الجمعة، 27 جمادى الأولى 1446هـ| 2024/11/29م
الساعة الان: (ت.م.م)
Menu
القائمة الرئيسية
القائمة الرئيسية

المكتب الإعــلامي
ولاية لبنان

التاريخ الهجري    4 من صـفر الخير 1431هـ رقم الإصدار: 3 / 31
التاريخ الميلادي     الثلاثاء, 19 كانون الثاني/يناير 2010 م

  وزارة التربية تروج مفهوم العلمانية بين الطلاب

 

وزعت وزارة التربية على إدارة الثانويات الرسمية في لبنان مسابقة لطلاب الثانوي الأول والثاني تضمنت السؤال التالي: هل تظن أن العلمنة تعمل على ترسيخ الديمقراطية في الحياة الاجتماعية والسياسية في لبنان؟ أعط رأيك مقترناً بأمثلة.

إن طرح السؤال على طلاب المرحلة الثانوية ـ وبصرف النظر عن الآراء التي سيدلي بها الطلاب ـ يوحي بأن فكرة العلمانية تسوّق باعتبارها فكرة حيادية لا تتعارض مع ثقافة المسلمين، مع أنها في حقيقة الأمر فكرة معادية أتت من أمم معادية تريد القضاء على هوية الأمة الإسلامية وعلى حضارتها التي لطالما كان لبنان جزءاً منها. وإن هذا الإعلان ـ وقد جاء من وزارة التربية ـ هو إجراء رسمي سياسي يقوم به جهاز من أجهزة السلطة اللبنانية، وعلى هذا الأساس نتعامل معه.

إن المقصود بالعلمنة تحويل المجتمع إلى العلمانية. ومصطلح "العلمانية" هو ترجمة مزورة للمصطلح الغربي "اللادينية" التي تعني بكل وضوح فصل الدين عن الحياة، أي عن المجتمع والدولة والتشريع وما يلحق بها من التعليم والإعلام وسائر قطاعات الشأن العام، بحيث يُقصر الدين على العبادات والأخلاق عند المتدينين من الأفراد.

ولا يخفى على أحد أن العلمانية هي طريقة عيش نشأت في الغرب انقلاباً على النظام الثيوقراطي حيث تحكّمت الكنيسة والملوك بالمجتمع والسياسة باسم التفويض الإلهي. وقد تجلت هذه العلمانية على أرض الواقع مع الثورة الفرنسية الكبرى سنة 1789م. فطريقة العيش التي تعيشها المجتمعات الغربية اليوم بما فيها من غياب للقيم الروحية والخلقية والإنسانية، وهيمنة للقيمة المادية والنزعة الفردية وتحكّم للمصالح المادية الأنانية التي أنتجت الحروب العالمية فحصدت أرواح عشرات الملايين من البشر سباقاً على الاستعمار، وحيث مفهوم السعادة هو نيل أكبر قدر من المتع الجسدية، ما أنتج حياة بهيمية جعلت البشر يعيشون شريعة الغاب. أما الديمقراطية فهي والعلمانية وجهان لعملة واحدة، فإن أهم قاعدة تقوم عليها الديمقراطية هي أن السيادة للشعب، ومعنى ذلك أن الشعب هو صاحب الحق في التشريع، أي في وضع الأنظمة والقوانين لعلاقات المجتمع. وقد جاءت هذه القاعدة لدى الغربيين نتاجاً طبيعياً لفصل الدين عن الحياة.

ولقد اجتهد الغرب في نقل العلمانية إلى البلاد الإسلامية، من خلال الغزو الفكري أولاً، ثم فرضها واقعاً يعيشه الناس بعد انتصاره على دولة الخلافة في الحرب العالمية الأولى، إذ قسّم بلاد الإسلامية وأنشأ فيها دولاً مصطنعة جديدة وجعل لها دساتير وأنظمة منقولة عن دساتيره وأنظمته، فباتت قوانينه تتحكم بعلاقات الناس في المجتمع. ما يعني أن فرض العلمانية في البلاد الإسلامية - ومنها لبنان - كان نتيجة غلبة الغرب في حربه التاريخية على الحضارة الإسلامية لإقصاء الإسلام عن واقع الحكم والمجتمع، ولا يزال الغرب يدأب على إقصاء ما تبقى من تأثير للإسلام في الأمة بأيدي الأنظمة والجمعيات والمؤسسات التابعة له في العالم الإسلامي.

وعليه يهمنا أن نبين ما يلي:

إن العلمانية هي فكرة مناقضة للإسلام، إذ تعني فصل الدين عن الحياة والمجتمع والدولة، والإسلام إنما أنزله الله تعالى ديناً يحوي وجهة نظر عن الحياة ونظاماً للمجتمع والدولة وبالتالي طريقة في العيش. قال تعالى: (الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الْإِسْلَامَ دِينًا)، وقال: (إِنَّا أَنْزَلْنَا إِلَيْكَ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ لِتَحْكُمَ بَيْنَ النَّاسِ بِمَا أَرَاكَ اللَّهُ وَلَا تَكُنْ لِلْخَائِنِينَ خَصِيمًا). وإن اعتماد العلمانية واعتناقها يعني الكفر بأحكام الإسلام التي تنظم علاقات الناس في المجتمع كأحكام أنظمة الحكم والاقتصاد والاجتماع والجهاد والقصاص والحدود... وإن الكفر بأي من أحكام الإسلام القطعية هو كفر بالإسلام جملةً، قال تعالى: (أَفَتُؤْمِنُونَ بِبَعْضِ الْكِتَابِ وَتَكْفُرُونَ بِبَعْضٍ فَمَا جَزَاءُ مَنْ يَفْعَلُ ذَلِكَ مِنْكُمْ إِلَّا خِزْيٌ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ يُرَدُّونَ إِلَى أَشَدِّ الْعَذَابِ وَمَا اللَّهُ بِغَافِلٍ عَمَّا تَعْمَلُونَ).

