الإثنين، 23 جمادى الأولى 1446هـ| 2024/11/25م
الساعة الان: (ت.م.م)
Menu
القائمة الرئيسية
القائمة الرئيسية

بسم الله الرحمن الرحيم

 

 

 

سلسلة أجوبة العالم الجليل عطاء بن خليل أبو الرشتة أمير حزب التحرير

على أسئلة رواد صفحته على الفيسبوك "فقهي"

جواب سؤال

 

وجوب التتابع في صيام الكفارة

 

إلى: أبو حنيفة الشامي

 

السؤال:           

                                      

بارك الله بكم أميرنا الجليل،

وماذا لو بدأ بصيام الشهرين بشهر ذي القعدة مثلا، فهل يجوز له صيام يوم الأضحى أم يجوز له قطع التتابع بالإفطار فيه ومن ثم يقضيه بعد ذلك؟

أرجو الإفادة وبارك الله بكم.

 

الجواب:

 

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته،

 

إنك تعلق في استفسارك هذا على جواب السؤال الذي أصدرناه في 15 شعبان 1443هـ الموافق 2022/03/18م حول كفارة القتل الخطأ وهل يجوز أن يكون شهر رمضان من ضمن شهري الكفارة اللذين أوجب الشرع صيامهما لمن لم يجد الرقبة...

 

وأنت تسأل عن التتابع في الشهرين وهل إذا بدأ صومه في شهر ذي القعدة فهل يجوز له صيام يوم الأضحى، وهل يجوز له قطع التتابع بالإفطار في الأضحى؟

 

والجواب على ذلك كما يلي:

 

1- إن حكم كفارة القتل الخطأ ورد في قوله تعالى: ﴿وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ أَنْ يَقْتُلَ مُؤْمِناً إِلَّا خَطَأً وَمَنْ قَتَلَ مُؤْمِناً خَطَأً فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مُؤْمِنَةٍ وَدِيَةٌ مُسَلَّمَةٌ إِلَى أَهْلِهِ إِلَّا أَنْ يَصَّدَّقُوا فَإِنْ كَانَ مِنْ قَوْمٍ عَدُوٍّ لَكُمْ وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مُؤْمِنَةٍ وَإِنْ كَانَ مِنْ قَوْمٍ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَهُمْ مِيثَاقٌ فَدِيَةٌ مُسَلَّمَةٌ إِلَى أَهْلِهِ وَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مُؤْمِنَةٍ فَمَنْ لَمْ يَجِدْ فَصِيَامُ شَهْرَيْنِ مُتَتَابِعَيْنِ تَوْبَةً مِنَ اللَّهِ وَكَانَ اللَّهُ عَلِيماً حَكِيماً﴾، ووفق هذه الآية الكريمة فإن المطلوب في حالة عدم وجود الرقبة هو صيام شهرين متتابعين، وهذا يعني أن على من وجبت عليه الكفارة صياماً أن يقوم بالصوم في وقت يمكنه فيه تحقيق المطلوب في الآية من التتابع في صيام الشهرين، وهذا غير متيسر في ذي القعدة وذي الحجة لانقطاع الصوم فيهما بوجود يوم الأضحى وأيام التشريق..

 

لذلك فإن على من وجبت عليه كفارة القتل الخطأ بمقتضى هذه الآية أن يبحث عن إمكانية صيام شهرين متتابعين دون أن يحصل فيهما انقطاع هو قادر على تجنبه، وذلك كما بيناه في جواب سؤالنا السابق.

 

وللعلم فقد جاء في الموسوعة الفقهية الكويتية ذكر لآراء المذاهب في مسألة قطع التتابع بفطر العيدين وأيام التشريق كما يلي:

 

[مَا يَقْطَعُ التَّتَابُعَ فِي صِيَامِ الْكَفَّارَاتِ:

 

يَنْقَطِعُ التَّتَابُعُ فِي صَوْمِ الْكَفَّارَةِ بِأُمُورٍ ذَكَرَهَا الْفُقَهَاءُ وَهِيَ:

 

................

