المكتب الإعــلامي
البلاد الناطقة بالألمانية
التاريخ الهجري | 10 من رجب 1439هـ | رقم الإصدار: 03/1439 |
التاريخ الميلادي | الأربعاء, 28 آذار/مارس 2018 م |
بيان صحفي
مبدأ يحمل في طياته لغمًا
(مترجم)
إن إشعال النيران في مسجد (قوجه سنان) في منطقة (رينكندورف) ببرلين، يوم 2018/03/10، هو أحد الحلقات في سلسلة متواصلة من الاعتداءات على مرافق إسلامية في ألمانيا، والتي وصلت في الشهرين الماضيين فقط إلى 44 اعتداءً. أما الرد الحازم من قبل السياسة والإعلام والذي اعتدناه حينما يتعلق الأمر بعمل مادي لغرض سياسي، فقد تخلف هذه المرة. فالعبارات العامة والفضفاضة التي خرجت من أفواه السياسيين تعليقاً على الحدث جعلت الجالية المسلمة قلقة تجاه مستقبل مجهول وتتساءل: هل الدولة الألمانية هي حقًا حريصة في الحفاظ على حياة وأرواح رعاياها المسلمين؟
ذكرت جريدة (نويه أوزنابركر تسايتونغ) بأن حجم العنف الممارس ضد المسلمين وأماكن اجتماعاتهم يمكن إدراكه من جواب وزارة الداخلية الألمانية على سؤال طرحته الكتلة اليسارية في البرلمان. وحسب التقرير فقد حصل في عام 2017 الماضي 950 اعتداءً على المسلمين أو على أماكن ذات صلة بالجالية المسلمة كالمساجد، وأصيب 33 شخصاً. "لقد رصدت الأجهزة وحدها 66 اعتداءً: كتابات مسيئة على الجدران، انتهاكات لحرمة المساجد وأماكن أخرى بتلطيخها بدم الخنزير. في معظم هذه الأحداث كان الجناة من المتطرفين اليمينيين. (...) ومن الجرائم المسجلة كان التحريض على المسلمين أو اللاجئين المسلمين بواسطة الشبكة الإلكترونية (...)، رسائل تهديد، اعتداءات على النساء المحجبات أو الرجال المسلمين في الشوارع، كذلك أضرار مادية وكتابات نازية على البيوت والمساجد". بالإضافة إلى كل ذلك وحسب تصريحات وزارة الداخلية الألمانية فقد حصل في العام نفسه 2219 اعتداءً على طالبي اللجوء وأماكن وجودهم: 1906 اعتداء على اللاجئين و313 اقتحاماً لمراكز سكنهم وإصابة 300 شخص بجروح.
وكان المفترض إزاء أحداث العنف هذه ضد الإسلام والمسلمين أن تشن حملة تضامن واضحة مع الجالية المسلمة وأن يعاد النظر في سياسة الاندماج الاستقطابية التي تمارسها الحكومة منذ سنوات. ولكن بدلًا من ذلك طلب (بوركارد دْرِغَّار)، المتحدث باسم كتلة الاتحاد المسيحي الديمقراطي في برلين والمتخصص في الشؤون الداخلية في لقاء صحفي أمام مسجد (قوجه سنان) المحروق، طلب من المسلمين أن عليهم "تحمل الحقد والإهانات والتشهير والكف عن التذمر والنياح". وهو يرى أن لا دور للإعلام الألماني في انتشار الحقد ضد الإسلام. وعندما سُئِل عن إحصائيات وزارة الداخلية قال (دْرِغَّار): "لا علم لي بهذه الأرقام، في كل لقاء صحفي تزداد هذه الأرقام بإضافة صفر في آخرها...، أعتقد أن علينا الاعتماد على الحقائق".