أما الديمقراطية فهي أيضاً مناقضة للإسلام. إذ على الرغم من أن الإسلام جعل السلطان للأمة، بمعنى أن الأمة هي صاحبة الحق في اختيار رئيس دولتها ومراقبته ومحاسبته، إلا أنه جعل السيادة للشرع، فلم يعط المسلمين حقّ اختيار الأنظمة والقوانين، إذ يقتضي إيمان المسلمين بدينهم أن يسلّموا بكل شريعته التي أنزلها الله تعالى على رسوله صلى الله عليه وسلم. وبالتالي فإن استبيان آراء الناس في أمرٍ حسمه الله تعالى في كتابه وسنة رسوله عليه الصلاة والسلام -كما تفعل وزارة التربية في هذه المسابقة- عملٌ محرّم، قال تعالى: ( فَلَا وَرَبِّكَ لَا يُؤْمِنُونَ حَتَّى يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لَا يَجِدُوا فِي أَنْفُسِهِمْ حَرَجًا مِمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُوا تَسْلِيمًا).

إن المناهج الدراسية التي يَدرسها أبناؤنا منذ هيمنة الاستعمار على بلادنا وضعت من أجل تشكيل ثقافتهم وشخصياتهم وفق الثقافة الغربية والشخصية الغربية، ما يعني القضاء على الشخصية الإسلامية، وهذا ليس بجديد أما الجديد في مثل هذه المسابقة فهو أن وزارة التربية باتت تُسوِّق العلمانية باسمها الصريح فضلاً عن مسماها الحقيقي بعد أن كانت تُسوَّق بعبارات وعناوين مخففة من مثل المجتمع المدني والقانون المدني والمحاكم المدنية... ما يعني أن المراد هو استباحة ما تبقى من المحرمات التي لا زال المسلمون يقفون عند حدودها. ولا يخفى على أحد أن السفارات الغربية في بلادنا تسهر على هذا النوع من المشاريع وتوليه الرعاية والدعم.

إن على أبنائنا وسائر المسلمين أن يعوا أنّ العلمانية تعني فصل الدين عن شؤون الحياة، وقبولها يعني الكفر بالإسلام وشريعته، وأنّ الديمقراطية هي جعل التشريع للشعب وليس للشرع، أي أن يكون القول الفصل في الحلال والحرام والحق والباطل والخير والشر لأكثرية الناس بدل أن يكون لشرع الله، والله سبحانه يقول:(وَلَا تَقُولُوا لِمَا تَصِفُ أَلْسِنَتُكُمُ الْكَذِبَ هَذَا حَلَالٌ وَهَذَا حَرَامٌ لِتَفْتَرُوا عَلَى اللَّهِ الْكَذِبَ إِنَّ الَّذِينَ يَفْتَرُونَ عَلَى اللَّهِ الْكَذِبَ لَا يُفْلِحُونَ). ولا يجرؤ عالم أو مفتٍ مسلم أن يقول بجواز أخذ العلمانية أو الديمقراطية بهذا المعنى. وإن المسلمين في لبنان كافة من علماء شريعة ومثقفين وأحزاب وسياسيين وأولياء أمور يتحملون مسؤولية عظيمة في الوقوف في وجه أي محاولة لتكريس العلمنة التي حلت محل الإسلام وشريعته في المجتمع، ومطالبون بأن يقفوا سداً منيعاً في وجه المحاولات الجديدة الرامية إلى إغراق الناس ولا سيما الأجيال الطالعة في مزيد من العلمنة. بل يجب أن تتكاتف الجهود لإيصال الصورة الصحيحة عن الإسلام لهؤلاء الناشئة من حيث هو حضارة ونظام حياة، ومن ثم ليحملوا هذا الإسلام بحضارته وأنظمته مشروعاً سياسياً للنهوض بالأمة التي عانت الويلات والكوارث بسبب خروجـهـا من دائـرة الحياة الإسلامية، بـل وليحـمـلـوه رسـالةً إلى العالم كله، بـدل أن تُغزى عقولهم بالعلمانية الغربية وديمقراطيتها العفنة التي بدأ يعافها العقلاء من الغربيين أنفسهم. قال تعالى: (كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَتُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ).

المكتب الإعلامي لحزب التحرير
ولاية لبنان
عنوان المراسلة و عنوان الزيارة
تلفون: +961 3 968 140
فاكس: +961 70 155148
E-Mail: tahrir.lebanon.2017@gmail.com

تعليقات الزوَّار

تأكد من ادخال المعلومات في المناطق المشار إليها ب(*) . علامات HTML غير مسموحة

البلاد الإسلامية

البلاد العربية

البلاد الغربية

روابط أخرى

من أقسام الموقع