الإثنين، 23 جمادى الأولى 1446هـ| 2024/11/25م
الساعة الان: (ت.م.م)
Menu
القائمة الرئيسية
القائمة الرئيسية

بسم الله الرحمن الرحيم

وأخيرا انتهت مسرحية "التضليل والتعديل" للاتفاقية الأمنية وأقرت الحكومة العراقية مشروعية الانتداب الأمريكي على العراق!

 

      أقرت الحكومة العراقية أمس الأحد 16/11/2008م الاتفاقية الأمنية مع حكومة الولايات المتحدة الأمريكية، وأعلنت تحويل قرار الاتفاقية إلى البرلمان العراقي، والكل يعلم أن القوى النافذة في البرلمان هي نفسها تلك القوى في الحكومة التي أقرت الاتفاقية.

     إن هذه الاتفاقية بقدر ما كُشف منها، وما خفي أعظم، لهي من الخطورة بمكان، فقد بلغت حداً من فظاعة الضرر دفع السلطة العراقية التي نصبتها أمريكا، قبل أن توقع هذه الاتفاقية، دفعها إلى أن تقطع شوطاً من التضليل، وما زعمته من نقاش وتعديل...، محاولة تجميل شيء من الوجه القبيح لهذه الاتفاقية، ومع ذلك فلم تستطع تغيير شيء، أو تعديل أمر من الأمور الأساسية التي أرادت أمريكا تحقيقها من خلال عدوانها على العراق!.

     إن الولايات المتحدة عندما غزت العراق بعدوانها الوحشي كانت تريد أمرين:

 

     الأول: اتخاذ العراق منطلقاً لها، سياسياً وعسكرياً، للهيمنة على المنطقة، بحيث لا يعوق هجمات جيشها الوحشية، لا سلطة ولا قضاء، لا في الداخل ولا في الخارج.

 

     والثاني: الإمساك بمصدر الثروة الرئيس في العراق "النفط"، وكل ما له علاقة من أموال.

 

وهذان الأمران لم يمسهما لا نقاش ولا تعديل، وهذه حقيقة واضحة مكشوفة لكل سياسي، ولكل من كان له قلب أو ألقى السمع وهو شهيد، غير أن أمريكا وضعت على هامشهما نقاطاً أخرى كمادة تستهلك في ما يسمى بالنقاش والتعديل...

 

     والناظر إلى الاتفاقية التي أقرتها الحكومة يجد أن الأمرين متحققان كل التحقق في الاتفاقية:

 

     1- فقد ورد في الاتفاقية إقرار بقاء القوات الأمريكية قانوناً وشرعاً حتى نهاية 2011م، دون أن يمس جنودها أي سوء!

 

 بل فوق ذلك، فقد نصت الاتفاقية على اعتبار أي عمل مسلح ضد هذه القوات هو عمل إرهابي يجب القضاء عليه، ليس فقط بفعل القوات الأمريكية، بل إن الحكومة العراقية ملزمة بمكافحة هذا الإرهاب!

     ثم إن عدوان القوات الأمريكية على الناس والمنازل، وإن قيل إنه تحت الولاية القضائية العراقية، إلا أن تقرير كونه عدواناً وانتهاكاً للناس والمنازل قد جعلته الاتفاقية يعود إلى قرار لجنة مكونة من الطرفين! وكل عاقل يعلم أن قرار لجنة مكونة من قوات الاحتلال ومن سلطة نصبتها قوات الاحتلال، هذا القرار لن يكون فيه المتحكم سوى قوات الاحتلال، ولا يعدو ذكر السلطة المشتركة معه أكثر من شاهد زور على جرائم الاحتلال.

 

     أما تصريحات مسئولي السلطة العراقية بتعهد عدم عدوان أمريكا على الجوار، فهي ليست أكثر من كلمات رنانة كفارغ بندق يخلو من المعنى ولكن يفرقع، وليس عدوان أمريكا على البوكمال في سوريا عنا ببعيد!

     2- وأما عن الأموال، فقد ورد في الاتفاقية أن الولايات المتحدة هي المسئولة عن حماية أموال العراق من واردات النفط! أي أن الوصاية المالية في العراق هي للولايات المتحدة الأمريكية، فهي التي تتحكم في هذه الأموال واردات ونفقات، فهل بعد هذه الوصاية من وصاية؟!