 

ج- دُخُول رَمَضَانَ وَالْعِيدَيْنِ وَأَيَّامِ التَّشْرِيقِ:

 

12- ذَهَبَ الْحَنَفِيَّةُ إِلَى أَنَّ دُخُول شَهْرِ رَمَضَانَ وَعِيدِ الْفِطْرِ أَوْ عِيدِ الأْضْحَى وَأَيَّامِ التَّشْرِيقِ يَقْطَعُ صَوْمَ الْكَفَّارَةِ لِوُجُوبِ صَوْمِ رَمَضَانَ وَحُرْمَةِ صَوْمِ الْبَاقِي، وَلأِنَّ فِي اسْتِطَاعَتِهِ أَنْ يَجِدَ شَهْرَيْنِ لَيْسَ فِيهِمَا مَا ذُكِرَ، وَهَذَا أَيْضاً هُوَ مَا ذَهَبَ إِلَيْهِ الشَّافِعِيَّةُ فِي صَوْمِ غَيْرِ الأْسِيرِ. وَأَمَّا الأْسِيرُ إِذَا صَامَ بِاجْتِهَادِهِ، فَدَخَل عَلَيْهِ رَمَضَانُ أَوِ الْعِيدُ قَبْل تَمَامِ الشَّهْرَيْنِ، فَفِي انْقِطَاعِ تَتَابُعِهِ الْخِلاَفُ فِي انْقِطَاعِهِ بِإِفْطَارِ الْمَرِيضِ.

 

وَأَمَّا الْمَالِكِيَّةُ فَذَكَرُوا: أَنَّ تَعَمُّدَ فِطْرِ يَوْمِ الْعِيدِ يَقْطَعُ تَتَابُعَ صَوْمِ الْكَفَّارَةِ، كَمَا إِذَا تَعَمَّدَ صَوْمَ ذِي الْقَعْدَةِ وَذِي الْحِجَّةِ عَنْ كَفَّارَةِ ظِهَارِهِ مَعَ عِلْمِهِ بِدُخُول الْعِيدِ فِي أَثْنَائِهِ. بِخِلاَفِ مَا إِذَا جَهِلَهُ فَإِنَّهُ لاَ يَقْطَعُ، كَمَا إِذَا ظَنَّ أَنَّ شَهْرَ ذِي الْحِجَّةِ هُوَ الْمُحَرَّمُ، فَصَامَهُ مَعَ مَا بَعْدَهُ ظَانّاً أَنَّهُ صَفَرٌ، فَبَانَ خِلاَفُهُ...

 

وَأَمَّا الْحَنَابِلَةُ فَذَهَبُوا إِلَى أَنَّ صَوْمَ الْكَفَّارَةِ لاَ يَقْطَعُ بِذَلِكَ مُطْلَقاً، لِوُجُوبِ صَوْمِ رَمَضَانَ بِإِيجَابِ الشَّرْعِ، وَلأِنَّ فِطْرَ الْعِيدَيْنِ وَأَيَّامِ التَّشْرِيقِ وَاجِبٌ أَيْضاً بِإِيجَابِ الشَّرْعِ، أَيْ أَنَّ ذَلِكَ الزَّمَنَ مَنَعَهُ الشَّرْعُ مِنْ صَوْمِهِ كَاللَّيْل.] انتهى.

 

وهذا يعني أن الحنفية والشافعية والمالكية يرون أن فطر يوم العيد يقطع تتابع شهري الكفارة، أي على صاحب الكفارة أن يبدأ حساب الشهرين من جديد. وأما الحنابلة فلا يُقطع عندهم تتابعُ شهري الكفارة بفطر عيد الأضحى.

 

2- أما صوم يوم الأضحى وأيام التشريق فإنه لا يجوز، وذلك لما رواه مسلم عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ «نَهَى عَنْ صِيَامِ يَوْمَيْنِ يَوْمِ الْأَضْحَى وَيَوْمِ الْفِطْرِ»، ولما رواه مسلم عَنْ نُبَيْشَةَ الْهُذَلِيِّ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: «أَيَّامُ التَّشْرِيقِ أَيَّامُ أَكْلٍ وَشُرْبٍ»، وهذا يعني أن صاحب الكفارة لا يجوز له أن يصوم يوم الأضحى ولا أيام التشريق إن كان الصوم للكفارة يشملها، بل عليه أن يفطر فيها، وفطره فيها يعني انقطاع التتابع في صيام الكفارة الذي يشرع فيه في ذي القعدة، وهذا يعني أن عليه أن يشرع بصيام شهرين متتابعين آخرين غير ما سبق أن صامه لانقطاع التتابع المطلوب شرعاً في صيام شهري الكفارة.

