الإثنين، 23 جمادى الأولى 1446هـ| 2024/11/25م
الساعة الان: (ت.م.م)
Menu
القائمة الرئيسية
القائمة الرئيسية

بسم الله الرحمن الرحيم

لا يجوز أن نكون جزءاً من خطة الإنقاذ الأميركية ولا يجوز المساهمة في معالجة الأزمة المالية

 

إن السبب الحقيقي لأزمة الأسواق المالية العالمية والخليجية، هو فساد النظام الاقتصادي الرأسمالي وعدم مطابقته للواقع، والذي لا يحقق تنمية المال بشكل يضمن العدل والسعادة والرخاء للإنسان والذي تعتبر الأزمات جزءاً منه، باعتراف المفكرين الاقتصاديين الرأسماليين، كما ورد في مجلة الإكونومست بتاريخ 15 مايو 2008م «إن الأزمات والجشع والشقاء جزء من النظام المالي الغربي ...)، فهم يقرِّون بأن الأزمات جزء من النظام الاقتصادي الرأسمالي، وعلى الإنسان أن يتعايش مع ظلم الربا وضيق التضخم وشقاء الركود وضنك البطالة وعبودية الجشع وذل الاستغلال، وهم يقرِّون بأن هذه أمراض مزمنة بنظامهم الاقتصادي الرأسمالي. أما أزمة الرهون وإفلاس البنوك وانهيار الأسواق فهي نتيجة وليست سبب، والدليل أن مئات المليارات من الدولارات التي ضخت في الأسواق لم يكن المقصود منها معالجة أزمة الرهون بل معالجة الثقة بالأسواق، التي أقر الرئيس الأميركي في خطابه الأسبوعي في 20 سبتمبر 2008م أنها قد تزعزعت ويجب العمل لاستردادها. والأزمة التي تعصف بالاقتصاد الأميركي اليوم، أقرب دليل على فساد النظام الاقتصادي الرأسمالي وعجزه وعدم مطابقته للواقع. فكيف لهذا الاقتصاد المترامي الأطراف العنكبوتي الشبكة والذي سخرت له جميع إمكانات العالم،   أن يصل إلى حافة الانهيار بسبب إفلاس بعض الشركات باعتراف الرئيس الأميركي نفسه؟! قال تعالى: {وَالَّذِينَ كَفَرُوا أَعْمَالُهُمْ كَسَرَابٍ بِقِيعَةٍ يَحْسَبُهُ الظَّمْآَنُ مَاءً حَتَّى إِذَا جَاءَهُ لَمْ يَجِدْهُ شَيْئًا وَوَجَدَ اللَّهَ عِنْدَهُ فَوَفَّاهُ حِسَابَهُ وَاللَّهُ سَرِيعُ الْحِسَابِ}( النور: 39). أما تراجع أسواق المال في الخليج ومنه سوق الكويت للأوراق المالية، فقد سبق انهيار أسواق المال العالمية، وسببه فوق ما ذكرنا من فساد النظام الاقتصادي الرأسمالي وعجزه وعدم مطابقته للواقع، يرجع إلى سوء رعاية الحكام لأموال المسلمين، وهيمنة الكافر على اقتصاد المسلمين.

 

والخطورة في أزمة الأسواق العالمية هي الدعوات التي صدرت عن المسؤولين الأميركيين للعالم للمساهمة في إنقاذ الاقتصاد العالمي من كساد يفوق كساد عام 1929م، والدعوات المتكررة من صندوق النقد الدولي لمساندة الخطة الأميركية. وقد تجاوبت البنوك العالمية في بداية الأزمة وضخت مئات المليارات من الدولارات لتنقذ الاقتصاد العالمي من الانهيار، وفي هذه الأثناء تجاوبت الإمارات وضخ البنك المركزي للإمارات 13 مليار دولار تقريباً في السوق. ثم قدم الرئيس الأميركي خطة إنقاذ للكونجرس تتكلف 700 مليار دولار، وتمت الموافقة عليها من قبل مجلسي الشيوخ والنواب. ومع كل هذا تبقى الدعوات العالمية للمشاركة في حل الأزمة قائمة، وتبقى الأزمة قائمة، ويقر المسؤولون الأميركيون بأن هذا المبلغ، غير كافٍ للإنقاذ، وقد انتقلت موجة الانهيارات من القارة الأميركية إلى أوروبا.

 

ومع أن العالم يعج بالاقتراحات والاجتماعات والتصريحات والقلق والترقب، إلا أن حكام الكويت وحكام الخليج لم يكترث أحد منهم فيصرح ولو بتصريح واحد حول مصير 1800 مليار تقريباً أودعوها في بنوك أميركا وأوروبا،     نقلاً عن وكالة الأنباء الكويتية (كونا) بتاريخ 24/9/ 2008م. علماً بأن الأزمة المالية تتعلق بالشركات المالية والبنوك وأسواق المال، وأن جميع استثماراتنا الخارجية وأرصدتنا البنكية مستثمرة في هذه الشركات المالية والأسواق المالية والبنوك التي تتعرض للأزمة الآن. فهل يعقل أن يتأثر الاقتصاد العالمي خارج أميركا بهذه الأزمة ولا تتأثر استثماراتنا نحن   وأرصدتنا داخل الولايات المتحدة بهذه الأزمة، حتى يلزم هؤلاء الحكام هذا الصمت وكأن الأزمة تقع في كوكب آخر!. إن تجاهل حكام الكويت وحكام الخليج لأمر أرصدتنا واستثماراتنا في الخارج وما نسمعه من تصريحات لمؤسسات أجنبية -أوروبية وأميركية- إيجابية حول اقتصاد الخليج يدل على أن استثماراتنا وأرصدتنا تتبخر بفعل هذه الأزمة، وأنها جزء من خطة الإنقاذ الأميركية.

