خبر و تعليق أولويات السياسة (الإسرائيلية) وتهميش القضية الفلسطينية
- الموافق
- كٌن أول من يعلق!
بسم الله الرحمن الرحيم
خلال كلمة ألقاها رئيس حكومة دولة يهود بنيامين نتنياهو أمام المؤتمر السنوي الخامس حول «التحدّيات الأمنية في القرن الحادي والعشرين»، الذي عقده معهد أبحاث الأمن القومي في تل أبيب هذا العام تحت عنوان «البحث عن الفرص في بيئة عاصفة»، عدّد نتنياهو التحديات والمخاطر التي ستواجهها (إسرائيل) خلال المرحلة المقبلة، والتي قال بأنها «يمكن أن تفقدنا التفوق في معظم المجالات على المستوى الأمني والعسكري والسياسي». وقال إن هذه التهديدات هي أربعة: السلاح النووي، الصواريخ، السايبر وترسانات السلاح الهائلة التي تتراكم في المنطقة.ونقل الإعلامي محمد بدير تلخيصاً لكلمة نتنياهو فقال إن الجزء الأكبر من كلمته تم تخصيصها للتهديد النووي الإيراني وتوقف عند المفاوضات التي تجريها دول 5+1 مع طهران، وانتقد أداء الدول الغربية في هذه المفاوضات.
وإذ أعاد نتنياهو التذكير بالموقف الإسرائيلي المطالب بوقف كل أشكال التخصيب في إيران وإخراج كمية اليورانيوم المخصب منها بالكامل وتفكيك منشأة فوردو في قم، أعرب عن أسفه لتراجع الدول المفاوضة لطهران عن هذه الشروط وعدم إصرارها على التزام إيران بها.
وبشأن التهديد الصاروخي، رأى نتنياهو أن إسرائيل أكثر دولة مهددة بالصواريخ في العالم، لكنها أيضاً أكثر دولة متقدمة في تطوير الحماية ضد الصواريخ. وعدّد المنظومات الاعتراضية التي تعمل الصناعات الحربية الإسرائيلية على تطويرها، بدءاً من القبة الحديدية، مروراً بمقلاع داود وانتهاءً بـ «حيتس»، مشيراً إلى تطوير آليات الإنذار المبكر للمواطنين. وأشار إلى أن قوة الدفاع لا تكفي في منع تهديد الصواريخ على إسرائيل، وإنما يجب على الجيش تعزيز الجانب الهجومي، الأمر الذي سيمنع التهديد علينا.
ورأى نتنياهو أن التهديد الثالث، وهو تهديد الفضاء الافتراضي للشبكة العنكبوتية المعروف بالسايبر، يؤثر على التهديدين السابقين، مؤكداً أن إسرائيل ستكون من بين القوى الخمس العظمى في مجال السايبر خلال السنوات المقبلة. وانتهى إلى التهديد الرابع «القديم والمعروف جيداً لدى من خدم في الجيش والمؤسسة الأمنية»، وهو ترسانات السلاح الهائلة في المنطقة. وقال «لا يمكننا أن نستبعد إمكان أن يُوجّه سلاح، تُزوّد به اليوم بعض الدول في المنطقة، ضدنا في المستقبل. ولا يمكننا أن نستبعد احتمال أن تسيطر قوات متطرّفة على أنظمة لا تشكّل اليوم تهديداً ضدّنا وتستخدم هذه القوات السلاح الموجود هناك ضدّنا. هذه ليست مسألة نظرية. في السابق حصل هذا بالشكل الأبرز في إيران، وهذا يمكن أن يحصل أيضاً في ظل الهزّة القوية التي تهزّ منطقتنا، كما يمكن أن يحصل بالتأكيد في أماكن أخرى». ومن على المنبر نفسه نقل بدير موقف وزير حرب دولة يهود إيهود باراك الذي قام بمهمة التحريض على طهران، ولكنه أضاف عليها نبرة تهديدية قائلاً «إن إسرائيل، خلافاً لبقية الدول، لا تمتلك خيار تجاهل التهديد النووي الإيراني». ورأى أن طهران تسعى عبر المفاوضات إلى كسب مزيد من الوقت لإنجاز واستكمال التحصين بشكل تستطيع من خلاله التقدم بالخطوة الإضافية تجاه سلاح نووي، إذا قررت ذلك. وأضاف «إن عمل الإيرانيين في هذا المجال ممنهج ويسير بخطى واثقة. وفقط عندما يكون هناك عدم قدرة على القيام بعمل عسكري كبير ضدهم، سيناقش الإيرانيون رفع برنامجهم النووي درجة أخرى».
هذه هي أولويات السياسة (الإسرائيلية) وهي كما هو واضح لا علاقة لها بالقضية الفلسطينية وكأن هذه القضية بالنسبة للساسة اليهود غير موجودة، فالحديث عندهم هو فقط عن الملف الإيراني وإطلاق الصواريخ والقبة الصاروخية والوضع الأمني في سيناء وكيفية مواجهة أخطار الشبكة العنكبوتبة.
وهذه الأولويات كلها أمنية بامتياز وليست سياسية، وهي إن دلت على شيء فإنما تدل على طبيعة الدولة اليهودية والقادة اليهود الذين لا يعيرون أي اهتمام لأي موضوع سوى الموضوع الأمني.وبغياب القضية أو تغييب الفلسطينية عن تلك الأولويات يظهر لنا مدى تهميش تلك القضية وعدم تأثيرها البتة على صانع القرار (الإسرائيلي).
ويعكس هذا التهميش مدى ضعف الطرف الفلسطيني والعربي وبلوغه إلى مستوى من الهزال لم يبلغه من قبل قط.
إن غياب أي ذكر لأي حل يتعلق بالقضية الفلسطينية في أولويات قادة دولة يهود لا شك أنه يدل على وصول القضية إلى حالة من الموت السريري يصعب معها العودة إلى تصدر الأحداث مرة ثانية من دون وقوع أمر غير عادي يعصف بالمنطقة عصفا، فالسياسيون الفلسطينيون المعروفون قد استهلكوا تماما ولم يعودوا يصلحون حتى لمجرد ممارسة التضليل السياسي الذي نجحوا نسبيا في أدائه من قبل، فقد انطفأ وهجهم وبان عوارهم وانفضح كذبهم. ولو كانوا يملكون ذرة من كرامة أو نخوة لحملوا أمتعتهم ورحلوا. وأما الزعماء العرب فمشغولون بالحفاظ على عروشهم خوفا من عاصفة الثورات التي تهب في بلدانهم.
إن قضية فلسطين تحتاج إلى رجال من أهل القوة والصلاح يصدقون الله فيصدقهم ويقودون الأمة قيادة جهادية حقيقية لتحرير القدس وكل فلسطين فيجددون أمجاد صلاح الدين وبيبرس وقطز ويخوضون معارك حاسمة جديدة كحطين وعين جالوت.