بالإضافة إلى ذلك فقد تم إرسال إشارات ملتهبة من قبل جهات سياسية أخرى أدت إلى زيادة حدَة التعامل مع المسلمين. فقد صرَّح وزير الداخلية (هورست زيهوفر) في 2018/3/16 أن الإسلام ليس جزءًا من ألمانيا. "المسلمون الذين يعيشون هنا هم بالطبع جزء من ألمانيا، دون أن يعني هذا تخلينا عن تقاليدنا وعاداتنا المميزة بناءً على مراعاة خاطئة". فبينما تتعرض أماكن وجود المسلمين واللاجئين وبشكل يومي إلى اعتداءات، يوهم وزير الداخلية الرأي العام بأن مجرد وجود المسلمين في ألمانيا يهدد الثقافة الألمانية بالانهيار. إن دور الضحية الذي يفتعله (زيهوفر) يقوي مخاوف غير عقلانية ويشجع الذين يعتبرون أنفسهم "حماة للغرب" ويعطيهم مشروعية أخلاقية، فعنفهم هذا تجاه المسلمين هو ليس إلا دفاعًا عن النفس. أما مقولة المستشارة (ميركل) المعاكسة التي كثيراً ما يُستشهد بها والتي تقر فيها بأن الإسلام أصبح الآن "جزءًا من ألمانيا" فإنها لا تقل خطورة عن الأخرى. فهي نابعة من الوهم المثالي نفسه لمجتمع ذي زيٍّ أو طراز واحد. ففي مناظرة تلفزيونية يوم 3/9/2017 حددت المستشارة مقولتها بصياغة الشرط الحاسم: "لكن يجب أن يكون إسلامًا يتلاءم مع الدستور". وبالرغم من أن الفقرة الأولى من المادة الرابعة في الدستور الألماني تضمن الحرية الدينية وحرية الاعتقاد حتى ولو كانت هذه العقيدة معادية للدستور فإن معظم الناشطين في الأحزاب السياسية يطالبون المسلمين بالإيمان القسري بالدستور كشرط لعملية الاندماج والتي تحولت من خلال خطوط إرشاديّة إلى عملية قمعية.
إن المطالبة بالاعتقاد القسري والتي ابتدعها وزير الداخلية السابق (أوتو شيلي) قد أوجدت شرخًا بين غالبية المجتمع والجالية المسلمة. وأصبحت تداعياتها تلاحظ في كل طبقات المجتمع. إن خطر هذا الفكر على السياسة المجتمعية نابع من أنه يضع شرطًا للسلم والتعايش ألا وهو وجود عقيدة واحدة في المجتمع. وبالتالي فإن الصراع بين وجهات النظر حتمي ولا ينتهي حتى تبقى عقيدة واحدة فقط. هذه الصورة الفكرية تنشئ في المجتمع الشعور بأن المسلمين في ألمانيا يعملون بشكل منظم وحثيث لهدم النظام الحالي وإبدال نظامهم به. إن مبدأ شيلي هذا هو تربة سياسية خصبة لموقف دفاعي غير عقلاني ضد أي شيء يمكن ربطه ولو من بعيد بالإسلام. والنتيجة الطبيعية لعملية الاندماج الشمولية هذه والتي لا تترك مجالًا لوجود أي قناعات أخرى هي الحقد والتحريض والعنف ضد المسلمين وأماكن عبادتهم.
على ضوء كل ذلك فإن حزب التحرير يطالب كل الأطراف الفاعلة بتغيير المسار وبشكل حازم. إننا نحذر وبشدة من سياسة، ساد الظن أنه قد تم التغلب عليها، سياسة يتم من خلالها إبادة الأفكار والناس لصالح وجهة النظر الخاصة. فبدلًا من التشكيك في مشروعية وجود حياة إسلامية في ألمانيا والرغبة في إلغائها، يطالب حزب التحرير بإلغاء سياسة الاندماج الفاشلة هذه بكل عواقبها الوخيمة. فلإيقاف تزايد التطرف في المجتمع الألماني يجب تصميم نموذج بديل للتعايش المشترك والذي يقبل وبشكل كامل بوجود قناعات مختلفة ولا يعتبرها تهديدًا لطريقته الخاصة في العيش.
المكتب الإعلامي لحزب التحرير
في البلاد الناطقة بالألمانية
المكتب الإعلامي لحزب التحرير البلاد الناطقة بالألمانية |
عنوان المراسلة و عنوان الزيارة تلفون: 0043 699 81 61 86 53 www.domainnomeaning.com |
فاكس: 0043 1 90 74 0 91 E-Mail: shaker.assem@yahoo.com |