 

3- لفت نظرنا عند مراجعة جواب السؤال الذي أصدرناه في 15 شعبان 1443هـ الموافق 2022/03/18م أن هناك خطأ كتابياً وقع على ما يبدو سهواً، وذلك أنه جاء في الجواب المشار إليه:

 

[... فكفارة القتل الخطأ هي صيام شهرين متتابعين لمن لا يوجد عنده رقبة يعتقها أو إطعام ستين مسكينا كما جاء في الآية الكريمة ﴿وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ أَنْ يَقْتُلَ مُؤْمِناً إِلَّا خَطَأً وَمَنْ قَتَلَ مُؤْمِناً خَطَأً فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مُؤْمِنَةٍ وَدِيَةٌ مُسَلَّمَةٌ إِلَى أَهْلِهِ إِلَّا أَنْ يَصَّدَّقُوا فَإِنْ كَانَ مِنْ قَوْمٍ عَدُوٍّ لَكُمْ وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مُؤْمِنَةٍ وَإِنْ كَانَ مِنْ قَوْمٍ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَهُمْ مِيثَاقٌ فَدِيَةٌ مُسَلَّمَةٌ إِلَى أَهْلِهِ وَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مُؤْمِنَةٍ فَمَنْ لَمْ يَجِدْ فَصِيَامُ شَهْرَيْنِ مُتَتَابِعَيْنِ تَوْبَةً مِنَ اللَّهِ وَكَانَ اللَّهُ عَلِيماً حَكِيماً.].

 

فالقول في الجواب السابق: (هي صيام شهرين متتابعين لمن لا يوجد عنده رقبة يعتقها أو إطعام ستين مسكينا)، هو صحيح إلى كلمة (يعتقها)، وأما جملة (أو إطعام ستين مسكينا) فهي غير صحيحة، فليس في كفارة القتل الخطأ إطعام ستين مسكيناً ولا ذكرت الآية المثبتة في الجواب إطعام ستين مسكيناً، بل إن الجواب جاء فيه أنه ليس على من لا يستطيع الصوم إطعام... فقد ورد في الجواب المذكور بند 3:

 

(والذي أرجحه هو أنه إذا لم يستطع الصيام لسبب موجب كما ذكرنا أعلاه، فلا شيء عليه بل يستغفر الله ويتقرب إليه بالنوافل والله غفور رحيم. أما لماذا لم نقس كفارة القتل الخطأ على كفارة الظهار فلأنه لا قياس في الكفارات فهي لم تعلل...إلخ)

 

وعليه فيبدو أن هذه الجملة (أو إطعام ستين مسكيناً) قد وضعت سهواً في هذا الموضع فهي تتناقض مع سائر ما جاء في الجواب المشار إليه، والصواب هو أن يقال هكذا بحذف الجملة غير الصحيحة:

 

[... فكفارة القتل الخطأ هي صيام شهرين متتابعين لمن لا يوجد عنده رقبة يعتقها كما جاء في الآية الكريمة ﴿وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ أَنْ يَقْتُلَ مُؤْمِناً إِلَّا خَطَأً وَمَنْ قَتَلَ مُؤْمِناً خَطَأً فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مُؤْمِنَةٍ وَدِيَةٌ مُسَلَّمَةٌ إِلَى أَهْلِهِ إِلَّا أَنْ يَصَّدَّقُوا فَإِنْ كَانَ مِنْ قَوْمٍ عَدُوٍّ لَكُمْ وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مُؤْمِنَةٍ وَإِنْ كَانَ مِنْ قَوْمٍ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَهُمْ مِيثَاقٌ فَدِيَةٌ مُسَلَّمَةٌ إِلَى أَهْلِهِ وَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مُؤْمِنَةٍ فَمَنْ لَمْ يَجِدْ فَصِيَامُ شَهْرَيْنِ مُتَتَابِعَيْنِ تَوْبَةً مِنَ اللَّهِ وَكَانَ اللَّهُ عَلِيماً حَكِيماً﴾ وواضح من الآية أن المطلوب هو صيام هذين الشهرين للكفارة فلا يدخل فيها صيام آخر مفروض لغير الكفارة كصيام شهر رمضان فالنص الشرعي في صوم رمضان ﴿شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِي أُنْزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ هُدًى لِلنَّاسِ وَبَيِّنَاتٍ مِنَ الْهُدَى وَالْفُرْقَانِ فَمَنْ شَهِدَ مِنْكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ﴾ هو غير النص الشرعي لكفارة القتل الخطأ فلا يتداخلان معا.].

 

آمل أن يكون الجواب واضحاً.

 

أخوكم عطاء بن خليل أبو الرشتة

 

28 ذو القعدة 1443هـ

الموافق 2022/06/27م

 

رابط الجواب من صفحة الأمير (حفظه الله) على الفيسبوك

رابط الجواب من صفحة الأمير (حفظه الله) ويب

 

 

تعليقات الزوَّار

تأكد من ادخال المعلومات في المناطق المشار إليها ب(*) . علامات HTML غير مسموحة

عد إلى الأعلى

البلاد الإسلامية

البلاد العربية

البلاد الغربية

روابط أخرى

من أقسام الموقع