَنَّمَ يُحْشَرُونَ).

 

إنّ عام 2014 (وهو التاريخ الذي تم ذكره مرات عدة) هو موعد الانسحاب النهائي لمعظم دول الناتو، وأمريكا وبريطانيا وشركاؤهما الصغار من الغارقين في الغطرسة ما زالوا لم يتعلموا الدرس، ويخططون للبقاء بعد هذا التاريخ! لا شك أنهم سوف يبذلون قصارى جهدهم لتأخير الانهيار الحتمي لحكومة كرزاي ومحاولة حفظ ماء الوجه مع جماهيرهم المحلية، ولكن المكتوب يُقرأ من عنوانه: أمريكا وحلف شمال الأطلسي يتجهون نحو الهزيمة الساحقة، ومهما بذلوا من جهود لمحاولة تزيين إخفاقاتهم، فإنّ حتمية توحد الأفغان جنبا إلى جنب مع إخوانهم عبر الحدود في باكستان والمطالبة بفروة رأس الأمريكان، وتوجيه ضربة قاضية لبعثة الناتو في أوراسيا، لا محال كائن (وَيَوْمَئِذٍ يَفْرَحُ الْمُؤْمِنُونَ * بِنَصْرِ اللَّهِ يَنْصُرُ مَنْ يَشَاءُ وَهُوَ الْعَزِيزُ الرَّحِيمُ)

 

 

عابد مصطفى

وسائط

تعليقات الزوَّار

تأكد من ادخال المعلومات في المناطق المشار إليها ب(*) . علامات HTML غير مسموحة

عد إلى الأعلى

البلاد الإسلامية

البلاد العربية

البلاد الغربية

روابط أخرى

من أقسام الموقع