 

وهكذا فإن الاتفاقية قد "شرَّعت" سطوة وهيمنة قوات الاحتلال على البلاد والعباد، في العراق وخارج العراق في المنطقة.    فهي شر مستطير يجعل العراق تحت الانتداب الأمريكي، ليس فقط سياسياً بل كذلك عسكرياً، علاوة على الوصاية المالية التي أصبحت قانوناً من صلاحيات سلطة الانتداب!  

     أيها المسلمون:

 

     أيها الأهل في العراق:

     إن هذه الاتفاقية بيع للبلاد والعباد، وهي إدخال للعراق تحت سلطة الولايات المتحدة، تتحكم في مراكز القوة ومصادر الثروة  في العراق، فتجعل السبيل، وكل السبيل للولايات المتحدة في العراق، وهذه جريمة كبرى في الإسلام، فالله سبحانه يقول { ولن يجعل الله للكافرين على المؤمنين سبيلا }.

 

     أما قول مسئولي السلطة في العراق إنهم بحاجة إلى عون القوات الأمريكية لحفظ أمنهم، فإنها لكبيرة أخرى، ومغالطة فظيعة، فإن الذي فجر الأمن ونسفه، وأشاع الفزع والتخريب، هو قوات الاحتلال، فكيف يستعان بمن أفسد الأمن ليحفظ الأمن؟! إن العراق ليس بحاجة لمن يحفظ أمنه، فهو قادر على ذلك ويزيد، فقط لو كان يحكمه رجل رشيد!.

 

     هذا من حيث الواقع العملي للاستعانة بأمريكا لحفظ الأمن، وأما الواقع الشرعي فإنه يحرم الاستعانة بالدول الكافرة، فالرسول صلى الله عليه وآله وسلم يقول «لا تستضيئوا بنار المشركين»، ويقول صلوات الله وسلامه عليه « فإنّا لا نستعين بالمشركين »، وعليه فإن الاستعانة بالدول الكافرة هي خيانة لله ولرسوله وللمؤمنين.

     أيها المسلمون:

 

     أيها الأهل في العراق:

     إنكم بلد المال والرجال، وأنتم قلعة من قلاع الإسلام، جذوركم ضاربة في أعماق التاريخ منذ أن انطلق من أرضكم إبراهيم الخليل عليه صلوات الله وسلامه ينشر الخير في تلك المنطقة بإذن ربه، ومنذ أن دخل أجدادكم الإسلام وشاركوا الفاتحين في قتال الفرس والروم، فكانوا أسوداً يحمون الثغور، ومنذ أن انطلق من أرضكم صلاح الدين لهزيمة الصليبيين وطردهم من الأرض المباركة شر طردة، ومنذ أن قاتلتم القوات البريطانية المحتلة للعراق في الحرب العالمية الأولى... إنكم لقادرون على أن تقهروا قوات الاحتلال وتطردوهم من بلادكم كذلك شر طردة، وتعيدوا مجدكم، وتعيدوا مجد بغداد كما كانت، حاضرة الدنيا، ومنارة العالم في عهد الخلافة.

     إن حزب التحرير يستنهض هممكم لتقفوا وقفة الحق في وجه السلطة التي نصبتها الولايات المتحدة في العراق، فتدوسوا هذه الاتفاقية الباطلة بأقدامكم، لكي لا تبقى سبة الدهر في بلادكم، ولا عار العصر في جنباتكم، واعلموا أنكم قادرون على ذلك بإذن الله { ولينصرن الله من ينصره إن الله لقوى عزيز }.

 

     وأما أولئك الذين نصبتهم أمريكا على أرض العراق الطاهرة، فلطَّخوها بالذل والهوان، فإن لهم يوماً لا بد آت بإذن الله، عندما يقيم المسلمون خلافتهم الراشدة الثانية، فتحاسبهم على جرائمهم في الدنيا، حساباً عسيراً كبيراً، ولعذاب الآخرة أكبر.

{ والله غالب على أمره ولكن أكثر الناس لا يعلمون}.

التاريخ الهجري :19 من ذي القعدة 1429هـ
التاريخ الميلادي : الإثنين, 17 تشرين الثاني/نوفمبر 2008م

حزب التحرير

وسائط

تعليقات الزوَّار

تأكد من ادخال المعلومات في المناطق المشار إليها ب(*) . علامات HTML غير مسموحة

البلاد الإسلامية

البلاد العربية

البلاد الغربية

روابط أخرى

من أقسام الموقع