سوريا بين "معارضة" في حضن الاستعمار... وثورة للتحرر منه
- الموافق
- كٌن أول من يعلق!
بسم الله الرحمن الرحيم
تتلاحق المؤتمرات الدولية التي تعقد من أجل شأن الثورة السورية، وكأن سوريا قد أصبحت بيضة القبان في المشهد الدولي، إذ انعقد خلال الأيام الأخيرة: مؤتمر أصدقاء سوريا في باريس (وهو الثالث بعد تونس واستانبول)، وانعقد مؤتمر المعارضة في القاهرة (الذي سبقه قبل أشهر مؤتمر المعارضة في استانبول)، وانعقد مؤتمر جنيف الذي سبقه لقاء أوباما وبوتين.
تتلاحق هذه المؤامرات الدولية ضد ثورة الأبرار في سوريا لتوقع الثوار في حبال الاستعمار، وتحصر مخرجات الثورة في دولة مدنية تحافظ على مكامن القوة والسلطان في أيدي فلول النظام العميل فيما تُسكت الثوار بحركات ديمقراطية زائفة وبانتخابات شكلية ضمن النظام الجمهوري نفسه ومؤسساته العسكرية والأمنية، كما حصل في مصر.
ومن الواضح أن هذه المؤتمرات تركز على شكل "سوريا المستقبل" لا على وقف سيل الدماء الذي يسبح فيه الشهداء الأبرار في سوريا، فهذه الدول الاستعمارية طالما أراقت دماء المسلمين في صراعها على المصالح وفي تنافسها على الهيمنة على مقدرات الأمة.
ولا شك أن مستقبل سوريا هو ما يقلق هذه الدول المجرمة وليس جرائم بشار وعصاباته، لذلك فإن أمريكا تصر باستمرار على ضبط المشهد الدولي حول سوريا بإعطاء بشار مزيداً من المهل، وتسير معها روسيا تتحرك بعقلية الصفقات السياسية التي تعدها بها أمريكا، وتتحرك بقية القوى الدولية كشهود زور تحرص أن لا يتجاوزها المشهد دون أن تبرز فيه.
أما الأنظمة العربية وجامعتها فهي أدوات استعمارية ضد الأمة منذ نشأتها، ولم تختلف فيها أدوار الأنظمة ما قبل الثورات وما بعدها حتى الآن، ولا يتحرك الحكام إلا ضمن حدود الأدوار المرسومة لهم، وضمن قوانين "اللعبة الاستعمارية".
إن الحقيقة المدرَكة في وعي الأمة هي أن الدول الغربية ومعها روسيا والصين هي دول معادية للأمة الإسلامية وتخشى من تحررها من هيمنة الاستعمار، وهذه الدول تدرك أن الخلافة هي قوة تتأهب لتعيد تشكيل وجه الأرض ولتغير المعادلات الدولية، وقد جربتها!
ولذلك فإن هذه الدول لن تكل أو تمل من عقد المؤتمرات وكيد المؤامرات لمنع التحرر الحقيقي في سوريا، ولعرقلة مشروع الخلافة الذي تكون الشام فيه عقر دار الإسلام، والذي يخلع الاستعمار وأدواته من جذوره بلا مهادنة أو مفاوضة. وهي لن تقبل أبدا بمشروع تكون فيه سوريا نقطة ارتكاز لدولة الخلافة.
ومن هنا، فإن الوعي على هذه المكائد الدولية والأدوار الخبيثة هو من متطلبات ديمومة الثورة في مسارها التصاعدي، وهو وعي ظاهر في الثوار على الأرض وفي شعاراتهم، وفيما يبثه الأبطال من مشاهد إصرار على الحق وعلى مطلب الإسلام، وهم يفترقون عن "معارضة" الفنادق والمحافل الدولية التي تصر على الانبطاح في حضن الاستعمار والتحرك من خلال مشاريعه التآمرية.
وهذه دعوة مخلصة لثوار سوريا إلى مزيد من الثبات والوعي. والتمسك بقول الله تعالى: ( وَلَن يَجْعَلَ ٱللَّهُ لِلْكَافِرِينَ عَلَى ٱلْمُؤْمِنِينَ سَبِيلاً)
الدكتور ماهر الجعبري - عضو المكتب الإعلامي لحزب التحرير في فلسطين