 

إن الحقيقة التي يجب أن يدركها المسلمون، أن أموالنا ليست بحوزتنا إن دخلت الاقتصاد العالمي. لأن العولمة والخصخصة وحرية انتقال الأموال ونظام السوق أذابت أموالنا في الاقتصاد العالمي. وما هذه الأسواق المالية والمستثمر الأجنبي والبنوك الأجنبية والصناديق السيادية والاستثمارات الخارجية، إلا أسلوب خبيث خفي لسلب أموال المسلمين.

 

 وعليه فلا يجوز لحكام الكويت وحكام الخليج أن يودعوا أموال المسلمين في البنوك الأميركية والأوروبية الربوية، ولا يجوز لهم أن يساهموا بهذه الأزمة. لأنهم يقوون بذلك اقتصاد عدونا -أميركا وأوروبا-، ولا يجوز شرعاً أن يقووا عدونا علينا، قال تعالى: {إِنَّ الْكَافِرِينَ كَانُواْ لَكُمْ عَدُوّاً مُّبِيناً}(النساء: 101). علماً بأن اقتصادهم لا يعتبر الملاذ الآمن لأموالنا لأن الأزمات في النظام الاقتصادي الرأسمالي جزء لا يتجزأ منه، قال الرئيس الفرنسي ساركوزي: «إننا بحاجة إلى إعادة بناء النظام المالي والنقدي العالمي من جذوره»، وانظر ماذا قال وزير المالية الألماني عن الجشع الأميركي حين وصف الأزمة بأنها حملة أنجلوسكسونية لتحقيق أرباح هائلة للمصرفيين وكبار مديري الشركات، فهل ستتحمل أموال المسلمين حل جميع أزمات الغرب وإشباع جشعهم؟! ثم كيف تساهم ثرواتنا المالية بإنقاذ اقتصادهم وهم سبب جوع وفقر وتخلف المسلمين.

 

أيها المسلمون:

 

إن ما يجب فعله الآن، سحب جميع أموالنا من البنوك الأميركية والأوروبية الربوية، وبيع جميع استثماراتنا وتحويلها إلى الداخل، وإنشاء قاعدة صناعية في المنطقة، وإنشاء صناعات بتروكيماوية في المنطقة، وإقامة صناعات نفطية، والتحول إلى قاعدة الذهب بشراء الذهب والتخلص من الدولار، وتخفيض إنتاج النفط بحيث ننتج منه بقدر الحاجة فقط وترك الزائد عن حاجتنا في باطن أرضنا للأجيال القادمة. إن هذه الحلول عملية ومتيسرة لحكام مخلصين يريدون التخلص من هيمنة أميركا وأوروبا، ولكنها تكاد تكون مستحيلة في نظر الحكام العملاء الذين اتخذوا الكافرين أولياء من دون المؤمنين.

 

إن الله سبحانه قد شرع لنا نظاماً اقتصادياً صالحاً يطابق الواقع وقادراً على تحقيق النمو والسعادة والرفاه للناس، يخلو من أزمات الكساد والتضخم والبطالة وغيرها. وهو اقتصاد حقيقي يقوم على تنظيم التملك للثروات بتنظيم الصناعة والزراعة والتجارة وجهد الإنسان، وجعل قاعدة النقد الذهب. ولا يوجد في النظام الاقتصادي بالإسلام شخصيات اعتبارية للشركات، ولا شركات مساهمة، ولا بيع للمال بالمال من جنسه، ولا بيع ما لا تملك. وأساس نظرة الإسلام للاقتصاد هي الانتفاع بالثروة وكيفية حيازتها، ولم يتدخل في كيفية زيادة الإنتاج ومقدار ما ينتج، بل ترك ذلك للناس يحققونه كما يريدون، فهو ينظر في النظام الاقتصادي لا في علم الاقتصاد. (أنظر كتاب النظام الاقتصادي في الإسلام وكتاب الأموال في دولة الخلافة من إصدارات حزب التحرير).

 

وهذا النظام الاقتصادي في الإسلام كُل لا يتجزأ، ولا يُنتج إلا إذا كان جزءاً من نظام الإسلام في دولة الخلافة، التي هي فرض ربكم ومبعث عزكم وقاهرة عدوكم ومحررة أرضكم وهي منارة الخير والعدل في ربوع العالم، فإلى العمل مع حزب التحرير لإقامة الخلافة الراشدة ندعوكم أيها المسلمون.

 

{إِنَّمَا كَانَ قَوْلَ الْمُؤْمِنِينَ إِذَا دُعُوا إِلَى اللَّهِ وَرَسُولِهِ لِيَحْكُمَ بَيْنَهُمْ أَن يَقُولُوا سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا وَأُوْلَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ}

التاريخ الهجري :8 من شوال 1429هـ
التاريخ الميلادي : الثلاثاء, 07 تشرين الأول/أكتوبر 2008م

حزب التحرير
ولاية الكويت

تعليقات الزوَّار

تأكد من ادخال المعلومات في المناطق المشار إليها ب(*) . علامات HTML غير مسموحة

البلاد الإسلامية

البلاد العربية

البلاد الغربية

روابط أخرى

من أقسام الموقع